جذور إسلامية الصحفي والكاتب حسن الوادعي والذي يعمل في مكتب اليونسيف باليمن يرى أن هناك أسطورتين عن الإرهاب في هذا الزمان قائلاً: الأسطورة الأولى: إن الإرهاب نبته غريبة، وفي هذا الإطار قال: حاولت كثيراً أن أبحث عن الجذور “الغريبة” للإرهاب الإسلامي المعاصر لكنني لم أجدها. كل جذور الإرهاب، الفكرية والفقهية ذات أصل إسلامي واضح، وهذا لا يعني أن نعزو الإرهاب للإسلام، لأن الإسلام يحتوي ولا شك على بذور التسامح والمدنية والتعدّد، لكنه يعني أن لا نتهرّب من تحديد الجذور الحقيقية للإرهاب خوفاً على «صورة الإسلام». وإذا راجعنا أدبيات القاعدة أو داعش أو أنصار الشريعة سنجد أنهم يستندون إلى نفس المراجع التي يستند إليها أغلب المسلمين: آيات السيف والجهاد في القرآن أحاديث الجهاد والفتح في صحيحي البخاري ومسلم، فتاوى ابن تيمية، المأثور عن الصحابة..إلخ، ويضيف قائلاً: لقد حصرت 7 أفكار تشكّل العصب الفكري الرئيسي للإرهاب ووجدتها جميعاً أفكاراً نبتت في بيئات إسلامية خالصة وعالية الرواج والانتشار: 1 - فكرة “الجهاد الديني” وضرورة قتال أناس حتى يعتنقوا الإسلام طوعاً أو كرهاً. 2 - فكرة “الجاهلية المعاصرة” وابتعاد كل المجتمعات عن أحكام الإسلام. 3 - فكرة “الحاكمية” والمطالبة بتسليم الحكم لثيوقراطية ديني تستند إلى نصوص الكتاب والسنة. 4 - فكرة “عقيدة أهل السنة والجماعة” التي روّجت لها الحنبلية قديماً والوهابية حديثاً وتسبّبت في تكفير كل الجماعات الأخرى، سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية. 5 - فكرة “الولاء والبراء” التي تدعو إلى كراهية “المشركين والكفار”، وعدم التعايش معهم. 6 - فكرة “دار الحرب ودار الإسلام التي تجعل الأمم في حالة حرب دينية دائمة. العامل الخارجي العامل الخارجي كان عاملاً مساعداً في نمو الإرهاب لكنه لم يكن عاملاً رئيسياً في نشوئه، فالإرهاب نبتة محلية نشأت في عمق التجربة الإسلامية التاريخية، والقضاء على الإرهاب يقتضي النقد العميق للتجربة التاريخية للإسلام ومراجعة “الأصول” التي تؤسّس الإرهاب المعاصر. يقول حسين الوادعي: والأسطورة الثانية الإرهابيون لا يمثّلون إلا أنفسهم. وهذا غير صحيح، لأن الإرهابيين يمثّلون قطاعاً إسلامياً عريضاً يرعى الإرهاب أو يبرّره أو يتعاطف معه أو يستفيد منه. هناك من يرعى الإرهاب اعتماداً على قناعة دينية أن الإرهاب ليس إلا شكلاً من أشكال الجهاد بالوسائل الحديثة المتاحة، وهناك من يبرّر الإرهاب، لأنه متفق مع أسسه الفكرية والعقائدية، ولكنه يرفض بعض الأخطاء التي قد تحصل نتيجة تنفيذ العمليات الإرهابية وهناك من يتعاطف مع الإرهاب إما تحت دافع كراهية الغرب أو كراهية اتباع الديانات الأخرى أو المذاهب الإسلامية الأخرى، وهناك من يستفيد من الإرهاب ليحاول فرض أجندة أصولية محافظة تحد من حرية التعبير والحريات الشخصية وحرية المرأة أو تحت دافع تصفية لحسابات مع الخصوم السياسيين. الرعاة والمبرّرون والمتعاطفون والمستفيدون يشكّلون أحزاباً وجماعات وجمعيات خيرية وحكومات ومراكز بحثية ومدارس ومساجد وجامعات ومناهج دراسية ومواد إعلامية وقطاعاً خاصاً وإعلاميين وناشطين وفقهاء ومرجعيات دينية تجنّد وتبرّر وتدعم وتساند الإرهاب. الإرهابيون لا يمثّلون الإسلام لكنهم أيضاً لم يعودوا أفراداً معزولين، لم يعد الإرهاب فردياً كما بدا على يد جماعات الجهاد في السبعينات، بل صار إرهاباً جماعياً يستقطب ملايين المسلمين من الرجال والنساء والشباب والأطفال، بل إنه صار يستهدف غير المسلمين أيضاً ويقنعهم باعتناق الإسلام والذهاب للموت في أرض الخلافة. لهذا القضاء على الإرهاب يقتضي أولاً التوقف عن خداع النفس ومواجهة الأسباب الحقيقية حتى ولو كان ذلك قاسياً وجارحاً. التطرّف الديني أما الدكتورة ذكرى يحيى القبيلي، أستاذ اللسانيات المشارك جامعة صنعاء، وجامعة الملك سعود تقول: ما أعرفه هو أن اليمني بسيط في حياته وتعاملاته، وسطي في فكره والتزامه لا يحب التنطّع وأهله فلم يكن للإرهاب جذور فيه لكن هناك مستجدات سيئة تعمل على حضور الإرهاب والترويج له خدمة لمصالحها غير عابئة بالوطن وتدميره والحل يكمن في معالجة الأسباب. فمنها: المتغيرات السياسية والفجور في الخصومات الحزبية وتحول الأمر إلى مكايدات وثأرات شخصية وسياسة رخيصة أيضاً الولاءات الضيقة التي فوق الوطن ولدت الظروف غير السوية التي لها منتج واحد هو الإرهاب مستغلين تفشي الجهل ومتكئين على الدين بإلباس ما يريدون لباس الدين ونصرته ثم التغرير بهم باسم الجنة والنار والشهادة والحور. إن التطرّف الديني بيئة خصبة مولّدة للإرهاب وأسهل طرق الإرهاب المذهبية والطائفية الدينية وتوزيع صكوك الغفران على الموالين وشهادة الكفر على الخصوم ومن ثم إهدار دمهم ويغدو سفكه من القربات إلى الله، كما أن الفقر والفاقة وشعور الإنسان بالظلم والقهر أو الاستفزاز كلها حافز لانجرار الشباب إلى الإرهاب الذي لا يعرف ديناً ولا جنساً ولا مقدسا،ً ويلتهم كل ألوان الحياة ويحيلها إلى سواد ويجعل حياة الناس عزاءات وأوجاعاً متتابعة. فالإرهاب يتغذّى على الحرمان والشعور بالظلم وجهل الشباب وقلة خبرتهم، فحين تكون كل الطرق مغلقة أمامهم إلا باب الإرهاب للأسف يلجأون إليه كما لا ننسى أن الجهل باب كل فساد فكلما زاد وعي الإنسان زادت قيمته أمام نفسه وقدس حياته وحياة الآخرين. ضحايا من جانبه يرى عضو مجلس النواب، الأستاذ شوقي القاضي أن الشباب الذين يرتكبون أعمال العنف وجرائم القتل (باسم الإسلام) مع كونهم (مجرمين)، لكنهم في نفس الوقت (ضحايا) وهناك عوامل وأسباب أهمها 3 عوامل: (1) استعمار ارتكب في حق أمتهم وشعوبها كل الجرائم والانتهاكات والنهب، فورَّثَ عداوات ونزاعات وخصومات لا حصر لها ولم يعترف بها ويصحّحها ويُعوِّض ضحاياها، بل لازال يمارس أقذر السياسات. (2) حكام مستبدّون يسومون شعوبهم بالحديد والنار والفساد ويبدّدون ثرواتها ويًعَيِّشونها الفقر والتخلّف والمرض والجهل والحرمان. (3) تراث مليء بفتاوى القتل وتأصيل جرائم العدوان، هو الذي شكَّل عقول وقناعات أولئك الشباب (الضحايا) وهم أنفسهم (المجرمون)! ولأن العاملين ال(1) و(2) لا خلاف حولهما ولا جدل، سأورد نماذج ونقولات تبيّن السبب (3) وتوضح أن الكثير من هؤلاء الشباب ضحايا هذا التراث الذي اعتقدوه ديناً، وهو ما يجب على الأمة اليوم أن تنقيه وتغربله، ما لم فإن محاضن هذا التراث ستبقى (فقاسات) وبيئة حاضنة منتجة لجرائم القتل (المُشَرْعَن) والمُلَبَّس بثوب الدين، والإسلام (الوحي) من ذلك براء وبين يديَّ الآن أكثر من 10 نماذج ونقولات من أمهات كتب التراث، لكني سأكتفي بأربعة منها في أشهر كتب التراث، وسأشير إلى مراجعها لمن أراد أن يتأكد: [1] قال القرطبي في تفسيره: [والمُسْلِمُ إذَا لَقِيَ الكَافِرَ، ولَا عَهْدَ لَهُ، جَازَ لَهُ قَتْلُهُ]! [2] قال ابن كثير في تفسيره: [وَقَدْ حَكَى اِبْنُ جَرِير الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِك يَجُوز قَتْلُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَمَان وَإِنْ أَمَّ الْبَيْت الْحَرَام أَوْ بَيْت الْمَقْدِس]! [3] قال الطبري في تفسيره: [وَكَذَلِكَ أجْمَعُوا عَلَى أنَّ المُشْرِكَ لَوْ قَلَّدَ عُنُقَهُ أوْ ذِرَاعَيْهِ لِحَاءَ جَمِيْعِ أشْجَارِ الحَرَمِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ أمَانَاً مِن القَتْلِ، إذَا لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَقْدُ ذِمَّةٍ مِن المُسْلِمِيْن أو أمَان]! [4] قال الشوكاني: [فَالمُشْرِكُ سَواءً حَارَبَ أوْ لَمْ يُحَارِبْ مُبَاحُ الدَّمِ مَا دَامَ مُشْرِكَاً]!