المناضل الشيخ مقبل عاطف ردفان الحبيلين شيخ مشائخ البكري، ومستشار محافظ لحج لشئون القبائل كانت له صولات وجولات في ميدان النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني والحكم الإمامي المستبد في جنوب وشمال اليمن “سابقاً”.. فهو لا يزال يختزن في ذاكرته أحداثاً تاريخية ونضالية شاركت في صياغة سجلها الذهبي المقاومة اليمنية في الجنوب والتي كان لها شرف مقارعة الحكم الإمامي ومناصريه من الملكيين وفك الحصار عن العاصمة صنعاء.. وغيرها من الأحداث المختلفة.. “الجمهورية” وبمناسبة احتفال بلادنا بالعيد ال52 للثورة السبتمبرية المجيدة.. التقت المناضل الشيخ مقبل وأجرت معه هذا الحوار: طبيعة المشاركة حدثنا أولاً عن طبيعة مشاركة ثوار المقاومة اليمنية في الجنوب لإخوانهم الثوار في شمال اليمن في مقارعة نظام الحكم الإمامي؟ يسرني القول بأننا كنا من أول المشاركين في ثورة 26سبتمبر ضد الحكم الإمامي المستبد والكهنوتي، ولقد انطلقت هذه المشاركة من ردفان وبقيادة الشهيد راجح لبوزة، ولقد كنا حينها ضمن أفراد الدفعة الثانية والتي كانت تتبع الشهيد “لبوزة” ولكنها كانت بقيادة الشيخ مثنى البكيري، ولقد تحركت هذه الدفعة مشياً على الأقدام من الجنوب حتى الضالع وقعطبة وبعدها دخلنا إلى محافظة إب، وهناك استقبلنا العميد حمود بيدر والذي كان آنذاك يشغل منصب محافظ محافظة إب والذي من جانبه قام بتحويلنا إلى محافظ محافظة تعز حيث كان السكري محافظاً لها والذي استقبلنا ومن ثم انطلقت الدفعة بعد ذلك إلى محافظة الحديدة، ومن ثم اتجهت الدفعة إلى منطقة الطور وهناك تم مدنا بالسلاح، ولتنطلق الدفعة بعد ذلك إلى محافظة حجة من أجل محاربة ومقاتلة الملكيين هناك.. ولقد تم السيطرة على حجة وبالتعاون المشترك مع الجيش المصري وذلك بعدما تم دعمه ومساندته من قبلنا للتصدي للملكيين.. فكنا حينها مسيطرين على حجة ومسور حجة. قتال في المحابشة وبعد ذلك أتتنا توجيهات بالانتقال إلى منطقة المحابشة وهناك دارت فيما بيننا وبين القوات الملكية معارك عدة والتي استمرت رحاها ولمدة ستة أشهر والتي انتهت بهزيمة القوات الإمامية ودحرها نهائياً.. ولقد لعب الجيش المصري آنذاك دوراً كبيراً في تحقيق هذا الانتصار، ومن ثم وصلتنا توجيهات بالانتقال مباشرة إلى محافظة المحويت فتمركزت قواتنا في منطقة أحجور الشام “القبلين” حيث كانت بعض من القوات الإمامية متمركزة في بعض مناطق محافظة المحويت.. فدارت فيما بيننا وبين هذه القوات مواجهات ومعارك متفرقة وفي عدة مناطق مختلفة والتي انتهت بالانتصار على هذه القوات الإمامية. العودة إلى الجنوب ويقول المناضل مقبل عاطف إنه وبعدما حققنا انتصارات على القوات الإمامية في شمال الوطن اليمني “سابقاً” قامت ثورة ال14من أكتوبر في جنوب الوطن “سابقاً” وحينها تم استدعاؤنا بالعودة إلى الجنوب و مشاركة المقاومة اليمنية في مقاتلة الاستعمار البريطاني وظللنا في الجنوب حتى إعلان “الاستقلال” وبعد ذلك انتقلت قواتنا اليمنية في الجنوب “سابقاً” إلى منطقة شمسان في عدن والتي بقيت فيها عشرين يوماً وقامت بقطع الطرق عن منطقتنا المعلا وكريتر وذلك بهدف محاصرة القوات البريطانية ومنع وصول الإمدادات إليها.. ولقد انتهى هذا الحصار بتحقيق هزائم نكراء بالقوات البريطانية والتي كانت حينها تتحاور وتتفاوض معنا حول كيف تسلمنا السلطة إلا أن بريطانيا كانت تتماطل في ذلك وكان شرطها في تسليم السلطة هو الموافقة ودونما قيد أو شرط على ضم قوات اتحاد الجيش البريطاني ودمجه ضمن قوات جيش التحرير اليمني ولكن هذا الشرط قوبل بالرفض التام من قبل قيادات جيش التحرير اليمني ولقد كان رد بريطانيا على هذا الرفض هو دعم الجبهة القومية بقيادة قحطان الشعبي.. وأرسلت محمد علي هيثم إلى القاهرة وكان جمال عبدالناصر في ذلك الوقت قد شكل حكومة مؤلفة من خمسة عشر وزيراً في الجنوب وكانت مشكلة من الرابطة والقومية وجبهة التحرير.. وإذ بالأخ محمد علي هيثم يلتقي بالأخ قحطان الشعبي ويتفق معه على أن يقوم الأخير “الشعبي” باستلام رئاسة السلطة في الجنوب وأن بريطانيا سوف تقوم بدعمه وفي نفس الوقت كان عبدالناصر سوف يعلن من إسطنبول في تركيا بتشكيل الحكومة في الجنوباليمني وقبل أن يتم إعلان الحكومة المشكلة قام محمد علي هيثم بأخذ قحطان الشعبي إلى عدن وإعلانه رئيساً للجنوباليمني “سابقاً” ونتيجة لذلك حدثت مجزرة كانت هي الأعظم من مجزرة يناير 1986م وعلى إثرها هرب الكثير من جبهة التحرير من عدن متجهين صوب مدينة تعز واتخاذها مسكناً لهم. التآمر على الثورة في رأيك هل من سبب جعل ثوار المقاومة اليمنية في الجنوب يقدمون على مساندة ودعم ثورة سبتمبر في شمال اليمن “سابقاً”؟ لقد كان السبب الرئيسي لقيام المقاومة اليمنية في الجنوب بدعم ومساندة أشقائنا الثوار في شمال الوطن سابقاً هو ذلك الاتفاق الذي حصل فيما بين إيران والسعودية وبريطانيا والذي ينص على إخماد نيران الثورة في الشمال إعادة البدر ليكون إماماً على اليمن.. ولكن هذه المؤامرة باءت بالفشل.. أضف إلى ذلك أن الجيش اليمني في الشمال كان آنذاك جيشاً ضعيفاً جداً ولم يمتلك الخبرة الكافية في المجال الحربي والعسكري إلا أن الأخ رئيس الجمهورية السابق عبدالله السلال قد قام آنذاك بتكوين وتأسيس جيش نظامي جمهوري إلا أن إمكانياته كانت ضعيفة خاصة وأن ميزانيته في ذلك الوقت كانت تأتي من مصر والتي أيضاً تكفلت بتأهيل وتدريب الجيش الوطني في شمال اليمن “سابقاً” وأذكر أنه عندما قامت ثورة 26 سبتمبر المجيدة فقد كانت ميزانية الدولة اليمنية لا تزيد عن 150 ألف ريال فرنصي وهذا يدل على أن ميزانية الدولة آنذاك ضعيفة جداً وكانت رواتب موظفي القطاع المدني والقطاع العسكري على نفقة جمهورية مصر الشقيقة. حصار السبعين وماذا عن حصار السبعين.. هل كان لثوار الجنوب مشاركات فعلية في فك هذا الحصار..؟ منذ قيام ثورة سبتمبر 1962م في شمال اليمن “سابقاً” والملكيون يقومون بين فترة وأخرى بالهجوم على بعض المعسكرات وقطع طرق الإمداد بل كانوا يحتلون بعض المدن اليمنية في الشمال وبعد انسحاب الجيش المصري انتهزت القوى المعادية لثورة سبتمبر هذه الفرصة لإسقاط العاصمة صنعاء واحتلالها ولقد كانت مستندة على التفوق العسكري وضعف الجيش الجمهوري وذلك من حيث عدد الأفراد والأسلحة الحديثة والقيادة والخبرات الأجنبية.. ولقد كان السائد لدى الملكيين أن الجيش المصري هو الذي كان يدافع عن العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية.. ومن ثم فإن انسحاب الجيش المصري قد شكل للملكيين وضعاً مناسباً لإسقاط العاصمة صنعاء.. والغريب أن الملكيين كانوا آنذاك مطلعين وعلى معرفة تامة بأن دبابات وناقلات الجنود المدرعة والتي كان يمتلكها جيش النظام الجمهوري غير صالحة للعمل ولقد شكلت هذه العوامل للملكيين وفلولهم الدوافع لحصار صنعاء وإسقاطها وعلى الرغم من ضعف الجيش الجمهوري إلا أنه وقف وقفة مشرفة وبالتعاون مع كل فئات الشعب.. حيث تعاونت المقاومة الشعبية مع القوات المسلحة النظامية وشاركت في أعمال الحراسة وتوزيع السلع التموينية وفي القتال أيضاً وأذكر أن الطيران العسكري قد لعب دوراً كبيراً في ضرب مواقع تجمعات الملكيين والذين كانت خطتهم قطع الإمداد والتموين ومهاجمة المواقع العسكرية للجيش الجمهوري والقصف المدفعي على المنشآت الهامة خصوصاً الإذاعة والقصر الجمهوري ولقد قسمت القوات الإمامية إلى أربع محاور تهاجم من جميع الجهات وفي نفس الوقت كانت خطة الجيش الجمهوري هو مواجهة هذا الهجوم.. وأذكر أن قيادة الأركان قامت باستدعاء القوات إلى داخل العاصمة صنعاء وأمرت قوات المظلات والصاعقة بالعودة من طريق الحديدة وإعادة لواء النصر من منطقة “تلا”.. ولقد كان للبطل حسن العمري الدور البارز في انتصار الجيش الجمهوري في حصار السبعين ولقد شهد له قادة الملكيين بجرأته وحنكته ودهائه ولقد لقبه الكثير من المناضلين والذين شهدوا حرب السبعين بأن العمري هو بطل حرب السبعين.. وطبعاً لقد كان لنا شرف المشاركة في فك الحصار حيث إننا قدمنا من الجنوب واتجهنا صوب مدينة تعز وهناك التقينا الأخ عبده العواضي والذي كان آنذاك محافظاً لمحافظة تعز وبعد ذلك انتقلنا إلى منطقة جهران وكان الملكيون مسيطرين على منطقة يسلح ومنتشرين على قمته فلم نستطع اجتيازه بسبب الضرب المكثف من قبل الملكيين مما أجبرنا ذلك على العودة والعبور عن طريق الحديدة مناخة ونجحنا في الانضمام إلى قوات الجيش الجمهوري لفك الحصار عن صنعاء والمشاركة في هزيمة القوات الإمامية وذلك بعدما قتل منا الكثير من الثوار الوافدين من الجنوباليمني “سابقاً”. فضائل المصريين ويقول المناضل مقبل عاطف إنه لولا الجيش المصري لفشلت ثورة 26 سبتمبر في الشمال “سابقاً” حيث وصل عددهم سبعين ألفاً لمساندة ودعم الثوار ضد الحكم الإمامي المستبد .. حيث إنهم وقفوا جنباً إلى جنب معنا في كل المعارك التي كنا نخوضها مع قوات الملكيين.. فقد كان المصريون عنواناً كبيراً وبارزاً في البسالة والشجاعة كما أن معظم أفراد الجيش اليمني والذين كانوا يقارعون قوات الإمامة كانوا جميعهم من الجنوب ذلك لأن جيش الشمال آنذاك لم يتشكل بعد فقد كنا نحن وبمعية الجنود المصريين أكثر تدريباً في مجال القتال ولقد كنا أيضاً مدربين على كيفية التعامل مع مختلف أنواع الأسلحة ولقد كان الهدف من تواجدنا في شمال الوطن اليمني هو القضاء أولاً على النظام الإمامي ومن ثم الحصول على استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني ومن ثم إعلان الوحدة اليمنية ومن أجل تحقيق هذا الهدف العظيم كنا نلقى دعماً من قبل عبدالله السلال وحسن العمري ومن قبل جمال عبدالناصر وأيضاً أنور السادات وفي المقابل كان الملكيون الإماميون يقومون بتوزيع براميل مليئة بالذهب من أجل مناصرتهم والمطالبة بعودة الحكم الملكي الإمامي فمثلاً أثناء ما كنا مسيطرين على حصن المفتاح في محافظة حجة إذ بالملكيين آنذاك يعرضون علينا براميل مليئة بالذهب وذلك مقابل تسليمهم حصن المفتاح فكان ردنا على هذا العرض هو الرفض التام.