الحب هو سر الحياة وجمالها وبريقها, وهو عاطفة إنسانية سامية وهو شلّال من النور يضيء نفس من يحمله ويمارسه في حياته.. بدون الحب تظل الحياة جدباء موحشة, بدون الحب تفقد الحياة طعمها الحقيقي, فإذا تلاشي الحب الصافي النقي من النفوس ومن القلوب تذوب معه وتسقط كل القيم والمعاني الإنسانية الجميلة.. يختلف الناس في إحساسهم وفي تعبيرهم عن الحب, وفي رؤيتهم له , ويوجد في الناس من تخلو نفوسهم من ومضات الحب وإشراقاته الوجدانية فتبدو حياتهم ظلمة حالكة ملفوفة بالسواد والقتامة.. ولنفتّش عن الحب كحالة إنسانية عامة ولكننا سنبحث عنه في قصائد شعراء الأغنية اليمنية لنرى كيف يتعامل الشعراء مع الحب وكيف ينظرون إليه ويعدونه بُعداً عاطفياً وإنسانياً وفلسفياً هاماً في الحياة.. فهناك من يرى ان الحب يصنع الأعاجيب ويقلب كيان العاشق المُحب رأساً على عقب, فالحب في بعض الأحيان يفعل مالا تستطيع فعله أكبر قوة في الدنيا.. بل يراه البعض حاكماً ووالياً لا تُعصى أوامره.. هذا المعنى الأخير يتضح من خلال بعض مقاطع من قصائد غنائية للشاعر القدير الأستاذ - عبدالله هادي سبيت. فقد عرف الحب وأشار إلى تأثيره على صحة العاشق الجسمية والنفسية معاً في صور بديعة قلّما تجد مثيلاً لها في الروعة لدى بقية شعراء الأغنية اليمنية.. فمن ذلك هذا المقطع الغنائي: الحُب ماله سرْ كذّاب ما يقدرْ ذي حب في كتمانْ يمشي وهو يهمر وان ما صرخ ينشر يجري قفا دومانْ الحب كم يُسكرْ حالي وأصله مُرْ يا فرحة السكرانْ ويقول في مقطع آخر: هل ترى ذلّي ويأسي كم أذاب الحب نفسي واسكبي اللوعة والأشجان قد نما في الحب غرسي أين من ذا اليوم أمسي ثانية تُطوى بها ازمان بين أقلامي وطرسي في الهوى هيأت رمسيقصّتي للحب ديوان وهذا مقطع من قصيدة أخرى يقول فيه: الحب حاكم ووالي والقلب ياذا سفيره بامشي مع الخل ساعة باقطع بها الكون سيره من الفرح طار قلبي ركّب جناحه نشيره إلى ان يقول: الحُب من سهم لحظك ياخل يُرسل بشيره الحُب جيشه جفونك والآه مني نفيره يامن لطلعة جبينك تكشف شموس الظهيره أما شاعرنا المبدع عبدالله عبدالوهاب نعمان “ الفضول” فهو يرى أن الحب إشراقة القلوب في ليل الحياة الدامس, وقد جعله الفضول أغنية تردّدها كل الشفاه فقال: يا حب يا ضوء القلوب البيض في ليل الحياه يا حب حبّيتك..وشلّ القلب من فجرك نداه يا حب يا تسبيح وجداني وروحي للإله يا حب غنّيتك وخلّيتك على كل الشفاه يا حب خالطتك بإيماني وصلّيتك صلاه أما الشاعر الغنائي “صالح نصيب فيرى ان الحب يسمو فوق كل الشبهات, وهو شيء ضروري لابد منه ليحيا الإنسان في وئام ومحبة وسلام ..فالحب عنده شعور متأصّل في الجوارح.. شعور متدفق يروي ظمأ الإنسان وجدبه.. إذ يقول: الحب مُش عيب لاولا في الحب ملامة ولاأكاذيب ولاشيء فيه إلا السلامة الحب إحساس بين الجوانح لظاه ممزوج بالدم يجري يسقي عروق الحياه والحب عند الشاعر الغنائي “ أحمد سيف ثابت” هو سر الوجود.. وعلى الرغم مما قد يجرّ عليه الحب من عذاب جرّاء حبه لحبيب هاجر وغدّار إلا أنه لم يكترث لكل ذلك فقد وهب عمره لهذا الحب.. فيقول في مقطع من إحدى قصائده الغنائية: وهبت للحب عمري ........... داريت قلبي بصبري والحب سر الوجود اللي رماني بهجره يصبر على ذا العنود .......... ظلم فؤادي بغدره لابد من يوم يدري وهبت للحب عمري أما الشاعر الدكتور سلطان الصريمي فيرى أن الحب هو أفضل غذاء للروح, ومن يحب تتحول حياته إلى جنة من نعيم تذوب فيها كل ركامات الملل والسأم.. تضيء جوانحه وتشرق نفسه بالأمل المتجدّد الذي لا يخبو ولا ينطفئ.. بل يزداد مع مرور الأيام لمعاناً وإشراقاً .. فيقول: الحب يا ناس قوت الروح حتى الأزل وكل من حب ما شافت حياته ملل من داخل الشوق يلبس رائعات الحُلل يشبع من الضوء يشرب من بريق الأمل أما الشاعر الرومانسي الحالم لطفي جعفر أمان فلم يكن يعرف كنه الحب ولذته وتأثيره. فكان يرسم للحب صوراً متعددة الأشكال والألوان في خياله.. كان يعرف من الحب معناه السطحي الظاهري فقط ، ولا يعرف للحب بداية أو نهاية.. ولكنه عندما غاص في أعماق هذا الحب، وعاش تجربة حب حقيقية وحية أدرك معنى الحب الحقيقي.. ففي قصيدته الغنائية الرائعة “عرفت الحب” التي لحّنها وغناها الفنان محمد مرشد ناجي مقطع يقول: عرفت الحب لمّا الحب منّك أنت جرّبته وكان الحب فيلم جميل من الأفلام شاهدته وكنت أقول أيش الحب وأوّلته وآخرته وقابلتك ولمّا العين أجت في العين وشفت نفسي جسدا واحدا وله روحان عرفت الحب