بحثت عنك في سماء إنسان محطم من بلدي اليمن ورفاقه وعالمه الأكبر وربى أرضه وتاريخه وأقصى حدود المكان والمحتوى والزمن دنوت منه أكثر فأكثر ,فلم أجد لك إلا بقايا أشلاء مبعثرة . قطع متفحمة . متعفنة حللت بوحل آراء وسلوكيات وفتاوى وتصرفات المسؤولين الوحشية التي استعارتها البشرية من عالم الوحوش الضارية. ففي تلك الزوايا استوقفتني رحلة البحث عنك في الطوابير البشرية التي تتزاحم خلف أبواب مكاتب المسؤولين بملفاتهم التي تدب فيها روح الحق وبراهين الحقيقة وتنبض في كل فقراتها وجزئياتها وتفاصيلها والمكونات يشرق بنورها الحرف وتتباهى العبارة بسلطانها والوضوح وعزتها والعظمة إلا أنها وللأسف وبرغم متانتها والقوة تموت مخنوقة على صدر الورق . ولا ريب في ذلك!فهناك المعايير متنوعة وذات أهداف واتجاهات ومسارات مختلفة! وهناك تموت روح الحق بصرخاتها العائمة في بحور التجاهل وأصقاع المحيطات المظلمة بأليات الظلم والتمييز واللامبالاه والإهمال,تموت باستغاثاتها الرافضه للإمتهان المطالبة بفك الأسر وإنهاء القيود تموت على زنزانة السطور والحلم يداعب أنفاسها الأخيره برؤية النور لا ذنب لها ولاجرم سوى أنها أقترنت بالبؤساء وعالمهم الغريق بهموم البحث عن أدنى مقومات البقاء.عالمهم البعيد البعيد المتصحر الخالي من كل معالم الرفاهية وحصون المال والمناصب والسلطه,الغني الخصب الثري بأنهار الدمع التي تغرق بها طموحات المظلومين وتحرق بها الوجوه البائسه بأثارها التي تترجم حجم القهر وضخامة الألم وقلوبهم المدمرة بسلاح التهميش والسلب والنكران وأحلامهم المتطايرة فوق حطام الحق ومقبرة الضمير ومنفى الإنسانيه ومناجاتهم الخافته الطامعه بالنهوض واليقظه وتحرير الأفكار المكبلة بقيود الرشوه والفوضى وسلاسل الواسطه وأقفال المحسوبية المجتمعه في أسواء حظيرة تعذيب كونية صممت على تربة وطن لتقتل أبناء الوطن! فإين أنت أيها العدل ؟,اين أنت أيها المنقذ؟ لقد أظنتنا رحلة البحث عنك ,فنحن بإنتظارك لتقتحم النفوس العاجزه وتبعيتها العمياء للمصالح والأهواء ولتفض مجامع الطغاه وقلوبهم القاحله ولتشهر سيفك بوجه الظلم بلاتردد فأنت القوة والثبات ولا شك في ذلك فقد ولدت من رحم الإسلام ويا للحسرة أنت اليوم غريب في أرضك قريب عزيز غالي وحبيب في قلب أمة أخرى لاتمت لك بصله قدستك حرفاَ حرفا أعتنقتك فعلاً ومضموناَ وشكلا فعانقت سحب السماء تطويراً ومجدا فعذراً عذراً عذرا ... .. ... فهل ستعود إلى أرضك ؟قد سمعنا كثيراَ عن جمالك الرباني وثروتك الفكرية الهائلة وسحرك البديع وعراقتك والأصاله ومبادئك العظيمه التي تشرق بها فجر الأمه ,فهل يوماً ياترى ستغرم بك حياة البشر وستختارك أنت كشريك أبدي تتباهى بك إقتراناً وانتسابا وفي مملكة الحب وقدسيته العظمى ستنجب الحياة عدلاً وحقا وازدهارا وانسانيه ورقيا وضميرا؟فكل الخوف من أن تهيم بك حياة الوحوش قبل حياتنا البشرية وتحتكرك لها فقط وتصبح انت لها قانوناً ودستورا ومبدأ وتستبدل سلوكياتنا كبشر بشكل كلي بسلوكياتهم السابقة على الإرتباط!