الانتحار هو عبارة عن سلوك عدواني أشبه بمرض السرطان القاتل والذي في ظله يفقد المرء الأمل المنشود من الحياة كونه قد وصل إلى الاستسلام والخلاص من الفقر المدقع أو التعسف الأسري أو الانفلات الأسري بفقره أو بغناه واللامبالاة بمسئوليتهم تجاه الأبناء.. وقد أجرينا هذا التقرير المتواضع للتقصي حول هذا الموضوع في زيارة لبعض مناطق وقرى الريف في مديرية جبل حبيشي والوصول مبدئياً إلى الجزء الأكبر لتلك الأسباب فإلى الحصيلة المأساوية الناجمة عن تلك الكوارث. عوز وانهيار أسري انتحار لفتاة شابة عمرها لا يقل عن “16” عاماً “م. ع. ع” وقعت ضحية الأم المشلولة والخالة المختلة عقلياً والأب الحاضر السائب والفقر الجاثم هذه العوامل قادت إلى طريق مسدود من سوء المعاملة واللامبالاة من الأب ولقمة العيش التي أصبحت عالقة وعائقة أمامها لا تصلها إلا بشق الأنفس للفقر المدقع الذي خيم على الأسرة .. يخيم معظم الأسر ضحايا تلك الأسباب وهذه الفتاة لجأت إلى خيار الشنق يصعب تصوير الجثة المتفحمة نتيجة تجلط الدم!. انتحار ميسور شاب في العشرينيات رغم رفاهيته وعاطفية والديه إلا هناك عوامل أخرى لم نستطع الكشف عنها مراعاة لمشاعر ذويه رغم معرفتنا بحالتهم المادية ميسورة إلا أن المذكور حسب تداول أخبار الأهالي مصاب بحالة نفسية وهو ما لم يقتنع به البعض.. والمعروف أن من يقدم على مثل هكذا يدل على أن ثمة أبواباً أوصدت أمامه نحو المستقبل وسبل العيش الكفيلة. ثالثهما ورابعهما.. انتحرا شنقاً شابان أيضاً لقيا حتفهما شنقاً ليس بفعل فاعل وإنما رأى أن الحل الأوحد للخروج من حياة البؤس والشقاء هو اللجوء إلى هذا الخيار الذي لا يقبل الحسبة أو التراجع مما يدل على أن الأوضاع ليست مستقرة بل تنذر بمزيد من ارتكاب هذه الحماقات التي لا تمت بصلة إلى الدين الذي نهب عن ذلك وحث المؤمن أن يقبل على الحياة لا على الموت إن كان فيه ذرة إيمان ولا يلبي رغباته الشيطانية التي ستقوده إلى نار جنهم. آراء وجهاء المنطقة وشخصيات اجتماعية هناك تطابق في الرؤى بنسبة 95 % ممن التقيناهم عن ما آلت إليه المنطقة وريفها فقد أوضح الشيخ خالد غالب حسان اسماعيل أحد مشائخ جبل حبشي عن وصول الشباب أو الشابات في مثل هكذا فعل نظراً لتردي الوضع المعيشي وافتقار أولياء الأمور للبطالة التي داهمت أرياف الوطن عموماً مع انشغال الدولة وضعفها عن توفير سبل العيش الرغد بل والمتواضع أيضاً ولو من باب التعاطف لمثل هكذا أسراً وأكثر ما يعانيه المواطن في الريف عنه في الحضر.. فالانتحار ازداد مداه واتسعت رقعته وإذا لم تضع الدولة حلولاً عاجلة لا لمديرية جبل حبشي وحسب وإنما لكافة قرى وأرياف اليمن عموماً حتى لا يفقد المواطن مصداقية الدولة التي باتت ثروات الأوطان يتقاسمها أناس لا هم لهم سوى التسابق في النهب والسلب بدلاً من سباق التقدم الحضاري وبناء الإنسان للحياة الكريمة في كل المستويات.