لقد شغل مفهوم المساواة أذهان المفكّرين عبر الزمان والعصور, لأنها ذات دلالات متعددة، فلسفية وتشريعية , وتأتي أهميتها: بأنها تحفظ الحقوق بين البشر ولا تستقيم الحياة بغيرها. وتعرّف المساواة بأنها: التمتع بجميع الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية دون تمييز ، بسبب الدين أو اللون أو اللغة أو الجنس أو المستوى الاجتماعي.. وقيل في المساواة بأنها: المماثلة والعدالة، و المراد المشابهة بين الشيئين في القدر والقيمة. والمساواة وفق حقوق الإنسان هي: اشتراك الناس جميعاً في الحقوق. ولقد عرّفها أفلاطون بقوله: هي فضيلة أخلاقية يحقّقها الفرد في نفسه حينما ينسجم عقله وعواطفه .وهي–فضيلة سياسية تحقّقها الدولة حينما يتمّ الانسجام بين أفرادها. وتجدر الإشارة إلى أنها لم تطبق في الحضارة الإغريقية(جمهورية أفلاطون )حيث كان الناس طبقتين أشراف وعبيد , فكان العبيد يعملون لصالح الأشراف, حتى قال أفلاطون : “أناس خُلقوا للحكم والسيطرة، وبعضهم خُلق لكي يكون محكوماً يعمل من أجل غيره. ولم تطبق المساواة قبل حضارة الإسلام مطلقاً؛ فالحضارة المصرية والهندية والرومانية وغيرها كلها كان فيها انقسام طبقي حتى جاء الإسلام فقضى على الانقسامات الطبقية والفوارق التي كانت سائدة ؛ لأن مفهوم المساواة في الإسلام :” الناس سواسية كأسنان المشط ،في أصل نشأتهم وتكوينهم ، وبشريتهم, وأنه لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى،ولا بين العربي والأعجمي، ولا بين الأبيض والأسود ،ولا بين السيد والعبد ، ولا بين الغني والفقير، لأن هؤلاء جميعاً ينحدرون من أصل واحد هوآدم ، وآدم من تراب . قال تعالى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا } فالتكريم هنا شامل للجنس كله, فجنس الإنسان مكرم عند الله بلا تفرقة بين مجموعة وأخرى ،بل كل مجموعة ينظر إليها بمنظار واحد هو الإنسانية, فالإسلام لا يسمح بقيام نظام طبقي تسيطر فيه طبقة على أخرى ، كما لا يسمح بتحكم فئة تدعي لنفسها الاستعلاء بالبيئة أوالعنصر أواللون أو الجاه على الفئات الأخرى ، بل إنه ألغى كل سبب يدفع الإنسان إلى الاستعلاء والتحكم في الآخرين”[1] قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1 عن أبي نضرة قال: حدثني من سمع :خطبة رسول الله صلى الله عليه و سلم في وسط أيام التشريق فقال: يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى أبلغت قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم ...........» [2] ولقد بالغ الإسلام وشدّد في هذا الشأن لأهميته في حفظ الحقوق واستقامة الحياة به. لذلك فالمساواة ذروة العدل , وليس أدل على ذلك من هذه الواقعة. شكا يهوديٌ علياً رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب في خلافته, فلما مثل بين يديه ،خاطب عمر اليهودي باسمه ،بينما خاطب علياً بكنيته (أبا الحسن) حسب عادته في خطابه معه ، فظهرت آثار الغضب على وجه سيدنا علي ،فقال عمر:أكرهت أن يكون خصمك يهودياً, وأن تمتثل معه أمام القضاء على قدم المساواة؟ فقال علي:لا،ولكنني غضبت لأنك لم تسوّ بيني وبينه بل فضلتني عليه ، إذ خاطبته باسمه بينما خاطبتني بكنيتي (أبالحسن). مبدأ المساواة في الإسلام لقد أقر النبي مبدأ المساواة في كثير من المواطن منذ بداية الدعوة ,وكان أول مشروع له صلى الله عليه وسلم المساواة بين المهاجرين والأنصار، لا فرق بين عبد وحر والقبائل و الموالي فعن ابن عباس في قوله [ تعالى ] : { والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم } قال كان المهاجرون حين قدموا المدينة تورث الأنصار دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى رسول الله صلى الله عليه و سلم بينهم فلما نزلت هذه الآية { ولكل جعلنا موالي مما ترك } قال نسختها { والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم } من النصر والنصيحة والرفادة ويوصى له وقد ذهب الميراث [3]. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم“المسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم ) . [4] عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: قد أذهب الله عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي وفاجر شقي والناس بنو آدم وآدم من تراب” [5]. ولننظر كيف خاطب النبي أقرب الناس إليه ليجسد مبدأ المساواة. ففي الحديث الذي عن أَبَي هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) قَالَ « يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِى عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِى مَا شِئْتِ مِنْ مَالِى لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا».}[6]. لا فرق في الإسلام بين مسلم وذمي في الحقوق. الإسلام كفل للذمي حقوقاً وساواه بالمسلم. فعن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم عن آبائهم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال“ ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أوكلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه(أي أنا الذي أخاصمه وأحاجه) يوم القيامة “[7]. كان سهل بن حنيف وقيس بن سعد قاعدين بالقادسية فمرا عليهما بجنازة فقاما فقيل لهما إنهما من أهل الأرض، أي من أهل الذمة، فقالا: إن النبي صلى الله عليه و سلم مرت به جنازة فقام فقيل له: إنها جنازة يهودي فقال( ألست نفسا)[8]. بل لقد كان يهودي داخل بيت النبوة يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه و سلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له( أسلم). فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم صلى الله عليه و سلم، فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه و سلم وهو يقول(الحمد لله الذي أنقذه من النار) [9]. بل رهن درعه عند يهودي عن عائشة رضي الله عنها : إن النبي صلى الله عليه و سلم اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ورهنه درعاً من حديد [10]. عن الشعبي : أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء (بلد بين بغداد وإربل)هذه ولم يجد أحداً من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب فقدما الكوفة فأتيا أبا موسى الأشعري، فأخبراه وقدما بتركته ووصيته فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم، فأحلفهما بعد العصر بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيّرا وإنها لوصية الرجل وتركته فأمضى شهادتهما. وكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز–رضي الله عنه–إلى عامله في البصرة–و هو عدي بن أرطاة–فقال:(وانظر من قبلك من أهل الذمة من كبرت سنه ،و ضعفت قوته ،وولت عنه المكاسب ،فأجرعليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه).(وأجمعوا على أن ليس على أهل الذمة صدقات وأجمعوا على أن كل أرض أسلم عليها أهلها قبل أن يقهروا أن أموالهم لهم وأحكامهم أحكام المسلمين) [11]. بهذا كفل الإسلام كافة الحقوق الأساسية لرعايا الدولة الإسلامية ،دون تمييز ،فتعطى للذمي مثلما تعطى للمسلم. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِىِّ : أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إِنَّا عَاهَدْنَاكَ وَبَايَعْنَاكَ عَلَى كَذَا وَكَذَا وَقَدْ خُتِرَ بِرَجُلٍ مِنَّا فَقُتِلَ. فَقَالَ :« أَنَا أَحَقُّ مَنْ أَوْفَى بِذِمَّتِهِ». فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ[12]. عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَجُلاً مُسْلِمًا قَتَلَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَمْدًا وَرُفِعَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يَقْتُلْهُ وَغَلَّظَ عَلَيْهِ الدِّيَةَ مِثْلَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ[13]. عَنْ أَبِى الْجَنُوبِ الأسدي قَالَ: أُتِىَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ فَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَجَاءَ أَخُوهُ فَقَالَ إني قَدْ عَفَوْتُ قَالَ فَلَعَلَّهُمْ هَدَّدُوكَ وَفَرَّقُوكَ وَفَزَّعُوكَ قَالَ لاَ وَلَكِنَّ قَتْلَهُ لاَيَرُدُّ عَلَىَّ أخي وَعَوَّضُونِى فَرَضِيتُ قَالَ أَنْتَ أَعْلَمُ مَنْ كَانَ لَهُ ذِمَّتُنَا فَدَمُهُ كَدَمِنَا وَدِيَتُهُ كَدِيَتِنَا.[14]. و عَنْ عُمَرَ-رضي الله عنه - قَالَ وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ-صلى الله عليه وسل - أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ ،وَلاَ يُكَلَّفُوا إِلاَّطَاقَتَهُمْ[15]. وقد قال فريق كبير من الفقهاء: أن لهم ما لنا و عليهم ما علينا[16]. أكد النبي على مبدأ المساواة الذي قرره في حجة الوداع فقال:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ, أَلا إِنَّ رَبَّكُم وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُم وَاحِدٌ، أَلا لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍ عَلَى أَعْجَمِي، وَلا لعجَمِي عَلَى عَرَبِي، وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلا لأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلا بِالتَّقْوَى)[17]. عَنْ الْمَعْرُورِ هُوَ ابْنُ سُوَيْدٍ, عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْدًا وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدًا فَقُلْتُ: لَوْ أَخَذْتَ هَذَا فَلَبِسْتَهُ كَانَتْ حُلَّةً , وَأَعْطَيْتَهُ ثَوْبًا آخَرَ فَقَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلَامٌ وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً فَنِلْتُ مِنْهَا فَذَكَرَنِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: أَسَابَبْتَ فُلَانًا قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَفَنِلْتَ مِنْ أُمِّهِ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ. قُلْتُ: عَلَى حِينِ سَاعَتِي هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ؟ قَالَ: نَعَمْ. هُمْ إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ, فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا يُكَلِّفُهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ , فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ.[18]. لا فرق في الإسلام بين القوي والضعيف فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, قالت: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ , فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ , حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ؟! ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ , ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ, وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ , وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا. [19] أيّ تجسيد للمساواة أكثر من هذا الذي يقرره النبي-صلى الله عليه وسلم- حتى على أقرب الناس إليه وهي فاطمة ابنته. ويقرر أبو بكر الصديق حينما تولى الخلافة مبدأ المساواة فيقول:“ أيها الناس لقد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعيونني وإن أسأت فقوموني الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله تعالى لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء أطيعوني ما أطلعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله[20]. وأخرج موسى بن عقبة في مغازية والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: خطب أبوبكر رضي الله عنه فقال والله ما كنت حريصاً على الإمارة يوماً ولا ليلة قط ولا كنت راغباً فيها ولا سألتها الله في سر ولا علانية ولكني أشفقت من الفتنة ومالي في الإمارة من راحة لقد قلدت أمراً عظيماً مالي به من طاقة ولا يد إلا بتقوية الله، فقال علي والزبير: ما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشورة وإنا نرى أبابكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار وإنا لنعرف شرفه وخيره ولقد أمره رسول الله بالصلاة بالناس وهوحي. و أخرج ابن سعد عن إبراهيم التيمي أن عمر أتى أبا عبيدة أولاً ليبايعه وقال: إنك أمين هذه الأمة على لسان رسول الله فقال له: مارأيت لك أي ضعف رأي قبلها منذ أسلمت أتبايعني وفيكم الصديق وثاني اثنين. لا فرق في الإسلام بين أسود وأبيض ولا بين شريف ووضيع.. عن أبي أمامة قال: عير أبو ذر بلالاً بأمه ، فقال: يا ابن السوداء ، وإن بلالاًس أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره فغضب ، فجاء أبو ذر ولم يشعر،فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: ما أعرضك عني إلا شيء بلغك يا رسول الله ،قال: «أنت الذي تعير بلالاً بأمه ؟» قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي أنزل الكتاب على محمد - أو ما شاء الله أن يحلف - ما لأحد عليّ فضل إلا بعمل ، إن أنتم إلا كطف الصاع»[21]. وهذا عمر بن الخطاب يقول لسعد بن أبي وقاص, لما ولاه إمارة الجيش:“يا سعد سعد بني وهيب! لا يغرنك من الله إن قيل: خال رسول الله، وصاحب رسول الله، فإن الله عز وجل لا يمحوالسيئ بالسيئ، ولكنه يمحو السيئ بالحسن، فإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا طاعته، فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء ، الله ربهم وهم عباده، يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عنده بالطاعة». الهوامش والمراجع:- [1] القيم الإسلامية -(ج 1 / ص 52). [2] مسند أحمد بن حنبل - (ج 5 ص 411)23536 - تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح. [3] سنن أبي داود - (ج 2 /ص 143) 2922 - قال الشيخ الألباني : صحيح. [4]سنن أبي داود - (ج 2 / ص 89) 2751 - قال الشيخ الألباني : حسن صحيح. [5] سنن الترمذي - (ج 5 /ص 734) 3955 - قال: وهذا حديث حسن غريب قال الشيخ الألباني : حسن. [6] صحيح البخارى-(ج 10 /ص 116) 2753 - [7] سنن أبي داود - (ج 2 /ص 187) 3052 -قال الشيخ الألباني : صحيح. [8] صحيح البخاري - (ج 1 /ص 441) 1250. [9] صحيح البخاري - (ج 1 /ص 455) 1290 [10] صحيح البخاري - (ج 2 /ص 729) 1962 [11] و الإجماع لابن المنذر - (ج 1/ص 13) [12] سنن البيهقى -(ج 2 /ص 129 16343- [13] سنن البيهقى - (ج 2 /ص 141)16353- [14] سنن البيهقى - (ج 2 /ص 145)16356- [15] صحيح البخارى - (ج 11 /ص 119) 3052 [16] قال صاحب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وهو من كبار فقهاء الأحناف -(ج 9 /ص 273). رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ قَبِلُوا فَلَهُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا ) أَيْ إنْ قَبِلُوا أَدَاءَ الْجِزْيَةِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِتَكُونَ دِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا وَأَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا وَمُرَادُهُ بِالْبَذْلِ الْقَبُولُ وَكَذَا بِالْإِعْطَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ تَحْصُلُ لَهُمْ قَبْلَ أَدَائِهَا بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّه تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق - (ج 9 / ص 273). [17] مسند أحمد بن حنبل - (ج 5 / ص 411) 23536 -تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح. [18] صحيح البخارى - (ج 20 / ص 178) 6050 [19] صحيح البخاري - (ج 3 /ص 1282) 3288 [20] إبن حجر الهيتمي,أبي العباس أحمد بن محمد, الصواعق المحرقة مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة الأولى ، 1997[ جزء 1 -صفحة 35 ]. [21] شعب الإيمان للبيهقي - (ج 11 / ص 128).