الإبداع لا يتأتى إلا بخلق واقع اجتماعي مكتمل المعطيات اللازمة لإحداث الإبداع، والمسألة هنا أكثر حملاً، فتربية أبناء من مختلف البيئات والمناطق ليس بالأمر السهل، ولابد من خلق بيئة غنية بالدوافع والعوامل الناهضة والتي تُعد الأساس الذي يعوّل عليه في تقديم أبناء صالحين للمجتمع وأصحاب سلوك قويم، وهذه البيئة بلا شك شاملة بدءاً بالكادر البشري المخلص والمكان الملائم والإشراف بعين التربوي الحصيف والمسؤول.. تحضرني الآن مقولة ل «كولر» في مضمونها لا يمكن أن نرى مبدعين إلا في بيئات تتوافر فيها مقوّمات الإبداع. دار الأيتام في تعز التابع لمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل والإدارة العامة لمجموعة هائل سعيد أنعم يتولّى تربية أيتام قادمين إليه من مختلف المناطق والشرائح الاجتماعية وذلك منذُ سنوات، الجديد الآن هو أنك إذا أتيت كزائر إلى هذا الدار تلمس واقعاً ناطقاً بالنجاح بدءاً بالنظافة والمظهر الجميل لكل أروقة الدار ومروراً وانتهاءً بالمظهر الطلابي الحسن. على رأس هذه الإدارة التربوي القدير حسين اسماعيل فضة، والقادم من الصرح التعليمي ثانوية تعز الكبرى الذي عمل فيها مدرساً وتربوياً وإدارياً لعقود من الزمن، أحببنا أن نقف معه وقفة مبسطة لنسأله عن الآلية التي يسير عليه العمل الإداري في الدار وطموحات الإدارة المستقبلية، وتكرّم مشكوراً بالإجابة عنها كالاتي: روح الفريق يقول الأستاذ حسين فضة: سعت الإدارة في المقام الأول إلى إيجاد علاقة طيبة ومتينة بين كافة الطاقم العامل للعمل بروح الفريق الواحد، كما عملت على تحليل البيانات الطلابية فيما يخص النجاح والرسوب وتحليلها إحصائياً ومعرفة النتائج بالمقارنة مع السنوات السابقة، وكذا متابعة الجانب الصحي للأبناء لدى مستشفى الكرامة وإسعاف الحالات التي تحتاج إلى ذلك أولاً فأولاً، وتحرص الإدارة على المشاركة في الفعاليات التي تقيمها المؤسسات التربوية والتعليمية والاجتماعية من أجل الاستفادة من الخبرات والاطلاع على جديد المعلومة في مجال الرعاية الاجتماعية. التعليم أولاً ويؤكد فضة: أولت الإدارة الجانب التربوي والتعليمي اهتماماً متعدّد الأوجه، وتمثل ذلك من خلال إلحاق كافة الأبناء بحلقات تحفيظ القرآن الكريم والأربعين النووية والأولويات الفقهية، وكذا وضع جدول مستمر للمحاضرات الدينية والإرشادية التي تصب في معالجة الاختلالات القيمية لدى الطلاب، وإعطاء الخواطر الإرشادية المستمرة عقب الصلوات لمعالجة كافة الإشكاليات الطارئة التي تحدث بين الأبناء، وإسداء النصح ومراقبة السلوك العام لدى الطالب، وفيما يخص الجانب العلمي، فقد تم إلحاق كافة الأبناء بالدارسة النظامية في مدرسة التوجيه المجاورة للدار، وتكليف مدرسة متخصصة للمتابعة المدرسية ومعرفة كافة الإشكاليات التي تواجه الطالب والرفع إلى الدار للعمل على حلّها أولاً فأولاً، والقيام بدروس التقوية لكافة الطلاب لكل المستويات من خلال كادر تربوي متخصّص والتركيز على الطلاب الذين يحتاجون إلى الأساسيات في اللغة العربية والرياضيات والخط والإملاء، وحل المشاكل التعليمية التي تواجه الطلاب دراسياً ومنحها أولوية خاصة، وتشجيع الطلاب المتفوقين علمياً من خلال الرحلات الداخلية أو الجوائز النقدية والعينية والشهادات التقديرية حتى يكون التنافس بين جميع الأبناء في المجال التعليمي. ترويض نفسي وحول الجانب النفسي في الدار، يشير الأستاذ حسين إلى أنه تم إسناد الجانب النفسي والاجتماعي إلى كادر متخصص لديه الخبرة والكفاءة، ويتم العمل وفق برنامج معيّن وإجراء دراسات نفسية للعديد من الأبناء، بالإضافة إلى إجراءات وقائية نفسية واجتماعية من خلال ترويض الطالب على التأقلم على البقاء داخل الدار وترويض نفسيات الأطفال على ذلك. ويختتم مدير الدار الأستاذ حسين حديثه بتوجيه الشكر الجزيل للأستاذ منير أحمد هائل، والأستاذ عبدالعزيز سيف على ما يبذلانه من جهود لدعم نجاحنا في إدارة الدار، وكذا كل الجهات والمنظمات الحكومية والخاصة.