يظن الكثير منا أن الطفل لا يفهم معنى الاحترام و لا يشعر به مما يدفعنا إلى سهولة إهانته اللفظية و البدنية ولا نجد أي حرج في ذلك ؛ لأنه طفل لا يفهم ولأننا نربيه، و مع الإهمال يظهر أثر هذا الإهمال في شخصية لا تحترم الآخرين ولا تحترم مشاعرهم بالإيذاء اللفظي و البدني، فنجد الأم تشتكى من أن ابنها يضرب أخواته أو أصحابه.. و يعضهم و يؤذيهم ..يأخذ أشياءهم.. يسبهم.. يتعامل بعنف معهم. وقد تشتكي من انزواء الطفل و ضعفه.. يضربه أصحابه فلا يدافع عن نفسه.. يسبه الآخرون فلا يحرك ساكناً ..ضعيفاً بليداً لا مبالياً، وهذه نتائج عدم الاهتمام بمشاعره، و إيذائه المستمر وعدم احترامه فيكون رد فعله شخصية انفعالية منتقمة أو شخصية منزوية تفضل الانعزال حتى لا تتعرض لمزيد من الأذى، الطفل يحتاج إلى الاحترام أكثر مما يحتاجه الكبير.. لأن الكبير لديه من العقل ما يجعله يتقبل بعض الإهانات البسيطة والتي يعلم أنها غير مقصودة من أحب الناس إليه كوالديه مثلاً.. لكن الطفل لا يعلم ذلك؛ لان عقله لم ينم بعد و بالتالي وقع الإهانات والأذى النفسي قد تكون أكبر من وقعها على الكبير العاقل البالغ. يحتاج الطفل إلى الاحترام حتى ينشأ إنساناً محترماً في ذاته (بفتح الراء) محترماً لغيره (بكسر الراء) وذلك عن طريق: - احترم شخصيته و تفرده عن غيره فلا تقارنه بالآخرين من أقرانه.. أصحابه أو أخوته.. فالمقارنة كما هي مؤذية لك فهي تؤذيه أيضاً. - احترم شخصيته بسلبياتها (القبول): لا تعايره بعيوبه و أخطائه فهو طفل من حقه أن يخطئ كي يتعلم بالتجربة. - احترم عقله و فهمه للأمور حسب عمره، فلا تسخر من أفكاره و كلماته و أسئلته البسيطة. - احترم مشاعره و أحاسيسه و تعامل معها بجدية فلا تتجاهل غضبه و لا تقلل من قيمه مشاعره، و لا تهمل فرحته و سعادته. - احترم لغته و ألفاظه و طرق التعبير عن ذاته ولا تهزأ بطريقة نطقه للكلمات أو بأسلوب كلامه كالتاء تاءة مثلاً. - احترم قدراته وإمكانياته فلا تكلفه مالا يطيق و لا تقلل من حجم ملكاته ومهاراته. - احترم أشياءه و ملابسه و لعبه فلا تتعامل معها وكأنها ملك عام؛ بل استأذنه إن احتجت شيئا منها. - احترم شكله و ملامحه ولا تسخر منها. - احترم رغباته و حاجياته بأن توافقه عليها وتناقشه فيها ولكن لا تسارع إلى تلبية أية رغبة إلا في حدود المعقول والمقبول. - احترم علاقاته و أصدقاءه فلا تسخر منهم و لا تكن دائم النقد لهم و العيب فيهم. - احترم مدرسيه و مدربيه الذين يحبهم، فلا تذكرهم أمامه بما يكرهه. - حاول أن تتعامل مع طفلك كإنسان محترم تقدره و تحترمه حتى ينشأ كما تريد. وإليك بعض السلوكيات المدمرة لاحترام الطفل لنفسه و لك و للآخرين: - النواهي مع التهديد بدون فهم؛ لماذا هذا منهى عنه. - الأوامر مع التهديد بدون فهم لماذا هذا مأمور به. - النقد الهدام و التركيز على الفشل والأخطاء. - الإهمال لحديثه و الانشغال المستمر عنه، وعدم منحه الوقت الكافي للحديث معه. - العبوس في وجهه بشكل مستمر. - المقاطعة لفترة طويلة. - السخرية من شكله أو تصرفاته أو بعض صفاته و كلماته. - اللمز والتغامز عليه. - التنابز بالألقاب واللقاء القاب ساخرة أو معيبة عليه. - الحديث عن أخطائه أمام الناس (الفضيحة). - الغيبة و ذكر أخطائه وعيوبه للناس، وتعريفه أنك قلت عنه هذا. - السب و الشتم و التجريح و التعيير، الضرب والصراخ وهو من أبشع الإيذاء النفسي، والذي نتهاون فيهما كثيراً. وإليك سلوكيات تساعد الطفل على احترام ذاته، وتعلّمه كيف يحترم الآخرين: - أفصل دوماً السلوك عن الشخصية: لا تقل أنت مهمل و لكن قل: أنت لا ترتّب حجرتك.. لا تتهم الطفل بصفات عامة حتى لا تترسّخ في عقله صورة سلبية عن نفسه. - الطفل غير مسئول عن تحقيق طموحك وتوقعاتك، فلا تكلفه من المذاكرة و الاجتهاد ما لا يطيق، فلكل طفل قدرات. - أعترف باستقلاله و فرديته، فهو ليس صغيراً وليس تافها. - أمنح لكل طفل ما يسعده، واحترم الاختلاف بين أبنائك. - تقبل اقتراحات ابنك و ناقشه فيها: الطفل مبدع يطرح أفكار مبدعة. - تقبل صداقات الطفل، وناقشه حول المشاكل والأخطاء التي تقابله معهم. - قارن بين واقع الطفل و ماضيه ليس بينه و بين الآخرين: درجاتك الشهر الماضي كانت أفضل من درجاتك هذا الشهر. - كلّف الطفل ببعض المهمات التي تتناسب مع قدراته وشجعه و علّمه، كيفية تنفيذها فإن ذلك يعطيه الثقة في نفسه و احترام ذاته. وأخيراً تعامل مع طفلك كما تعامل إنسان كبير في احترامه و تقديره حتى يعاملك بنفس الاحترام والتقدير. فما تزرعه ستحصده بعد حين.