تضغط عديد من المكونات النسائية باتجاه تعزيز قضايا اليمنيات في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي شارف على الانتهاء، فضلاً عن تضمين مطالب وحقوق النساء في الدستور القادم.. وطالبت عديد من الناشطات اليمنيات، باشراك النساء في مواقع صنع القرار بنسبة لا تقل عن 30 بالمائة في سلطات الدولة الثلاث (التشريعية، التنفيذية، القضائية) المعينة والمنتخبة.. شراكة وتشبيك يوم الأحد الماضي جددت مكونات نسائية تضم اللجنة الوطنية للمرأة، وائتلاف معاً لإشراك المرأة سياسياً (أمل)، وشبكة النساء المستقلات (فوز)، ومتطوعين من أجل حقوق النساء، تأكيدهن بمواصلة النضال لإثبات وجودهن في المعترك السياسي. جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك لهذه المكونات حول مطالب النساء في المرحلة القادمة، الذي عقد بالتزامن مع يوم الديمقراطية العالمي (15 سبتمبر). وفي المؤتمر قالت رئيسة مكون النساء الحزبيات “أمل”، حسيبة شنيف، إن الهدف من هذا المكون النسائي هو العمل معا من أجل يمن أفضل والسعي إلى مزيد من الشراكة والتشبيك، وتوحيد الجهود ووجهات النظر حول قضايا المرأة ومساندتها تحقيقاً للعدالة والديمقراطية والمواطنة المتساوية. وقدمت المكونات النسائية خلال المؤتمر تعريفاً بأنشطتها وجهودها في تحقيق مطالب المرأة اليمنية وإيجاد حملة مناصرة للتحالف النسائي، كما تم الاستماع لآراء وملاحظات عديد الصحفيات والصحفيين والناشطات والناشطين في مجال حقوق المرأة، حول الواقع الراهن للمرأة اليمنية وسبل الدفع بها لمشاركة فاعلة. مطلب ضروري ومهم وفي السياق قالت الناشطة في مجال حقوق المرأة وممثلة شبكة النساء المستقلات “فوز”، هناء هودي ل “الجمهورية”: “الكوتا النسائية مطلب ضروري ومهم للمرحلة القادمة خصوصا أن اليمنيات منذ 20 عاما يناضلن لإثبات وجودهن في المعترك السياسي، ورغم انخراط المرأة في الحياة السياسية ومشاركتها في الانتخابات (كمرشحة) سواء الرئاسية أو النيابية أو المحلية، إلا أن نسبة الفوز والتمثيل كان يقل عن 1 بالمائة”. وأوضحت هويدي أن تمثيل النساء على صعيد الواقع لا يتناسب مع حقيقة أنهن يشكلن نصف المجتمع، أو العطاء الواسع الذي قدمته وتقدمه المرأة اليمنية على مستوى الأسرة والمجتمع والدولة. وأشارت هناء هويدي، إلى أن الموروث الثقافي التراكمي القائم على إقصاء المرأة من المشاركة في الحياة العامة وحصرها في وظائف وأدوار نمطية، وحداثة التجربة الديمقراطية في اليمن وحداثة انخراط المرأة في العمل السياسي، والأمية الأبجدية للمرأة، أبرز أسباب ضعف المشاركة السياسية للمرأة وقلة مساهمتها في صناعة القرار. تضيف هويدي إلى ذلك أسبابا من بينها: “غياب المصداقية الكاملة لدى الأحزاب السياسية في تبني حقيقي لتمثيل المرأة (كانت تدعوها فقط لإضافة رقم لحزب)، عدم وجود أي إجراء عملي حقيقي، سواء من الإرادة السياسية السابقة أو اللاحقة، يدل على أن هناك توجهاً صادقاً نحو إيجاد صيغة أو ضمان لمشاركة فاعلة للمرأة، وعدم وجود حركة نسائية موحدة، وقصور الرسالة الإعلامية و...”. تعزيز مشاركة المرأة لهذه الأسباب وغيرها تؤكد هناء هويدي على ضرورة إيجاد صيغة دستورية تجسد حق المرأة في المشاركة، أو بمعنى أخر اعتماد نظام الكوتا في الدستور لتوسيع وتعزيز مشاركة المرأة كتمييز إيجابي مؤقت حتى يتم التخلي عن ثقافة الإقصاء والتهميش لهذه الشريحة الواسعة من المجتمع. وتطرقت هويدي في حديثها إلى تعريف مفهوم الكوتا وأسباب الأخذ به وأشكاله وآلية اعتماد هذا النظام، فضلاً عن ما يجب عمله في المرحلة الراهنة لتطبيق الكوتا النسائية في السلطات الثلاث في اليمن. نؤكد ونصر عليها نحن اليوم نحتفل باليوم العالمي للديمقراطية وتعزيز أصوات الديمقراطية، بهذه الكلمات بدأت حديثها الناشطة في مجال حقوق المرأة والنائب السابق لرئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، الدكتورة بلقيس أبو أصبع. وأضافت الدكتورة بلقيس أبو أصبع ل “الجمهورية”: “من هنا نعلن أنه - تقصد المؤتمر الصحفي- تعزيز لأصوات النساء، أتينا لكي نعزز قضايا النساء في الحوار الوطني ولكي نضمن تضمين مطالب وحقوق النساء في الدستور القادم. أيضاً في لجنة صياغة الدستور.. تمثيل النساء بنسبة 30 بالمائة في لجنة صياغة الدستور نحن نؤكد ونصر عليها..”. وتابعت: “نتحدث عن فلسفة للدستور، يجب أن تكون جميع القضايا والمطالب متضمنة فيه، ونتحدث عن منهجية لإعداد الدستور، هذه المنهجية يجب أن تكون النساء شريكات في وضع هذا الدستور، لكي يعبرن عن أمالهن وطموحاتهن وقضاياهن ويعكسنها في الدستور القادم”. المستقبل سيكون مليء بالنساء وتقول الدكتورة بلقيس أبو أصبع، إن النساء اليمنيات يقفن اليوم على عتبة مرحلة هامة، يصنعن فيها أسس مستقبلهن ومستقبل اليمن الجديد.. “في أي مقايضات سياسية دائما حقوق النساء هي التي تسقط، ودائما الأحزاب السياسية هي التي تخيب أمل النساء في آخر المطاف.. هذه المرة لن يفوتنا القطار، بل سنكون راكبين هذا القطار، وفي مسار واحد..”، طبقا ل بلقيس. وفي ردها حول رؤيتها لمستقبل اليمنيات في النظام المقبل، قالت الدكتورة بلقيس أبو أصبع: “النساء قادمات، والمستقبل اليمني سيكون مليء بالنساء القادرات والواثقات، النساء هن من صنعن التغيير، وهن من سيصنعن المستقبل”. المطالب الحقوقية النسائية وكانت الناشطة هدى عون، من اللجنة الوطنية للمرأة، استعرضت في المؤتمر الصحفي في ورقة عمل المطالب الحقوقية النسائية خلال المرحلة القادمة من بينها، تطوير آليات قانونية وإجراءات إدارية فاعلة لتعزيز مشاركة المرأة في المؤسسات والأنشطة الاقتصادية، وإيجاد بنية تشريعية قانونية تضمن التمكين الاقتصادي للمرأة، واعتماد معيار النوع الاجتماعي ضمن الموازنة العامة للدولة.. إلى جانب تشجيع ودعم سيدات الأعمال، وتحسين مستوى معيشة النساء الريفيات والعاملات في مجال الزراعة من خلال توفير الخدمات والبنية التحتية. وأكدت عون، في ورقتها عن المكونات النسائية، على تفعيل تمثيل المرأة في مختلف الهيئات وسلطات الدولة والمجالس المنتخبة والمعينة بما لا يقل عن 30 بالمائة، والمواءمة بين نصوص الدستور والاتفاقيات والقوانين الدولية والإقليمية والوطنية فيما يتعلق بحق المشاركة السياسية للمرأة. وشددت على مجانية الخدمات الصحية (الصحة الإنجابية، الطوارئ التوليدية، خدمات الصحة النفسية للأسرة)، وتوفير تأمين صحي شامل يضم كافة أعضاء الأسرة اليمنية دون تمييز، وتحديد سن الزواج بما لا يقل عن 18 سنة.. فضلاً عن التزام الدولة بتوفير البرامج والوسائل اللازمة لمنع استخدام العنف ضد النساء، وتجريم العنف ضد الأطفال، واتخاذ تدابير تشريعية للنهوض بأوضاع المرأة المعيلة. نظام لتوفير الحماية وطالبت هدى عون بإلزامية ومجانية التعليم الأساسي ومجانية وجودة التعليم الثانوي والفني والتقني والجامعي، وتوفير الحوافز البيئية المناسبة لضمان تعليم الفتاة، وتطوير وتفعيل استراتيجية القضاء على الأمية في أوساط النساء، ووضع أزمنة لمحوها، ونشر الثقافة الأسرية في المناهج بدور المرأة السياسي. كما طالبت، بتأسيس نظام لتوفير الحماية للمرأة في مناطق النزاعات المسلحة والظروف الاستثنائية، وتعزيز دورها في منظومة الحكم الرشيد ومكافحة الفساد وإدارة الموارد الطبيعية وحماية البيئة، وكذا تعزيز دور المرأة العاملة في المجال الأمني. الإرادة السياسية ودورها المرتقب! إلى ذلك أكدت رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة الدكتورة شفيقة سعيد أهمية الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في التوعية بقضايا المرأة ودعمها خلال المرحلة الحالية ومناصرة قضاياها في الدستور القادم والكوتا النسائية في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بما لا يقل عن نسبة 30 بالمائة. وأوضحت أن اللجنة تعمل منذ تأسيسها على دعم قضايا المرأة ومناصرة حقوقها والارتقاء بمستوى واقع النساء معيشياً واقتصادياً وتعليمياً وثقافياً. منوهة بدعم الأخ رئيس الجمهورية وتفهمه لمطالب واحتياجات المرأة اليمنية وتأكيده على شراكة المرأة في صنع القرار”. وقالت الدكتورة شفيقة سعيد: “إن اللجنة أعدت دراسة تقييميه حول مخرجات الجلسة الأولى لمؤتمر الحوار الوطني وتحليلها لمعرفة مدى إدماج قضايا المرأة واحتياجاتها، وتبين أنه تم إدماج كثير من مطالب النساء في مخرجات معظم الفرق، وكالمثل خلال الجلسة الثانية”. وأشارت رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة إلى أن اللجنة عقدت عدة لقاءات واجتماعات وورش عمل حول مناصرة المرأة وعمل تشبيك بينها وبين منظمات المجتمع المدني والخروج بوثيقة شرف تم التوقيع عليها لدعم قضايا المرأة والنهوض بواقعها في مختلف المجالات. وعبرت عن أملها في دعم قضايا المرأة ضمن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والتأكيد على الكوتا النسائية، تضيف: “لن نرضى بأن يكون وجود المرأة بالتعديلات الدستورية أو بإعادة صياغة الدستور إلا بنسبة 30 بالمائة.. الأمل بعد الله سبحانه وتعالى هو في الإرادة السياسية، التي اذا ما أرادت أن يكون شيئا فيكون”. توحيد رؤى النساء من جانبها قالت نائب أمين عام مؤتمر الحوار الوطني أفراح الزوبة أن وجود المرأة اليمنية في مؤتمر الحوار لم يكن عبثي، وأنه أعطى المؤتمر قيمة مضافة في المطالبة ليس بحقوق المرأة فحسب بل بحقوق الرجال والنساء والأطفال في مختلف محافظات الجمهورية. وأوضحت أن المرأة تشارك بفعالية كبيرة في مؤتمر الحوار وأحدثت تغييرا وتوازنا حقيقي في جلساته من خلال تفاعلها وأثبتت حضورها الكبير في مختلف مكونات وفرق المؤتمر فضلا عن التصورات والأفكار التي قدمنها في مختلف الجوانب. وأكدت الزوبة أن دور المرأة لا يقل أهمية عن دور أخيها الرجل، وأن مخرجات عديد مكونات وفرق مؤتمر الحوار تضمنت معظم المطالب والحقوق النسائية. وشددت على أهمية توحيد رؤى النساء في المطالبة بالحقوق والاحتياجات من خلال إيجاد عملية تشبيك ومؤازرة واسعة من منظمات المجتمع المدني والمناصرين والحقوقيين. رقابة شعبية للتنفيذ وأضافت أفراح الزوبة: “نحن على وشك الانتهاء من مؤتمر الحوار الوطني، لكن الأهم هي المرحلة اللاحقة مرحلة التحدي الحقيقية (مرحلة تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار)، لو خرجنا بأفضل دستور في العالم، إذا لم يكن هناك أيادي رجال ونساء وطنيين مخلصين، عندهم من الحماس والدافعية لتنفيذ هذه المخرجات، سنظل في نفس المتاهة وستكون لدينا حكومات فاسدة..”. وجددت الزوبة تأكيدها على ضرورة أن تكون هناك رقابة شعبية من الجميع للتغيير نحو الأفضل، تضيف: “الحكومة القادمة إذا كانت صيغة مكررة للحكومات السابقة يجب أن نرفع أصواتنا عاليا (يكفي) رجالا ونساء”.