تراجعُ قيمة الأجور في اليابان بأعلى معدّل منذ 2023    عمليات نوعية في عمق الكيان بالصواريخ والمسيرات    الخارجية الإيرانية تدين العدوان الصهيوني على اليمن    المنتخب المكسيكي يُتوّج بلقبه العاشر في بطولة الكأس الذهبية    الذهب يتراجع مع انحسار المخاوف التجارية عقب تمديد مهلة الرسوم الجمركية الأميركية    الصين ترد على تهديدات ترامب بفرض رسوم إضافية على الدول الداعمة ل"بريكس"    سكان محليون: 8 غارات تهزّ محيط ميناء الحديدة    جنوبيون يطلقون وسم #يوم_الاحتلال_اليمني_للجنوب    حزام يافع يكشف تفاصيل جريمة مقتل الطفل صالح الجهوري ويضبط الجاني    هل سيعاد تصدير النفط اليمني مقابل عودة تشغيل مطار صنعاءفماذا قال خالد العراسي؟    الإعلام الأمني: تسجيل 23 حالة انتحار خلال يونيو ومأرب وتعز تتصدران القائمة    يايسله ومحرز ينضمان إلى الأهلي في النمسا    سان جيرمان يتلقى ضربة بغياب 4 نجوم    ضبط 513 مهاجرا غير شرعيا في عمران    جارسيا.. حفيد مصارع الثيران.. ونجمة هوليوود    خاتشانوف.. أول المتأهلين إلى ربع نهائي ويمبلدون    وثيقة العهد والاتفاق... حين وقّع الجنوب على آخر أوهامه    رسميا.. النصر السعودي يعلن رحيل مهاجمه جون دوران    إسرائيل تشن هجوماً على الحديدة والحوثيون يتصدون "للعدوان"    مصر.. اكتشاف مقابر أثرية تحمل زخارف مدهشة في أسوان تعود للعصرين اليوناني والروماني    "حنتوس" علوَّ في الحياة وفي الممات    ارتفاع حصيلة الفيضانات في تكساس وترامب يعلنها «منطقة كوارث»    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 45)    سريع: تصدينا لجزء كبير من تشكيلات الهجوم الاسرائيلي    صدى كربلاء    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (3)    الجيش الإسرائيلي يعلن انطلاق عملية "الراية السوداء" في اليمن ويشن غارات على الحديدة    بعد 27 عاما من الفراق.. "الجواهرجي" يجمع محمد هنيدي ومنى زكي    من يومياتي في أمريكا .. عذاب القبر في أمريكا    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    قادمة من صنعاء.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 13 ألف قرص كبتاجون عبر منفذ الوديعة    منظمة ترصد اختطاف 51 مدنياً في إب خلال الشهر الماضي    بمشاركة عدد كبير من الأطباء من الداخل والخارج .. تحضيرات لعقد المؤتمر الطبي السابع لطب الأسنان    هروب 20 ألف صهيوني منذ بداية "طوفان الأقصى"    ميسي يستعيد تألقه مع إنتر ميامي في الدوري الأمريكي    إصلاح أبين ينعى الشيخ عبد الله بن علي مشدود أحد مؤسسيه: قامة دعوية وتربوية    خلال فعالية اليوم العالمي للعمل التعاوني التي نظمتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل..    الحكومة تقول إنها أقرت حزمة معالجات عاجلة لأزمة الكهرباء    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عدوك الحقيقي    لا يحق لإمام المسجد رفض أمر ولي أمر المسلمين بعزله من الامامة    مرض الفشل الكلوي (11)    حمى يا بابا... ويل للملاعين من عذاب طفل حرمه الخوف من الظلام وشدة الحر من النوم    دراما اللحظات الأخيرة.. الريال يعبر دورتموند ويصطدم بسان جيرمان    وزير الشؤون الاجتماعية يدشن ورشة تنسيقية لمشروع توزيع 600 الف سلة غذائية    نار الأسعار بعدن تجبر المواطنين على ترك وجبة شعبية شهيرة    من الظلام إلى النور.. #الإمارات تقود شبوة نحو فجر تنموي جديد    مواطن يسلم وزارة الثقافة قطعة أثرية نادرة    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    مسئول حضرمي يرفع دعوى قضائية على فرقة مسرحية لتطرقها للمعيشة المتدهورة    عدن على وشك الانفجار .. دعوات لثورة ضد الفساد    ابين .. قبليون يحتجزون مقطورات وصهاريج وقود ومخاوف من ازمة غاز في عدن    وفاة شابين في حادثتي غرق واختناق بعدن    انطلاق أعمال لجنة تحكيم مسابقة "أمير الشعراء" في عدن برعاية إماراتية    ساير الوضع    ساير الوضع    وفاة أسترالي نتيجة الإصابة بفيروس خفافيش نادر وغير قابل للعلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شبام حضرموت.. مدينة طين تعانق السحاب
نشر في الجمهورية يوم 11 - 12 - 2014

تعد مدينة شبام حضرموت أعجوبة من أعاجيب الفن المعمارى فى العالم؛ نظراً لفرادة طابعها الذى كان ولايزال محط إعجاب من زارها وشاهد بأم عينيه أول ناطحات سحاب فى العالم مبنية من الطين وفقاً لنظام هندسي دقيق توقف عنده الكثير من معماريي العالم. أطلق عليها الغربيون «مانهاتن الصحراء» وسماها أهل اليمن «أم القصور العوالي».. إلى جانب تقليدها لعشرات الأسماء التى جعلت منها أشهر مدن حضرموت «جنوب شرق اليمن» تلامس صحراء الربع الخالى بدثارها المزين بأشجار النخيل وتلامس السحب بتاجها الطيني.
ومدينة حضرموت كما يسميها سكانها تتدثر بتاريخ موغل في القدم كقدم وادي الأحقاف الذي يحتضنها والذي ورد ذكره في القرآن الكريم كما ورد ذكر حضرموت في الكتب السماوية القديمة كالتوراة حيث أطلق على حضرموت في سفر التكوين “حضرمافيث” وتنسب شبام إلى بانيها الحميري شبام بن الحارث بن حضرموت الأصغر بن سبأ الأصغر بن كعب بن سهل من زيد الجمهور، ويرتفع النسب إلى الهميسع بن حمير بن سبأ الأكبر من قحطان ..وقد ذاع صيت المدينة مبكراً حيث وصفها المؤرخ العربي جورجي زيدان في كتاب “العرب قبل الإسلام” بأنها من أشهر المدن في الفترة بين القرنين الرابع عشر والسادس قبل الميلاد. وقد كانت شبام من أهم المحطات التي تمر بها تجارة اللبان أو ما كان يسمى قديماً “طريق الحرير”.
وفي “معجم البلدان” لمؤلفه ياقوت الحموي، يأتى ذكر “شبام” كاسم أصيل لقبيلة يمنية شهيرة. في حين يرجح المؤرخون أن “شبام” اسم علم عُرف به عدد من ملوك اليمن القديم المنحدرين من نسل أبي اليمن وأبي العرب جميعهم، ونعني بالطبع يعرب بن قحطان بن عامر بن سام بن نوح عليه السلام.
وقد ذكرت مدينة “شبام” في نقوش المسند باسم “شبم” ضمن مملكة حضرموت، ويعود تاريخ المدينة المعروف إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد. وهناك من المؤرخين من يشير إلى أنها سميت “شبام” نسبة لأهل شبوة، “وكان الأصل في ذلك شباه، فأبدلت الهاء بالميم” وأصبحت شبام. على أن الرأي الغالب لجمهور المؤرخين يُرجع التسمية إلى مؤسس المدينة وملكها اليمني شبام بن الحارث بن حضرموت بن سبأ الأصغر.
وفقاً للمصادر التاريخية والنقوش المكتشفة، فإن الملك “شبام” قد عاصر مملكة معين اليمنية في القرن الرابع عشر قبل الميلاد “3400 عام من الآن” ثم عاصرت دولة سبأ ثم دولة حمير. حتى توحدت في إطار مملكة سبأ وحمير وذي ريدان ويمنات وحضرموت وطودا تهامت على يد الملك اليمني الموحد شمر يرعش ياسر يهنعم.
وقد شهدت المدينة على مر التاريخ العديد من الهجرات التي وفدت إليها حيث لم يسكنها غير العرب القحطانيين في الأزمنة القديمة حتى القرن السادس والسابع الهجريين حيث حلت بها العديد من القبائل العدنانية كما يشير بعض المؤرخين. وقد انعكس تعدد القبائل في المدينة والهجرات المتتالية إليها في التاريخ القديم إلى تعدد الديانات التي شاعت في المدينة بدءاً بعبادة الشمس والقمر والزهرة.
وقد اكتشف أخيراً في حضرموت في مدينة حريضة معبد للقمر سين في آثار ريبون يعود تاريخه إلى القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، وكان يرمز للقمر بصور بعض الحيوانات كقرني الثور والوعل، كما انتشرت الديانة اليهودية والنصرانية قبل الإسلام.
وقد تعرضت المدينة للعديد من الحروب والأحداث التي تسببت في دمار المدينة أو أجزاء منها غير مرة، وقد كان الدمار الأول الذي تعرضت له المدينة - كما يقول العديد من المؤرخين - عند تهدم سد مأرب الذي كانت مياهه تصل حتى وادي حضرموت وذلك ما بين 420 و450 بعد الميلاد. أما الدمار الثاني فقد نتج عندما حاصرها القائد أسعد تالب الجدني في عهد الملك ذمار علي يهبر في الفترة من 320 - 450 بعد الميلاد حيث دمرت أسوارها وحصونها ودكت الكثير من دورها.
وقد تبع ذلك العديد من الحوادث التي أتت على أجزاء من المدينة التي حافظت على طابعها المعماري العام بالرغم من كل تلك الأحداث التي جعلت في مرحلة ما من شبام حضرموت عاصمة لأول دولة إباضية في التاريخ الإسلامي امتد نفوذها على يد مؤسسها عبدالله بن يحيى الكندي من صنعاء إلى مكة والمدينة في العام 129 ه. كما شهدت المدينة ميلاد العديد من الدويلات والسلطنات.
ويعد الفن المعماري في المدينة أبرز ما يميزها حيث بنيت المدينة بشكلها الباقي حتى اليوم في العقد الثاني من القرن التاسع الهجري حيث تضم حوالي500 منزل يتراوح ارتفاعها ما بين 25 إلى 30 متراً تتكون كل بناية من حوالي ستة طوابق وتلتف المنازل بشكل مربع حول جامع المدينة الذي يقع في المركز منها.
ويعود أقدم منازل المدينة والذي عملت اليونسكو على ترميمه والحفاظ عليه إلى حوالى أكثر من 750 سنة و«بيت جرهوم» إضافة إلى “حصن شبام” الذي بناه ابن مهدي عام 1221م.
ويحيط بشبام سور قديم من الطوب الطيني ولهذا يطلق عليها بالمدينة المسورة ويتراوح ارتفاعه من 7.5 أمتار إلى 9 أمتار.
ونظراً لضيق المساحة التي أقيمت عليها وحفاظاً على الأراضى الزراعية بنيت المدينة بشكل رأسي جعل من المدينة وحدة معمارية وقلعة حصينة وتتميز المدينة باستخدام الطين والخشب كمواد أساسية للبناء. وتتميز منازل المدينة بتقسيمه الفريد الذي يلبي كل احتياجات الأسرة حيث يستخدم الدور الأرضي كمخزن للمواد الغذائية كما يستخدم الدور الأول للسكن فيما يستخدم الدور الثاني والثالث لاستقبال الضيوف، فيما يتم تخصيص الدورين الرابع والخامس للنساء. ويبلغ متوسط ارتفاع المنازل حوالى 29.15 متراً. ويترواح سمك جدران الدور الأرضي للمنزل في شبام ما بين متر ونصف ومترين، لكن هذا السمك يتناقص نحو الأعلى حتى الحافة العليا للبيت.
ومازالت المدينة تحافظ على العديد من المعالم التاريخية الهامة التي تأتي المعالم الإسلامية في الطليعة منها حيث تم إحصاء أكثر من 30 مسجداً فيها.
وتشير العديد من التقارير الصادرة عن العديد من المنظمات الدولية المهتمة بالتراث العالمي إلى التفرد المعماري الذي يميز المدينة التي لا يمكن الدخول إليها إلا من بوابة واحدة تفضي إلى ساحة كبيرة تسمى ساحة القصر نسبة إلى مقر السلاطين الكثيرين والقعيطيين الذين توالوا على الحكم في المدينة حتى عام 1967، كما يتوسط مدينة شبام أشهر الجوامع التاريخية في وادى حضرموت وهو جامع هارون الرشيد نسبة إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد الذي بني الجامع بأمر منه.
وقد دخلت مدينة شبام ضمن التراث الإنسانى العالمي إلى جانب مدينة “صنعاء القديمة” بحسب منظمة اليونسكو في عام 1984. وحازت على جائزة الآغا خان العالمية للعمارة الإسلامية في العام 2007 وتبرع لصالحها الأديب العالمى الحائز على نوبل جونتر جراس بمبلغ عشرة آلاف يورو للحفاظ على طابعها المعمارى عندما زارها في العام 2005.
وحظيت مدينة شبام بالكثير من الاهتمام وقد وصفها بإعجاب كل من زارها بدءاً من الألمانى ليو هرش الذي زارها في العام 1893، كما زارها المستشرق الإنجليزى الدكتور سرجنت الذي أرسلته جامعة لندن لدراسة الشعر العامى في حضرموت سنة 1947 وجمع بعض نوادرها وأصدر كتاباً حمل عنوان “مختارات من الأدب العامي الحضرمي” كما زار المدينة الرحالة والسياسى فيلبي الذي اشتهر بالحاج عبدالله فيلبي. كما قال عنها الرحالة الهولندي فان دير مولين إنها تشبه الكعكة عندما يرش عليها السكر وذلك لبياض سطوحها ووصفها الألمانى هانس هافرتين بأنها شيكاغو الصحراء لموقعها المتميز وسط الصحراء في تلك الفترة.
ووصفها الهمداني في كتابه “صفة جزيرة العرب” قائلاً: “شبام مدينة في حضرموت وسوق الجميع قصبة حضرموت، وقد تحدث عنها كثيراً المؤرخان ياقوت الحموى والقزويني، ومن ملوكها المشهورين قيسبة بن كلثوم السكوني الكندي المولود بشبام عام 6 قبل ميلاد الرسول “صلى الله عليه وسلم” والمتوفي العام 37 هجرية، وكان قائداً عسكرياً شارك في فتح مصر العام 20 هجرية”.
كما قال عنها ياقوت الحموي: “وشبام حضرموت إحدى مدينتيها والأخرى تريم، وقال عمارة اليمني: كان حسين بن سلامة وهو عبد نوبى وزير لأبي الجيش بن زياد، صاحب اليمن أنشأ الجوامع الكبار والمناير الطوال من حضرموت إلى مكة، وطول المسافة التي بنى فيها ستون يوماً وحفر الآبار المروية والقلب العادية فأولها شبام وتريم مدينة حضرموت”.
عن موقع البلد نيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.