هل تعلم أسرته بذلك ..؟ وكيف يتم السماح له القيام بذلك ؟! ..أسئلة تحدثت بها نفسي , لدى مشاهدتي ذلك الفتى الأسمر بجسده النحيل , يتأبط جهاز الكمبيوتر قبالتي بأحد مقاهي النت , بعينين مفتوحتين عن آخرهما وقد استحضر مقاطع فيديو أخجل الإفصاح عن المشاهد التي تضمنها ؛ أقل ما يقال أنها أدنى الابتذال والوقاحة.. .. بعد أن كانت الرفقة السيئة في الشارع , انتقلت اليوم إلى نطاق الفضاء الافتراضي داخل أروقة ما نطلق عليه مقاهي النت ,والواقع أن غالبها أقرب ل«الزبالة » في الشكل وحتى عند الكثرة من مرتاديها الشباب صغار السن والمراهقين ,هذه الأماكن قد تشكل بؤرة ل« فض بكارة » الحياء والأخلاق لديهم مالم تكن هناك رقابة من نوع ما تحول دون حدوث ذلك ..القلة التي ترتادها للتصفح المفيد وإنجاز مهام وأعمال , تتضايق المكوث بها إذ لا يساعدها أجواء هذه الأماكن على الانشراح والانسجام الذهني , فيكون الضغط النفسي جبرا للبقاء حتى إتمام غرضها.. صديقي حسان يعمل في الإعلام والدعاية , يعمد إلى مقهى نت لإنجاز عمله, قال لي : أضغط على نفسي كثيراً عند دخول هذه الأماكن, إنها سيئة للغاية لكن ما العمل, مكره أخاك لا بطل, فأنا ليس لدي نت بالمنزل حتى أتجنب هذه الأماكن! أتصور أحدهم, وهو شاب مراهق , يطلق ضحكات شاذة بصوت يسمعه الجميع بالمقهى, ما يلبث أن دخل في حديث عبر الشات بنفس الصوت المسموع, متحدثا لفتاة ألتقطها عبر رابط الفيسبوك , برغم إكتضاض المكان الهادئ باستثناء هيامه الخادش للحياء, .. في الجوار ثمة صبي مراهق , أظنه في ال 14 من العمر استرقت النظر إلى شاشة الجهاز الذي يعمل عليه, ريثما تجهز إعدادات الجهاز الخاص بي للقيام بطباعة مادة صحفية, كان الفتى منهمكاً بالفيسبوك, عند سؤالي له عما يطالعه , أجاب : لدي صداقات فوق التصور, ذلك لأنني أراسل باسمي كفتاة.. لقد انهمرت علي عروض طلب الصداقات من الكثير.. أتعامل معهم هكذا, أضحك عليهم لا أكثر.. في نفسي وقد تحسرت للأمر, قلت: تضحك عليهم أم تضحك على نفسك, لا أدري.. سألته مجدداً: تقمصك لدور أنثى للتراسل, هل تظنه أمراً طبيعياً ؟! أجاب بسخرية: عادي ..كله تضييع وقت..! دراسة إحصائية نفذتها إحدى الجهات حول المواضيع الأكثر تداولا في مقاهي الأنترنت بأمانة العاصمة , أشارت إلى أن النسبة الساحقة فوق 85 % تقريبا من المستخدمين , كانت تدور حول مواضيع خادشة للحياء !! في الثمانينات كانت دور السينما, وفي التسعينيات محلات ألعاب الأتاري ..أما الآن فهناك مقاهي النت كوسيلة أخطر في استلاب الحياء وهدم أخلاق الشباب وصغار السن , وطالما ظل دور المنزل منعدما, ودور المدرسة وجهات التثقيف والتوعية صفراً على الشمال فإن الخطر سيرتفع وستكون الضريبة المدفوعة أكبر في صفوف ضحايا هذه الظاهرة من أبناء هذا الجيل .. سألت فضيلة الدكتور عبد الرحمن الخميسي المحاضر في علوم الشريعة والفقه بجامعة صنعاء عن رؤيته لهذه المشكلة وكيف يمكن حماية الشباب وصغار السن من ضررها ,أجاب: المفروض أن تكون هناك رقابة من الجهة المزودة لخدمة الأنترنت بحيث تقوم بحظر دخول المواقع المخلة بالآداب والأخلاق, لكن أعلم أن هناك محترفين من المستخدمين يخترقون الحظر بالتالي هناك مسئولية على أصحاب مقاهي الأنترنت للقيام بالدور الرقابي الذي يحد من المشكلة , ويفترض أن عليهم منع اختلاط الصغار بكبار السن داخل هذه الأماكن فالمسألة تحتاج للتنظيم وذلك درءاً للمخاطر فهذه الأماكن قد تفسد الصغار وقد يتم استغلالهم وإقحامهم في الإجرام ..من منطلق عام يمكن النظر للأنترنت أنه سلاح ذو حدين, ذلك كيفما أراد المستخدم ...من الواجب توعية الشباب على الاستخدامات النافعة للفرد والمجتمع وليس كما الحال الموجود, هذه الوسيلة باتت تروج لثقافات بعيدة عن قيمنا وثقافتنا الإسلامية فالتنبيه لهكذا خطر أمر مهم, كما أن غياب رقابة الأسرة تجعل الصغار ينزلقون ليس على مستوى ما يطالعونه بالنت ولكن على مستوى الضرر من تواجدهم داخل المقاهي التي يرتادونها, بالتالي لابد من تفعيل دور الأسرة للمتابعة والرقابة على الأبناء .. للموضوع بقية العدد القادم