التلوث البيئي الذي يتعرض له المجتمع يزداد انتشاره وتتنوع مصادره ويرتفع معدل المخاطر التي تنشأ عنه؛ باعتبارها تصيب حياة المواطنين بشكل مباشر وغير مباشر. وتشير الإحصائيات إلى تصدّر اليمن المرتبة الأولى على مستوى الوطن العربي من حيث انتشار مرض «الأورام السرطانية» ويقدر عدد من يصيبهم «السرطان» من المواطنين اليمنيين بحوالي «22» ألف شخص سنوياً، وتصل نسبة الوفيات منهم إلى 60 % من هذا العدد. عوامل الإصابة ب«السرطان» متعددة بحسب تأكيدات الباحثين وخاصة في اليمن؛ وذلك بسبب انتشار استخدام المبيدات السامة «المحرمة دوليا» في رش الفواكه والخضروات والقات، وكذلك العوادم الصادرة عن المركبات والشاحنات والدراجات النارية. وهناك عامل آخر لانتشار الأورام السرطانية يؤكد عليه بعض الباحثين والدراسات وهو «التلوث الإشعاعي» الناتج عن أبراج «الهواتف النقالة»، وكذلك استخدام الأجهزة بشكل مفرط من خلال تأثير الموجات المنبعثة منها؛ كون التلوث الصادر عن مصدر الطاقة المستخدمة يحتوي على الأشعة الكهرومغناطيسية، مما تصيب الإنسان بأمراض خطيرة. وخلصت دراسة لعلماء فنلنديون إلى أن الأمواج الكهرومغناطيسية المنبعثة من أجهزة الهواتف الخلوية تؤذي الخلايا في الغشاء الحيوي الذي يحمي الدماغ من السموم وتصيب الأنسجة البشرية بالضرر. وأكدت دراسة حديثة أوردها أحد المعاهد البريطانية المختصة ببحوث السرطان أن الإشعاعات الناتجة عن «أبراج الهاتف» لها تأثير على الخلية وتفاعلاتها الكيميائية في جسم الإنسان ونسبة السوائل في الجسم وتتسبب في سرطان الدم «اللوكيميا» وسرطان الثدي لدى النساء وأمراض الجهاز العصبي المركزي ومنها الزهايمر، كما أنها تؤدي إلى نقص في القدرة البدنية والذهنية وتؤثر في تطور ونمو الجنين، وقد تحدث عيوباً خلقية، وتؤثر في خصوبة النساء، وكذلك تشكل خطورة على صحة الأطفال. وأكد عالم الكيمياء الألماني «فرايد لهايم» أن إشعاعات الهاتف المحمول تضرب خلايا المخ بحوالي 215 مرة كل ثانية، مما ينجم عنه ارتفاع نسبة التحول السرطاني بالجسم إلى 4 % عن المعدل الطبيعي، وحذر العالم الألماني من مخاطر محطات تقوية الهاتف المحمول؛ كونها تعادل في قوة إشعاعها الناتج قوة مفاعل نووي صغير.. ويرى اختصاصيو طب المجتمع في الدول العربية أن تدني الوعي بمخاطر هذا التلوث وتفشي الفساد المالي والإداري وغياب الضمير أدى إلى استغلال الشركات العاملة ونصب معداتها وأبراجها بشكل عشوائي في المنطقة العربية وعدم التقيد بالمعايير الدولية، إضافة الى عدم إجراء الفحص البيئي الروتيني المستمر لحدود «مستوى التلوث». موضحين أن الدول المتقدمة تمنع وضع هذه الأبراج على أسطح المباني، ولا يسمحون إلا بوضعها في أماكن بعيدة عن المساكن. ولهذا يجب تنفيذ حملات توعوية للجمهور حول كيفية التعامل مع هذه المخاطر. يذكر أن منظمة الصحة العالمية الدولية لبحوث السرطان أعلنت في العام 2011م تصنيفها للمجالات الكهرومغناطيسية من الهواتف المحمولة وغيرها من المصادر أنها «قد تسبب السرطان للبشر»، وقد رافق ذلك توصيات للعامة بالحد من التعرض لها، كما حذرت الآباء والأمهات بتجنيب الأطفال الصغار من التعامل المفرط مع تكنولوجيا الاتصالات. وعلى ضوء بعض هذه الدراسات قد تكون شركات المحمول في اليمن إحدى عوامل انتشار الأمراض السرطانية خاصة مع انتشار أبراج الهواتف على أسطح المباني السكنية ووسط الأحياء التي تشهد تجمعات سكانية كبيرة. وهو ما يتطلب تحرك منظمات المجتمع المدني لنشر التوعية بين المواطنين وإيجاد حل يبعد عنهم هذه الكارثة.