أنا بصدد عمل الخطة الاستراتيجية لمشروعي الخاص بالمشاعر. بداية لن أبحث عن أي شيء مادي، ولا عن دعم ولا مانحين، فقط بدأت بالبحث عن الذوات الإنسانية ابتداءً من ذاتي البسيط، الذي بات يشكّل رقماً في المجتمع الصعب.. مضيت نحو فئتي المستهدفة وجدتها أفئدة الناس، أعدتُ دراسة الموضوع مجدداً؛ لتحديد الفئة، فتوصلت من خلال الاستبيانات الوجدانية أن أكثر فئة تستحق مشروعي هي “فئة القلوب اليمنية”، وجدتها عينة جميلة؛ لقياس مدى نجاح مشروعي فيما بعد، وفي نفس البرهة خطر على بالي قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: [أتاكم أهل اليمن هم أرقّ قلوباً، وألين أفئدة]. حينها أدركت بأن المشروع لم يأخذ مني جهداً كبيراً؛ لأن قلوبهم رقيقة وأفئدتهم لينة، مشروعي ليس سوى “مشاعر” وشعرت بأنني موفقة في اختيار الفئة. انتهيت من كتابة المشروع، تبقى لي خانتان فارغتان هما: خانة فريق العمل، والميزانية.. قررت ملئهن بفراغ دامس. بعدها أرى أني لم أكتب أية احتياجات ظناً مني أن الأمر بالسهولة التي رسمتها بتفاؤل وحب، أن بإمكاني تنفيذ الفكرة بمفردي معتقدة أن التجاوب سيكون سهلاً والجميع سيتقبل ثقافة الحب التي هي جزء من مشروعي. الآن وصلت إلى مرحلة الجد، المشروع على وشك التنفيذ، هدفي أن أنقل كل مشاعر الحب، والمحبة والسلام.. كلي أمل أن يتحول اليمن إلى بلد الحب.. داخلي طاقات جياشة راغبة في الحب، وتريد أن تخرج كل مشاعري؛ لتنعكس على أرض الواقع، ويسودنا الحب. عندها وقفت وقفة الحيران من أين أبدأ، ومن أية جهة؟! فجأة وجدت نفسي في الوطن وقد تقسم إلى تكتلات وأحزاب، أرى الشارع بتجمعات وقليلون هم من يسيرون بمفردهم، أسميت الطرق بساحات القتال، أقصد القتال الفكري، الذي بات أقوى من النيران التي تشتعل.. خيام عديدة وشعارات عظيمة يتلوها صوت الأناشيد العالية المنادية باسم كل تكتل بينهم، يعلو دخانُ الوطنَ وسط هتافات غريبة، ومن بين كل هذا قلة من يذكرون اليمن، عدت ثانية لحديث النبي الكريم، وظللت ماشية لعلّي أرى ذوي القلوب الرقيقة، حتى حركاتهم كانت بطيئة، وأناس من المشاة يحيون ويقدسون ويقفون احتراماً للجماعة الأولى وبعضهم للثانية، ومنهم يضربون سلاماً لكل الجماعات التي في الشارع. اقتربت من الجميع وجدتُ أن جميعهم يمنيون، ولكن.. لكلٍّ طريقته وخططه الخاصة؛ للتعبير عن حبّه لليمن، الجميع يظن أنه على صواب، وفي ظل كل هذا في الزاوية المتبقية مركونة تلك الحبيبة ترفرف بعلمها الوطني الجميل وكأنها تقول: أبنائي أنا هنا هل من مُجيب؟ ثم انزاحت عن خططهم وتدابيرهم؛ حتى يتفقوا ويصلوا إلى حل. توصلتُ إلى أن المشاعر لا محل لها الآن، ليس قبل الاتفاق، فلو كانت هناك قلوب ومساحة؛ لتنفيذ مشروعي لما سالت قطرة دم على تراب الوطن، وقررت أن أقف صوب اليمن، وسكانها في تلك الزاوية، رافعة على رأسي شعار المحبة والسلام بجانب العلم، وأحتفظ بمشاعري لمن أحب حتى يأتي زمن آخر لتنفيذ “مشروع المشاعر”.. رفعت الأقلام وجفت الصحف. [email protected]