يجب أن ندرك أن العمل الفني يجب أن يحتوي على التنوع، ويثير حب الاستطلاع والتباين والإيقاع والتوازن، فالتباين والتفاوت يعطي حيوية وقوة.. التباين بين الضوء والظل.. بين الكتلة والفراغ، بين البساطة والإكثار من الزخرفة، بين المنظر الكبير وزاوية صغيرة يركز عليها الاهتمام، والتكرار من العناصر الأساسية في التصوير يساعد على تحقيق الوحدة بين عناصر الصورة. عندما تتحدث الصورة الضوئية عن نفسها، فإن لها أساليب عديدة، فهي تستطيع التعبير عن مكوناتها بدون تدخل من البشر، عندما يتفرس الناظر إليها باحثاً عن تلك المكونات وما وراءها، وسنقف خلال هذه المقالة على تفصيلات موجزة قدر الإمكان عن هذا الجانب الهام في مجال الصورة الفوتوغرافية، وهو ما يسمى بمهارة قراءة الصورة.. أبعاد الصورة الفوتوغرافية كما أن للصورة الفوتوغرافية عناصر ومكونات، فإن لها أبعاداً متعددة، ومن البديهي القول إن لكل صورة طبيعتها ومكوناتها وأبعادها، وهي وإن تشابهت في الإطار العام بين كل الصور، إلا أن لكل صورة ما يناسبها، وقد تتحد مجموعة من الصور في الأبعاد، إذا كان موضوعها واحداً، وقد تختلف في نوعية الأبعاد باختلاف الموضوع.. والمقصود من الأبعاد: ما يستشف من معان من خلال محتويات الصورة، أو هو الطابع العام للصورة، وهذا مرتبط بموضوع الصورة الذي من أجله التقطت.. فقد تكون الصورة ذات بعد إنساني كالصور المبثوثة والمنشورة عبر وسائل الإعلام عن قضية سوريا، أو قضية فلسطين وغيرها من القضايا التي يغلب عليها الجانب الإنساني. لكن قد توجد أبعاد أخرى مصاحبة كالبعد السياسي أو الاجتماعي والاقتصادي والتاريخي وغيرها، وتكاد لا تخلو صورة ما من بعد واحد على الأقل، ولو حاولنا بذل جهد بسيط، فقد نعثر على كم هائل من الأبعاد لأي صورة مهما كانت محدودية عناصرها.. ومختصر القول إن الأبعاد المتوقع وجودها في أي صورة قد تكون: دينية، إنسانية، تاريخية، سياسية، اقتصادية، علمية، فنية أو جمالية، وغيرها. ومن المهم جداً على مستخدم الصورة الفوتوغرافية التعرف على هذه الأبعاد، ومحاولة إبراز الأهم منها، أو اختيار الصور التي تظهر فيها الأبعاد، التي يريدها هو من وراء استخدامه لها، أو يجعل ذلك في اعتباره عند التقاطه لأي صورة حتى يصل لتحقيق أهدافه بسهولة. من نتائج قراءة الصور الفوتوغرافية من أهم النتائج التي يمكن تحقيقها بعد ممارسة مهارة قراءة الصورة الفوتوغرافية أن القراءة الجيدة تساعد على الاختيار الجيد ، وهذا بدوره يؤدي إلى الاستخدام الأمثل للصورة في موقعها زماناً ومكاناً وتأثيراً، أما إذا لم تجد هذه المهارة طريقها إلى المستخدم للصورة فإن النتيجة العكسية هي المحتملة بالطبع، وهذا لا يروق لمن يريد التميز في عمله والوصول إلى مستويات راقية في مجال عمله أياً كان هذا العمل. برع المصورون باستخدام إمكانيات التصوير الضوئي الهائلة في تسجيل المناظر واختصار الزمن، وبدأ التنافس الشديد بين المصورين والرسامين، وظهرت عدة تساؤلات في الأفق.. هل المصور الفوتوغرافي فنان أم شخص يزاول مهنة التصوير وليس له علاقة بالفن والإبداع والقدرة علي الخلق؟ ما هي علاقة التصوير الضوئي بالفنون التشكيلية؟ الحقيقة أن المزج بين التصوير الضوئي والفنون الأخرى كالرسم كان يشكل عائقاً كبيراً أمام المصور الفوتوغرافي رغم قدرة المصور علي الخلق والإبداع مثل الرسام، وكان التصوير في بداية الأمر يركز علي صور المناظر الطبيعية والحياة بشكل عام، مما دعا فوكس تالبوت إلى القول بأن التصوير الضوئي هو الطريق المشرق إلى الرسم، وأكد أن المصورين أنتجوا أعمالاً عظيمة ذات طبيعة فوتوغرافية خاصة، لا تقل فناً عن اللوحات الفنية، بما فيها من قدرة على تشكيل الأبعاد الخمسة في الصورة وهي: (الطول والعرض والضوء والزمن والحركة). وعلي هذا الاستنتاج نجد أن التصوير الفوتوغرافي قادر علي الإبداع والتعبير الفني فالمصور يأخذ قطاعاً من منظر ويجسده علي محوري الطول والعرض في الصورة، ومتى غيّر من سرعة التصوير استطاع ترجمة عنصر الزمن أو البعد الزمني، أما إذا استبدل عدسة الكاميرا بعدسة أخرى فإن شكل الصورة يتغير بالطبع إلى شكل آخر. ويستحيل أن نحصل من مصورين فوتوغرافيين على صورتين متماثلتين التقطتا في مكان واحد تحت ظروف متماثلة في فتحة العدسة والسرعة..... ألخ. ويرجع اختلاف الصورتين إلى اختلاف وجهة نظر كل منهما واختياره لزاوية التصوير وتشكيله عناصر الصورة تشكيلاً مغايراً عن زميله، فقد يلجأ الأول إلى التوازن بين عناصر الصورة ويولد الانسجام بين وحداتها واضعاً كل وحدة في مكانها الطبيعي، وقد يلجأ الآخر إلى كسر قاعدة التشكيل الجمالي، وفرض نظرية جديدة للتكوين، والنتيجة النهائية أن كلا منهما سينتج فناً متميزاً مبدعاً.. يجب أن ندرك أن العمل الفني يجب أن يحتوي على التنوع ويثير حب الاستطلاع والتباين والإيقاع والتوازن، فالتباين والتفاوت يعطي حيوية وقوة، التباين بين الضوء والظل، بين الكتلة والفراغ، بين البساطة والإكثار من الزخرفة ، بين المنظر الكبير وزاوية صغيرة يركز عليها الاهتمام ، والتكرار من العناصر الأساسية في التصوير يساعد على تحقيق الوحدة بين عناصر الصورة. مركز الاهتمام في الصورة نراه مجسدا في بقعة ضوئية صغيرة أو كتلة صغيرة أو كبيرة تجذب بصر المشاهد وليس من الضروري أن يكون في مركز الصورة، بل يستخدم المصور عناصر التكوين المختلفة، التي تحول الانتباه إلى جزء معين من الصورة لتجذب الاهتمام كالخط أو الدائرة ... إلخ. توصيف الصورة الفوتوغرافية اختلف الفنانون في كيفية توصيف الصورة الفوتوغرافية التي ينطبق عليها معنى الفن كوسيلة تعبيرية حتى اقترح سير وليام نيوتن عدم الالتزام ببؤرة العدسة بدقة، حيث ينجم عن ذلك صورة بورتيريه ناعمة، تعطي تأثيراً هادئاً، وأخذ المصورون برأيه حتى الآن ونرى تأثير ذلك في الصور الإبداعية التي ينتجها المصورون ومازالت أعمالهم تلقى إعجاب المشاهد حتى الآن. وكانت المرحلة الثانية بعد التسجيل المباشر للمنظر الذي يراه المصور هي المرحلة التأثيرية، وفي هذه المرحلة استخدمت العدسات طويلة البعد البؤري للسيطرة على خلفية الصورة ومقدمتها وإبراز الغرض الأساسي دون سواه محاطاً بهالة من الخطوط الحادة وغير الحادة.. وهنا نصل إلى تساؤل هام، وهو أن التصوير الضوئي فن يكمن فيه الإبداع والخلق حسب قدرة وموهبة المصور، وهو يظهر في الصورة الأشياء التي يراها فقط، ولا يستطيع أن يضيف الخيال إلى أعماله، وهنا نستطيع القول بأنه فن محدود بحدود ضيقة. لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً، فالتقدم في مجالات التصوير الضوئي والأساليب الجديدة التي ابتكرت في عالم التصوير، وقدرة العدسات غير المحدودة وإمكانيات التقنية الحديثة نفت كل الآراء السابقة، ونجح التصوير الضوئي أن يقدم في وقت خاطف جداً لوحة فنية رائعة فيها الإبداع والخلق والموهبة والابتكار، بينما يعجز الرسام عن ذلك ويستغرق وقتاً قد يزيد عن العام حتى يقدم لوحة فنية فيها كل مواصفات اللوحة الفنية الجيدة. .. ما هي الصورة الجيدة؟ في مقدمة الحديث عن الصورة الجيدة يجب على المصور أن يحدد موضوعه المفضل للتصوير.. ومعظم المواضيع تتطلب عناية خاصة للحصول على نتائج جيدة.. كما أن الموضوع الذي يختاره المصور يحدد نوع آلة التصوير والعدسات اللازمة لتسهيل مهمته.. يصور بعض المصورين الهواة بدون اختيار مناسب للموضوع، ولذلك تأتي صورهم غالباً غير مميزة بشيء معين. فيجب على المصور أن يتدرب علي إمكانيات ومهارات التصوير حتى يستغلها للحصول علي أحسن صورة، وبعد اختيار موضوعه المفضل يحاول أن يتفهمه تصويرياً ويدرس ميزاته وخصائصه بصرياً وواقعياً.. والأسلوب الشخصي للمصور يعتبر تماماً كبصمة الاصبع، فكل مصور له إحساساته الخاصة ويختلف أسلوبه عن غيره، فالصورة التي تلتقطها تختلف عن الصورة التي يلتقطها زميلك لنفس الموضوع، فلكل منا أسلوبه الشخصي، لتناول الموضوع الذي تتحدد به معالمنا الشخصية، والمصور الجيد يتميز باختيار موضوعاته ونوعية الإضاءة والتكوين واختيار الألوان والعدسات. .. ما هي المقومات الأساسية للصورة الناجحة؟ عند التقاط صورة معينة فإن عدة عوامل تتحد معاً لإنتاج صورة ناجحة، وهذه العوامل تتضافر بدرجات متفاوتة كلها أو بعضا منها للعمل علي نجاح هذه الصورة، وهذه العوامل هي: 1 الشكل: ونقصد به مجموعة الأشياء التي تكون الصورة في صورتها النهائية، فأول شيء نتعلمه في التصوير الفوتوغرافي، هو تنسيق الأشكال الموجودة داخل إطار الصورة بانسجام معين حتى تكون مقبولة لدى رؤية المشاهد لها. 2 الضوء 3 اللون 4 المؤثرات يهتم بعض المصورين بالمؤثرات البصرية أكثر من العناصر الأخرى المكونة للصورة وكثيراً ما تكون هذه المؤثرات ضرورية لخلق جوّ معين، كما في الظلال وغروب الشمس وانعكاسات الأجسام في المياه..