استبق الرئيس عبدربه منصور هادي جمعة “استقلالية القضاء” بإصداره الخميس الفائت قراراً بتعيين القاضي هزاع اليوسفي, أميناً عاماً لمجلس القضاء الأعلى والقاضي رشيد محمد عبده هويدي, رئيساً لهيئة التفتيش القضائي في وزارة العدل.. كما صدر القرار الرئاسي رقم “10” لسنة 2012م وقضى بإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى، حيث استبعد اثنان من أعضاء المجلس وعُيّن بديلاً للأمين العام القاضي محمد الغشم الذي قدّم استقالته مطلع الأسبوع الفائت بسبب الاحتجاجات القضائية التي ستُكمل شهرها الثالث على التوالي قريباً. لم تمنع تلك القرارات الجمهورية من احتشاد الجموع بساحات الحرية والتغيير في أكثر من محافظة لأداء الصلاة في جمعة “استقلالية القضاء”.. الحشود ردّدت هتافات تطالب باستقلال القضاء وإخراج المفسدين من دوائره، وناشدت رئيس الجمهورية بسرعة اتخاذ قرارات تفعّل دور القضاء بعيداً عن الفساد والولاءات السياسية والحزبية والمناطقية. وكان الرئيس هادي قد التقى الثلاثاء الفائت أعضاء مجلس القضاء ورؤساء وأعضاء المنتديات القضائية من المحافظات اليمنية لتدارس سبل الاستجابة للاحتجاجات وإعادة الأوضاع في المحاكم إلى طبيعتها. بدوره وقبل “10” أيام فقط بدأت محاولات مجلس القضاء الأعلى في إيجاد حلول تنهي «ثورة القضاة» بالفشل واصطدمت بإصرار المنتديات القضائية على عدم التنازل عن مطالبهم. وقال القاضي ياسر العمدي, المسؤول الإعلامي للمنتدى القضائي في محافظة تعز ل “الجمهورية”: إن القرارات الرئاسية الأخيرة رغم إيجابيتها إلا أنها لا تلبي كافة مطالب السلطة القضائية, وأكد القاضي العمدي أن الرئيس هادي تفهّم مطالب السلطة القضائية بصورة إيجابية.. وكشف العمدي عن 3 مطالب عاجلة ومتوسطة وآجلة تم الاتفاق بشأنها مع الرئيس هادي تتمثّل في إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى, وإقرار موازنة السلطة القضائية كما أقرّها مجلس القضاء الأعلى, وتوفير الحماية للقضاة والعاملين في المحاكم والنيابات. وقال القاضي العمدي: إن تلك المطالب “عاجلة” وفي حال تحقيقها كاملة غير منقوصة؛ فإن القضاة سيعودون إلى مزاولة أعمالهم وبدوامين صباحي ومسائي لإنجاز قضايا الناس المعلقة بسبب الاحتجاجات. من جهته شنَّ المسؤول الإعلامي للمنتدى القضائي في أمانة العاصمة القاضي نبيل الجنيد هجوماً لاذعاً على الاتفاقات التي حصلت الأسبوع الفائت وجاءت نتيجتها إجراء تعديلات في مجلس القضاء الأعلى. وقال القاضي الجنيد ل “الجمهورية”: إن المنتديات القضائية أغفلت مبدأ الاستقلال القضائي؛ وتتمسّك بالاستقلال المالي والإداري فقط، في حين أن ما يهم المواطن بالدرجة الأساسية هو خضوع الحاكم والمحكوم إلى مبدأ سيادة الدستور والقانون. وأضاف: لم تتمسك المنتديات حال التفاوض مع رئيس الجمهورية بضرورة إشراك القضاة المعنيين بإنفاذ القانون وتحقيق العدالة في المجتمع بلجنة إعادة صياغة الدستور من خلال وضع رؤية شاملة حول كل ما يتعارض من نصوص دستورية مع نص المادة “149” منه. وقال الجنيد بأسى: “ثورة القضاة” قامت إلى جانب ما ذُكر في إبعاد القضاء عن أي محاصصات سياسية, حزبية, مناطقية, أمنية، فإذا بنا نقع في المحاصصات عند اختيار تشكيل مجلس القضاء الأعلى. مضيفاً: «ثورة القضاة أجهضت بفعل العمل السياسي». ويبدي عدد من منتسبي القضاء تخوفاً مما أسموه “المحاصصة المناطقية” وغيرها من الأمور التي اعتبروها مربكة لأداء السلطة القضائية في البلاد وقد تضاعف من مشكلاتها مستقبلاً.