للحد من هذه الظاهرة يجب على أجهزة الاختصاص وبالتنسيق مع خفر السواحل وبقية الجهات المعنية لمنع تهريب مواد أساسية وغذائية وغيرها عبر المنافذ البرية عموماً و البحرية خصوصاً.. وبما أن بلادنا تمتلك شريطاً ساحلياً يمتد 2500كم، فإن ظاهرة التهريب باتت تشكل عبئاً كبيراً على الوطن في ظل غياب الرقابة وتساهل الجهات المختصة في ذلك.. مؤخراً قام الجهاز القضائي بتعز ومكتب الجمارك بالمحافظة بضبط عدد من المهربين وإخضاعهم للمساءلة بينما رأى محامون وقانونيون بأن القوانين المجرمة لظاهرة التهريب بحاجة إلى تعديل ووصفوها بالفضفاضة. بداية القصة من خلال محاضر التحقيقات مع أشخاص يوصفون بالتجار، اثنان منهم من المخا واثنان آخرون من الصومال كما جاء في الأحكام والمحاضر بدأ الخلاف بين المدعي (س.م.ع) تاجر في المخا والمدعي عليهم (س.ع.س) تاجر من المخا-أيضاً- و(ع.ي.م)و(م.أ.ع) تاجران يحملان الجنسية الصومالية على اثر قضية تعاملات تجارية بحتة، تتمثل بقيام المدعي(س.م.ع) بشراء مواد تجارية من اليمن وبيعها على المدعى عليه(ع.ي.م) من الصومال، حيث يقوم المدعى عليه بشراء الصفقة بالأجل، فيما المدعي(س.م.ع) كان يقوم بتحويل مبالغ بالدولار عبر محلات صرافة يستلمها المدعى عليه لشراء مواشٍ وغيرها من الصومال للمدعي، حيث بلغت إجمالي الديون المتبقية كما جاء في عريضة الاتهام على المدعى عليه مبلغاً وقدره 136.870دولاراً أمريكياً، لتنحرف القضية قليلاً وتكشف عن ملفات غامضة عن طريق الاتهامات المتبادلة بين المدعي والمدعى عليهم، حيث ورد في محاضر التحقيقات أن بداية المعاملات التجارية بين المذكورين كانت تجارية بدأت منذ العام 2005-2004م، من بين تلك التعاملات تهريب مادة الديزل، سعر تهريب البرميل الواحد 77دولاراً أمريكياً، بينما قيمته الطبيعية دون تهريب أكثر من ذلك. بحسب مدير مكتب جمارك تعز الأخ محمد عبد الله عثمان ..وفي أغلب الأحيان كانت تتم عمليات مقايضة بينهم كما تقول الأولى(مقايضة الديزل بالمواشي). يقول أحد الشهود، وهو صياد كما جاء في المصادر أنه هرب ذات مرة 77 برميل ديزل من (س.م.ع) إلى (ع.ي.م) الصومالي من ساحل تعز وتحديداً الكدحة، فيما شاهد آخر من ذباب أقر بتهريب 120 برميلا في نهاية 2005م وآخرون أقروا بتهريب 123برميلا كمحطة أولى و84 برميلا فيما بعد نهاية 2006م إلى ميناء زيلع بالصومال. تفاوت وبغض النظر عن الكميات المهربة من مادة الديزل والتفاوت فيها من قبل المدعي والمدعى عليهم من جهة والشهود من جهة أخرى، فإنه فيما يخص بعض المواد الأخرى كالمواشي وقطع غيار السيارات، بعضها كانت تمتلك تصاريح دخول وخروج، كما جاء في أحد محاضر التحقيقات، إلا أن ظاهرة التهريب من مديرية ذباب والمخا مازالت مستمرة بحسب مسئولين رفضوا الكشف عن أسمائهم؛ نتيجة ضعف الرقابة وغياب التنسيق وتداخل المهام فيما بين الجهات. جوهر النزاع بعد رفع (س.م.ع) قضية على المدعى عليه الثاني(ع.ي.م) في المحكمة التجارية الابتدائية بتعز تبين كما جاء في حيثيات القرار و منطوقه من المحكمة أن جوهر النزاع وأساسه قد انحصر بين المدعي من جهة والمدعى عليه الثاني(ع.ي.م) من جهة أخرى حول التعامل التجاري بينهما من خلال إرسال الأول للثاني كميات من الديزل مقابل سداد ذلك! إما عيناً أو نقداً بسعر يتفاوت مابين 77 إلى 110 دولار أمريكي بحسب المدعي. الحكم الابتدائي - من خلال عدة جلسات عقدتها المحكمة التجارية الابتدائية بتعز منذ بدء رفع الدعوة من قبل المدعي بتاريخ 21 /4/ 2007م وحتى صدور الحكم بتاريخ 12 /6/ 2008م قررت المحكمة إصدار الحكم رقم(194) لسنة 1429ه في القضية التجارية رقم (123) لسنة 1428ه مستندة بذلك إلى المواد 1040،1038،1023،1026من القانون المدني والمادتين 237،231 من القانون التجاري حيث أصدر القاضي رئيس المحكمة سلطان الشجيفي الحكم ضد المدعى عليه الثاني(ع.ي.م) صومالي الجنسية والمدعى عليه الثاني(م.أ.ع) صومالي-أيضاً- والمدعى عليه الأول(س.ع.س) يمني الجنسية بالتضامن والانفراد بدفع 13000 دولار للمدعي(س.م.ع)إضافة إلى رفض الطلبات العارضة المقدمة من المدعى عليه الثاني ضد المدعي، كما جاء في الحكم أن يتحمل المدعى عليه الثاني المصاريف القضائية للمدعي وقدرتها المحكمة ب(200.000) ريال يمني. استئناف بعد صدور الحكم الابتدائي من المحكمة التجارية الابتدائية بتعز، تقدم المدعى عليهم بالطعن في الحكم لدى الشعبة التجارية لمحكمة الاستئناف بمحافظة تعز، حيث قبلت الطعن بالحكم لأسباب قانونية تقدم بها محامي المدعى عليهم. كان من ضمن ذلك بطلان الحكم المطعون فيه لعدم تطبيق القانون، كما جاء في عريضة الاستئناف المقدمة من محامي المستأنفين، وذلك بشأن مناقشة وسائل الدفوع الجوهرية المتمثلة في أن المستأنف الأول (البيضي) قدم دفعاً بعدم جواز اختصامه لعدم علاقته بالموضوع دعوى المدعي- المستأنف ضده- كونه ليس خصماً شرعياً إعمالاً لنص المادة (186/3) مرافعات، وكونه ضامنا حضوريا فقط وغيرها من الأسباب..التي أدت إلى نعي الحكم الابتدائي بالبطلان لوقوع خطأ أثر على إجراءات التقاضي، وبعد جلسات التقاضي صدر منطوق حكم الاستئناف رقم(114) المؤرخ بتاريخ20/ 9/ 2010م برئاسة القاضي فؤاد البكير وعضوية علوي عبدالله والأكحلي حيث تم قبول الاستئناف المرفوع من (س.ع.س)و(ع.ي.م)و(م.أ.ع) ضد(س.م.ع) شكلاً لرفعه خلال الميعاد، كما تم رفض الدفوع المقدمة من المستأنف الأول وتعديل الفقرة أولاً من الحكم الابتدائي المطعون فيه بالحكم بإلزام المدعى عليه الثاني(ع.ي.م) والمدعى عليه(م.أ.ع) والمدعى عليه الأول(س.ع.س) بالتضامن والانفراد بدفع(104891)دولارا أمريكيا للمستأنف ضده (س.م.ع)، كما يلزم المستأنف ضده أن يدفع للمستأنف الثاني (ع.ي.م) مبلغاً وقدره مليون وأربعمائة وواحد وثمانون ألفاً وخمسين ريالا. المحكمة العليا لم يستقر المتحاكمون على أي حكم من المحكمة التجارية الابتدائية، ومن الشعبة التجارية الاستئنافية، فكل طرف يرى أن الأحكام الصادرة مجحفة مع إبداء الرضى نوعاً ما للمدعي(س.م.ع) بما صدرت من أحكام أغلبها لصالحه..إلا أن المدعى عليه (س. ع.س) لم يرق له الحكمان الصادران الابتدائي والاستئنافي، فقد تقدم بعريضة طعن لدى المحكمة العليا بشأن الحكم الصادر من الشعبة التجارية بتعز بتاريخ 14/ 12/ 2010م ضد المطعون ضده (س.م.ع)، أحد التجار في المخا طالب فيها المحكمة العليا بقبول الطعن شكلاً ووقف تنفيذ الأحكام السابقة بصورة عاجلة وإلغاء الحكمين السابقين أيضاً إضافة إلى إحالة الدعوى غير الشرعية إلى نيابة الأموال العامة للتحقيق مع المطعون ضده في جريمة تهريب الديزل وأشار الطاعن (س.ع.س) إلى أن خصمه قام بتهريب الديزل كما جاء في عريضة الطعن، وأن كميات الديزل تم تهريبها عن طريق منطقة الكدحة والتي لا يتوافر فيها مركز جمركي حد وصفه ولا ميناء تصدير أيضاً بحسب ما جاء عند الشهود حد تعبيره موضحاً أن ذلك يخالف القانون وهو ما تجاهلته الأحكام السابقة..مبدياً استغرابه من تجاهل المحاكم وتعاملها مع قضايا ودعاوى غير شرعية تطالب بقيمة سلعة مهربة ومدعومة حكومياً. نصوص قانونية وهذا ما ذهب إليه كثير من المحامين والقانونيين، حيث إن أحكام المادة(8) من قانون الجمارك رقم (14) لسنة 90م تنص على أن تخضع البضائع التي تدخل أرض اليمن أو تخرج منها بأية صورة كانت للرسوم الجمركية المقررة في التعرفة الجمركية والرسوم والضرائب الأخرى المقررة، كما نصت المادة (23) من قانون الجمارك أن كل بضاعة تدخل أرض اليمن أو تخرج منها يجب أن تعرض على المركز الجمركي ذات الصلاحية.. ويرى محامون بأن ما صدر من أحكام سابقة تثبت تورط المذكورين بتهريب مادة الديزل المدعومة ونوه أحد المحامين طلب عدم الكشف عن اسمه أنه كان ينبغي على المحكمة التجارية الابتدائية والشعبة التجارية الاستئنافية تحويل القضية مباشرة إلى نيابة ومحكمة الأموال العامة؛ لأنها من النظام العام ومن اختصاصاتها وأبدى المحامي أسفه من إجراءات المحكمة الابتدائية، والتي كان ينبغي عليها كما قال التصدي لمثل تلك القضايا من تلقاء نفسها؛ كون نظر الدعوى في مثل هذه القضية لا يجوز بحسب ما نصت عليها المادة (75) ،(76) مرافعات والتي اشترطت لتقديم الدعوى أن تكون مشروعة ويحميها القانون..وأضاف المحامي بقوله: إن المحاكم جعلت لحماية القانون والمصالح التي تحمي الوطن وليس لحماية المتربصين بضرب الاقتصاد الوطني. عدم رضى فيما يخص تهريب البضائع والسلع يؤكد القانون على المحكمة المختصة مصادرة المبالغ من قيمة المواد المهربة، كما يحق لها مضاعفة الجزاء من الغرامة من مرة إلى ثلاث مرات أي ثلاثة أضعاف القيمة من المادة المهربة بحسب محامين وتنص إحدى المواد على أنه إذا تم القبض على المهرب قبل إيصال البضاعة تصادر منه البضاعة ويُغرم من ضعف إلى ثلاثة أضعاف مع مصادرة المركب وتصل بعض الغرامات من 15.000إلى 280.000ريال يشير كثير من القانونيين أن مواد القانون فيما يخص التهريب بحاجة إلى تعديل، حيث ما جاء فيها ركز فقط على الغرامة دون ذكر أية عقوبات فعلية لما من شأنها الحد من ظاهرة التهريب حد وصفهم منوهين في الوقت ذاته إلى تواطؤ بعض الجهات الرسمية في المنافذ مع المهربين. رسالة شكر يقول مدير مكتب الجمارك بتعز الأستاذ محمد عبدالله عثمان: إن قضية التهريب تعد من القضايا الهامة والحساسة التي تمس الاقتصاد الوطني، منوهاً إلى أن القضاء قد بت في كثير منها، حيث كما قال عثمان إن (13) قضية منظورة في النيابة والمحاكم بينما 42قضية تم البت فيها وصدرت فيها أحكام.. وأشار مدير جمارك تعز إلى أن الاعتماد الشهري لمكافحة التهريب البالغ 138.000ريال غير كافٍ ولا يفي بإجراءات التقاضي، وفيما يخص قضية تهريب الديزل يقول إنه تم البت في عدد من القضايا في محكمة الأموال العامة، والتي وصفها بالعادلة شاكراً في الوقت ذاته رئيس محكمة الأموال العامة القاضي علي العميسي لصرامة أحكامه وسرعة البت فيما يخص القضايا الوطنية. وطالب مكتب جمارك تعز في رسالتين موجهتين إلى رئيس المحكمة التجارية الابتدائية حجز المبلغ الذي تم فيه إصدار حكم سابق منها، ومن الاستئناف ورسالة أخرى إلى وكيل نيابة الأموال العامة بتعز جاء فيها أن الأحكام السابقة أثبتت تهريب 840برميل ديزل بسعر 77دولارا، إضافة إلى كميات سابقة لم يتم الإشارة إليها في الأحكام بلغ ثمن ذلك 104.000دولار وطالبت الرسالة التحقيق مع المهربين وتقديمهم للمحاكمة العادلة، إضافة إلى الرفع إلى المحكمة التجارية بطلب توريد كامل المبلغ المحجوز لديهم إلى البنك المركزي حساب الأمانات على أن يكون المبلغ محجوزا لمكتب الجمارك إلى حين صدور حكم محكمة الأموال العامة.