مرة اخرى كانت الأرجنتين على بعد خطوة من التتويج والأمجاد ورفع كأس العالم للمرة الثالثة في تاريخها، لكنها فوتت الفرصة، وأصبحت كهولندا، منتخب جيد لكن يهوى السقوط في المتر الأخير من السباق .. لنقف قليلاً عند هذه الخسارة وما يحدث للكرة الأرجنتينية في العقد الأخير، فهناك مشكلة تبدو أعمق من مجرد الفريق والمستطيل الأخضر وال90 دقيقة التي نراها على شاشة التلفاز .. بدأت هزائم الأرجنتين في المباريات النهائية تتلاحق حتى أصبح الأمر معتاداً ، فبدئاً من كوباأمريكا 2004 الذي خسرته أمام البرازيل بركلات الترجيح بعد التعادل 2-2، ثم تلاه كأس القارات 2005 وكوباأمريكا 2007 أمام نفس الخصم البرازيل 4-1 و3-0 على التوالي، لم يعد مستغرباً أن نرى التانجو مجرد وصيف. تعاني الأرجنتين في السنوات الأخيرة من اتحاد كرة متهم بالفساد والبيروقراطية والموازنة المحدودة، وهذا ما يفسر تعيين مدربين لا خبرة جيدة ولا سمعة ممتازة لديهم. يبدو أن الاتحاد يكتفي بتعيين مدرب لا يتقاضى أجراً عالياً ، فمن بيلسا إلى بازيلي إلى مارادونا إلى باتيستا إلى سابيلا ويتوالى الفشل سنة بعد الأخرى وبطولة تلوى الأخرى ، هل سألنا أنفسنا لماذا لا تعين الأرجنتين مدرباً ناجحاً مثل سامباولي مدرب تشيلي أو تعيد بيكرمان الذي اكتسب خبرة الآن؟ نأتي إلى مسألة أخرى، وهي الإعلام ، عادة ما نرى التوتر واضح جداً على لاعبي الأرجنتين في المباريات الحاسمة، ولم تكن مباراة الأمس أمام ألمانيا استثناء. إهدار مهاجمي الأرجنتين للفرص السهلة التي أتيحت خير دليل على هذا التوتر .. يقولون أن غياب دي ماريا أفقد الحلول، لكن الواقع يختلف مع هذا، فقد وجدت الفرصة السهلة لكن أهدرت بسبب التوتر ، يفشل الإعلام الأرجنتيني كل مرة في تحضير لاعبيه وتخفيف الضغط النفسي عنهم، فقد كان الأولى بالصحف الأرجنتينية استغلال فوز ألمانيا الساحق على البرازيل. كان باستطاعتها أن تفرض على الألمان ضغطاً هائلاً وتوهمهم بأنهم سيواجهون كارثة لو أخفقوا، وفي الوقت ذاته كان باستطاعتها أن تبدي تعاطفاً مع البرازيل الخاسرة وتحاول استدرار تعاطف البرازيليين مع الجار ليثأر من الخصم الأوروبي .. ونأتي الآن لبعد آخر، وهو الجدية والتواضع في الوقت نفسه، فعلى الأرجنتين أن تبدأ استعدادها لكأس العالم من بوابة كوباأمريكا ، آن الأوان لمنتخب الأرجنتين لأن يعطي اهتماماً لهذه البطولة التاريخية والتوقف عن الاستعلاء عليها والتعامل معها على أنها لا شيء ، فالبرازيل مثلاً كانت في قمة تألقها في المونديال عندما كانت تهتم بكوباامريكا وتفوز بلقبها، ثم بدأت تتراجع مونديالياً عندما تخلت عن كوباامريكا. من الواضح أن الكرة الأوروبية الآن تتفوق بشكل ملحوظ فلم يسبق لها إحراز كأس العالم ثلاث مرات متتالية وسط اكتفاء المنتخبات اللاتينية، وتحديداً الأرجنتينوالبرازيل، بالتفرج والتصفيق للبطل ، على اتحاد أمريكا اللاتينية أن يغير نظام التصفيات الممل والطويل والذي أضعف من قوة المنتخبات الكبيرة، وجعلها تخوض تلك التصفيات بلا اكتراث لأنها لو خسرت عدة مباريات لم يؤثر ذلك كثيراً على تأهلها ، يجب أن تترك العودة إلى نظام المجموعتين الذي تجد نفسك فيه مهدداً بالخروج لو خسرت أكثر من مباراة، مما يجبرك على البقاء جاداً ويقظاً كما هو الحال بالنسبة للأوروبيين الذين لا يعرفون الاستهانة بأي خصم وأية مباراة نظراً لأهمية كل نقطة في منافسات المجموعة الخماسية وحتى السداسية. لكن ماذا تقول للجشع والسعي وراء زيادة عدد المباريات وبيع المزيد من الحقوق.