العمل المؤسسي هو شكل من أشكال التعبير عن التعاون بين الناس، أو ما يطلق عليه العمل التعاوني، والميل بقبول العمل الجماعي وممارسته، شكلاً ومضموناً، نصاً وروحاً، وأداء العمل بشكل منسق، قائم على أسس ومبادئ وأركان، وقيم تنظيمية محددة.. ويمكن تعريفه، بأنه: التجمع المنظم بلوائح، يوزع العمل فيه على إدارات متخصصة، ولجان وفرق عمل، بحيث تكون مرجعية القرارات فيه لمجلس الإدارة، أو الإدارات في دائرة اختصاصها؛ أي أنها تنبثق من مبدأ الشورى، الذي هو أهم مبدأ في العمل المؤسسي. كثيراً ما نسمع عن مصطلح (العمل المؤسسي) الذي دخل حياتنا الإدارية والتنظيمية في الآونة الأخيرة، وأصبح يتردد بين الحين والآخر، وينادي به كثير من القياديين والعاملين على اعتبار أنه المنقذ من التدهور الإداري والفساد المالي والخلل التنظيمي، الذي تعيشه منظماتنا، لكن ما العمل المؤسسي؟ ماذا يقصد بهذا المصطلح؟.. كي نفهم مصطلح (العمل المؤسسي) يجب علينا أن ندرك أن هناك نظريتين متناقضتين، وفي الوقت نفسه مكملتان لبعضهما البعض وهما نظرية (المؤسسة الرائدة) وأسطورة (القائد الفذ). أسطورة الرجل العظيم أو القائد الفذ إحدى الأفكار القيادية التقليدية، التي انتشرت في بداية القرن التاسع عشر، وتقوم هذه الفكرة على بناء القائد شخصيته وإهمال شخصية المنظمة، ولهذا ستظل المنشأة قائمة ولديها القوة على التغيير والنمو، طالما بقي القائد، لكنها ستتوقف وتنهار بسرعة فائقة، عندما يرحل عنها بنقل أو ترقية أو وفاة، وقد تبنت شركة (زينث) هذه الفكرة عندما وصف موظفوها قائدهم ‘'ماكدونالد'' بالمفكر العنيد المتألق. وتتحاشى المنظمات التي تطمح إلى البقاء والاستمرارية هذا النوع من النظريات، لأنه مرتبط برموز وليس بفكر. ونريد أن نخلص هنا ونقول: إن العمل المؤسسي مزيج من دمج نظريتين متناقضتين (المؤسسة الرائدة والقائد الفذ) يعملان معاً بتناغم كما تعمل الثنائية الصينية. دعونا نعود الآن إلى فكرنا الإداري والقيادي لنرى أين نحن من العمل؟.. وفقاً لهذين المبدأين يظهر أن غالبية مؤسساتنا تتبنى الفكر القيادي العتيق المتمثل في (أسطورة الرجل الفريد) ذي الشخصية البراقة وتغيب فكرة "المنشأة الرائدة"، رغم أن الكثيرين ينادون بذلك، لذا نراها تبني أعمالها التشغيلية وأهدافها واستراتيجياتها - إن وجدت - على أساس وجود القائد، فإذا رحل عنها توقفت عن الحركة والإنتاج. وعندما يتولى دفة القيادة قائد آخر يوجهها وجهة أخرى، وقد يعود بها إلى نقطة الصفر، في كثير من أنشطتها بحجة التطوير والتجديد، وهذا لعمري سبب تخبط كثير من المنشآت، وعدم نضجها ونجاح خططها وتجاربها؛ لارتباطها برموز قيادية، وليس بعقيدة تنظيمية. وأخيراً.. نود من القياديين الذين يجرون وراء مصطلح العمل المؤسسي، ويختمون به تصريحاتهم وخطبهم وتوجيهاتهم أن يعووا بالضبط، ما المقصود منه، وهل هم بالفعل مستعدون للعمل به؟..