في مطار صنعاء الدولي ! نعم الدولي حسب الاوراق الرسمية وبيانات الحكومة ! كان المشهد لا يوصف ! ثلاث رحلات وصلت في نفس الساعة فاكتظت القاعة الصغيرة باكوام البشر وصار طابور ختم الجواز مشهدا يذكرك بفتحات مطعم السمك بالسوق الشعبي لا اكثر ومباراة كيف تخرج سليما مختوما انت لا الجواز طبعا ! والضابط الذي لم ينم ينادي - ياحمود ادخل انت والجهال والختم علينا سهل ولا عليك !! وحمود هذا رجل بكرش لاباس به ومندهش !!وفمه نصف مقفل ! والاجنبي الذي بدأ من لغته فرنسيا رايته يرقب المشهد بذهول وبدا كمن صحى من نومه فورا ! ** المشهد الاكثر إثارة كان حيث سير الحقائب ! تكدس البشر وحقائبهم يبحثون عن الحقائب ولا شيئ غير الصراخ رحلة الرياض - رحلة القاهرة - رحلة عمان يا ذاك خر ياخبير اهرب ياحاج انتبه يا حاجة خذي جزمتك من امام العربية !! * ورقبت برلمانيا ثورياً جداً يعتلي عربة نقل الحقائب ويندد بالحمالين والشركة !! الحمال قلب له كفه ساخرا ورفض التعليق عليه على اساس ان ما يجري هو بالتوافق ولا يحق له الاعتراض !! - الاجنبي الذي عاد الي مندهشا اكثر سأل ماذ يحدث هناك !!؟ - قلت له حسب المبادرة الخليجية هذا توافق للحقائب وتقاسم للركاب ! * من الواضح ان ترجمتي كانت رديئة ! لأنه قال لي وهو ينظر زحاما كيوم الحشر واطفالاً يبكون ونساء يرتفع صوتهن بالعويل ومريض حشر بين اكوام العربات المقلوبة يحمل ساقا مجبسة ! وامرأة ارتفع انينها ورفعت سبابتها وبدأت بإطلاق الشهادتين والبرلماني الثوري ينط الى وسط اكوام الحقائب وكانه يقفز من منصة سباحة الى مسبح وقد اقتنص بعين وزير ثوري اكثر منه برلماني ! اقتنص حقيبته المنفوخة ! قال الاجنبي لي وهو يتمتم كأنه في النزع الاخير : - المشهد مأخوذ من تايتانك !! ووضح لي اكثر وهو يشير بيده وكأنه يرقب موج بحر عاتية . - انظر الا تتذكر غرق سفينة تايتانك والكل يريد ان ينجو بنفسه ! قلت له : لا هذا هو سوق يمني اصيل يا عزيزي لا اكثر . مرحبا بك في بلد الحكمة !!