لم نعد نعلم بأي حق تغتصب الطفولة وتنتهك البراءة، يا لها من حياة صغيرة بكل مافيها، يكبر فيها الأمل، ذلك الذي يتربع في قلوب البشر فيحسبون أنهم ملكوا الدنيا بكل خيراتها ونعيمها الزائل، حتى أنهم من شدة إحساسهم بهذا الامتلاك يهيأ لهم أن كل ما حولهم ملك لهم، بما في ذلك الطيور، والهواء، والحرية، والبراءة، والطفولة، وكل شيء جميل يعتقدونه ملكهم ويطوعونه حسب أهوائهم. ليتخيل أحدكم أن هناك من يريد أن يقيد حريته، شبابه، أحلامه، خياله، أفكاره؟، هل يستطيع أحد منكم أن يرضخ لأحد يقيده بهذا الشكل وهو بكامل إرادته؟ لا أعتقد أن أحداً منكم يرضخ لذلك إلا الأطفال هم وحدهم قد يرضخون لأهاليهم، لأنهم لايعتقدون، ولو للحظة أنهم سيقدمون لهم الأذى مطرزاً بمشاعر الود! نعم فهل تعتقد الطفلة ذات الأربعة عشر ربيعاً أن أمها التي تطرز لها الفستان الأبيض، هي الأم نفسها التي تقدمها لأب معذرة ل”زوج” عمره ثلاثين عاماً أو يزيد، هل تعلم، لمن ستعطي ابنتها، هل تعلم أين ستذهب؟ ماذا ستأكل؟ أين ستنام؟ وكيف ستعيش؟ وما معنى أن تصبح زوجة؟ وهل علمتها أن هذا الزواج الذي ستقدم عليه يختلف عن لعبة العرايس التي تلعبها مع صديقتها؟ وهل أدركت الأم وهي تطرز فستان عرس ابنتها أن ابنتها الطفلة كانت تطرز ثوباً لعروستها تماماً كفستان عرسها لتأخذ لها صورة جميلة إلى جانبها؟ ما أروع حنان الأم، وما أقسى الأمهات عندما يتحولن إلى حموات؟ ما أقسى أن يتحول بحر الحنان إلى بحار من الألم، وهواء من الأسى، وعواصف من القهر. نعم تلك هي الحياة التي نحاول أن نعالج فيها النتائج، ولا نلتفت للأسباب، فكم من صغيرة، شابت قبل الأوان، شاب قلبها قبل شعرها، وأدركت أن للحياة طعم العلقم، خاصة عندما يختار الكبار طريقة حياة للصغار الذين هم في مثل عمر أحفادهم، طفلتنا لهذا العدد كذلك تماماً عمرها لم يصل إلى الخامسة عشر، أرتدت الفستان الأبيض لتلتقط صور الزفاف مع زوج تجاوز الثلاثين من عمره، قضى حياته مغترباً، وعندما أراد الزواج كانت الطفلة “أحلام” في انتظاره، أو ربما هو خيار العائلة التي ترى في الشاب “لقطة”، أو بمعنى أصح خيار الجد، فما زال الجد الكبير موجوداً فالكلمة كلمته، وهو صاحب السلطة حتى لو لم توافق البنت ووالدها فلا يهم، المهم أن يعيش الأحفاد برؤية الأجداد، هذا هو قانون عائلة أحلام! “البنت مالها إلا زوجها”. مزيداً من التفاصيل... الصفحات اكروبات