القراءة عن المبدعين والمخترعين والقادة العظماء هي بمثابة دروس حياتية ثمينة؛ خاصة ًعندما تفتح الذهن لكل هذه التجارب والملاحم الإنسانية التي خاضوها من أجل الإنسان والتغيير وتحقيق طموحاتهم وآمالهم.. الشيء المؤكد هو أن كل ملهم ومخترع وقائد دخل التاريخ كشخصية مميزة أفادت البشرية وأثرت الإنسانية بشيء جديد بعلوم حديثة وأفكار ملهمة، هؤلاء تجمعهم مساحة واحدة ومنطلق محدّد؛ فإذا نظرت في عمق حياة كل واحد منهم ستجد تشابهاً في الخيوط العامة والأحداث الكبيرة رغم اختلاف التفاصيل. من أهم هؤلاء المفكّرين والعلماء والمخترعين ألبرت أينشتاين الذي يعتبر واحداً من أهم الأسماء التي أثرت البشرية بأسرها، ووصلت أفكاره وآراؤه إلى كل منزل ومنهج دراسي. هذه القامة العلمية لم تكن بدايتها مفروشة بالورود، انطلق في أروقة المخترعات ومعه كل هذا الشغف بالعلوم والأفكار، لقد أوجد الرغبة في روحه واتقدت نفسه بالحماس والإصرار، حتى تلك الوظيفة التي حصل عليها في مقتبل عمره كانت زهيدةً ومتواضعةً وهي “فاحص مختبر” في مكتب تسجيل براءات الاختراعات السويسري، وبالمناسبة حصل عليها بمساعدة والد أحد أصدقائه خلال رحلته الدراسية..!!. هذه القامة العلمية الكبيرة كانت تتمتّع برحابة الصدر ودماثة الخلق وحس الفكاهة والتواضع مع الجميع دون استثناء، وهذه هي أخلاق العلماء، يروى أنه كان دوماً يطلب منه أن يشرح نظرية النسبية التي قام بوضعها، فكان يجيب وفي محاولة للتبسيط خاصةً إذا كان من يسأل في بداية حياته الدراسية وصغيراً في السن، حيث يقول: “ببساطة ضع يدك فوق موقد ساخن لمدة دقيقة ستشعر وكأنك قد وضعتها أكثر من ساعة، في حين إذا جلست بصحبة فتاة جميلة لمدة ساعة فستشعر وكأنك جلست معها دقيقة واحدة، هذه هي النسبية”. لهذا العالم عشرات من الكلمات المعبّرة والعميقة المعنى التي لها مدلولات كبيرة اخترت منها: “الثقافة هي ما يبقى بعد أن تنسى كل ما تعلّمته في المدرسة”. ولهذه المقولة وقعها في عالمنا اليوم، فكثير من المناهج الدراسية في عالمنا العربي صمّمت لوظيفة واحدة وهي حشو رؤوس الطلاب لأداء الاختبارات النهائية والنجاح، وبعدها ينسى معظم الطلاب ما تعلّموه، لكن سياقات الثقافة وطريقة تلقّيها تختلف تماماً؛ لأن الثقافة يتوجّه إليها الفرد بإرادته ورغبته دون أن تكون هناك حوافز مادية أو غير مادية سواء من نجاح دراسي أم الحصول على درجات عالية؛ لذا هي تبقى في عقل وذهن القارئ. لأنشتاين رؤية منطقية وواضحة عن المستقبل وقد أوجزها في بضعة كلمات عندما قال: “لا أعلم بأي سلاح سيحاربون في الحرب العالمية الثالثة، لكن السلاح الذي سيُستخدم في الحرب العالمية الرابعة سيكون العصي والحجارة”..!!. وفي هذه المقولة نظرة ثاقبة، وهي تعبّر بحق عن فهم لواقع حياة اليوم، وهو يقصد أنه لو قدّر أن اندلعت حرب عالمية ثالثة؛ فإن سلاحها سيكون السلاح النووي، وهو ما يعني تدمير الحضارة الإنسانية تماماً، وبالتالي العودة إلى العصور الغابرة. أعتقد أنه يجب أن نستمد من الإرث العظيم للعلماء والملهمين والمفكّرين والمخترعين رسالة لأجيالنا القادمة لتخطو نحو المستقبل بنجاح، لنستحضر قصصهم ومواقف حياتهم وننثرها دوماً لعلّها تلامس شغاف قلوبهم وعقولهم.