المعتقل السابق مانع سليمان يكشف عن تعذيب وانتهاكات جسيمة تعرض لها في سجون مأرب    عدن.. البنك المركزي يوقف ويسحب تراخيص منشآت وشركات صرافة    استمرار الحملات الميدانية لضبط الأسعار في مديريات العاصمة عدن تنفيذاً لتوجيهات المحافظ لملس    الشخصية الرياضية والإجتماعية "علوي بامزاحم" .. رئيسا للعروبة    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    ابوعبيدة يوافق على ادخال طعام للاسرى الصهاينة بشروط!    تدشين مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء والمفقودين في الجعفرية    2228 مستوطناً متطرفاً يقتحمون المسجد الأقصى    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    أبين.. انتشال عشرات الجثث لمهاجرين أفارقة قضوا غرقًا في البحر    اجتماع للجنتي الدفاع والأمن والخدمات مع ممثلي الجانب الحكومي    بدلا من التحقيق في الفساد الذي كشفته الوثائق .. إحالة موظفة في هيئة المواصفات بصنعاء إلى التحقيق    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    وفاة مواطن بصاعقة رعدية في مديرية بني قيس بحجة    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    مونديال السباحة.. الجوادي يُتوّج بالذهبية الثانية    مجلس القضاء الأعلى يشيد بدعم الرئيس الزُبيدي والنائب المحرمي للسلطة القضائية    تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في محافظة الحديدة    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    انتشال جثة طفل من خزان مياه في العاصمة صنعاء    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    العسكرية الثانية بالمكلا تؤكد دعمها للحقوق المشروعة وتتوعد المخربين    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    اكتشاف مدينة غامضة تسبق الأهرامات بآلاف السنين    عدن .. جمعية الصرافين تُحدد سقفين لصرف الريال السعودي وتُحذر من عقوبات صارمة    مجموعة هائل سعيد: نعمل على إعادة تسعير منتجاتنا وندعو الحكومة للالتزام بتوفير العملة الصعبة    أمين عام الإصلاح يعزي عضو مجلس شورى الحزب صالح البيل في وفاة والده    خيرة عليك اطلب الله    مليشيا الحوثي الإرهابية تختطف نحو 17 مدنياً من أبناء محافظة البيضاء اليمنية    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    صحيفة أمريكية: اليمن فضح عجز القوى الغربية    شركات هائل سعيد حقد دفين على شعب الجنوب العربي والإصرار على تجويعه    الشيخ الجفري: قيادتنا الحكيمة تحقق نجاحات اقتصادية ملموسة    طعم وبلعناه وسلامتكم.. الخديعة الكبرى.. حقيقة نزول الصرف    عمره 119 عاما.. عبد الحميد يدخل عالم «الدم والذهب»    يافع تثور ضد "جشع التجار".. احتجاجات غاضبة على انفلات الأسعار رغم تعافي العملة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    لم يتغيّر منذ أكثر من أربعين عامًا    العنيد يعود من جديد لواجهة الإنتصارات عقب تخطي الرشيد بهدف نظيف    غزة في المحرقة.. من (تفاهة الشر) إلى وعي الإبادة    السعودي بندر باصريح مديرًا فنيًا لتضامن حضرموت في دوري أبطال الخليج    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    قادةٌ خذلوا الجنوبَ (1)    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    ما أقبحَ هذا الصمت…    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    وداعاً زياد الرحباني    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتحار جرأة أم نذالة؟
نشر في حشد يوم 17 - 04 - 2010

شاهدته يتدلى من جسر المشاة وسط مدينة الرياض وحبل ملفوف حول رقبته قيل انه سوداني انتحر , راقبت ذلك الجسد الهزيل ذو الثوب الأبيض والقبعة البيضاء والنعل البني المرقط أكثر من ساعتين وسط حضور جماهيري وأمني كثيف , الصحف الصادرة في اليوم التالي نشرت أن المنتحر يعاني أعراض نفسية, وسمعت قبلها وبعدها انتحار أكثر من عشرة مواطنين ووافدين من فوق الجسر المعلق الذي يرتفع عشرات الأمتارعن الأرض في شمال الرياض والذي لم يمض على افتتاحه سوى سنوات قليلة , وكلف خزينة الدولة ملايين الريالات وسنوات من العمل المتواصل .
تابعت باستمرار الصحف التي أصبحت في معظم أيامها ترصد حالات انتحار , معظمها لعمالة وافدة خاصة الخادمات والعمالة السائبة بسبب بعدهم لسنوات عن أوطانهم وضعف الوازع الديني ونفسياتهم التي تستسهل الموت أو لأنهم واجهوا متاعب مالية مع رب العمل أو فراغ في حياتهم حيث بعضهم يسافر لأسرته مرة كل خمس سنوات أو ربما أكثر .
قبل أشهر انتحرت مدرسة سعودية عشرينية في مركزثرب بمهد الذهب حين ربطت طرحة عرسها حول رقبتها في سقف غرفتها قبل زواجها بأيام وأنهت حياتها .
جدتها العجوز سبقتها للانتحار قبل سنتين , والغريب أن المعلمة المنتحرة سخرت علمها طوال السنتين اللتين أعقبتا انتحار الجدة لتحذير الطالبات والزميلات من الانتحار لأنه قتل للنفس التي كرمها الله حسب كلامها وأدهشت الجميع أن قامت هي ذاتها بالانتحار ؟
وفي نفس الحي تم رصد ثلاث حالات انتحار خلال سنتين , فهل عدوى الانتحار وراثية يغذيها الوسواس والاكتئاب والارهاق المعيشي ؟
سياسيا نصح الزعيم الليبي ملك ملوك افريقيا القذافي المقاتلين الفلسطينيين بالانتحار الجماعي عندما تم محاصرتهم في بيروت عام 1982 م وكان عددهم 12 ألف فدائي !!
اعلاميا التلفاز يعتبرمحفزا ومحرضا للأطفال في العديد من دول العالم للاقدام على الانتحار, بعد بث مناظر محبطة , مثلا بعد حبل مشنقة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين سجلت حالات انتحارلأطفال لأنهم عمدوا الى التقليد دون علمهم أنها مشنقة , وقبل أيام وخلال بث المسلسل التركي صرخة حجرالذي أثار زوبعة عالمية واسرائيلية قامت ياسمين بلف حبل حول رقبتها وربطته بالمروحة في محاول للانتحار بعد علمها بنية زوجها حسين الزواج من أعز صديقة لها وهي ( كوثر ) كيفوك , وتدخلت العناية الالهية على نمط الأفلام الهندية المليئة بالأكشن بتدخل مريم زوجة الشهيد بشير التي فكت الحبل من عنق ياسمين , وفي نهاية الحجرانتحرت مينا ابنة يعقوب باطلاق رصاصة على رقبتها كما انتحرت الحاجة التي لم تحج انتظار بطعن نفسها بغوصة كبيرة .
صورالتلفاز والانترنت والجوال هي بيئة خصبة يقلدها الأطفال دون ادراك أو وعي , فمسؤوليتنا ابعادهم عن أي مشاهد مرعبة والمنتجين عليهم حذف مشاهد الانتحار واكسسواراته أو التنبيه لها سلفا لأنها عوامل مهيجه ومحفزة للمرضى النفسيين والأطفال .
ظاهرة الانتحار في العالم العربي والإسلامي ما زالت بحاجة لدراسة معمقة دون خجل واحصائيات سنوية دقيقة موثقة بالأسباب ومراكز متخصصة لمتابعتها , بالتأكيد عدم مخافة الله هي التي تقود لانتحار الأصحاء , لقوله تعالى ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً ) .
اختطاف الطائرات بأجساد انتحارية لضرب أبراج نيويورك , ومهاجمة مواقع أمنية حساسة واغتيال شخصيات وطنية في أفغانستان والعراق وفلسطين ما زالت مسرحا لتفجير الجسد بحزام ناسف , وشيوخ يؤيدون باعتباره نوعا من الجهاد الحلال واخرون يكفرون لأنه رمي النفس الى التهلكة .
الترف كما الفقر أحيانا يقود للانتحار , هناك عائلات ثرية تنهار إذا انحدر مستواها المعيشي , كما حدث مع عائلة مصرية تعيش في أرقى أحياء مدينة القاهرة انتحر فيها أختين بتناول أقراص سامة وعندما وجدهما الأب تناول كمية من نفس الأقراص والتحق بهما , وكشف التحقيق أن هذه العائلة تعرضت لأزمة مالية , وفي الخليج انتحرت بورصة الأسهم قبل ثلاث سنوات وأفقدت الناس وعيهم وزرعت فيهم الوسواس , ومات العشرات من وقع الصدمة , أما عدد المنتحرين فبقي طي الكتمان؟ .
اليمن ربما الأعلى عربيا في نسب الانتحار بسبب الفقر والأمية وتهميش المرأة , ومثال ذلك قيام خمس أخوات بإلقاء أنفسهن في ماء السد هروبا من المجتمع الذي تجاهل وجودهن في أسرة معدمة لا تكترث لعواطفهن والتزاماتهن , وعادة يتكتم الأهالي في المنطقة العربية على حوادث الانتحار خوفا من العارالذي يصيب العائلة حسب التقاليد الجاهلية المتوارثة وبعضهم يقلب الحقائق ويؤكد أن الوفاة كانت طبيعية , شركة اتصالات فرنسية قبل أيام مثلت أمام القضاء الفرنسي لانتحار 24 من موظفيها خلال عام ونصف فقط ولم يخجل القضاء الفرنسي من نشر الموضوع ؟؟ .
مالك مجموعة مركل الألمانية التي تملك شركة فولكس فاجن العالمية للسيارات والعديد من مصانع الاسمنت والأدوية و الذي يعمل في مؤسساته مئة ألف عامل انتحر برمي نفسه أمام قطار بعد تعثر مالي وهذا دليل أن الانسان عندما يمتلك كل شيء يصاب بفراغ شرس ؟.
قبل أشهر انتحر حارس مرمى ألماني بنفس الطريفة , وهناك من المشاهير والسياسيين من انتحر بعد أن فقد الثقة بالحياة كما حدث مع المطربة المصرية المعروفة دليدا , أو الفنان الكويتي محماس أو الأكاديمي السعودي الحارثي أو الممثلة الأمريكية مارلين مونرو والرئيس الكوري السابق روه مو – ومسؤول المخابرات السورية في لبنان غازي كنعان و سبقه لنفس عملية الانتحار رئيس وزراء بلاده محمود الزعبي .
تاريخيا انتحر الشاعر طرفة بن العبد وعمرو بن كلثوم وأرنست همنجوي مؤلف رواية ( الشيخ والبحر ) التي فاز فيها بجائزة نوبل سنة 1945م .
الانتحار في بعض الدول نوع من التدين , في الهند توافق الأرملة بفخر على حرق جسدها بالنار ليتحول خلال ثوان إلى رماد إذا مات زوجها , وهي أقصى درجات رموز التضحية عند بعضهم , وفي اليابان يعتبر تدينا لأنه يكرم النفس بقتلها وإبعادها عن حياة الذل الدنيوية ولديهم حالة انتحار واحدة كل ربع ساعة تماما كما هو الحال في أمريكا , وبعض الطوائف تنتحرجماعيا بالمئات للتسريع في مقابلة الرب !!
الأخلاق والضمير الحي أحيانا يقود للانتحار , فهناك مدير كبير للتعليم في احدى مناطق الصين انتحر منذ أشهر لأنه طالب الحكومة بتخصيص مبالغ مالية لشراء فحم لتوزيعه على مدافء المدارس في فصل الشتاء , ولكن الحكومة خصصت له نصف المبلغ المطلوب , فعذبه ضميره كيف يشعر الطلبة بالبرد وكيف يتعلمون في ظروف طقس سيئة , وكونه مسؤولا أمامهم لم يطاوعه ضميره البقاء في الحياة ؟
مدراء التعليم في دولنا العربية يتلذذون برؤية مدارس بلا شبابيك أو بلا مدرسين رغم مرور شهور على بدء الدراسة وحتى بلا حمامات أو يكدسون الأطفال مثل السردين في صفوف ضيقة , لأنهم منشغلون بتطوير أساليب التعليم في دورات تعقد خارج البلاد أو الاستفادة من مناصبهم قبل معاقبتهم واعادتهم معلمين , ولم ينتحر أحد ؟
هناك بيئة علمية يمكن أن تساعد على اكتشاف البشر الذين لديهم قابلية للانتحار أكثر من غيرهم , وعالميا تحتفل منظمة الصحة العالمية سنويا في العاشر من سبتمبر باليوم العالمي لمنع الانتحار , حيث حسب ملفاتها العالم يخسر ثلاثة الاف انسان يوميا بسبب الانتحار , وهناك حالة انتحار واحدة ناجحة لكل عشرين محاولة بمعنى عدد الذين يحاولون الانتحار في العالم يوميا يصل الى ستين ألف انسان !!
ولم يثبت علميا أو طبيا حتى الان أي الجنسين ينتحر أكثر من غيره ولكن غالبا الرجال لا يتكيفون مع الظروف الصعبة مثل النساء وبالتالي سرعة اقادامهم على الانتحار ربما أعلى ؟
من طرائف الانتحار قيام طفلة ( 13 عاما ) محاولة الانتحار بسبب عجزها عن الزواج من فارس أحلامها , أما الانتحار بسبب الحب والعشق والطلاق عند العقلاء فبتأكيد أنها كثيرة ولكن الاحصاءات عنها شبه معدومة .
المخدرات والفتن والتعصب والإرهاب والغوغاء, والانتحار بأنواعه بالحبل أو السم أو قص الرقبة أو الغاز أو القفز أو الرصاص أواستهداف الأبرياء نهايته عذاب القبر ونار جهنم , فالحياة بخيرها وشرها بحلوها ومرها بفرجها وضيقها كتب الله أن نعيشها .
إننا نحمل الدعاة والأطباء النفسيون والمؤسسات الخيرية والمؤسسات الدولية مسؤولياتها في وقف ظاهرة الانتحار والاستمتاع بالحياة التي وهبها لنا رب العالمين فمحاولات الانتحار في دولنا العربية تفوق ثلاث مرات الانتحار الفعلي , وفي الدين الاسلامي مجرد التفكير بالاقدام على الانتحار هو كفر بنعمة الحياة , لأن روحنا هي ملك لله استئمننا الله عليها وليس من حقنا أخذها بأيدينا ولنتذكر قوله تعالى ( خلق الإنسان في كبد ) .
شريحة كبيرة من البشرتشعر بالملل والزهق والقهر والروتين والقلق وهي مقدمة للانتحار وعلاجهم جلسات مع أنفسهم وكتاب الله , كما ننصحهم بتغيير الأماكن والاقتراب من المساحات المفتوحة مثل شواطىء البحار والأنهار والينابيع أو حتى التنزه في مناطق ساحلية أو سهلية مكشوفة لأنه ثبت علميا ان العيون تحتاج فضاءا واسعا ممتدا لترتاح بعيدا عن نفس الوجوه المعتادة وزحمة المباني وسخب الأحياء .
فطين عبيد
اعلامي فلسطيني
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.