قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عاجل: الحوثيون يعلنون قصف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر وإسقاط طائرة أمريكية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر    أجواء ما قبل اتفاق الرياض تخيم على علاقة الشرعية اليمنية بالانتقالي الجنوبي    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الداخلية رصدت قرابة 5 آلاف حادثة منذ 95م.. ووقائع مأساوية تُنشر لأول مرة
الانتحار.. طريق إلى الهروب من الفقر والضغوط النفسية
نشر في الجمهورية يوم 05 - 11 - 2013

ارتفعت حالات الانتحار بين اليمنيين إلى معدلات غير مسبوقة وبواقع حالة انتحار مسجلة كل يوم على الأقل، ويتصدر الشباب قائمة الضحايا بنسبة تتجاوز 50 %، هذه الحالات المعلنة يتوقع أن تكون اقل بكثير مما هو قائم على الأرض، مع تدني مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة إلى سقوف قياسية.
بداية ينبغي القول إن الانتحار - طبقاً للخبراء الاجتماعيين والنفسيين- هو قرار يأخذه الشخص من أجل إنهاء حياته بقتل نفسه بإرادته واختياره لأسباب يعتقدها بأن مماته أصبح أفضل من حياته، وفي التعريف السيكولوجي: هو شكل متطرف من سلوك إيذاء الذات الذي يحدث لدى الأفراد المكتئبين بدرجة كبيرة.
حالات انتحار
يوم الأربعاء الماضي أقدم خمسة يمنيين (منهم أربعة شبان) على الانتحار شنقاً في كل من أمانة العاصمة ومحافظات صعدة والحديدة والمحويت.
وذكرت وزارة الداخلية اليمنية أنها سجلت وقوع حادثتي انتحار منفصلتين أقدم عليهما شخصان تتراوح أعمارهما بين 24-30عاما، أحدهما انتحر في مديرية صنعاء القديمة عن طريق شنق نفسه بشال، والآخر من سكان مديرية آزال الذي انهى حياته بالطريقة ذاتها.
أما حادثة الانتحار الثالثة فقد كان ضحيتها شاب من أهالي محافظة صعدة قالت الشرطة أنه ربط عنقه بحبل في منزله، ما أدى إلى وفاته فوراً, وبحسب الداخلية فقد سجلت الشرطة في مديرية المنصورية بمحافظة الحديدة، حادثة الانتحار الرابعة، مشيرة إلى أن رجلاً (65 عاماً) يعاني من حالة نفسية أقدم على الانتحار بشنق نفسه على شجرة في حوش منزله.
وبالنسبة لحادثة الانتحار الخامسة فقد أقدمت عليها فتاة (25 عاماً) بإلقاء نفسها في بركة ماء بمديرية حفاش محافظة المحويت ،لأسباب أسرية.
حالات انتحار غريبة
رجال ونساء وحتى أطفال اختاروا الموت انتحاراً في وقائع مأساوية ظل بعضها ممنوعا من النشر، غير أن الباحث والكاتب الصحافي أنور نعمان راجح، يمكنه رواية العديد من حالات الانتحار التي وقعت في بلدته الريفية في محافظة تعز الجنوبية: “خلال السنوات الأخيرة تجاوزت حالات الانتحار في قرية “السبد” عزلة الأعبوس مديرية حيفان 30 حالة تقريباً، ما بين رجال ونساء وأطفال، الظاهرة بدأت بانتحار رجل متزوج على خلفية مشاكل اجتماعية، وبعده بشهر انتحرت شقيقته الصغرى، ثم الكبرى، وبعد هذه الثلاث الحوادث اشتهرت المنطقة بالانتحار وتسارعت الحالات”.
يضيف: “من حالات الانتحار الغريبة التي شهدتها المنطقة، رجل تجاوز ال 45 من عمره انتحر شنقاً في اعلى غصن احدى الأشجار، وفي الصباح تجمع الناس حول الحادثة، وإذ بأحد الحاضرين ينتقد المنتحر (المتوفى) وقال لماذا انتحر في اعلى الشجرة لو كان نزل شويه، المفاجأة أن في الأسبوع التالي وجد الناس الرجل المنتقد منتحراً في الشجرة المجاورة، بفارق أنه انتحر في الغصن الأقرب إلى الأرض..”.
أطفال ينتحرون
يتابع نعمان راجح: “امرأة توفي زوجها وترك 3 أطفال في مسكن بسيط، مكون من غرفة واحدة تقريباً، وبعد ثلاثة أو أربعة اشهر من وفاة الأب انتحرت الأم وتركت الأطفال الذين تقاسمهم الأهل في قرى متباعدة.. طالب كان يدرس في المرحلة الأساسية بمدرسة الفتح اختلف مع أحد معلميه، حيث منعه المعلم (المدرس) من تناول الشمة داخل الفصل الدراسي، غادر الطالب الفصل وحينها اختلف أيضاً مع مدير المدرسة، وبدأ يشتم المدرس والمدير، فالمدير اتصل بأمن المديرية، وفي عصر ذلك اليوم وقبل أن يصل رجل الأمن إلى المكان الذي يتواجد فيه الطالب، صب الأخير على نفسه الكيروسين واشعل عود الثقاب على مرأى ومسمع من الجميع وفارق الحياة بعدها بساعات.. طفلة لم تتجاوز 8 سنوات رفضت والدتها في أحد الأيام أن تخرجها معها لزيارة بعض أقاربها، حيث تركتها مع أشقائها في المنزل، فعادت الأم وابنتها منتحرة شنقاً..”.
31 حادثة في شهر
وتقول إحصاءات رسمية إن 253 يمنياً انهوا حياتهم انتحاراً العام الماضي 2012م، بينهم 63 امرأة وأجنبي واحد بزيادة 18 حالة وفاة عن العام الذي سبقه 2011م.
ومن خلال الأرقام المتفرقة يبدو أن العام الحالي 2013م سيتجاوز سابقيه بعدد المقدمين على إزهاق أرواحهم، حيث شهد شهر سبتمبر من العام الجاري 2013م فقط وقوع 31 حادثة انتحار.
كما رصدت وزارة الداخلية خلال العام 2010م عدد 292 حادثة انتحار، وخلال الفترة من 1995م وحتى 2009م قالت الداخلية إن إجمالي حالات الانتحار بلغت 4100 حالة في عموم محافظات البلاد.
لم تسجل في سجلات الأمن
وتقول الأستاذة المشاركة في علم النفس الاجتماعي بجامعة صنعاء، الدكتورة نجاة صايم: “الانتحار ظاهرة قديمة وموجودة في كافة المجتمعات، في المجتمع اليمني يمكن نقول إنها بدأت تظهر على السطح وتطرح كظاهرة خلال السنوات العشر الماضية، لأنها بدأت تطرح في وسائل الإعلام ومن خلال الإحصاءات باعتبار أنها ظاهرة”.
وأوضحت صايم أن عدد حالات الانتحار التي لم يبلغ عنها تتجاوز بكثير ما هو مسجل رسمياً في سجلات الأمن العام (كانتحار)، مشيرة إلى أن عديد حالات الانتحار تسجل كوفاة طبيعية، رغم أنها انتحار مؤكد..
يوافقها الرأي أنور نعمان، الذي قال أن جميع حالات الانتحار التي شهدتها قريته الريفية لم تسجل في سجلات الأمن العام، بسبب الخوف من السلطات والتحقيقات والإجراءات المتبعة، وعدم الرغبة في الخوض بأي تفاصيل تتعلق بحياة المنتحر خاصة اذا ما كانت امرأة أو فتاة شابة، والابتعاد عن الوصمة السيئة التي قد تلحق بالأسرة، كما يعتقد أهالي المنتحرين، حد قوله.
وفوق ذلك فإن عدداً من حالات الانتحار في المنطقة ذاتها لم يُعلن عنها حتى بين أوساط السكان المحليين انفسهم واعتبرت وفاة عادية (سقوط بالخطأ)، أبرزها إقدام نساء على رمي أنفسهن إلى داخل بئر ماء أو سقاية (غرق)، بحسب أنور.
الشنق والسلاح الناري
ويتصدر الشنق والأسلحة النارية قائمة الوسائل التي تختصر حياة المنتحرين، فبحسب تقرير وزارة الداخلية فإن 12 شخصاً من ال 31 الذين أقدموا على الانتحار في سبتمبر الماضي أنهوا حياتهم عن طريق الشنق باستخدام الحبال والأقمشة والأسلاك, فيما أستخدم 12 آخرون الأسلحة النارية، بينما ثلاثة اضرموا النار في أجسادهم باستخدام مادتي الجاز والبترول، واثنان بتناول مواد سامة، واثنان آخران رمياً بنفسيهما من أماكن شاهقة, وسجلت حالة انتحار واحدة باستخدام آلة حادة.
وطبقاً لتقرير الداخلية فإن من بين المنتحرين في سبتمبر الماضي 8 إناث و3 أطفال، وأن ما يزيد عن 50 % من إجمالي المنتحرين هم من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 19 – 30 عاماً، عددهم 17 شخصاً، بينما بلغ عدد المنتحرين من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 31 – 40 عاماً، 8 أشخاص، و3 أشخاص فقط تزيد أعمارهم عن 40 عاماً.
القهر والهيمنة الذكورية
لكن الغرابة فيما يرويه الكاتب أنور نعمان هي الزيادة الكبيرة في معدلات الانتحار في أوساط النساء: “حالات الانتحار في أوساط النساء اكثر ربما يصل الى90 بالمائة من إجمالي عدد المنتحرين في قرية السبد أعبوس، الأسباب موزعة ما بين فقر وأوضاع معيشية صعبة، ومشكلات اجتماعية وأسرية (مشاكل مع الزوج) وتقليد”.
ومن وجهة نظر الطالبة في قسم علم الاجتماع بجامعة صنعاء، نهى المخلافي، فإن لظاهرة انتحار النساء أسباباً اجتماعية مصدرها القهر والهيمنة الذكورية: “في الفترة الأخيرة بدأنا نسمع أن النساء اكثر انتحاراً، والسبب في اعتقادي ظلم الرجل واضطهاد المجتمع اليمني للمرأة، فهي تعاني كثيراً، المرأة مظلومة من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفي مجال العمل، المرأة مضغوطة أكثر”.
تأثروا بمسلسلات أجنبية
لكن الأكثر غرابةً أن ينتحر البعض متأثراً بالأفلام والمسلسلات الأجنبية، كما هو حال رهيب صغير الحوصلي (15 عاماً) الذي أنهى حياته شنقاً في ال 26 من أكتوبر الماضي بمحافظة عمران بطريقة تقليدية لما يجري في حلقات المسلسل الهندي (ملكة جانسي)، حيث ربط رقبته بحزام إلى احدى نوافذ المنزل، الأمر الذي أثار حالة من الهلع والصدمة في أوساط أسرته وجيرانه.
ونقلت مواقع إخبارية يمنية عن أحد جيران أسرته ويدعى أحمد الهميل قوله بأن رهيب كان هادئاً وينتمي لأسرة مكونة من أربعة أشقاء يحتل هو الترتيب الأخير إضافة إلى والدتهم الأرملة.
وقال الهميل إن والدة الضحية ما تزال غير مستوعبة لهذه النهاية القاسية والمؤلمة وما عكسته من اثر سيئ على حياة الأسرة.
لم تكن حادثة رهيب صغير الأولى ولا الأخيرة على هذا النحو إذ سبقه طفل آخر في محافظة عمران يدعى محمد الزافني الذي أنهى حياته قبل حوالي شهر بشنق نفسه عبر وضع شال على رقبته وربطه من خارج نافذة منزلهم بطريقة لا تزال نتائجها تلاحق أسرته.
وفي محافظة لحج جنوب اليمن أنتحر طفل لم يتجاوز ال11 من عمره مطلع شهر أكتوبر الماضي متأثراً بفيلم أجنبي يشنق فيه البطل.
وحول ذلك تقول الطالبة المتخصصة في علم الاجتماع بجامعة صنعاء، رويدا العشاري: “الانتحار تأثراً بمشاهدة البرامج والمسلسلات والأفلام التلفزيونية الأجنبية ليس أمرا جديداً.. حالات كثيرة حدثت وتحدث، بدون وعي تتأثر نفسية الشاب المراهق أو الطفل المتابع لهذه البرامج التي فيها مشاهد انتحار أو تتحدث عنه فيقدم على الانتحار..”.
الوضع الاقتصادي الصعب
ويبلغ عدد سكان اليمن أكثر من 25 مليون نسمة ثلثهم يعيش على أقل من دولارين في اليوم بحسب تقارير المنظمات الدولية، وتتجاوز نسبة الفقراء 54,5 بالمائة، بينما تقدر نسبة البطالة بأكثر من 35 بالمائة، وتتركز بدرجة عالية في أوساط الشباب بنسبة تتجاوز 60 بالمائة.. تلك اذاً (الفقر والبطالة والوضع الاقتصادي الصعب) أسباب رئيسية لانتحار اليمنيين من وجهة نظر المختصين.
يضاف إلى ذلك أسباب أبرزها: مشاكل أسرية واجتماعية ونفسية (القلق والكبت الشديد والمخاوف و..) وانعدام أفق المستقبل أمام المنتحرين بالإضافة إلى ضعف أو غياب الوازع الديني.
وبحسب خبراء وعلماء النفس فإن هناك علاقة جدلية قوية بين سوء الحالة الاقتصادية وسوء الحالة الاجتماعية والأسرية, فالشخص الذي يعاني من الناحية الاقتصادية إلى العدم غالباً ما يشعر باليأس والإحباط وقد يبحث عن منافذ لكي يفرج عن حالته فيضطر البعض إلى أفعال غير شرعية وغير قانونية كالسرقة والرشوة والابتزاز والاحتيال والنصب والبعض الآخر حتى هذه الوسائل غير قادر على اتباعها فتسد في وجهه كل السبل المشروعة وغير المشروعة فينغمس في حالة الشعور بالإحباط واليأس والشعور العميق بالفشل، وغالباً ما يرافق هذا ضعف الإيمان؛ وبالتالي يقدمون على الانتحار شعوراً بالفشل والإحباط والهزيمة والانكسار.
اليأس والإحباط والفقر
وتقول أخصائية علم النفس في كلية الآداب جامعة صنعاء سمية الشرعبي، إن الأشخاص الذين يقدمون على الانتحار هم عادة الاكتئابون، الذين يتخيل لهم بأن الحياة مظلمة ولا قيمة لها وأنهم غير قادرين على إنجاز أي شيء.
وأضافت الشرعبي: “عادة الانتحار يكون بسبب الظروف التي تحيط بالشخص، كاليأس، الإحباط، الفقر الشديد، عدم القدرة على إنجاز الطموح والأحلام، لذلك يجازف البعض بحياته نتيجة لهذا التفكير الخاطئ، برغم معرفتهم بأن الانتحار أو قتل النفس جريمة يحاسب عليها الإنسان”.
بدورها تؤكد الدكتورة نجاة صايم، أن “تفاقم الظروف الاقتصادية والاجتماعية، والضغوط النفسية الشديدة، وعوامل كثيرة توصل الشخص إلى مرحلة الاكتئاب (اكتئاب ذهاني) والمرض النفسي، ومن ثم الانتحار”.
غياب الطب النفسي
وفي العادة يعتبر العلاج النفسي واستشارة الطبيب النفسي للأشخاص الذين يعانون من اكتئاب ذهاني ونحوه أهم وسيلة للحد من ظاهرة الانتحار، غير أن قلة قليلة من يحظون بذلك بحسب الدكتورة نجاة صايم، وتضيف: “الغالبية العظمى سواء في الريف أو الحضر لا تتاح لهم هذه الفرصة بسبب الوصمة السلبية (مجنون) التي يوصم بها الشخص الذي يطلب الخدمة من الطبيب النفسي، وهذا يؤدي إلى أحجام كثيرين عن الاستشارة، إضافة إلى العامل الاقتصادي للمرضى، فالعلاج النفسي مكلف ويحتاج فترة طويلة، فضلاً عن قلة المتخصصين في مجال الطب النفسي في اليمن”.
من جهتها أشارت أخصائية علم النفس، سمية الشرعبي، إلى قلة عدد المراكز والعيادات العاملة في مجال الطب النفسي في اليمن وأكدت أن ما هو موجود لا يحقق الغرض المطلوب.
وأضافت الشرعبي: “الدولة ليس لها أي جهود في هذا الجانب، وهو ما ينبغي معالجته إلى جانب تغيير نظرة المجتمع القاصرة للمريض النفسي وكل من يدرس في هذا المجال.
في نار جهنم
قال تعالى في كتابه العزيز : «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله بكم رحيماً» وقال أيضاً : «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» صدق الله العظيم.
استناداً إلى تلك الأدلة القرآنية الصريحة ثبت أن قتل الإنسان لنفسه محرم شرعاً وعد من الكبائر، ومن خالف الأمر الرباني فجزاؤه جهنم وبئس المصير، ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يحمى بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً» رواه البخاري.
من منطلق تلك الحقائق القرآنية والنبوية الصادقة جاءت إجابة الشيخ علي القاضي: أن النفس من خلق الله وهو المتصرف فيها والإنسان أمين عليها وهو مأمور وليس بآمر وتابع وليس بمتبوع وهو أيضاً ملزم بحمايتها والحفاظ عليها لتكون محط ابتلاء الله له في هذه الدنيا.
وأضاف الشيخ: قد يمر الإنسان بظروف صعبة وقاسية تدفعه إلى الانتحار وقتل نفسه وقد عالج الإسلام ذلك بالإيمان والتربية الدينية، والصلاة والصيام، واتباع المعروف، وحض الإنسان على الصبر، والوعد بالثواب الكبير، ورفع الصابرين منزلة كبيرة مقام النعيم بغير حساب في الدرجات العلا مما جعل الابتلاء محبباً إلى الكثير من المؤمنين.
قصور أمني
ويرى مراقبون أن قصوراً كبيراً في دور الجهات المختصة بما فيها الأمنية، والتي لا تكاد تقوم بأي واجبات تتعلق بالجوانب الإنسانية التي تساهم في الحد من جرائم الانتحار أو غيرها من الجرائم ذات الطابع الإنساني.
بالإضافة إلى قصور في أداء الجهات الأمنية فيما يتعلق بتوثيق حالات الانتحار ودراسة أسبابها الحقيقية، فضلاً عن عدم إجراء عمليات تشريح للحالات والتي قد تكشف أن بعضاً منها وقعت نتيجة جريمة قتل.
وبينما تحمل الطالبة في علم الاجتماع بجامعة صنعاء، انتصار علي، الحكومة اليمنية مسؤولية انتحار أي يمني بسبب الفقر، تقول زميلتها رويدا العشاري إن الدولة معنية بشكل أساسي بمعالجة هذه الظاهرة وتوفير سبل العيش للشباب ووسائل الترفيه وعدالة في التعامل مع هذه الشريحة..
تحسين الظروف ونشر الوعي
وبهدف الحد من ظاهرة الانتحار قالت الدكتورة نجاة صايم، يجب تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز الوازع الديني ونشر الوعي خصوصاً لدى الشباب في كيفية حل ومواجهة مشكلاتهم والضغوط التي يتعرضون لها.
تلك وغيرها مهام ترى الدكتورة نجاة، أن الدولة ومنظمات المجتمع المدني معنية بالقيام بها إلى جانب المدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة بما فيها المساجد وأولياء الأمور، “يجب أن تقوم الأسرة بدورها في مسألة حماية ورعاية أبنائها ومحاولة مساعدتهم لحل مختلف مشاكلهم”.
وشددت الدكتور نجاة على ضرورة أن يعي المجتمع وينظر إلى المرض النفسي كغيره من الأمراض العضوية، منوهة بأن المرض العضوي تظهر آثاره على الشخص، في حين الإصابة بالمرض النفسي داخلية أو نفسية (لا تظهر)، وهو ما ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار، حد قولها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.