البشر بقراراتهم وسياساتهم وقوانينهم وأعمالهم هم الذين يخلقون التغييرات الاجتماعية وهم الذين سيغيرون العالم، وتقنية المعلومات مجرد أداة فقط, ومن التضليل وصف البشر بأنهم ضحايا عاجزون على طول الخط أمام فيضان تقنية المعلومات، لاسيما أولئك الأطفال العاجزين عن إدارة سلوكياتهم وأخلاقهم بمفردهم دون رقيب ومتابعة، فالطفل يواجه تحديات حقيقية تؤثر على نمط حياته ومستقبله، والحديث عن “أطفال الإنترنت” هو من قبيل التخطيط للمستقبل القريب، هذا المستقبل أصبح واقعاً في أجزاء كبيرة من العالم، ولأن هؤلاء الأطفال جزء من هذا المجتمع يتأثرون بما هو موجود في بيئتهم، وجب توعية الآباء والأمهات بتأثير استخدام هذه التقنيات؛ لأن المنع في هكذا حالة لا ولن يجدي؛ بل ويعد أمرًا صعباً للغاية.. سلاح ذو حدين يقول محمد القهالي: النت سلاح ذو حدين بالنسبة للكبار حيث يسهل التفريق بين الخطر والفائدة، وترك هذا السلاح في يد الطفل دون رقيب فقد يستخدمه لإيذاء نفسه، وعلى مقاهي النت أن تتخذ بعض الإجراءات بالنسبة للأطفال، مثل تحديد أوقات محددة لا تتجاوز الثامنة مساء مثلاً, كذلك الأسر أيضا عليها أن تراقب الأبناء، وتوجههم التوجيه الصحيح.. - كما يرى القهالي بأن استخدام النت بدون شك مواكب للعصر, لكن الإدمان عليه يصبح مرضا، وهذا لا يعني أن نمنع الأطفال من استخدام النت والألعاب وغيرها، بل نتخذ أسلوب الترشيد والتقنين للوقت والطريقة والكيفية ونوعية البرامج. مواد جاهزة من جهته خالد الضبيبي ينظر بعين الأب الفاحص.. فارتياد محلات الإنترنت من قبل الأطفال -حد وصفه - من الأمور التي تبعث على القلق خاصة مع غياب دور الرقابة الأسرية أو رقابة الجهات المختصة، خاصة مع ما تحويه الشبكة العنكبوتية من عوالم مفتوحة فيها الجيد وفيها ما دون ذلك، مما لا تستوعبه عقول هذه الفئة من مرتادي هذه المقاهي للتمييز في ما ينفعهم وما يتناسب مع أعمارهم, ومن هنا تكمن الخطورة في تعاطيهم مع بعض المواقع المشبوهة التي تتعارض مع ما يعتقده مجتمعنا من قيم دينية واجتماعية وثقافية، والتي قد تؤثر في سلوكه وفكره سلبا. - يضيف الضبيبي: بعض هذه المقاهي قد تخصصت في تقديم بعض المواد الجاهزة من أفلام أو ألعاب لا تحتاج لأي اتصال بالإنترنت وأهم عامل لدى مالكي هذه المقاهي في انتقاء هذه المواد هو الحصول على مزيد من الأرباح المادية دون الاهتمام إلى ما قد تحويه من رسائل هدامة لثقافة الطفل، مضيفا: أن من الجوانب السلبية لهذه الظاهرة هو إدمان الأطفال لها على حساب دراستهم وتحصيلهم العلمي، ويمكن أن نلاحظ ذلك عندما نجد بعض الطلبة يتوافدون على هذه المقاهي بزيهم المدرسي في الوقت الذي يظن أولياء أمورهم أنهم في مدارسهم، وكذلك قد تشجع هذه المقاهي على ذلك من خلال ما تقدمه من تخفيضات خلال الفترة الصباحية التي يقل فيها مرتادوها موضحا أن حماية الطفل من مخاطر «الإنترنت» مسؤولية الأسرة والمجتمع. مستدركاً: وهذا لا يعني أن نمنع الأطفال من الولوج إلى عالم الشبكة العنكبوتية ولكن يفضل ان يكون ذلك ضمن إشراف المنزل والمدرسة وبما يتناسب مع تنمية معارفهم ومداركهم وبما يحقق التطور لهم في مسايرة العصر والانطلاق بهم لآفاق المستقبل. خطيرة جدا يقول مجاهد الجبري: أنا أعتبر هذه الظاهرة خطيرة جدا إذا لم تكن تحت إشراف ورقابة من لهم الحق في ذلك باعتبار بادرة جديدة وخطيرة على مجتمعنا العربي, فبقدر ما هي تواكب العصر بقدر ما لها من تأثير سلبي على الأطفال من حيث ضياع وقتهم في مقاهي الإنترنت وعدم الاهتمام الجاد في متابعة دراستهم مما يؤثر سلبا على مستقبلهم العلمي والثقافي والوطني، وكما يعرف الجميع مواقع الإنترنت تحتوي على السيئ والحسن، والأطفال كما نعرف يحبون الاطلاع على كل شيء، فالأطفال سرعان ما يتأثرون بما يشاهدونه أو يسمعونه، وإذا لم يوجد من يشرف عليهم فقد ينحرفون عن ما هم عليه من تربية وأخلاق وعادات وتقاليد حسنة. واقع لا يمكن تجاهله مقاهي النت واحدة من مفردات الثورة التقنية وإحدى وسائط المعرفة وتجليات العولمة وهي من حيث المبدأ وسيلة محايدة, لكن الخطر يكمن في استخدامها السيئ من قبل الشباب بسبب تدني مستوى الثقافة، والعديد من الشباب المستخدمين لشبكة الإنترنت يعلمون أن بوسع غيرهم أن يتعرف عليهم فيما لو استخدموا أجهزتهم الشخصية. - هكذا ابتدأ خالد العلواني (صحفي) حديثه، وأضاف أيضاً: عادة يقبل الشباب على مقاهي النت لقتل فراغ البطالة والهروب من رقابة الأسرة والاستفادة من متاح النت شبه المفتوح في المقاهي للانفتاح على العالم الخارجي، وبناء صداقات جديدة والالتقاء بالأصدقاء القدامى، وفي كثير من الأحيان تقدم المقهي خدمات إضافية مرافقه كالشيشة لجذب الشباب.. ومن هذا المنطلق أصبحت مقاهي النت واقعا لا يمكن تجاهله أو إلغاؤه بل ينبغي أن تتضافر الجهود في سبيل ترشيده وتعزيز الفوائد التي تتاح من خلاله كالبحث العلمي، والبريد الإلكتروني، ومواقع التواصل الاجتماعي، والاطلاع على الكتب الحديثة والمكتبات العالمية الضخمة، وجديد الأخبار، وبشيء من التوجيه والإرشاد و التوضيح، يمكن أن نستفيد من هذه الآلة ونحفظ أبناءنا من المخاطر التي يمكن أن تأتي من خلالها كالتفسخ والرذيلة. بلا ضوابط يرى صادق الروحاني أن تواجد الأطفال في مقاهي الإنترنت بلا ضوابط ولا محددات تضييعا للوقت والجلوس مع المدخنين وربما البعض من الحاضرين من أصحاب الانحرافات، فيه خطر على الأطفال على أخلاقهم وسلوكهم.. - ويتساءل: ما معنى أن يظل طفل أو مراهق من 2 - 4 ساعات؟! فقط لتضييع الوقت, يقول دخلت مرة إلى إحدى مقاهي النت وخرجت وأنا مريض بسبب التدخين إضافة إلى وجود شباب أشكالهم وثقافتهم عجيبة.. وإذا كنا نخاف من النت ونحن في هذا العمر فما بالك بطفل من حوله رفقاء سوء!؟ - عبدالرقيب الحرازي يقول: لقد ازدادت هذه الظاهرة وخاصة في سن الأطفال المراهقين من بعد سن 15 عاما ذكور وإناث وخارج رقابة وسيطرة الأسرة والمجتمع وهذا قد يسبب نوعا من الانحراف الفكري والخلقي والجنسي، موصيا بفرض رقابة على المقاهي من قبل مكاتب الثقافة والشرطة والإعلام والتربية والتعليم والمجالس المحلية. مخاطر بلا حدود توصلت إحدى الدراسات الحديثة إلى أن الإنترنت يضعف شخصية الطفل، ويجعله يعاني من غياب الهوية، نتيجة تعرضه للعديد من الأفكار والمعتقدات والثقافات الغريبة على المجتمع، يتعرض الطفل إلى متلازمة الإنهاك المعلوماتي وذلك بسبب كثرة المعلومات التي يتعرض لها وعدم قدرته على التأكد من صحتها. كما يؤثر الإنترنت على علاقات الطفل الاجتماعية والأسرية؛ حيث يقضي الطفل ساعات طويلة على الإنترنت يومياً، مما يجعله ينفصل إلى حد ما عن الآخرين، يساعد الإنترنت على زيادة العدوانية في سلوك الأطفال وذلك بسبب ممارسة الألعاب العنيفة أو مشاهدة الصور والأفلام التي تروج للعنف، ويؤثر الإنترنت في سلوك وأخلاقيات الطفل، فالإنترنت يتيح له ألعاب قد تؤثر على الطفل أخلاقيا كلعبة القمار، ويسهم سلباً في تفكير الطفل وشخصيته، من خلال انتشار مجموعة من المواقع المعادية للمعتقدات والأديان، وكذلك المواقع الإباحية والتي تؤثر مشاهدتها في السن المبكرة ليس فقط على نمو فكر الطفل، بل أيضا على سلوكياته وتصرفاته مع الآخرين.