إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    الدوري الاوروبي .. ليفركوزن يواصل تحقيق الفوز    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    لملس يفاجئ الجميع: الانتقالي سيعيدنا إلى أحضان صنعاء    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    تضامن حضرموت يحلق بجاره الشعب إلى نهائي البطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت بفوزه على سيئون    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة حديثة:
80 %من متعاطي نبتة القات يصابون بالعجز الجنسي !
نشر في الجمهورية يوم 19 - 04 - 2011

كشفت دراسة قام بها كل من الدكتور أحمد الحضراني رئيس جامعة ذمار أستاذ الجراحة العامة فيها، والدكتور السيد باشا أستاذ الطب البيطري بنفس الجامعة - الأضرار الصحية الحادة للقات.. وخلصت إلى أن ما يخلفه القات من أضرار صحية يشترك فيها الإنسان والحيوان، وأن أبرزها الضعف الجنسي وفقدان الشهية.. وأرجعت الدراسة الأسباب إلى ارتفاع نسبة متبقيات المبيدات والأسمدة الكيمائية، ومنظمات النمو التي تستخدم في مكافحة آفات القات أو تعجيل عملية القطف.
وقال الدكتور الحضراني معد الدراسة إن 80% من الرجال الذين يتعاطون القات يعانون من ضعف جنسي وبخاصة بعد سن ال «40».. وبيَّن أن الدراسة تركزت على مدى تأثير القات على الحالة الجنسية لدى النساء والرجال..
وعرضت الدراسة جملة من الأضرار على الفم، حيث يعمل على تضخم الخد، ويحدث تغييرات في الغشاء المخاطي بالإضافة إلى ارتخاء اللثة وتآكل الأسنان بسرعة، كما أشارت إلى إصابة متعاطي القات بالبواسير، حيث تظهر أعراضه بعد سن ال «40»، بالإضافة إلى الإصابة بأمراض الكبد نتيجة تشبعه بالمبيدات.
جدير بالذكر أن الدراسة كانت قد أجريت على «20» أرنبا ذكرا ولدت جميعاً في مزرعة كلية الطب بجامعة ذمار وكانت متساوية في العمر والوزن.. وخلال البحث تم تقسيمها إلى أربع مجموعات، حيث ضمت كل مجموعة «5» أرانب، المجموعة الأولى لم تعط القات طوال فترة البحث، فيما أعطيت المجموعة الثانية المستخلص المائي لأوراق القات لمدة شهر كامل وبمعدل «5» مللي/ جرام، وتم إعطاء الثالثة نفس الجرعة لمدة شهرين، وكذلك المجموعة الرابعة، ولكن لمدة زمنية أطول «3» أشهر..
آثار صحية
وأظهرت الدراسة عدداً من المتغيرات الخارجية التي طرأت على أجسام هذه الأرانب خاصة على العيون والصفن والغشاء المبطن للفم، بالإضافة إلى بعض التغيرات الداخلية خاصة في الكبد والطحال وعضلات القلب من خلال عملية التشريح.. وتم أخذ عينات من خلايا هذه الأعضاء وحفظها في محلول الفورمالين «10%» وتجهيزها للدراسة الهستوباثولوجية وخاصة الكبد والطحال والخصية.. وخلال مقارنة عينات أفراد المجموعات الثلاث مع الأولى اتضح أن أفراد المجموعة الثانية التي تعاطت مستخلص القات لمدة شهر واحد ظهرت عليها أعراض الخمول والكسل ونقص الوزن بنسبة 15% بالإضافة إلى حدوث احمرار بسيط للعينين وكبس الصفن، وعند التشريح لوحظ احمرار واحتقان الكبد والطحال وغشاء القامور والأمعاء الدقيقة.. وأوضحت الدراسات الهستوباثولوجية حدوث تغييرات طفيفة في ترتيب خلايا الكبد وحدوث احتقان في الشعيرات الدموية، وزيادة في قطر الوريد المركزي مع تمدد في الجيوب الدموية للكبد ونقص في عدد كريات الدم الحمراء وزيادة طفيفة في عدد كريات الدم البيضاء.
فقدان الشهية
أما في أفراد المجموعة الثالثة التي تعاطت مستخلص القات لمدة شهرين فقد ظهرت أعراض أشد من أفراد المجمعة الثانية؛ إذ أدى ذلك إلى فقدان الشهية والخمول والكسل ونقص في الوزن، بالإضافة إلى حدوث احمرار شديد للعينين وكيس الصفن وجروح في غشاء الفم.. وعند التشريح اتضح أن هذه المجموعة ظهرت فيها بؤر متليفة وخراريج في الكبد، علاوة على تضخم في حجم الطحال، أما الدراسات الهستوباثولوجية للكبد فقد أوضحت زيادة سمك جدار الأوردة مع تجمعات دموية بداخلها، إضافة لوجود خلايا ليمفاوية في الطحال..
تليف الكبد والمرارة
وفي المجموعة الرابعة والتي تعاطى أفرادها مستخلص القات لمدة «3» أشهر كانت الأعراض أكثر خطورة، ويكفي أنها ابتدأت بموت أحد الأرانب بعد شهرين من تعاطيه مستخلص القات بسبب النقص الحاد في الوزن وفقدان الشهية.. إضافة لذلك فقد طرأت على أفراد المجموعة زيادة في ارتفاع الحرارة، إضافة للأعراض السابقة.. وعند تشريحها شوهد تدهور واضح في كل من الكبد والطحال وتكوين بؤر متليفة فيهما وفي الأوعية المرارية في الكبد والمرارة، واتضح النقص الحاد في كريات الدم البيضاء مقارنة بزيادة ملحوظة في عدد كريات الدم البيضاء وفيما يخص الدراسات الهستوباثولوجية للكبد فقد أوضحت تدهوراً للكبد واحتقاناً شديداً للجيوب الكبدية فيه.. وهو ما أكد أضرار القات الصحية للإنسان والحيوان كما جاء في خلاصة الدراسة.
تتعاطاه أكثر من 45 % بصورة يومية
نساء ينافسن الرجال في مضغ القات !
تعاطي القات في اليمن بين الرجال والنساء ظاهره موجودة في المجتمع اليمني، بل وأصبحت متأصلة فيه ولا أحد يستطيع إنكار هذه الظاهرة، ولكن ما يثير الانتباه أن انتشار هذه الظاهرة بين الفتيات الصغيرات، بل وتفننهن في إعطاء جو مميز لجلسات القات.
تكلفة باهظة لمجالس النساء
دراسة جامعية كشفت أن تكلفة مجالس القات عند النساء في اليمن تساوي ثلاثة أضعاف تكلفة مجالس القات عند الرجال سواء من حيث نوع القات أو من حيث الأشياء التي تقدم مع القات كالماء المعدني والمياه الغازية والشيشة والمداعة فتحضر كل واحدة ومعها شنطة جميلة تحمل مستلزمات القات, وتشير دراسة التي أجرتها معيدة في قسم علم النفس في جامعة صنعاء أن %45,8 في المائة من النساء يتناولن القات بصورة يومية.
وكانت المرأة اليمنية حتى وقت قريب تمنع من قبل ذويها من تناول القات حيث كان من العيب أن تتناول المرأة القات, ومع دخول وسائل الحياة الحديثة انتشر القات بين أوساط النساء بشكل كبير وأصبح للنساء مجالس القات الخاصة بهن مثل الرجال تماما.
وانتشرت ظاهرة تعاطي القات بين أوساط الفتيات وما يصاحبها من استعداد يفوق عند البعض استعداد الكبار لتخزين القات بعض الأسر قالت أن هذا يمثل ضغط على الأسرة خصوصاً إذا كان الأب والأم والأبناء من متعاطي القات, وقيل أيضا انه كانت في الماضي القريب الجدات أو الأمهات هن من يتناولن القات , بينما اليوم أصبح معظم الفتيات يتناولن القات سواء متزوجات أم لا ؟ بل إنه من المستغرب أنه لم يعد هناك من ينكر هذه الظاهرة أو يستهجنها أو يحاول حتى التنبيه للحد من هذه الظاهرة.
قضاء وقت الفراغ
ويرى الكثير من الباحثين الاجتماعيين أن مجالس القات الخاصة بالنساء في اليمن تشكلت بشكل أساسي للقضاء على وقت الفراغ خاصة وأن الرجال يقضون ساعات طويلة من أوقاتهم في مجالس القات الرجالية.. ومجلس القات النسائي عبارة عن مجموعة اجتماعية نسائية مغلقة تضم من خمس أو ست أو عشر أو خمسة عشر امرأة يقضين أوقات فراغهن في مضغ القات وتبادل الأحاديث والشكاوي والنصائح الاجتماعية.
تشوهات خلقية للمواليد
وكان تقرير دولي صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد أشار إلى أن حالات الوفيات بين الأطفال اليمنيين في تزايد مستمر خاصة خلال السنوات الأخيرة حيث يتوفى 107 أطفال من بين كل ألف طفل في المناطق الريفية وأن نحو 79 رضيعاً يموتون من كل ألف رضيع و94 طفلاً دون سن الخامسة من كل ألف يتعرضون للوفاة.
وأرجع التقرير ارتفاع حجم الوفيات بين الأطفال إلى تدهور الرعاية الصحية للأم وخاصة التي تتناول القات أثناء الحمل، إذ إنه وجد أن 78% من النساء لم يقمن بإجراء فحوصات طبية قبل الولادة معظمهن من الريف ويتناولن القات بشراهة ويشاركن في رش المبيدات السامة في زراعة القات، مما كان له دور رئيسي في حدوث تشوهات خلقية للطفل إذا كتب له الحياة بعد الولادة.
وحسب دراسة أعدتها مجموعة من الأطباء اليمنيين في كلية الطب فإن أكثر من 300 حالة تشوه خلقي عند الأطفال نتيجة لمضغ الأب والأم للقات و80% من هذه التشوهات هي خلقية للعمود الفقري التي تأتي مصاحبة لضغط المخ والتوسع في الجيوب المخية، وأن التشوهات الخلقية غالباً ما تحدث للأطفال في الفترات الأولى من التكوين وفي الأسبوع الثالث من الحمل تحديدا.
وأوضح الدكتور أمين الكمالي أستاذ جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري في كلية الطب في جامعة صنعاء أن مضغ الآباء والأمهات للقات وخاصة المرشوش بالمبيدات الكيماوية يلعب دوراً كبيراً في تشوه الأطفال إلى جانب سوء التغذية والتلوث البيئي والاستخدام العشوائي للمبيدات والسموم والتي تعتبر واحدة من أهم الأسباب الرئيسية التي تعمل على زيادة نسبة الإصابة بالتشوهات.. ونصح الكمالي الأمهات الحوامل بتناول فيتامين «حمض الفوليك» الذي يقلل من الإصابة بهذه التشوهات بنسبة 50%، لأن نقص «حمض الفوليك» يزيد من نسبة الإصابة بالتشوهات الخلقية عند الأجنة، كما دعا الجمعيات الخيرية والمراكز الطبية إلى العمل على توفير هذا الفيتامين وتوزيعه مجاناً للنساء الحوامل في مراكز الأمومة والطفولة، كما دعا الأمهات إلى تجنب مضغ الأمهات للقات.
علاقة ليست جديدة
علاقة اليمنيين بالقات ليست جديدة لكن الجديد فيها هو تزايد نسبة الذين يتعاطون هذه المادة لتصل إلى 70% بين الرجال و30% بين النساء في إحصاءات شبه رسمية، وإلى 90% بين الرجال وأكثر من 40% من النساء في إحصاءات غير رسمية, وهذا الإقبال على هذه النبتة الخضراء دفع اليمنيين إلى زراعتها على حساب الأشجار المثمرة والخضار وعلى حساب المياه الجوفية لأنها تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء , الجديد أيضاً تكاثر مجالس القات النسائية التي تقتصر في أغلب الأحيان على الطبقات الاجتماعية المرفهة.
فالقات يعتبر أغلى من اللحم لدى الفئات الاجتماعية الفقيرة , وهو أغلى من الذهب عند الفئات التي تعرف الأصفر الرنان. وبالتالي إذا سلمنا أن هذه النبتة هي من ضروريات الرجال القائمين على مرافق الحياة الاقتصادية، نستنتج أنها تبقى من الكماليات عندما يتعلق الأمر بالنساء اللواتي لا يحصلن عليها إلا إذا استطعن إلى ذلك سبيلا بوسيلة أو بأخرى وتندرج جلساتهن لهذا الغرض في إطار «التفرطة», وكما هو معروف أن تعاطي القات في اليمن علناً وكان يقتصر على الرجال خلال قرون طويلة في الماضي ، إلا أن المرأة اليمنية كسرت هذه القاعدة في السنوات الأخيرة، وباتت مجالس القات النسوية أحد مظاهر الحياة الاجتماعية في اليمن. وفي حين يتساوى الرجال أياً كانت مستوياتهم الفكرية والاجتماعية في المواظبة على «التخزين»، نجد أن المتعلمات أكثر تعاطياً للقات من الأميات.
النساء والقات أكثر من حكاية
تقول إحدى النساء التي «القات يسهم في تشكيل شبكة علاقات تخدم مصالحي، كما أنه مصدر معلومات لا ينضب» حيث يتم خلالها تخزين القات وتدخين النارجيلة وشرب الزنجبيل المخلوط بالحليب , وبالطبع تحرص المدعوات على ارتدا الملابس الأنيقة والجريئة، التي لا نشاهد مثلها في الشارع وكأنهن مدعوات إلى سهرة غنائية أو حفلة زفاف .
وغالباً ما ترتبط هذه المجالس بالرقص والغناء وكأن النسوة مهما كانت مواقعهن المهنية والاجتماعية لا يخرجن من إطار «البسط والانشراح» عندما يكن بمعزل عن الرجال.
وفي حين تصنف بعض النساء الإقبال على هذه الظاهرة بأنها موضة، وأمر عادي لا عيب فيه , وترى أخريات أنها وسيلة باتجاه المساواة.
مهم للسعادة الزوجية
كما أشارت إحدى المخزنات إلى أن تناوله له أهمية للسعادة الزوجية وقالت: بما أن القات منشط جنسي لا بد للزوجة أن تجاري زوجها حتى لا ينصرف عنها إلى أخرى جراء خلل في الرغبة.
أفقد الأسرة وظيفتها
حول أسباب انتشار تناول القات بشكل كبير في الوسط النسائي اليمني وبين الأطفال وخاصة خلال السنوات الأخيرة الدكتورة نجاة محمد صائم خليل الأستاذة المساعدة في علم الاجتماع بجامعة صنعاء وباحثة متخصصة في دراسة ظاهرة انتشار القات بين النساء حضرت رسالة الدكتوراه حول اتجاهات الشباب اليمنيين نحو ظاهرة تناول القات، وكانت عبارة عن تشخيص الاتجاهات ومن ثم عمل برنامج لتعديل الاتجاهات.
ولمعرفة أسباب انتشار تناول القات بين الأطفال في المجتمع اليمني بدأ اهتمامها بهذه الظاهرة منذ العام 1994م حيث قالت نزلت إلى المجتمع اليمني في عام 1994م لتحديد الظواهر المنتشرة التي يمكن أن أدرسها كموضوع لرسالة الماجستير ولفت نظري انتشار هذه الظاهرة بين النساء والتي كانت تعتبر في الماضي عيبا وخاصة بين النساء غير المتزوجات.
والفت الدكتورة نجاة خليل الأستاذة المساعدة كتاباً حول الظاهرة قالت فيه: إن الرجل نفسه هو أحد أسباب إدمان المرأة القات، ودخولها هذا العالم جاء كنوع من المساواة بعد خروجها إلى العمل واستقلالها المادي.
واعتبرت الدكتورة نجاة أن القات أفقد الأسرة اليمنية وظيفتها، وقالت: الجميع يذهبون إلى مجالس القات وبالتالي يعودون في الليل مجرد نزلاء في البيت , أما النتيجة لهذا الواقع فهي انتقال العدوى إلى بقية أفراد العائلة , فالجولة الميدانية في بعض المناطق تظهر أن المراهقين الذين لم يتجاوزوا الخامسة عشرة «يخزنون» عندما تتوافر لهم الإمكانات. من أين يؤمن المال للتخزين؟ الجواب يأتي تلقائياً: «إنه رزق القات».
وأكدت أنه مع مطلع التسعينيات بدأت انتشار تناول القات بشكل كبير بين النساء والأطفال خاصة في المدن وبمعدل غير طبيعي بين طالبات الجامعة.
أسباب الانتشار
وعن أسباب انتشار هذه الظاهرة قالت الدكتورة نجاة أن هناك أسبابا تؤدى إلى انتشار أي ظاهرة فهناك عوامل ثقافية واقتصادية واجتماعية.
فالعوامل الاجتماعية ترجع إلى الانفتاح والتغير في نمط الحياة في المجتمع اليمني فقد كان في الماضي خروج المرأة محددا من وقت العصر إلى قبل المغرب والآن تلاشت هذه العادة بسبب خروج المرأة إلى العمل وتزايد الوعي والدراسة الجامعية، فتعتقد المرأة أن يوم إجازة الخميس والجمعة من حقها أن ترتاح فيها، وبالتالي تخرج لهذه الجلسات من بعد العصر إلى بعد العشاء، وأحيانا قد تتجاوز جلساتها إلى ما بعد الساعة التاسعة دون التزام أو خوف.
وأكدت أن زيادة الوعي ومع تنامي المطالبة بتفعيل مواثيق حقوق الإنسان بدأت المرأة تعتقد أن هذه العادة حق من حقوقها، والطالبة الجامعية الآن بشكل خاص لا تجد حرجا في تناولها للقات ومعرفة الآخرين بأنها تتناوله لأنها تمارس حقا من حقوقها، والرجل يمارسه، وبالتالي تعتقد أنه شيء طبيعي.
إضافة إلى استقلال المرأة المادي فكثير من النساء يشتغلن ويعتمدن على أنفسهن، وبالتالي يرين أنه من السهل جدا؛ لكي يرتحن من متاعب العمل والحياة من حقهن أن يرتحن الخميس، فالقادرة على شراء القات والمعسل قادرة على الخروج لموعدها والتأخر، وبالتالي لا تجد أي مانع من تعاطيها للقات، كذلك الانفتاح على العالم من خلال القنوات الفضائية فنلاحظ أن هناك حاجة مترافقة مع القات لم تكن موجودة قبل التسعينات وهي الشيشة، وحاليا تقدر نسبة متناولات القات في اليمن ب 85 % من عدد النساء أغلبهن من خريجات الجامعات، ومعظم النساء يتناولن قاتا فاخرا وإنفاقهن على شراء القات وجلساته أكثر من إنفاق الرجال.
ومما زاد في الإقبال على القات من الفتيات والنساء العادات الاجتماعية في الزواج والموت والولادة، حيث لا بد ان تجتمع النساء في مجلس يتناول الأغلبية منهن فيه أغصان القات, وتشير الدكتورة نجاة إلى مخاطر اجتماعية عديدة لتخزين المرأة للقات قائلة: القات أفقد الأسرة اليمنية وظيفتها، الكل يذهب إلى مجلس القات الخاص به وبالتالي يعودون في الليل مجرد نزلاء للبيت, وقد تباينت أسباب تخزين نسبة كبيرة من النساء في اليمن للقات وبرغم معرفتهن بالآثار السلبية لهذه العادة إلا أن الشواهد تؤكد أن العدد بازدياد.
وخلال قرون طويلة اقتصر تعاطي القات علنا في اليمن على الرجل إلا أن المرأة اليمنية كسرت هذه القاعدة في السنوات الأخيرة وباتت مجالس القات النسوية احد مظاهر الحياة الاجتماعية في اليمن.
والملاحظ في اليمن أن المتعلمات أكثر تعاطيا للقات من الأميات، فالمتعلمات بدأن ينظرن إلى هذه الظاهرة بأنها موضة وأنها شيء عادي ولا يوجد فيها أي عيب، بينما الأميات مازلن مهتمات بالعادات والتقاليد وثقافة العيب.
وعن الطقوس المصاحبة لتناول القات تعتقد الدكتورة خليل بان هذه الطقوس تعتبر عملية جذب للكثير من النساء، فالمجلس والبخور والغناء والمشروبات كالبيبسي والشعير والزنجبيل والشيشة والمداعة وطريقة الجلسة يكون فيها نوع من التفريغ النفسي، هذه كلها عوامل تجذب المرأة إلى تناول القات,وحول الأمراض الصحية التي بدأت تظهر من القات قالت الدكتورة خليل أن الأمراض الصحية التي تظهر ليست من القات كنبات في حد ذاته، إنما الممارسات التي تحصل فمثلا استخدام المبيدات الكيميائية على القات هذا بحد ذاته أدى إلى انتشار إصابة اليمنيين بالسرطان وطبعا المرأة بشكل أساسي, وأضافت مجموعة من الأمراض أرى بأنها مرتبطة بالقات مثل القلق والاكتئاب وفقدان الشهية والشعور بالذنب، لأن المرأة تترك بيتها وأولادها على الأقل أربع ساعات يوميا على حساب مسؤوليتها تجاههم، وبالتالي ينتابها الشعور بالذنب، وهذا كله ينعكس على الناحية النفسية تحديدا، كما أن هناك مجموعة من الدراسات أجريت تقول أن القات يساعد على ظهورها وانتشارها مثل ارتفاع ضغط الدم.
الآباء يعلمون الأطفال
ولفت نظر الباحثة الأطفال من سن 7 إلى 15 سنة الذين يتعاطون القات بشكل كبير وقالت الدكتورة نجاة خليل: إن السبب الرئيسي لتعاطيهم القات هو الأب؛ لأنه ما دام أعطى الضوء الأخضر فلماذا لا يتعاطاه الطفل فالأب يعتقد انه عندما يسمح لابنه أن يتعاطى القات أي انه يهيئه للدخول إلى عالم الكبار، وفي كل مجتمع محددات لدخول عالم الكبار تجهز الفرد ليصبح صالحا للدخول إلى هذا العالم، فتناول القات من محددات عالم الكبار في المجتمع اليمني.
القات يستقطب الأجانب
وترى الباحثة بأن معظم الأجنبيات المخزنات أتين لعمل دراسات أنثروبولوجية اجتماعية وتعتقد انه من اجل أن تفهم المجتمع اليمني ودراساته خاصة من مستخدمي منهج الملاحظة بالمشاركة، فلا بد من ممارسة ثقافته وبالتالي يجد الأجانب انه لا يمكن فهم المجتمع اليمني إلا من خلال مجالس القات، مثل العلاقات بين الناس والعادات والتقاليد والأعراف.. كما أن الوافدات العربيات المتزوجات باليمنيين وغير المتزوجات يتناولن القات لكي يفهمن مجتمعا جديدا، ويندمجن مع المجتمع وبالتالي لا يشعرن بالاغتراب و يجذبن الأخريات إلى هذه العادة؛ لأنهن يشعرن فيها بالمتعة والراحة وينقلن صورة إيجابية عنها.
تقول أبرز الروايات إنه وقبل زمن بعيد اكتشف ميزات نبات القات المذهلة قطيع من الغنم:
كيف عرف القات في اليمن؟
تعددت الروايات والحكايات وتنوعت الأساطير حول بداية معرفة اليمنيين للقات ومن أهم تلك الروايات التي يتكرر ذكرها في بعض المراجع المنشورة عن القات ما ذكره كتاب (ملوك العرب) لأمين الريحاني نقلاً عن رواية قديمة كان يتداولها اليمنيون آنذاك مفادها أن أحد الرعاة افتقد شاة له من بين القطيع فراح يبحث عنها وبعد مشقة وجدها في حالة استرخاء غريب تحت شجرة خضراء زاهية وفي فمها بعض الأوراق من تلك الشجرة ولاحظ الراعي الماعز وهو يتقفز حول الشجرة بطريقة مرحة وغير عادية , هذا التصرف دفع الراعي إلى تذوق أوراق الشجيرة وسرعان ما أصبح الراعي مرحاً كماعزه واستطاع أن يسهر طوال الليل وهو يصلي ويتعبد، ولم يفطن الراعي عن طريق التجربة, بل كرر مضغ أغصان تلك الشجرة أكثر من مرة وكان يشعر بارتياح كبير حتى أصبح ضرورة وانتشر الأمر.
بدلاً عن شجرة البن
ومنذ ذلك اليوم وأهل اليمن يتناولون القات ويقومون بزراعته ووصل الأمر إلي استبدال شجرة القات بشجرات مثقلات بأجود أنواع البن ، حيث تحول اهتمامهم الزراعي من البن إلى القات،كلمة “القات” قيل أنها استقت من “القوت” (ومصطلح هذه الكلمة في اليمن تعني الطعام وأنه (القات) كان يسمى قديماً بقوت الصالحين، وذلك لأن المتصوفين كانوا أكثر متعاطي القات ليساعدهم على السهر للاستذكار والعبادة والاجتهاد العلمي وغيره فكانوا يسموه ب”قوت الصالحين” لأجل ذلك.‏
أصل مواطن القات
ويختلف الباحثون في أصل مواطن القات فمنهم من قال أن القات دخل إلى اليمن من الحبشة في تاريخ لم يتفق عليه كل الباحثين ولكن بعضهم قدروه بالقرن الرابع عشر الميلادي أو قبل ذلك بقليل والقات أصناف عديدة تختلف نوعيته باختلاف المناطق التي يزرع فيها. وهذا الاختلاف في النوعية يؤدي إلى اختلاف في التأثيرات التي يتركها هذا النوع أو ذاك من القات في جسم متعاطيه فهناك قات يشيع الحزن والكآبة في الشخص، وآخر يبعث البهجة والانتعاش، وغيره يؤدي إلى الأرق الشديد وهكذا وكل هذه الاختلافات مردها اختلاف أنواع التربة التي يزرع فيها القات.‏
مادة غير مخدرة
وتؤكد مختلف الدراسات ألمختبريه التي أجريت حتى الآن من قبل العديد من المراكز والمؤسسات العلمية أن القات مادة منشطة تشحذ الذهن وتبعث على النشاط وليس مادة مخدرة كالحشيش والأفيون والخمر والتي تفقد العقل والصواب وتحيل مدمنيها إلى مخلوقات تعيسة كون القات لا يؤدي إلى تخدير أياً من الحواس الخمس حتى لو طال وقت تعاطيه أياماً وأسابيع متواصلة حيث يؤكد العلماء أنه يحتوي على عناصر كيماوية منها كاثين وإيديولين وأفدرين، وكاثيدين، وحامض التانين وخمسة حوامض كيماوية أخرى، وعشرة عناصر كيماوية ثانوية أخرى.‏ . وممن أدلوا بدلوهم في الحديث عن القات الرحالة العربي أمين الريحاني صاحب كتاب “ملوك العرب” والذي زار اليمن في عام 1922م وحل ضيفاً على الأمام يحيى لمدة ثلاثة أشهر زار خلالها معظم المناطق اليمنية حتى أتم تأليف كتابه المذكور والذي يقول فيه : “القات عند أهل اليمن هو حشيشهم وأفيونهم ومسكرهم وهم يدمنونه إدمان الأوربيين للكحول، وأن في القات على ما يظهر خاصة الحشيش الأول أي الكيف، وشيئاً من خاصة الأفيون المخدر وبعض ما في المسكرات مما ينبه الفكر. وبكلمة أخرى: هو يطرب النفس ويشحذ الذهن ويبعث في صاحبه النشاط ويقويه على السهر والعمل في الليل، ويحدث في المعدة يبوسة وانقباضاً وفي الفم جفافاً وعفونة مثل البلوط فيطلب صاحبه الماء كثيراً”.‏
من كوبنهاجن إلى صنعاء
القات شجرة دائمة الخضرة يطلق على أوراقها الاسم العلمي “كاثا إيدلي” وتنسب علمياً باسم “كاثا أيديولس فور سكالس” نسبة إلى العالم السويدي بيتر فورسكال الذي كان قد رافق كارستن نيبور في رحلته إلى اليمن عام 1763م عند وصوله مدينة يريم أثر مرض عضال أصابه هناك فترك أوراق مذكراته مع رفيق رحلته (نيبور) الذي قام بنشرها بعد ذلك في العام ‏1775م في كتابة المشهور “من كوبنهاجن إلى صنعاء”. ونبات القات عموماً يشبه إلى حد ما النبات المعروف في سلالة (سلاستراسية) النباتية وقد يسمى باسمها ‏(سلاسترس – أيديولس) أو قد يسمى ب”كاثا فور سكالي”... الخ.‏
ويبلغ ارتفاع شجرة القات نحو 9.6 أقدام أو أكثر من ذلك، وهي شجرة معمرة لها قابلية احتمال برودة الطقس وهبوب الرياح، وتكثر زراعتها غالباً في المناطق المرتفعة، والتي يتراوح علوها عن مستوى سطح البحر بين 1000 و2000 متر، وقد تزرع مع أشجار البن في المدرجات الجبلية فتظلل إحداهما الأخرى من الشمس وتقي بعضها بعضا تقلبات الأحوال الجوية. وتتميز شجرة القات بأنها لا تزهر وأن أوراقها ذات خضرة فاتحة وقد يكون في بعضها مسحة احمرار، أما مذاقها فهو عادة قلوي.‏
اختلاف الروايات
ويعتقد بعض اليمنيين بأن الوريقات الخضراء “القات” إحدى نعم الله التي أصبغها بفضله على هذا البلد، الذي اتصف أهله بالحكمة ورهافة المشاعر.. ومن منطلق هذه الحكمة، نسج اليمانيون حكايا وفضائل عن هذه النبتة “المدمّرة”، أبرزها تناسي الفئات المتعاطية همومهم المتعلقة بالفقر والمرض والبطالة، وما تبعثه فيهم من نشاط حيوية وسكينة في توطيد العلاقات الاجتماعية وعقد الصفقات ونزع فتيل الأزمات المتصاعدة بين الخُصوم والمتنافسين على كافة الأصعدة. . والحديث عن البدايات الأولى عن القات يقودنا لأزمنة مُوغلة في القدم شعائرها محصورة بين علية القوم حتى عام 1803م وفي القرن التاسع عشر انتشرت زراعة القات من جراء السياسة الضريبية التي مارسها الحُكم العثماني آنذاك على المحاصيل الزراعية ولاسيما البن, وما أن جاءت ثورة 26 سبتمبر 1962م حتى ساهمت عوامل عديدة في التوسّع في زراعته أبرزها: الانفتاح على العالم، وظهور الأسواق على امتداد الوطن اليمني، والهجرة إلى المُدن الداخلية والدول الخارجية، إضافة إلى تساهل الناس في زراعته وتعاطيه, نظرا لعائداته وملاءمته لكافة دخول فئات المجتمع والشرائح الفقيرة منها، فكسا الكثير من جبال شمال الوطن، زاحفا نحو السهول في جنوب الوطن.
أوهام ومكاسب خاسرة
وفي ظل الأوهام التي تسيطر على شريحة واسعة من المواطنين بأن أسواق القات تفتح أمام العاطلين فرص عمل، وكسبا مرتهنا بمدى الإقبال على القات بأصنافه المتنوّعة، ورغم حقيقة ذلك ومردودة الاقتصادي والاجتماعي على مستوى القوى الزراعية العاملة والفئات الأخرى العاطلة، حيث يوفر فرص عمل لحوالي 14%من العاطلين، ويعمل 33% من القوى العاملة الزراعية في مجال زراعته، فضلا عن استيعاب أعداد كبيرة موزعين وبائعين له على مستوى أسواق الوطن، ممّا يُدر أرباحا طائلة لتُجّار القات، ويبعد شبح الفقر عن عوائل المشتغلين فيه.. فإن التقارير تشير إلى أن الدولة استوعبت ما يترتب على هذه المكاسب الواهية من مخاطر اقتصادية، اجتماعية، صحيّة، وبيئية الخ جُملة من الأضرار يسببها القات على الإنسان والبيئة ومستقبل الوجود البشري وتطوّره.
أنواع وأسعار متعددة
وكما هو معروف القات أصناف عديدة من الجودة ولكل صنف منها ثمن، كما أن نوعياته تختلف وأسعاره كذلك من وقت لأخر، فقد يبلغ ثمن الربطة أو الحزمة الواحدة من القات الجيد ما بين 3000 - 5000 ريال يمني في الصيف، بينما يكون في الشتاء بين 15-20 ألف ريال، ولكل محافظة أصناف معروفة بجودتها من القات الذي يزرع محلياً في مناطقها أو يجلب إلى أسواقها من محافظات أخرى إن كانت من المحافظات غير المنتجة للقات، وعموماً فإن هناك أكثر من 37 نوعاً من القات الأكثر شهرة وانتشاراً في الأسواق اليمنية المختلفة، منها الذحلة نسبة إلى مناطق عنس بمحافظة ذمار , والشامي نسبة إلى مناطق المحابشة بمحافظة حجة وأفلح الشام , والبرعي نسبة إلى مناطق من برع بالحديدة , والقطيني , والاهجري نسبة إلى منطقتي بيت قطينة والاهجر بمحافظة المحويت , والغيلي نسبة إلى مناطق من خمر محافظة عمران , والهمداني نسبة إلى مناطق همدان ابن زيد بمحافظة صنعاء , والوهاسي وينتشر بكثرة في صنعاء وينسب إلى إحدى مناطق عمران، والأرحبي نسبة إلى منطقة أرحب، والضلاعي نسبة إلى ضاحية ضلاع بصنعاء,‏ والصبري بتعز.
260 مليون شجرة قات
تشير التقديرات الإحصائية لهيئة البحوث الزراعية التي أجرتها عام 2007م إلى أن عدد أشجار القات أن في اليمن أكثر من 260 مليون شجرة قات تتوزع على مساحة تقدر ب250 ألف هكتار، بما نسبته 5.26 في المائة من الأرض الصالحة للزراعة وحوالي 7.2 في المائة من مساحة الأراضي المزروعة بالمحاصيل و73.6 في المائة من مساحة الأرض المزروعة بالمحاصيل المستديمة ، تستنزف أكثر من 50% من مخزون المياه.
وطبقا للدراسة التي أعدها أحمد عبد الله جحاف الباحث المتخصص بحوض مياه صنعاء عام 2009م فإن هناك أعددا هائلة من الآبار الإنتاجية في حوض صنعاء جلها تستخدم لري شجرة القات، والتي بلغت 7 آلاف و963 بئرا إنتاجية من إجمالي الآبار المحفورة على الحوض والبالغة 13 ألفا و425 بئرا حتى عام 2002م، حسب تقرير وزارة المياه والبيئة.
400 نوعاً من القات
وتنتمي شجرة القات إلى عائلة القاتيات أو الحرابيات، وتحتوي هذه العائلة على 400 نوع، ويزرع القات على ارتفاع 1000-2400م فوق مستوى سطح البحر، ويحتاج إلى درجة حرارة تتراوح بين 16-25، وكمية أمطار تتراوح بين 213- 527 مم3.. وإلى جانب اليمن يزرع القات في إثيوبيا، وكينيا، والصومال، وتنزانيا، وتمتد زراعته باليمن في كثير من المناطق بعد أن كانت زراعته محصورة في محافظتين هما: تعز، وآب، وتصل المساحة المزروعة بالقات إلى حوالي 250 ألف هكتار.
ويقدر عدد متناولي القات في اليمن ب7 ملايين شخص من عدد السكان 70%من الرجال و30% من النساء، مخترقا صفوف المراهقين والأطفال في العشر السنوات الأخيرة، ويخصص اليمنيون مجالس لتناول القات يطلقون عليها تسميات مختلفة مثل الديوان، أو الطيرمانة، أو المفرج، وتكون في الغالب في أعلى دور بالمنزل، ويتم اعتبار ذلك عند بداية بناء المنزل والتخطيط له.
دعوات لوقف زراعته
وقد برزت في الآونة الأخيرة دعوات كثيرة من منظمات دولية ومحلية تحذر من خطورة شجرة القات على المخزون المائي مما حدا بالكثيرين إلى المطالبة باستيراد القات من إثيوبيا بدلا من زراعته في اليمن حفاظا على ما تبقى من المخزون المائي الشحيح أصلا.. وكانت آخر تلك الدعوات من رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح للسلطة المحلية بمحافظة ذمار يوم 2 فبراير 2009م داعيا إياهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع زراعة القات بقاع جهران بما يكفل استغلال أراضي القاع في زراعة المحاصيل الزراعية الغذائية، وتزامنا مع هذه الدعوة أصدر المجلس المحلي قرارات بمنع زراعة القات في القاع، لكن الواقع يقول إن القاع يتعرض لهجوم غير عادي من مزارعي القات حيث يعد قاع جهران من أفضل القيعان الزراعية في اليمن، وقد ازدادت نسبة زراعة القات في القاع في عام 2008م من 100 إلى 150 لبنة بعد أن كانت المساحات المزروعة خلال العام 2007 م تتراوح بين 15 إلى 20 لبنة في كل قرية.. وفي ظل هذه الأوضاع التي تعيشها كثير من المدن اليمنية ومنها العاصمة صنعاء التي باتت تتجه نحو جفاف حوضها المائي لتصبح أول عاصمة بالعالم تعاني من الجفاف.
آثار سلبية
تؤكد الإحصاءات التقديرية الصادرة عن مركز الدراسات والبحوث في جامعة صنعاء زيادة نسبة متعاطي القات في اليمن وخصوصاً في السنوات الأخيرة وبشكل كبير جداَ حيث تشير بعض التقارير أنهم يشكلون ما يزيد عن 95 بالمائة من مجموع سكان المدن البالغين رجالاً ونساءً وما بين 75-80 بالمائة من سكان الريف، وحسب أسعار القات التي تخضع للتفاوت وزيادة الطلب وليس لتسعيرة محددة، فقد أرتفع سعر الجرعة المثالية الكافية للمستهلك العادي جدا اليوم من 500 ريال في فصل الصيف إلى 5 آلاف ريال، ومعروف أن أسعار القات تتفاوت كما ذكرنا سابقاً حسب المستوى المادي والمعيشي ومستوى الدخل بالنسبة للفرد بين للفرد فبين من يكتفي بدفع 1500 - 3000 ريال 5 -15 دولارا ثمة من يدفع 10 - 15 ألف ريال كثمن للجرعة. كما تتفاوت أسعار القات حسب نوعيته وجودته بين الهمداني، أو الغيلي ، المطري ، الصعدي، الحيمي , أو الصبري وهكذا الخ.‏
وأرجعت الدراسات والبحوث الزراعية أسباب ارتفاع أسعار القات من عام لأخر ناتج عن تزايد عدد متعاطين سبب في تزايد إقبال المزارعين في اليمن على زراعته بشكل كبير على حساب بقية المحاصيل الزراعية الأخرى، كما أنه يستنزف أكثر من 60 بالمائة من موارد المياه الجوفية في اليمن.‏
مخدر أم لا
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أدرجت القات ضمن قائمة المخدرات غير أنه قيل انه استبعد من القائمة بعدما ثبت عدم احتوائه على مواد مخدرة. وسواء احتوى مواد مخدرة أم لا، أو كان هو السبب الرئيسي وراء نشوب الكثير من المشاكل والخلافات من عدمه، فإن ما يعزز جذور هذه النبتة، هو الاعتقاد السائد لدى معظم اليمنيين ممن يتعاطونها بقوة مفعولها في تحفيز القدرات الذهنية، علاوة على تأثيرها على القدرة الجنسية لدى الرجال والنساء على حد سواء.
نمو الطلب على القات
أشارت دراسة ميدانية حديثة أعدها مركز البحوث الزراعية في كندا بمشاركة عدد من الخبراء اليمنيين، إلى أن القات يحتل حاليا المرتبة الثانية في قائمة المحاصيل النقدية من حيث المساحة المزروعة وحجم الإنتاج الزراعي والناتج المحلي، ويمثل حاليا حوالي ‏6.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي و30 في المائة من إجمالي الإنتاج الزراعي، ونتيجة لنمو الطلب على القات خلال السنوات الأخيرة، زادت المساحات المزروعة به على نحو مطرد ليحتل نحو 9.5 في المائة من إجمالي الأراضي الزراعية في البلاد.
وكان تقرير رسمي ذكر أن القات احتل المرتبة الأولى في قيمة المنتجات الزراعية في اليمن إذ بلغت قيمة إنتاجه قبل ثمانية أعوام نحو 127 مليار ريال بزيادة 14 مليار ريال عن العام 2003م وجاءت الفواكه في المرتبة الثانية بنحو 77 مليار ريال. في حين تقدر قيمة إنتاجه اليوم بالضعفين.
وتنتشر معظم مزارع القات في مناطق الأرياف التي يقطنها 75% من السكان المشتغلين بالزراعة والرعي. وتعتبر زراعته في هذه المناطق نشاطا استثماريا مهما بالنسبة إلى الكثير من الأسر الريفية، وخصوصا أن المزارعين يعتمدون في زراعته وريّه وحصده وتسويقه على أفراد الأسرة الذين لا يتقاضون آية أجور، وغالبيتهم من النساء. وقليلا ما يلجأ هؤلاء المزارعون إلى الاستعانة بأيد عاملة من خارج الأسرة، خصوصا في المزارع الكثيفة، ربما بسبب الأجور المرتفعة التي يفترض أن يحصل عليها العاملون في مزارع القات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.