لما حدث مؤخراً من تغيرات مشهودة في بعض الاقسام الإعلامية والفنية يتطلب وقفة جادة، أتت متأخرة، بعد أن كانت ممارسات فردية سابقاً، تحولت إلى شبه إجماع عليها ليتم اعتمادها رسمياً كمناهج ضيقة يجب أن تدرس. الموسيقى نموذجاً لذلك، قبل حوالي سنة، كانت أشكال المعزوفات الموسيقية نسمعها كمعزوفات أشبه بتلك التي يعزفها لودفيج بيتهوفن، وعبدالوهاب، وأحمد فتحي على العود، في فترة كان حينها القسم يدار من قبل عراقيين، وبعض من الفنانين اليمنيين ممن درسوا في بلد الشام، اليوم بعد انهيار القسم، ورحيل بعض من أفراد حضارة بابل إلى بلدانهم بسبب الوضع المعيشي السيئ، وإدخال تعيينات جديدة للأفراد مشتملة على مبتدئين، ممن يصنفون ضمن ايديولوجية فكرية تنظيمية، أو بالأصح أفراد يمين متطرف، بدأ الفن ممثلاً بالموسيقى في انهيار، ذلك أن معزوفات بيتهوفن وعبدالوهاب تحولت إلى تراتيل إنشادية وتكاد تكون موشحات دينية! وللفنون السمعية والبصرية نصيب مبدئي من ذلك، مما يبشر بانهيار القسم إن لم يتم إزالة السرطان المبدئي منه، ذلك أن القسم مازال يحتفظ بنخبة إعلامية ثقافية قديمة منعت من تقييد واحتكار الفن بصورة كلية، إذ إن التعيينات المبدئية لأفراد بدرجة معيد، أبرزت رؤية تعليمية ضعيفة، ناهيك عن الانتماء الإيديولوجي الضيق لبعض هؤلاء، عندما يقرر لك الإبداع والعمل في إطار ما أتى به الغزالي، ممتنعاً عن العمل في إطار فلسفة أفلاطون! كارثة حين يتم وضع أفراد ينتمون للايديولوجية المتشددة في أقسام كهذه، ذلك أنها تولد أجيالاً فنية فاشلة بامتياز، فالإبداع والارتقاء به نحو الجمال المتكامل، يحتم على الفرد التخيل إلى ما لا نهاية متخطياً جميع الحواجز التقييدية ليتاح له الإبداع بصورة أكثر سريالية.