المعرفة بخطورة فيروس شلل الأطفال ترسخت في عقول الكثيرين كونه أحد أبرز مسببات الإعاقة والوفاة. هذه المعرفة تماهت مع إقامة حملات تحصين ضد شلل الأطفال تلو حملات عبر رسائل وسائل الإعلام المختلفة (المرئية والمسموعة والمقروءة) ومن خلال منابر المساجد ومكبرات الصوت المحمولة على سيارات التوعية الميدانية التي تجوب الشوارع والأزقة أثناء حملات التحصين دون أن يأليهم الجهد في إيصال رسالة التحصين إلى المجتمع. قد يقول قائل : إن اليمن خطت خطوات ملموسة في دحر فيروس الشلل، والشاهد على ذلك أنها حصلت على إشهاد عالمي من قبل منظمة الصحة العالمية بخلوها من هذا الفيروس عام 2009م، لكن أزمات وثورات عام 2011م في اليمن- على غرار بلدان الربيع العربي - قد أفرزت واقعاً مشوباً بالتوتر ولد حالة من التراجع في نسبة الإقبال على التحصين الروتيني أو استكمال جرعاته، حيث تدنت نسبة التغطية باللقاحات الروتينية للأطفال مادون العام والنصف من العمر، وكذلك حروب صعده وأبين وما تمخض عن هذه الحروب من تصعيد خطير للنزوح البشري من هاتين المحافظتين ؛ الأمر الذي أتاح متسعاً لتضعضع الأحوال الإنسانية والصحية وتزايد احتماليه عودة فيروس شلل الأطفال في ظل استمرار توافد اللاجئين المتسللين من الجوار الإفريقي. إن أمراض الطفولة القاتلة وعلى رأسها مرض شلل الأطفال تنشط في مثل هكذا حروب وأزمات لأسباب متعددة ، وخير مثال على ذلك ظهور حالات إصابة مؤكدة بفيروس الشلل في عدد من بلدان القرن الأفريقي كالصومال وأثيوبيا وكينيا ومؤخراً في سوريا. في حين أن اتساع رقعة المنافذ البرية والبحرية لليمن وكثرة النازحين المتسللين من هذه البلدان ينذر بخطورة عالية وهي احتمال عودة الفيروس مرة أخرى ما لم تتوافر ضده إجراءات وقائية محكمة، وهذا لا يتأتى إلا بتكليف الجميع ... رؤساء ومرؤوسين ووزارات وجهات ذات علاقة ومجلس محلية وآباء وأمهات وأولياء أمور باتجاه تسهيل سير حملات التحصين وعلى رأسها الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال خلال الفترة من (16 - 18ديسمبر2013م)، فعلى الجميع العمل على تسهيل مهمة فرق التحصين الثابتة والمتجولة والدفع بأطفالهم لأخذ اللقاح الذي على هيئة قطرات تؤخذ بالفم ، وهو آمن وفعال وليس فيه أي ضرر بل على العكس فإنه يعطي مناعة وحماية ضد فيروس شلل الأطفال. والفئة المستهدفة في هذه الحملة هي جميع الأطفال دون سن الخامسة من العمر من منزل إلى منزل بغض النظر عن عدد الجرعات التي حصلوا عليها في السابق. وأكرر ما قلته كنصيحة أخوية، فالنصح خير - كما يقول في المثل- أننا نعول على كافة الجهات ذات العلاقة كي تدعم حملة التحصين الوطنية الحالية دعماً يسير بها إلى النجاح إننا ننشد الإسناد ومد يد العون من المجالس المحلية وخطباء المساجد وكذلك الإعلام بمختلف وسائله وعبر رسائله التوعوية البناءة كون هذا الدور في غاية الأهمية بالمستوى الذي يضمن نجاح الحملة الوطنية وتغطيتها الشاملة للمستهدفين من الأطفال بلقاح شلل الأطفال. كيف لا، وأمر التحصين يرتبط بالجميع فهو مسؤولية على عاتق كل أب وأم وكل فرد فعال في هذا الوطن الغالي. وأخيراً.. لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل لفرق التطعيم الراجلة المتنقلة من منزل إلى منزل، وكذا وسائل المواصلات والتي تجوب البوادي والحضر والقفار ، والشكر موصول لكوادر وزرة الصحة العامة والسكان وكوادر المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة ، وكذلك البرنامج الوطني للتحصين الموسع والجهات الداعمة والجهات ذات العلاقة وأولياء الأمور. وختام القول مسك تبعاً للمقولة (إذا كان المرض يسبق الدواء، فالوقاية تسبق المرض). وجنب الله أطفال اليمن هذا الداء الخطير.