بعد مرور أكثر من أربعة عشر قرناً على موت محمد بن عبدالله – صلى الله عليه وسلم – و إبلاغه رسالة ربه ابلغ تبليغ إلا أن هذا الدين سار غير المسار الذي رسمه محمد صلى الله عليه وسلم مستعينا بتعاليم ربه بموجب الكتاب الذي انزله الله إليه (القرآن المبين) - ربما تتاح لي الفرصة للحديث عن هذه الأسباب في المرات القادمة – ولكن من الأهمية بمكان أن نسلم أن الله تعالى سطر في هذا الكتاب كل التعاليم والتوجيهات الربانية فما هو حرام ممنوع تجد خبره في القرآن وما هو مأمور به ملزم تجد خبره في القرآن فلا مجال للاختراع والبحث عن مصادر أخرى مع وجود أي القرآن المبين, إلا انه لك أن تبحث في أي القرآن وتتفكر فيها وتدرسها لتصل إلى مراد الله تعالى لأنه رسالة مباشرة منه سبحانه وتعالى إلى عبادة , فليس هناك كتاب وصف بالمبين غير القرآن المبين (الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين) وقد بلغ هذا الكتاب في الفصاحة والبلاغة مداه و تحدى الله العالمين به فعجزوا أن يأتوا بمثله أو بشعر سور منه أو حتى أن يأتوا بسورة من القرآن . فبرروا عجزهم هذا أن هذا القرآن كلام ساحر أأأأو كاهن (نَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍوَ مَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُ وَتَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ). وقد اهتم القرآن المبين بصغائر الأمور وكبارها على السواء ولم يهمل فيه شيء (وما كان ربك نسيا) فهو الكتاب المرسل إلى العالمين ولا كتاب بعده كما لا رسول بعد محمد صلى الله عليه وسلم فيه خبر من قبلنا ونبا ما بعدنا فيه الحلال والحرام وفيه الوعد والوعيد والبيان والإيضاح خال من العبث والتكرار كل حرف فيه له معناه وكل كلمة فيه معناها في مبناها وإن اختلفت مباني الكلمات اختلفت معها معانيها وكل جملة مرتبطة بالتي سبقتها ومتصلة بالتي قبلها فما استشكل فهمه يرد إلى اصل اللسان العربي لأن القرآن أنزل بالسان العربي, حقيقة لا مجاز فيه فكل ما انزل من القرآن باق فيه لم يحذف منه شيء كما لم ينسخ من القرآن شيء ولا وجود لحكم في القرآن باق حكمه منسوخ نصه كما لا وجود لنص باق في القرآن منسوخ حكمه, محفوظ من الزيادة والنقصان ومن التحريف والتبديل وقد تولى حفظة رب لعالمين (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). كتاب فصيح بليغ واضح بين ليس بحاجة لشارح يشرحه ولا لمبين ليبن مبهمة ولا مفصل ليفصل مجملة وليس بناقص ليأتي من يكمله ومن قال بهذا فإنه يرمي بالقرآن والذي انزل القرآن بالنقص وعدم البيان تعالى الله عن هذا علوا كبيراً. وقد فهم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هذا فتمثل بما جاء فيه كما قال الله على لسانه (قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين) فالوحي ما أوحى الله به لرسوله وليس هناك وحيان وألا لزم أن يكون هناك إلهان ولا إله إلا الله وحده لا شريك له واحد في ملكه الواحد في حكمه الواحد في تشريعه الواحد في أرساله لرسله ورسالاته (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا? فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ).