أطلعت على وثيقة في كتاب صدر مؤخراً للعميد الركن عبد القوي طاهر الأصبحي هي عبارة عن رسالة من الصانع الأول لقضية الأحرار اليمنيين التي كانت في أربعينات القرن الماضي الأستاذ أحمد محمد نعمان إلى ابن عمومته الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب نعمان الصانع الثاني لدحر حصار السبعين يوماً لحصار صنعاء بجانب قائده الأول الفريق حسن حسين العمري.. أثناء أحداث أغسطس الدموية 1968م.. وهذه ليست المرة الأولى التي أتناول فيها مثل هذه الوثائق للأستاذ النعمان فقد سبق لي الخوض في مرات سابقة في ما تركه لنا من تراث متنوع تتوارثه الأجيال بعد الأجيال. وقبل الخوض في موضوع هذه الوثيقة أي الرسالة.. لابد من أن أنوه إلى لقب الاثنين وهو النعمان وهو ليس صحيحاً.. فأصل الحكاية أن مواطن يمني أرتحل من أرضه في وادي بنا اسمه علي البنا.. وانتقل من هناك إلى ذبحان في قضاء الحجرية في لواء تعز وعاش ورزق بأولاد من الذكور والإناث ومنهم نعمان وعبد الكريم. فالأستاذ احمد محمد نعمان من نسل الأول نعمان.. والآخر عبد الرقيب من نسل الأخ الثاني له عبد الكريم ولذا فاسم الشهيد هو عبد الرقيب عبد الوهاب أحمد قاسم.......عبد الكريم علي ألبنا. واسم الأستاذ هو أحمد محمد......نعمان علي ألبنا. وبالتالي اللقب المشترك بينهما كعائلة واحدة هو البنا وليس نعمان. ونعود إلى الوثيقة أي الرسالة التي عبر فيها الأستاذ النعمان الكثير من الحكم المأثورة والمواعظ الحسنة والنصائح الصادقة في نهاية عقد الستينات من القرن الماضي إلى أبنائه وإخوته من اليمنيين الذين ينطبق عليهم وصف الإخوة الأعداء. الصراع الذي ساد في الماضي ولا يزال سائداً في الوقت الراهن ليجنبهم ويلات الحروب بآلامها ومآسيها والتداعيات الخطيرة من حمل السلاح واستخدامه في تلك الحروب.. بالأمس كان ما يعرف بأحداث أغسطس الطائفية، ومحصورة بصنعاء، وبأسلحة خفيفة. اليوم وفي الوقت الراهن توسعت على أكثر من رقعة في الأرض اليمنية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها وفي كافة المدن اليمنية. اليوم يتكرر المشهد السياسي ولكن هذه المرة بوتيرة كبيرة وفي أكثر من منطقة ومع تنوع الأسباب فلم يعد طائفياً فقط كما كان في الماضي. وكذا تغذيته من فرقاء الخارج لتصفية حساباتهم وتحت شعاراتهم على حساب الدم اليمني. فقد أصبح الأمر شائكاً ومعقداً بين كل الفر قاء السياسيين في الساحة اليمنية ولم يعد مقتصراً على الخلاف والشقاق السياسي و إنما بحمل السلاح فيما بينهم وكل طرف على الآخر يوجه سلاحه. فإذا كان بالماضي مقتصراً على السلاح الخفيف. اليوم أصبح واسعاً وامتد إلى السلاح الثقيل من دبابات ومدافع...الخ والذي لا يكون إلا في أيادي الجيوش التابعة للبلدان. وبهذا الصدد فالأستاذ النعمان يقول لابن عمه الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب ( كما احذرهم ألا يغتروا بالسلاح ولا يحاولوا تحدي إخوانهم وزملائهم السابقين الذين احتكروا السلاح. فإنهم سيثيرون العصبيات القبلية والنعرات الطائفية ويعرضون أنفسهم للانتقام من ذوي المصالح والمكاسب ). هذا جزء بسيط مما جاء في هذه الرسالة التي سيجد فيها القارئ الكريم أكثر من حكمة مأثورة وموعظة حسنة ونصيحة صادقة موجهة إلى الفرقاء اليمنيين. الرسالة كتبت منذ عدة عقود مضت وبالتحديد 46 عاماً، منذ نهاية عقد الستينات من القرن الماضي، لكن لو تمعن فيها كل من اطلع عليها كلمة كلمة سيجدها وكأنها موجهه إلى كل الفرقاء السياسيين الحاليين على الساحة اليمنية وكأن الأستاذ النعمان بعثها إليهم اليوم من قبره يناشدهم فيها بتفادي الصراع وبالذات الصراع الدموي ونزع وسائله ألا وهي الأسلحة. كما أنها قد تطرقت إلي مسألتي الانتخابات والدستور اللذين هما من أهم المنجزات التي سوف يتم إنجازها في هذه الفترة الانتقالية. فالأستاذ النعمان يقول بهذا الصدد ( أنكم لن تستطيعوا أن تحققوا لليمن سعادة ولا استقرار أو حتى تحررها من الارتزاق بالسلاح......) وأنا بدوري أناشد هؤلاء الفر قاء - وخاصة من في أيديهم سلاح سواء كان من المعيار الخفيف أو الثقيل ويمتلكون مليشيات مسلحة - وفي مقدمتهم قادتهم أن يتمعنوا في كلمات وعبارات هذه الرسالة الهامة عبارة قبل غيرهم حتى يعرفوا جادة الصواب وتغليب المصالح العليا للبلاد على المصالح الشخصية والحزبية وقبل فوات الأوان . فاليمن لم يعد يحتمل المزيد من الفتن والقلاقل والمحن والمصائب والحروب المدمرة التي قد سئمها الشعب اليمني. والتي أثرت على اقتصاد البلاد والعباد وجعلت حياتهم كل يوم نكد في نكد، لدرجة استحسان المقولة التي تقول رحم الله النباش الأول . فما نجده في الآونة الأخيرة مما تتداوله الصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية بكافة أطيافها السياسية من أخبار مفبركة وتبادل الاتهامات فيما بينها والتي تدعو إلى التحريض والإساءة وخلق الشائعات والأكاذيب والأخبار الملفقة كل منها على الآخر لدرجة أنها أصبحت مقززة ولم يسلم منها القيادة العليا للبلاد المتمثلة في فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية، والأستاذ محمد سالم باسندوه رئيس مجلس الوزراء. وهم لا يدركون أصلاً أن النار التي يقومون بإشعالها والمطالبة بتوسيعها في أكثر من مكان سوف تطالهم وتدمرهم أولا قبل غيرهم. فالأستاذ الزميل السفير أحمد على كلز عضو لجنة الحوار الوطني كان قد أشار إلى هذا الموضوع في مقابلة تليفزيونية مع قناة سبا في الأيام القليلة الماضية بما معناه وهو قد أبدى أسفه لعدم مواكبة الإعلام بكافة أطيافه لمخرجات الحوار الوطني كموضوع وطني يستحق الاهتمام لأنه موضوع الساعة وبدلاً من أن تقوم بذلك، تركز على المناكفات والخلافات السياسية ويدلل على ذلك على أن أكبر قوتين سياسيتين وهما المؤتمر الشعبي العام والإصلاح هما من يقفان أمام تنفيذ تلك المخرجات وعرقلتها. فأعينوا هذه القيادة علي تجاوز المشاكل والصعاب بدلاً من أن تجعلوها تعاني هي نفسها ووحدها منها بدرجة أولى والتي سيكون لها آثارها السلبية والمدمرة على البلاد. دعوا السفينة تسير إلى بر الأمان في هذه الفترة الانتقالية التي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي قد تطول هذه الفترة أو تقصر المهم النجاح لها ولمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل. فهذه المخرجات، والتأييد الإقليمي والدولي، المتمثل في المبادرة الخليجية وآلياتها المزمنة، وقرارات مجلس الأمن الدولية 2014 لسنة 2011م و2051 لسنة 2012م و2140 لسنة 2014م والأخير المتضمن استخدام الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي يجيز للمجلس باستخدام كافة الوسائل بما فيها القوة لتنفيذ قراراته. هي الطريق الأمثل لخروج اليمن منتصراً من النفق المظلم الذي ينتظره والذي قد بدأ متمثلاً بما يجري في الوقت الراهن من عنف مسلح واغتيالات شبه يومية على الساحة اليمنية . فإلى الرسالة: