أسبوعان على فراقك حبيبتي الهام، كانت طويلة وقاسية. أحاول أن أخفّف عن قلبي المكلوم قليلاً بأنك ذكرى جميلة مرّت كحلم في حياتي، وتأبى الحياة إلا أن تكونين أكثر من ذلك. أن تفقد امرأة متكاملة شيئاً يشبه كسر بلور زجاجي يصعب لملمته بسهوله. تحت إصرار عدد من الأصدقاء للسفر للخروج من حالة الحزن، اكتشفت أن كل محطات سفري إلى بريطانيا تذكّرني بك، أتذكر عندما كنت لا تنامين حتى تقلع الطائرة، ها أنا أخطو نحوالعالم دون اتصال وداع أوشغف انتظار. في كل خطوة أود أن اسمع صوتك، أن أبوح لك بالشوق والحنين، أن أشكو لك تعبي من طول المؤتمر الذي أشارك فيه والملل الذي اشعر به، أخبرك بلحظات متعة تمنيت أن تشاركينا إياها. أتذكّر عندما أسألك ماذا تريدين فتقولين على الدوام :“ترجع بالسلامة”. ألم تكوني تمازحينني قبل أن أسافر بأنك ستجهزين حقيبة فارغة للهدايا؟. ها أنا أعود على أمل أن أجد ابتسامتك تملأ كياني، اشتريت العطر الذي يروق لك، ما زلت احتفظ بكل أشيائك الجميلة، لديّ قناعة بأن المقتنيات تشبه أصحابها وتحتفظ بذوقهم وبرائحتهم. إنها المرة الأولى التي أعود دون أن تستقبليني منذ عشرة أعوام، كم كنت أخاف هذه اللحظة، كانت لحظة صعبة. لا أخفيك انه تساوت عندي خيارات العودة من عدمها، المرة الوحيدة التي اشعر أن الخوف قد انتزع من قلبي أثناء الإقلاع والهبوط والمطبات الهوائية. كما سبق وقلت لك: لقد تضاءلت الحياة في نظري، وخفت الحلم الذي كان صنيعتنا معاً. كنت قد وعدتك أن نسافر يوماً ما إلى تركيا أو ماليزيا، كانت هذه جزءاً من أحلامك حبيبتي أتذكر ذلك بحزن كبير، وعزائي أن روحك عند من بيده جنان فيها ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر، لذا اسأله من فضله أن يجمعني بك في فردوسه الأعلى. لست جزعاً بل راضياً بقدر الله، لكنها وفق آياته مصيبة، والمصائب لا تقوى القلوب المحبة على امتصاصها بسهولة، لا أدري كم احتاج من الوقت، بكل تأكيد ستصحبينني في رحلة حياتي حتى نلتقي في جنة الخلد بإذنه تعالي. فقيدتي، عزائي أن كثيراً من أصدقائي وصديقاتك وقفوا معنا بصدق، إنهم يدعون لنا بكل حب، أسأل الله أن تكون رحماتهم قد وصلتك. ها هي ماريا التي كنت تصفينها بأنها معجبة بنفسها وبأناقتها حد الهوس، تمارس طقوسها تلك، تتأنّق رغم حزنها، فاجأتني اليوم بأنها تريد الذهاب لزيارتك، قالت لكن لي طلب يابابا سأكلمك به عندما نقترب من المقبرة، لقد كان طلبها أن تهديك باقة فل تضعها لك. بدأت اطمئن أنك تركت أثراً من حنانك، لا أدري هل ستكون مرحة كما كنت أم سيؤثر عليها غيابك؟