أتصور أن الأحكام المسبقة ووجهات النظر التي تجعل من مجموعة الحوثي أو «أنصار الله» شيئاً مغايراً وشاذاً عن النسيج الاجتماعي اليمني، والتعامل دائماً مع أطروحاته بحذر وريبة وشك هو الذي يدفعه في اتجاه التحسس دائماً لأي تحرك تقوم به الأطراف وخصوصاً أولئك الذين كان لهم دائماً موقف عدائي تجاه هذه الحركة. في مؤتمر الحوار يشتعل التداول بقضيتي الجنوب وصعدة، والأصل هو ليس الوصول إلى حل نفرضه على الناس وإنما أن نصل إلى حالة توافقية نستطيع فيها أن نتعايش جميعاً بصورة طبيعية، لا بتشنج وترصد، وهو ما لا يستقيم معه هذا الحشر وهذه المحاولات التي تحاول استفزاز «أنصار الله» في انتظار ما قد يبدر منهم من موقف يضعف موقفهم في المؤتمر. القضية الجنوبية وقضية صعدة بتصوري تحملان نفس الأهمية، مع فارق أن الأولى يبنى على حلها شكل الدولة، إنما في المُجمل القضيتان أساسيتان لبناء حالة الاستقرار والعمل على خوض غمار تجربة الدولة التي نسمع عنها في العالم، ولا نعرف منها إلا النشيد الوطني صباح كل يوم مدرسي. وجماعة الحوثي أو «أنصار الله» قضية حاضرة فكرة وسياسة، وبغض النظر عن الاتهام بتفرد هذه الجماعة في تمثيل صعدة أو الدفاع عنها من جهة ثانية لإثبات عدم صحة ذلك؛ فالجماعة كيان وصل بحكايتنا إلى ساحة الأممالمتحدة.. ونعم هناك من هم متضررون في باقي مديريات صعدة بسبب الإشكالات التي تولدت بسبب المواجهات بين الدولة وبين «أنصار الله».. إنما السؤال إذا أردنا أو كنا جادين في استئصال جذور المشكلة هو لماذا كانت هذه المواجهات أصلاً؟ لماذا يلجأ «أنصار الله»- إن صحت الأقاويل - للتحالف مع إيران ضد حكومة وطنه؟ أعتقد أن هناك ما يجعل جماعة «أنصار الله» على هذا النحو من الشعور بنظرة الحذر التي يواجههم بها الآخرون.. وأنا هنا لا أفتعل هذا القول، ولكني كنت دائماً ألحظه، وقد تعزز لدي وأنا داخل مؤتمر الحوار؛ إذ يبدو لي أن تلك الصرخة الاستنكارية التي أطلقها مثلاً العضو عبدالكريم جدبان من أنهم ليسوا من أفريقيا أو من مكان غير اليمن لم تكن من فراغ وإنما من احتقان يراكمه هذا الفعل غير المسؤول الذي يواجه به مكونهم كجماعة. يبدو أننا سنظل هكذا على هذا الحال ندفع فواتير لإنجاز حسابات بالوكالة لقوى إقليمية، ونعجز عن فهم بعضنا.. جلسات كثيرة جمعتني بشخصيات من «أنصار الله»، ورغم أن نقاشي معهم كان دائماً ناقداًَ لكني كنت دائماً حريصاً على الاقتراب ومعرفة ما يريدون وما يفكرون به.. وبالفعل ألمس أن لدى هؤلاء الناس شيئاً يريدون إيصاله.. وقد حانت الفرصة ليسمع الجميع ما عندهم شريطة ترك الأحكام المسبقة. وأعتذر لجماعة «أنصار الله» لأني بحديثي هذا وبهذا الشكل كأن بي أيضاً أعزز حالة التمييز هذه التي تصورهم بأنهم أناس مختلفون أو خارجون عن القانون. [email protected]