منذ عقود وغاية اليمنيين أن يكون لديهم جيش وطني ولاؤه لله ثم الوطن والشعب، جيش مبني على الإطار المؤسسي يكون الضامن والحامي لكل المكتسبات الوطنية ووحدة البلاد. هذه الغاية تجسّدت بميلاد المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس عبدربه منصور هادي، بتاريخ 19 ديسمبر من العام 2012، بإعادة هيكلة الجيش الذي قضى مكوناته الرئيسية: (القوات البرية، القوات البحرية والدفاع الساحلي، القوات الجوية والدفاع الجوي، قوات حرس الحدود، الاحتياط الاستراتيجي) والذي قوبل حينها بارتياح شعبي وتأييد دولي، ومثل علامة فارقة وأرضية صلبة انطلق من خلالها فريق (بناء الجيش والأمن) في مؤتمر الحوار الوطني، لوضع اللبنات الأولى لبناء جيش وطني وفق الأسس العلمية الحديثة. الرؤية الاستراتيجية للانتقال بمخرجات الهيكلة للجيش إلى الواقع العملي وبشكل يضمن جدية وفاعلية خطوت الانتقال وفقاً لأسس علمية تطلبت المشاورة والاستعانة بوجود خبراء، وعلى ضوء ذلك تم استقدام خبراء من المملكة الأردنية الشقيقة للاستفادة من خبرتهم. كما أن فريق (بناء الجيش والأمن) أحد مكونات الفرق ال (9) التي عملت في مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في 18 مارس 2013م، واستمر حتى 25 يناير 2014م، بدأت بصياغة القرارات ووضع المواد الأساسية المعنية ببناء الجيش بالصورة الحديثة والعلمية وبشكل توافقي بين رئاسة وأعضاء الفريق التي مثلت العديد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني. الأهداف العامة لفريق (بناء الجيش والأمن) تمثلت في أسس بناء الجيش وطنياً ومهنياً، ومدى توافق مخرجات إعادة هيكلة الجيش مع تلك الأسس، ودور الجيش في الحياة السياسية، وأن تكون مؤسسة الأمن هيئة مدنية. باشر الفريق عمله للفترة الأولى بتاريخ 13 4 2013م وخرج بمخرجات الفترة الأولى تضمنها التقرير العام الختامي ثم باشر عمله للفترة الثانية بتاريخ 13 72013م تم خلالها مناقشة الآراء وتقديم الرؤى والأفكار والدراسات والاستفادة من المحاضرين الأكفاء، وكذلك تضمن عملهم زيارات ميدانية لدوائر وفروع ومقرات وزارتي الدفاع والداخلية والأمن السياسي والقومي والالتقاء بالمسئولين فيها من أجل استيعاب أطروحاتهم ووجهات نظرهم ومشاكلهم. بذل الفريق جهوداً مضنية حقق فيه الكثير من الأهداف وتجاوز كل الصعوبات ووضع السياسات والاستراتيجيات المخطط لها بنجاح من خلال النتائج والمخرجات والقرارات والتوصيات التي توافق عليها الفريق، آخذين بعين الاعتبار ضرورة أن تنسجم مع مخرجات وقرارات فريق القضية الجنوبية وفريق بناء الدولة. أول وأبرز قرارات الفريق كمبادئ دستورية هو: أن القوات المسلحة ملك الشعب مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها ووحدة وسلامة أراضيها وسيادتها ونظامها ويحظر على أي فرد أو هيئة أو حزب أو جهة أو جماعة إنشاء أية تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية تحت أي مسمى. ومن مضمون القرارات التي تعد غاية في الأهمية وتلبية لطموح الشعب هو: تحييد الجيش والأمن والمخابرات عن المشاركة في الانتخابات والاستفتاء سواء بالاقتراع أو الترشح أو القيام بحملات انتخابية لصالح أي من المرشحين فيها حماية لها من أي اختراق سياسي. وكذلك تجريم ممارسة العمل الحزبي لمنتسبي القوات المسلحة والأمن والمخابرات وتجريم أي نشاط لصالح أي حزب سياسي أو تنظيم أو جماعة سياسية في أوساط القوات المسلحة والأمن والمخابرات ويحظر تسخير القوات المسلحة والمخابرات لصالح حزب أو جماعة أو فرد صيانة لها من التبعية بكل صورها وأشكالها والانتماءات الحزبية بكل أنواعها، وذلك ضماناً لحياديتها واستقلالها ويحدد قانون أقصى العقوبات لذلك ومنها الطرد من الخدمة والتجريد من الرتبة العسكرية.. كما أنه لا يحق مطلقاً تعيين أي من أقارب وأصهار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس السلطة التشريعية ووزيري الدفاع والداخلية ورئاسة المخابرات لأي من أقاربهم حتى الدرجة الرابعة في أي مناصب قيادية في الجيش والأمن والمخابرات خلال مدة عملهم في تلك المناصب. توصيات الفريق نصت على إعادة جميع المتقاعدين والمقصيين والمنقطعين قسراً جراء حرب 1994م، إلى أعمالهم ووظائفهم ومنحهم كافة مستحقاتهم من رتب وتسويات وتعويضهم عن الفترة السابقة وتطبيق استراتيجية المرتبات عليهم بما في ذلك أصحاب خمسة أرقام الذين صدرت قرارات بعودتهم عام 1990م وتشكلت لهم لجان عام 2006م و2007م ولم يتم تنفيذ ذلك. بلورة عمل مخرجات الحوار وإصرار الرئيس عبدربه منصور هادي على إعادة البناء للجيش والأمن وفق الإطار المؤسسي ورفع المظالم.. تم ترجمتها على الواقع العملي وذلك بإصدار رئيس الجمهورية قراراً جمهورياً بتاريخ 11 سبتمبر من العام 2013م بإعادة (795) من ضباط القوات المسلحة والأمن من أبناء المحافظات الجنوبية إلى الخدمة كدفعة أولى.