لاتحبها الغنيمة أبداً وكلما قارب المشرط بين رأسيهما تنحني الرصاصة ممررة رأس لسانها في ذلك الأخدود الذي يفصل صاحبتها عن السماء ، تلعق بالضحك المعاني ، ولاتخرج في الصباح الباكر ؛ لأنها تعودت على نوم الضحى . رغم ذلك لايعرف أحد مكمنها . تنام عادة بين أخواتها في ذخيرة المحارب ، والمتوجس والشهيد . أخواتها يعشقن حكمها الطائشة ، ودائماً مايحدق الجنود في أكياسهم باحثين عنها فيفشلون في تبين هيئتها مع أن بلل نهديها لايخفى على دليل . سكينة ماسورة الكلاشينكوف الطويلة تعجزعن التعرف على كنه المنحوسة؛ لذلك يعبث بذاكرتها الصدى والقمل ، فتلقي باللائمة على مختصي صيانة البنادق ، وزيوتهم المستوردة تلك التي أفقدتْ حلقها حاسة الشم. لا يحبها العلماء الوقورون ولا حراس الشرائع لنشأتها على السخرية من ملكاتهمالتي تؤدي قدراً إلى القفص . لاتحب هدفاً كالرأس فهو طريقها المفضل للعبور إلى الجهة المقابلة غير أنها لم تعبر ولو لمرةٍ واحدة «رأس المال». تتلبس شكل الأصبع ، وقد تلقي بعض طعم لفضول المراهقات. ولاتستمر في اللعبة . يدرك العنق أحياناً أنها قريبة فيمد لها الرأس ، وتكافئه بثقل الجثة. تكره الأطباء وتتهمهم بعرقلة مهماتها ، وتمعن في البصق عليهم . لا تتمنى اللعينة، وفي المناسبات تجر «الليت» من خصرها وتتسلّى . في المجاعات تمرر يداها على رؤوس الجوعى بأسى بالغ ، وتجلس عند أقدامهم تتمنى لهم الشفاء . شاكية جور الشلل عليها وصلافة الروماتيزم . لا ماء لمرقها ، و كلما ارتطمت شمعة بالريح تهب صلبة كالمزاح ، مرتخية كالصلابة . يبغضها الأمل والنصف الممتلىء من الكأس ، وجارتنا «مكية» البدينة . لتجتاز مدبنة غير مضيافة لاشقوق في صدغيها تتسلل منها إلى الساحات ، تتعمد غسل أظافرها بالحرير، ولتقدر أيضاً على دسِّ أنفها في المحك وملاعبة الوليمة . قبيل المعركة تفتعل الكثير من الجلبة في أكياس الذخيرة وصناديقها . تحرِّض أخواتها الساذجات على الخروج ِ وعدم انتظار الحل الأخير وعكازته الجافة ، أو البقاء حتى عودة مبادرات الإصلاح بلحاها الطويلة لاتحب الحروب كما تهمس في آذان المؤمنات برسالتها بيد أنَّ مريديها لايحبون البرازخ . لاتحب الحروب ، ولاتميل إلى الرهان . ورغم امتثالها البيولوجي للنهاية ، واتصافها ب «سرعة القذف» عاهاتها المزمنة . إلا أنها لم تكن لتكف عن التوغل في الصمت وحبس أنفاسها وحركاتها تحت نوافذ المتأهبين للدخول في اللوحة والجريان في العروق . • شاعر وكاتب يمني مقيم في القاهرة