اختطاف ناشط في صنعاء بعد مداهمة منزله فجر اليوم بسبب منشورات عن المبيدات    مقتل "أربعة عمّال يمنيين" بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    مركبة مرسيدس بنز ذاتية القيادة من المستوى 3    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء"    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    جماعة الحوثي توجه تحذيرات للبنوك الخاصة بصنعاء من الأقدام على هذه الخطوة !    تقرير مروع يكشف عن عدد ضحايا " القات" في اليمن سنويا ويطلق تحذيرا !    ضبط المتهمين بقتل الطفل الهمداني في محافظة إب بعد تحول الجريمة إلى قضية رأي عام    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    حادث مروع .. ارتطام دراجة نارية وسيارة ''هليوكس'' مسرعة بشاحنة ومقتل وإصابة كافة الركاب    كان يرتدي ملابس الإحرام.. حادث مروري مروع ينهي حياة شاب يمني في مكة خلال ذهابه لأداء العمرة    قتلوه برصاصة في الرأس.. العثور على جثة منتفخة في مجرى السيول بحضرموت والقبض على عدد من المتورطين في الجريمة    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    السلفيون في وفاة الشيخ الزنداني    مأرب تقيم عزاءً في رحيل الشيخ الزنداني وكبار القيادات والمشايخ في مقدمة المعزين    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    أمطار غزيرة على صنعاء في الأثناء    عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية على وسط وجنوب قطاع غزة    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    توني كروس: انشيلوتي دائما ما يكذب علينا    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن بحاجة إلى ترشيد وضبط الخطاب الدعوي و الثقافي..!!
الباحث عبد الفتاح البتول ل «فگر الجمهورية»:
نشر في الجمهورية يوم 01 - 11 - 2013

الحوار مع الباحث و الأستاذ عبد الفتاح البتول شيق و ذو شجون ، فهو إن أجاب فإنه يجيب بتأنٍ مع استدلال يجعل القارئ يشهد له بحصافته و إنصافه في قضايا مختلفة .. ناقشنا معه العديد من قضايا الفكر الإسلامي و الواقع السياسي الذي نعيشه فكانت هذه الحصيلة ..!!
هناك علماء و مفكرون يميلون إلى ما يسمونه «فقه المقاصد» حسب قولهم .. فأين تلتقون معهم، وأين تختلفون؟
- لاشك ولا ريب أن الشريعة مبنية على مصالح العباد، والاتفاق منعقد على أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وبهذا صرح المحققون من علماء الإسلام، قال الإمام العز بن عبد السلام “إن الشريعة كلها مصالح: إما درء مفاسد أو جلب مصالح”، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية “إن الشريعة الإسلامية جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها”، وقال تلميذه ابن قيم الجوزية “الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة ومصالح كلها وحكمة كلها”، وقال الشاطبي في موافقاته: “إنها – أي الشريعة – وضعت لمصالح العباد”. ويراد بالمقاصد: الغايات والعِلَل والحِكَم التي تناط بها الأحكام الشرعية، فيما يتصل بالعقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق والآداب ، ويعتبر الإمام الشاطبي بحق مؤسس ورائد علم المقاصد كما يظهر ذلك في كتابه الشهير الموافقات ، ومن المعاصرين الذين أثروا علم المقاصد العلامة ابن عاشور؛ فهو أول من صرح بالدعوة إلى تأسيس علم للمقاصد الشرعية ، واعتنى بنشر كتاب الموافقات، وشرحه للطلبة أكثر من مرة.
وكذلك للعلامة علال الفاسي جهد بعد ابن عاشور والحق أن المسألة تحتاج إلى ضبط بعيداً عن التهويل من اعتبار المصالح، وبين التهوين منها وعدم النظر إليها، فهناك الذين يهتمون بالنصوص لدرجة تقديسها في ذاتها وعدم الاهتمام بالمصالح والمقاصد، أو أولئك الذين يبالغون في اعتبار المصالح لدرجة إهمال النصوص وتجاوزها والقفز عليها بما في ذلك النصوص قطعية الثبوت والدلالة لأجل ذلك وحتى لا تصبح مسألة اعتبار المصالح وفقه المقاصد وسيلة لدى البعض لتحريف النصوص وهدم الشرع وتمييع الدين، لابد من ضبط المصلحة وفق المعايير والشروط المتفق عليها بين علماء الأمة المعتبرين والأئمة المجددين، ومن ذلك ما سطره الإمام الشاطبي المتوفى سنة 790ه في الموافقات الذي يعتبر مؤسس فقه المقاصد.
وقد أكد الشاطبي على أن الشريعة إنما وضعت لمصالح العباد وأن هذا التعليل مستمر في جميع تفاصيل الشريعة ومن هنا تبرز أهمية العناية والاهتمام بفقه المقاصد والمصالح المعتبرة على ضوء النصوص الصريحة والصحيحة ، ووفق المبادئ الكلية والثوابت الشرعية المتفق عليها ، ومقاصد الشرعية أو قصد الشارع هو تحقيق مصالح الناس ، والفقيه ليس الذي يعرف الخير من الشر وإنما الذي يعرف خير الخيرين واقل الشرين واخف الضررين، والذي يمتلك القدرة على الموازنة بين المصالح والمفاسد والراجح والمرجوح ويدرك تمام الإدراك وجوب التيسير في الفتوى والتبشير في الدعوة وشروط وضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وان يكون الأمر بالمعروف بعلم والنهي عن المنكر بحلم ، وأن إنكار المنكر قد يؤدي إلى منكر مثله أو اكبر منه وفي هذه الحالة ينبغي تركه ،والباب في هذا واسع والعلم به واجب على العلماء والفقهاء والخطباء والدعاة والمفكرين والباحثين والمهتمين بالعمل الإسلامي والفكر الوسطي وشخصياً فقد كتبت العديد من المقالات والبحوث حول الموضوع في عدة صحف ومجلات وخاصة ما كتبته في الملحق الثقافي لصحيفة الجمهورية وملحق الوسطية وصحيفة الثقافية التي كانت تصدر عن مؤسسة الجمهورية وغيرها ، بهدف التعريف عن فقه المقاصد وثقافة المصالح والاهتمام والعناية بها وتحقيق وتوضيح العلاقة بين النصوص والمصالح والنقل والعقل والأثر والرأي.
المثقفون .. بعضهم رحل من جهة إلى أخرى، وبعضهم عاد إلى السرداب هل من تعليق؟
- رحلة المثقفين وهجرتهم من جهة إلى أخرى ومن تيار إلى أخر ظاهرة تستحق الاهتمام والدراسة ، وهناك نوعان من الرحلة نوع يأتي وفق مراجعه وقناعات فكرية ، وهذا النوع طبيعي ووارد وقد يكون مستحباً وواجباً ،بحثاً عن الحقيقة وسعيا وراء الأفضل والأحسن فكرياً وثقافياً ومنهجياً . وهناك رحلة وهجرة يقوم بها بعض المثقفين بحثاً عن وضع مادي افضل وسعياً نحو الظهور والصدارة ولو على حساب الفكر والثقافة ، وهذا الاتجاه والتوجه لا يأتي عن اجتهاد وبحث ومراجعة وإنما تنازل وانتكاسة ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ومتعة يحصل عليها ومناصب يتطلع إليها فهجرته إلى ما هاجر إليه ، ومن كانت هجرته إلى حقيقة يبحث عنها وأفكار يتطلع إليها بعد إفراغ الجهد وبذل الاجتهاد والبحث والنظر والمراجعة والمقارنة فهذه هجرة محبوبة ومطلوبة ورحلة موفقة وسعيدة .. أما بخصوص دخول بعض المثقفين السرداب والبيات الشتوي فهذه أيضاً ظاهرة موجودة ومزعجة ، وهي نوعان ولها أسباب وعوامل متعددة ، فقد تكون عزلة وانقطاع مؤقت عند البعض وقد تكون دائمة، والعزلة الدائمة والخروج من المشهد بصورة كليه يدل على هزيمة نفسية وغياب الرؤية وهشاشة الفكرة وسلبية الثقافة التي انطلق منها ، وفي بعض الأحيان قد تكون هناك ظروف قاسية وأوضاع غاية في السوء تحتم على البعض العزلة الكلية والانصراف التام عن الساحة الثقافية.
وهناك عزلة مؤقتة وانقطاع لبعض الوقت وتكون بمثابة استراحة المحارب وفترة نقاهة واستجمام يأخذ فيها المثقف والكاتب والمبدع أنفاسه ، ويعيد خلالها ترتيب أوراقه وأفكاره والقيام بالمراجعة والمحاسبة والحذف والإضافة ، بمعنى أنها فترة للنقد الذاتي والجرد السنوي أو الدوري والمرحلي ، كما أنها فرصة لتكثيف القراءة والاطلاع ، يعود بعدها المثقف والباحث اكثر نشاطاً وعطاءً وإبداعاً وتركيزاً.
العلاقة بين الجماعات الدينية و بين المثقفين .. ليست على ما يرام .. إلى ما تعزو ذلك؟
- أولاً مصطلح الجماعات الدينية غير دقيق تقصد الجماعات والحركات الدعوية الحقيقية أن العلاقة تأخذ أبعاداً ومسارات عديدة ولا شك أنها خلال السنوات الماضية تحسنت إلى حد ما وزال قدر كبير من الوحشة والتباعد ، إلا أن هناك بعض القضايا والأحداث والمسائل والمتغيرات تعمل على إحداث نوع من العداء والتباعد والجفاء ، والسبب وراء ذلك هو غياب لثقافة الحوار وإدارة الاختلاف ووجود قدر من التطرف والتشدد لدى أشخاص من كلا الطرفين ، فهناك بعض المثقفين والكتاب والصحفيين يعمد إلى نشر كتابات وطرح آراء استفزازية فيها نيل وإساءة للثوابت الدينية والمقدسات الإسلامية المتفق على تقديسها ، وبالتالي تكون هناك ردة فعل معارضة ومنددة بهذه الاستفزازات والإساءات . ومن جانب آخر هناك بعض الخطباء والدعاة والمحسوبين على العلم والدعوة لا يلتزمون بالحكمة والموعظة الحسنة والكلمة الطيبة فتراهم يتحدثون ويخطبون بغلظة وخشونة واطلاق الاتهامات والأحكام بشكل عشوائي واستفزازي بعيدًا عن التروي والتثبت وتقديم حسن الظن ولا يلتزمون بضوابط وشروط الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي احسن والبعض لا يعلم مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن هنا فنحن بحاجة لترشيد وضبط الخطاب الدعوي وفي نفس الوقت ترشيد وضبط الخطاب الثقافي وان نلتزم جميعاً بالوسطية والاعتدال وإشاعة ثقافة الحوار والتحاور واحترام أسس العيش والتعايش.
لماذا لا يتحاور السلفيون في جو يسوده التفاهم و عدم التعصب . مرجعهم كتاب الله و سنة رسوله تحت شعار رأيي صواب يحتمل الخطأ .. و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب؟
- السؤال يصح إن يوجه لغير السلفيين ، لماذا لا يتحاور المثقفون والسياسيون والحزبيون والحوثيون والحراكيون وغيرهم في جو يسوده التفاهم وعدم التعصب ؟ لماذا السلفيون بالذات والجميع لا يتحاورون في جو يسوده التفاهم ولا يرفعون شعار رأيي صواب يحتمل الخطأ و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب؟
ما أسباب انقسام السلفيين .. و لماذا لا تكون هناك مرجعية دينية و توحيد للخطاب الدعوي ؟
انقسام السلفين وتعدد فصائل العمل السلفي في اليمن له عدة أسباب وعوامل بعضها إيجابي وصحي وبعضها سلبي ومؤذي ومن ذلك وجود تيار سلفي متشدد يعتمد الغلو في الخطاب والتصلب في الرأي وتزكية الذات ، وهذا التيار أو الفصيل وعبر هذه الصفات والسمات يشكل عامل طرد وانشقاق ويسبب الفرقة والانقسام . كما أن حب الصدارة والظهور عند البعض من عوامل وأسباب الانقسام في المدرسة السلفية ، هذه من الأسباب السلبية والمزعجة . أما الأسباب الإيجابية والصحية فمنها تعدد الآراء واختلاف الاجتهادات في مسائل الفروع والمتغيرات وخاصة فيما يتعلق بالعمل النقابي والخيري والمشاركة السياسية والحزبية والموقف من الآخر والمخالف ، ويأتي هذا الأمر في سياق اتباع الدليل الذي تعتمده الدعوة السلفية في تربية أبنائها واتباعها ، وفي كل الأحوال ومع أن كثرة الانقسامات وتعدد الفصائل بهذا الشكل وضع سيء ويتطلب حلول ومعالجات إلا أن السلفيين بشكل عام يلتقون ويتوحدون في أصول العقيدة والمنهج الجامع في التلقي والاستدلال وفي اطار المنهج الأصولي والعقدي لأهل السنه والجماعة ، ومن المهم في هذا السياق الإشارة والتنبيه على أن السلفية كمنهج لفهم الإسلام والتلقي والاستدلال يختلف عن السلفية كفصائل وحركات وأحزاب وأشخاص ، بمعنى أن السلفية كمنهج أو بالأصح أهل السنة والجماعة والذي يجمع أهل السنة ليس النسب ولا البلد ولا المذهب ولا السلالة، وإنما الجامع لهم هو التوافق في الأفهام والتشابه في المواقف، رغم تباعد الأقطار، واختلاف الأعصار، وهذا ثمرة من ثمرات وحدة المصدر والتلقي، ولاشك أن صحة وصوابية وأحقية المنهج لا يلزم منه صحة وصوابية وأحقية الأفراد، فإن أهل السنة أفراداً وجماعات يتفاوتون في التحلي بالمنهج والسير عليه، فمنهم السابق بالخيرات، والمقتصد، والظالم لنفسه.
ما هو الضابط الشرعي في الفرقة الناجية ، وهل يحق لأية جماعة تسمية نفسها بأهل السنة والجماعة .. ألا تعتبر هذا تزكية لها؟
- قبل الإجابة المباشرة على هذا السؤال ينبغي التأكيد على أن السلف في اللغة من تقدم من آبائك، وذوي قرابتك الذين هم فوقك في السن والفضل، واصطلاحاً يطلق على الصحابة والتابعين وتابعيهم من أهل القرون الثلاثة الأولى المفضلة كما في الحديث الذي رواه البخاري “خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ثم يأتي أقوام تسبق شهادة أحدهم يمنية، ويمنة شهادته”. والذي لا غبار عليه ولا اختلاف حوله، إثبات الخيرية والأفضلية لهذه القرون، على العموم والإجمال، مع ثبوت الخيرية لجميع هذه الأمة(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأكثرهُمُ الْفَاسِقُون). ولاشك أن الأجيال الأولى من الصحابة والتابعين وتابعيهم هم الذين نقلوا إلينا الشريعة والديانة الصحيحة، وأنهم ساروا على المنهج الصواب، وأن الحق معهم في الأصول والكليات. واتباع الصحابة فقد دل عليه قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ الأولونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، فمن اتبع السابقين الأولين كان منهم، ولهذا كانت معرفة أقوالهم في العلم والدين خيراً وأنفع من المتأخرين. وفهم السلف للكتاب والسنة له مكانة وأهمية، ولابد من الاستعانة به، والرجوع إليه والنظر فيه، من غير وجوب ولا إلزام، فإن الله عز وجل تعبد جميع هذه الأمة بما في الكتاب والسنة، وأنه لم يخص بفهم ذلك السلف دون الخلف، والفهم الذي خلقه الله للسلف خلق مثله للخلف، والعقل الذي ركبت في الأموات ركب مثله في الأحياء، والكتاب والسنة موجودان في الأزمنة المتأخرة كما كانا في الأزمنة المتقدمة، كما قال الإمام الشوكاني في أدب الطلب.
وفي كل الأحوال فإن السلف الصالح ليس مصدراً من مصادر التشريع، ولا دليلاً من أدلة الأحكام، باعتبار أن الكتاب والسنة هما مرجعية الأمة، وهما الأصل لما سواهما، كما يذكر الإمام الشاطبي في الموافقات، ومهما كانت قيمة وأهمية فهم السلف واجتهاداتهم فإنها ظنية لا قطعية، والمسلم مطالب باتباع اليقين لا الظن، فالله عز وجل لم يتعبد أحداً من عباده بدليل يستدل به أحد علماء الأمة، ويستثنى من هذا إجماع السلف واتفاقهم، باعتبار إجماعهم حجة إذا وقع حول مسألة أو قضية ولم تخالف الكتاب والسنة. أما مصطلح أهل السنة والجماعة فإن له معنى عام ومعنى خاص أما المعنى العام فان دائرة أهل السنة يدخل فيها جمهور الأمة وكل مسلم أقر بالشهادتين وأدى الفرائض والتزم المنهج العام وحتى البدع لا تخرج صاحبها من أهل السنة إلا بدعة الروافض والخوارج واختلف أهل السنة على بدعة المرجئة والاعتزال، أما بقية المسلمين ومنهم الأشاعرة لا يخرجون عن إطار أهل السنة لأن بعضهم مجتهد مخطئ والبعض الآخر جاهل معذور، أو متعمد ظالم، ويدخل في هذا المفهوم العالم والجاهل والطائع والعاصي والعوام والمقلدون والفقهاء والمحدثون، والدعاة والمجاهدون والسياسيون والمفكرون.. وأما المعنى الخاص فإنه يذهب إلى تحديد أهل السنه بانهم التابعون للسلف في أصول الاعتقاد ومنهج التلقي والاستدلال وخاصة فيما يتعلق بتوحيد الأسماء والصفات وإثبات ما اثبته الله لنفسه أو ما اثبته له رسوله صل الله عليه وسلم ونفي ما نفاه والسكوت عما لم يرد فيه نفي أو إثبات وكل ذلك من غير تمثيل ولا تعطيل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ).
من المعلوم في فكر السلف أنهم لم يحددوا مدة زمنية للحاكم ، و الدساتير الإسلامية اليمني أنموذجاً يحدد المدة الزمنية .. أليس هذا مخالف للسلف؟
- صحيح إن السلف لم يقولوا بتحديد مدة زمنيه للحاكم ولكنهم لم يقولوا إن تحديد مدة معينة بدعة وحرام ، وهذه المسألة وأمثالها من المسائل الجزئية والفرعية الاجتهادية مثلها مثل الانتخابات والأحزاب والمشاركة بالبرلمان وغيرها من المستجدات والمتغيرات . لأجل ذلك فإن تحديد مدة زمنية للحاكم تدخل في اطار المصالح المرسلة ، أي أنها مباحة وفق الموازنة بين المصالح والمفاسد ، وانا لا اجد مانعاً من تحديد فترة لولاية الحاكم ، وتداول السلطة سلمياً في اطار انتخابات حرة ونزيهة ووجود دولة نظام وقانون ودولة مؤسسات ، ومع ذلك اذا جاء احد الناس وقال بعدم شرعية تحديد فترة للحاكم فله ذلك وهذا من حقه لان المسألة اجتهاديه شرط أن لا يقول هذا حكم الشرع وإنما يقول هذا رأيي ووجهة نظري.
نعرف أن لك اهتماماً وكتابات عن الوسطية . . ماذا نقصد بالوسطية وماهي معالمها؟
- الوسط في كل شيء خياره، كما تذهب إلى ذلك معاجم اللغة، فإن لفظ الوسط لا يخرج معناه عن العدل والفضل والخيار والرفعة والجودة والمكانة العالية ، فلما كان وسط الشيء أفضله وأعدله جاز أن يقع صفة ، وذلك في مثل قوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) أي عدلاً ،وعدولاً . وفسر الرسول صلى الله عليه وسلم الوسط بالعدل في قوله تعالى قال أوسطهم، أي أعدلهم، وكل المفسرين على أن معنى أوسطهم في سورة القلم أعدلهم وأعقلهم وأفضلهم وخيرهم، أعدلهم قولاً وأفضلهم رأياً. والوسطية تعني الاستقامة على شرع الله واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بلا إفراط ولا تفريط ولا تشدد ولا تفلت ولا غلو ولا تمييع، وكل التكاليف الشرعية جارية على الوسطية والاستطاعة وليس فيها تكليف بما لا يطاق، والأمر إذا ضاق اتسع، والدين يسر والشريعة سمحاء، والغلو هلاك، والتشديد إهلاك، والتفلت ضياع، والتمييع انحلال، ودين الله بين الغالي والجافي، والأمة المسلمة على امتداد الزمان والمكان تسير على النهج الوسط، أداءً للأوامر واجتناباً للنواهي.
والله يريد للمسلمين اليسر ولا يريد بهم العسر، والدين في عمومه يسر، واليسر هو السهل الذي لا عسر فيه. يقول سبحانه وتعالى (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفًا). وفي كل الأحوال فإن الدعوة إلى الوسطية والاعتدال ومحاربة الغلو والتطرف، ينبغي أن تكون وفق ضوابط شرعية ومعايير منهجية بعيداً عن الأهواء والشهوات والشبهات، بحيث إننا ونحن ننادي بالوسطية وندعو إليها ملتزمين بالشرع ومقيدين بالكتاب والسنة، نحارب الإفراط والتفريط، ونقف ضد التشدد والتفلت، ونربط الجزئيات بالكليات ونفهم الفروع على ضوء الأصول، ونفرق بين الثوابت والمتغيرات، ونوازن بين المصالح والمفاسد، فالوسطية ليست مجرد التيسير والتخفيف، وإن كان هذا من معانيها ومعالمها الكبيرة، إنما الوسطية منهج يتجلى ويبرز من خلاله التوازن والاعتدال، الذي يلائم الفطرة السوية. وبالجملة فإن الشريعة حمل على التوسط بعيداً عن مطلق التخفيف ومطلق التشديد، فليأخذ العاقل في هذا الموضع حذره، فإنه مزلة أقدام على وضوح فيه كما يقول الإمام الشاطبي.
في ظل التوجه نحو التعددية السياسية و المواطنة المتساوية في الحقوق و الواجبات .. لاشك أن المرأة قد تصل إلى رئاسة الدولة و الحكومة .. فما تعليقكم .. و هل يتعارض هذا الأمر من الناحية الشرعية ..؟؟
- ولاية المرأة في الفقه الإسلامي من القضايا المثيرة والتي تحتاج إلى بحث وتحقيق ونظر وتدقيق ، وبالجملة فإن جمهور العلماء يذهبون إلى منع تولي المرأة للإمامة والرئاسة وكل المذاهب الفقهية الأربعة ومعهم الزيدية الهادوية يؤكدون على أن من شروط الولاية العامة الذكورة ، واختلفوا في ولاية القضاء وبعض الولايات الأخرى . هذا من المنظور الشرعي والفقهي وفيه الكثير من الأخذ والرد والجدال والنقاش ، لا يتسع مجال ومساحة هذه المقابلة لعرضه والخوض فيه ، ولكن تعال معي للناحية التاريخية ستجد أن عدد من حكم من النساء قليل ونادر وفي حالات ذات خصوصية معينة ، وحتى في العصر الحديث وفي الدول العريقة في الديمقراطية والتي تتبنى الحقوق المتساوية فإن من وصلن إلى سدة الحكم والرئاسة قليل ومحصور ، بل انك ترى أن المرأة في أمريكا لم تصل إلى منصب الرئاسة حتى اليوم . وحتى على مستوى البرلمان في معظم الدول الغربية فإن نسبة النساء لا يتجاوز 25 في المائة وفي بعض هذه الدول وخاصة في أمريكا لم تحصل المرأة على حقوقها السياسية في الانتخاب والترشح إلا في مرحلة متأخرة من بداية الديمقراطية لديهم ، بمعنى أننا بحاجة إلى قدر من الواقعية والعقلانية عند طرح هذه المسألة والنقاش حولها ، وخاصة أننا نتحدث عن بلد مثل اليمن نسبة الأمية في صفوف النساء يتجاوز ال70 في المائة ، وفي مجتمع مازال الكثير من رجاله يعتبر أن اسم زوجته من الأسرار العسكرية ، وفي مجتمع لم تأخذ المرأة فيه حقوقها الأساسية على المستوى الاجتماعي والتعليمي والأسري وحقها الشرعي في ميراثها واختيار شريك حياتها . بالإضافة إلى جملة من التحديات والعوائق والعوامل التي تتطلب منا ترتيب الأولويات ووضع الأمور في نصابها الصحيح بعيداً عن الشعارات البراقة وبالحقوق المتساوية التي تحتاج إلى تحقيق معناها وكيفية تنزيلها في الواقع حتى انك تجد أن الكثير ممن يدعون للمساواة السياسية من الرجال والنساء تجد انهم أول من يخالف هذه الدعوة عندما يتبنى ويدعو لتطبيق الكوتا النسائية في الانتخابات البرلمانية والمراكز القيادية ، وهذه الدعوة والفكرة تتناقض وتتنافي مع المساواة ، لأن الكوتا تميز وعدم مساواة ومغالطة للواقع تحت مبرر تمكين المرأة سياسياً وإعطائها حقوقها ، وأنا لا أرى مانعاً من وصول المرأة للبرلمان ومجلس النواب ولكن بدون كوتا وغش وتزوير ودهفه وتحديد نسبة 30 في المائة لتحسين الصورة وتملق المنظمات المانحة والدول الداعمة ، نحتاج إلى قدر من البصر والبصيرة والرؤية الفاحصة والعقلية الناقدة ، فلدينا كم هائل من الأزمات والمشكلات والكوارث التي تهدد الدولة برمتها والوطن بأكمله تتطلب حلولاً سريعة ومعالجات ناجعه ، والبعض يتخندق و يتمترس وراء مسائل هامشيه وقضايا ليست ذات أهمية.
إذا تم إقرار الفيدرالية .. بلا شك أن الحوثية ستحكم بمذهبها .. ما تعليقكم؟
- سؤالك مهم وجوهري ومركب فأنت تتحدث عن موضوع غاية في الأهمية وهو إقرار الفيدرالية وما يمثله ذلك من خطورة وتهديد للوحدة الوطنية والهوية الجامعة ، والحقيقة إن الفيدرالية مشكلة وليست حلاً ، إن التحول من الوحدة الاندماجية إلى الفيدرالية يتطلب أولاً تقسيم اليمن إلى أقاليم وتفكيك الوطن إلى مقاطعات، ثم توحيدها بطريقة فيدرالية وحكومات محلية وتقسيمات مناطقية وجهوية. الفيدرالية يعني أقاليم، ولتنفيذ ذلك نحتاج إلى تفكيك اليمن إلى أقاليم ومقاطعات ، أي نكسر الوطن ونقسم اليمن إلى عدة كيانات ودويلات ونعطي هذه الكيانات شرعيتها كحكومات ذات استقلالية كاملة ، بعد ذلك نتحاور حول توحيد هذه الأقاليم والحكومات المحلية في اطار دولة اتحادية ، فمن يضمن لنا انه قادر على توحيد هذه الأقاليم فقد يعلن أحد الأقاليم انه يرفض الاتحاد الفيدرالي ويرغب في الاستقلال التام والناجز . والواقع يؤكد على أن المشكلة ليست في الوحدة والحل ليس في الفيدرالية والانفصال ، أما أن الفيدرالية ستتيح للحوثيين الاستقلال وقيام دولة مذهبية فهذا ليس فقط صحيح ولكنه واقع وقائم، وفي التحقيق الذي نشرته صحيفة الشارع الأسبوعية في عدد266 بتاريخ 11 فبراير والذي كتبه من الواقع الصحفي القدير الزميل محمد غزوان ، اكد فيه على أن كافة التكتيكات التي يسير عليها الحوثيون لا توحي أبداً بأنهم رابطة تدافع عن فكر ديني اضطهد ، وانهم يحاولون الحفاظ على الهوية المذهبية ، إنما تسير كافه هذه التكتيكات نحو بناء دولة مذهبية عرقية !! ويتجلى هذا بوضوح من خلال تأسيسهم كافة الأسس التي يتطلبها مشروع الدولة ، حيث اصبحوا يملكون قوات أمنية – الأمن العام الحوثي – ويتبعها سجون وأقسام للضبط ومحاكم وقضاة من ذات الفكر ومؤسسات خدمية وتنفيذ مقاولات من ميزانية المشاريع مثل مؤسسة “مجاهدي البناء” ( تقليد لتجربة حزب الله في لبنان وما تم في ايران) وكذلك يملكون فريقاً استخبارياً ، وهم بنفوذهم يعتبرون المرجعية الأولى للسلطة المحلية التي لا اثر لوجودها في الواقع . والمحاكم يديرها قضاة تم تنصيبهم وفق مؤهلات وشروط يفرضها الفكر الحوثي ، وإعادة إنتاج سلطة قضائية مرتبطة بالعرف والنسب ويعتبر تجذيراً للاستبداد والعنصرية ، وهذا ما يحصل في صعدة !! فصعدة خارج نطاق الدولة والجمهورية اليمنية قبل إقرار الفيدرالية فكيف سيكون الحال بعد إقراراها ، بل أن عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير بمناسبة بدعة الغدير يسخر من قيادات الدولة وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية مؤكداً على انهم لا يصلحون لإدارة مدرسة ، وان الحكم والسلطة من حقهم وفق النظرية السلالية والعنصرية التي يؤمنون بها والتي على أساسها قامت الحركة الحوثية من البداية . وحسب ما جاء فيما يسمى بالوثيقة الفكرية والثقافية للحوثيين فقد أكدوا على أن الله سبحانه اصطفاهم فجعلهم هداة لهذه الأمة وورثة الكتاب من بعد رسول الله إلى أن تقوم الساعة ، وإن الله قد اصطفاهم وفوض أمر الأمة إليهم، هداة لجميع الناس وقادة لجميع الخلق من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى يوم القيامة ، وهم هداة الأمة وقرناء الكتاب إلى يوم التناد، وهم حجج الله في أرضه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.