ماذا يعني أن تظهر الطبعة الأولى من كتابٍ ما، وحين تبدأ بتصفحه تجد ضمن المقدمات: مقدمة الطبعة الخامسة. قد يرى البعض أن هذا خطأ فني، لا يمنع من تسويق هذه الطبعة من الكتاب، أوعلى الأقل عدم اعتبارها فضيحة ثقافية، لكن هذا الكلام غير مقبول، من زاويتين: الأولى: إن الخطأ الفني إذا كان فادحاً كهذا، فينبغي ألا يمر. والثانية: إن الكتاب من الشهرة والذيوع بحيث يجعل من هذه (الفعلة) تشوهاً كبيراً في مسيرة الكتاب اليمني. نتحدثُ إذاً عن أشهر كتب المرحوم الأديب والباحث والتربوي والمناضل الدكتور محمد عبده غانم، وهو كتاب:(شعر الغناء الصنعاني) الذي صدرت طبعته الأولى في عام 1973 . هذا الكتاب القيّم، من أكثر الكتب _على الإطلاق _ تواجداً في مكتبات الشعراء والأدباء والفنانين وكثيرمن القراء العاديين، بطبعاته المختلفة ، وكان آخرها الطبعة الخامسة التي صدرت من بيروت في أواخر الثمانينيات من القرن المنصرم، ورغم أن المؤلف - رحمه الله - كان يريد أن يغيّر ويعدّل في الكتاب حين يطبعه الطبعة السادسة، وبالفعل فقد ترك نسخه تحتوي بعض التعديلات بخط يده، إلا أننا نفاجأ بصدور طبعة تجارية عادية جداً، عن مكتبة الإرشاد بصنعاء ، مؤرخة 1434-2013 ، وليست سوى نسخ من الطبعة الخامسة ، التي طبعت في بيروت، والمصيبة أنها مفتراة، ويدعي الناشر أنها الطبعة الأولى، في انتهاك صارخ ليس لحقوق الملكية فحسب، بل لذائقة القارئ، ولمسيرة الكتاب اليمني، ولرقابة المثقف المفترضة، وللنسخة التي عدّلها المؤلف قبل وفاته، وكتب عليها ملاحظاته، والموجودة لدى نجله الدكتور نزار غانم، وهو الاكاديمي والفنان والأديب الغني عن التعريف.. وبعض التعديلات كتبها المؤلف للطبعة الخامسة، وحالت الظروف دون الأخذ بها.هل أصبحت السلطة الثقافية غائبة إلى هذا الحد، وهل هذه الخطوة تمت بتصريح منحه شخص لا يفهم وظيفته، أم بدون تصريح، في ظل انعدام الرقابة المخيف الذي نعيشه.؟. هذا الكتاب كان سباقاً في موضوعه، ولا يزال أهم ما كُتب في شعر الغناء الصنعاني، بنوعيه من ناحية الكلمات (الحكمي – والحميني)، وقد تحدث عن أهميته الكثيرون، منذ صدوره وحتى الآن، ويجب ألا نتركه يتعرّض لهذه القرصنة والاعتداء.