منذ مطلع العام 2014م مرّت على اليمن أحداث أمنية مؤلمة لم يسبق لها مثيل, فتنامي أعمال العنف وانتشار الفوضى المسلّحة هنا وهناك كان له الأثر الكبير على مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية عند غالبية اليمنيين, ولم يطغ التأثير السلبي للأحداث على حياة اليمنيين كأفراد فقط, بل إن القطاعات الاقتصادية المهمّة كان لها النصيب الأكبر من وقع تلك الأحداث كما هو حال قطاع السياحة أحد أهم القطاعات المدرّة للدخل القومي اليمني, ومع ركام العبث الممارس بمقدّرات اليمن أرضاً وإنساناً؛ ثمّة أشخاص يعملون بجهد فائق ليطمئنوا العالم ويقولون له: «مازال اليمن بخير» وذلك عن طريق الحرص على استمرار مشاركة اليمن في أهم المعارض السياحية والدولية, وتكمن أهمية مشاركة وزارة السياحة ومجلس الترويج السياحي في المعارض السياحية الدولية في تغيير الصورة النمطية السيّئة التي ارتسمت في ذهن السائحين العرب والأجانب بسبب الظروف السيّئة التي تشهدها اليمن.. في هذا الاستطلاع نستعرض وأياكم المشاركات اليمنية في المعارض والبورصات السياحية الدولية خلال عام 2014م من خلال لقاءات أجريناها مع المعنيين بالشأن السياحي في البلد, وتساءلنا لماذا تشارك اليمن في المعارض الدولية السياحية؟, وماهي الفوائد التي تعود على اليمن من خلال تلك المشاركات؟،وأشياء أخرى ذات صلة ننقلها لكم.. البداية كانت مع المدير التنفيذي لمجلس الترويج السياحي الأستاذة فاطمة على الحريبي, التي أوضحت لنا بالتفصيل كيف كانت مشاركة اليمن في المعارض الدولية السياحية التي كان لها المردود الإيجابي على النشاط السياحي. تقول الحريبي: حرصنا أن تكون اليمن موجودة في خارطة السياحة العالمية من خلال مشاركاتنا في عدد من المعارض السياحية الدولية مهما كلفنا الثمن، وبالرغم من الظروف السيئة التي تعاني منها البلاد فإن وزارة السياحة ومجلس الترويج السياحي خلال العام 2014م, شاركت في عدة معارض دولية هامة وذلك وفق خطة خاصة أعدت مسبقاً ضمن استراتيجية وضعتها وزارة السياحية ومجلس الترويج بهذا الخصوص, وقد كانت أولى مشاركات اليمن مطلع يناير من العام2014, بمعرض في اسطنبول بتركيا من خلال وفد مكون من مشرفي وإداري المجلس وفرقة إنشاد وطنية, أيضاً شاركنا في معرض ميلانو الدولي بإيطاليا خلال الفترة 13 - 15 فبراير وشاركت في هذا المعرض الوكالات السياحية اليمنية ومجلس الترويج, حرصنا على المشاركة في هذا المهرجان كونه يعد واحداً من أهم المعارض المتخصصة في السياحة الترفيهية ومن أكبر البورصات السياحية العالمية, كما كان لنا مشاركة في معرض برلين الدولي للسياحة(أي تي بي) في ألمانيا الاتحادية،حيث شارك فيه نحو(110) آلاف متخصص سياحي من 189دولة، وبعد ذلك ذهبنا إلى سوق السياحة العالمي في مدينة دبي وشاركنا خلال الفترة من 5 - 8 مايو بمهرجان خاص بالسياحة هناك, وكنا حريصين على حضور اليمن في ذلك المهرجان كون الحضور العربي فيه أكثر من غيره, حيث أننا خططنا للاستفادة من هذا المعرض من خلال جلب الزوار والتعرف على وكالات سفر سياحية عربية وعالمية, وبعد مهرجان دبي ذهبنا إلى جمهورية الصين الشعبية وشاركنا في شهر يونيو بمعرض بكين الدولي للسياحة والسفر، حيث تعتبر الصين من أكبر الأسواق السياحية العالمية المتنامية, أيضاً كان لنا مشاركة وتعد الأولى لليمن في معرض (جاتا) الدولي السياحي في مدينة طوكيو في اليابان خلال الفترة من 25 - 28 سبتمبر, كما شاركنا بمعرض( توب ريزا) السياحي الدولي في باريس بفرنسا خلال الفترة من 23 - 26سبتمبر حيث تأتي أهمية المشاركة في ذلك المعرض بعد انقطاع دام لأكثر من عام وأربعة أشهر نتيجة الأحداث التي شهدها الوطن العام الفائت, واستغلينا فرصة مشاركتنا في المعرض بإجراء لقاءات مهمة على هامشه مع مستشار الرئيس الفرنسي ووزيرة السياحة الفرنسية وعدد من مدراء السياحة ورجال المال والأعمال الأوربيين والعرب, كما أننا شاركنا في معرض ريميني الدولي الذي أقيم في مدينة ريميني بإيطاليا خلال الفترة من 9 - 11أكتوبر, وأيضاً كان لنا مشاركة كبيرة ولأول مرة تشارك اليمن في معرض في سنغافورة الدولي للسياحة «ITB» خلال الفترة من 29 - 31 أكتوبر, وكنا سنشارك خلال معرض لندن في بريطانيا إلا أنه حدثت مشكلات حالتنا دون المشاركة في المعرض. لقاءات مع مشغلي السياحة والإعلام وفي ذات السياق يؤكد الدكتور عصام السنيني وكيل وزارة السياحة للشؤون المالية والإدارية أن الأجنحة اليمنية المشاركة في المعارض السياحية الدولية شهدت انعقاد العديد من اللقاءات مع مشغلي السياحة والإعلام ومنظمي الرحلات وشركات العلاقات العامة مع نظرائهم من المشاركين، وضم الجناح اليمني مشاركة كلاً من وزارة السياحة ومجلس الترويج السياحي والاتحاد اليمني للفنادق وشركات ووكالات السياحة والسفر اليمنية. ويضيف السنيني: دائماً نحرص على أن تتميز الأجنحة اليمنية المشاركة في المعارض الدولية بروعة التصميم والمواقع التي تساهم في لفت أنظار الزوار، وخاصة واجهات المعارض, وهناك إشادات كبيرة من قبل كل من زار الجناح اليمني خلال افتتاح معرض برلين, وحتى من قبل منظمي المعرض, ومن ضمنها إشادة الرئيس التنفيذي للشركة المنظمة للمعرض في مدينة مارينا باي ساندز، بالمشاركة اليمنية الأولى في المعرض, لذا نحن حريصون على أن يكون اسم اليمن موجود في كل المحافل العالمية مهما كانت الظروف. أهمية المشاركات السياحية من جانبه يؤكد أكرم الجولحي مدير الإعلام بمجلس الترويج السياحي أن لمشاركة اليمن في المعارض السياحية الدولية أهمية كبرى.. مشيراً أن الرحلات السياحية بغرض حضور المعارض والمؤتمرات تمثل أكثر من 15 % من إجمالي السياحة في العالم بواقع أكثر من (135) مليون رحلة سياحية حسب تقارير منظمة السياحة العالمية. ويضيف: لذا أولت وزارة السياحة ومجلس الترويج السياحي المشاركة في المعارض السياحية الدولية اهتماماً بالغاً كون بلادنا تعتبر مقصداً سياحياً متنوعاً وغنياً.. اليمن شاركت في معارض جديده لأول مرة وهذا يعني أن هناك انفتاح على المعارض الدولية المتخصصة في السياحة، لذا أتوقع إن تعود تلك المشاركات بالنفع على قطاع السياحة في اليمن سواء السياحة الثقافية أو التاريخية أو الحضارية, كما أن حرص وزارة السياحة ومجلس الترويج السياحي على المشاركة في المعارض السياحية الدولية ناتج عن حماس قيادات الشأن السياحي في اليمن وثقتهم بالمقومات السياحية التي يمتلكها اليمن السعيد بدايةً من فن المعمار وتشييد السدود وبناء المدرجات الزراعية مروراً بسياحة المغامرات وتسلق الجبال والتخييم في الصحاري وممارسة الرياضات المائية بأنواعها المختلفة وانتهاءً بالسياحة البيئية والاستمتاع بمشاهدة المناظر الخلابة في الجزر والمحميات الطبيعية ومنها جزيرة سقطرى الوجهة السياحية الأولى. تسليط الضوء على المقصد السياحي اليمني وحول أهمية مشاركة اليمن في المعارض السياحية العالمية والفوائد التي يجنيها اليمن من تلك المشاركات, تقول مديرة مجلس الترويج السياحي: مشاركة اليمن في المعارض السياحية الدولية ليست من الترف أو من قبيل الترفيه أو ما شابه, لمن لايدرك أهمية المشاركة في تلك المعارض أقول سياحة المؤتمرات والمعارض تعتبر نمطاً سياحياً هاماً ينطوي على إنفاق سياحي كبير وفرصة أكبر لتسليط الضوء على المقصد السياحي اليمني من خلال تواجد اليمن على الخارطة السياحية العالمية كما أسلفت لكم, أيضاً تستفيد اليمن من خلال تلك المعارض بتوقيع عقود مع وكالات سياحية أجنبية بتفويج سواح أجانب إلى اليمن, نحن نقوم بطمأنة الناس نقول لهم لا تصدقوا كل مايُقال في الإعلام عن اليمن, اليمن مازالت بخير, وفي اليمن مناطق آمنة تستطيعون من خلالها التمتع برحلات سياحية ممتعة, كما أننا نقوم بدعوة رجال الإعلام والصحافة في الدول الأجنبية أن عليهم زيارة اليمن والكتابة عن السياحة فيها, وكون اليمن موجوده في تلك المعارض هذا يعني الشيء الكبير فعلى سبيل المثال لم تستطع ليبيا المشاركة في معرض برلين السياحي بسبب الأوضاع السيئة التي تعيشها، لذا لم يستطيعوا الحضور كما كانوا كل عام, ولكن اليمن موجودة كل عام والحمد لله على ذلك, وكان لمشاركة اليمن في المعارض الدولية خلال عام 2014م, نتائج مثمرة تمثلت بتوقيع عقود مع وكالات سياحية بتفويج سواح أوروبيين وآسيويين من مختلف بلدانهم, كما أن أحد الكتاب السياحيين الإيطاليين أبدى رغبته لزيارة اليمن في الفترة القادمة, ودائماً اليمن تفوز بجوائز الديكور كأفضل ديكور ومعمار سياحي في مختلف المعارض والمهرجانات السياحية العالمية, ففي الصين معرض اليمن كان الأفضل, وذات مرة في إحدى المعارض في اسبانيا طلبوا منا شراء الديكور الخاص بالجناح اليمني بسبب أن إحدى الجزر الإسبانية كانت تحكمها أميرة من أصل يمني, فأخبرناهم أن عليهم الاتفاق مع شركة الديكور التي صممته ونفذته. إبراز الهوية اليمنية وعن ما الذي يقدمه الجناح اليمني المشارك في المعارض والمهرجانات السياحية الدولية, تقول الحريبي: يتم من خلال الجناح اليمني إبراز الهوية اليمنية وإبراز اليمن أرضاً وإنساناً, حيث نقوم باختيار ديكور مناسب للجناح يكون معبراً عن الهوية اليمنية من خلال اختيار رموز معمارية لليمن مثل بوابة اليمن التاريخية وواجهات مدينة صنعاء التاريخية المعمارية، وناطحات السحاب لمدينة شبام التاريخية, ومجسمات لدار الحجر, وصهاريج عدن, حيث نراعي التنوع في اختيار الديكور, كما أن الجناح اليمني المشارك في المعارض السياحية الدولية يحرص على توزيع البروشورات التعريفية باليمن وباللغات العربية والإنجليزية والإيطالية، بالإضافة إلى توزيع التقاويم السياحية والأقراص المدمجة وبوسترات ومواد دعائية.. بالإضافة إلى الكتيبات التعريفية التي تتحدث عن تاريخ اليمن وعن محافظة سقطرى التي أوليناها عناية خاصة كونها الوجهة السياحية الآمنة في البلاد في الوقت الحاضر, كما أننا نحرص على إبراز الكرم اليمني وذلك بتقديم الضيافة لزوار الجناح اليمني من البن والقشر اليمني والمكسرات اليمنية كالزبيب واللوز, أيضاً نقوم بالرد على أسئلة واستفسارات السواح الزائرين لتلك المعارض، بالإضافة إلى إبراز اليمن عبر وسائل الإعلام الأجنبية التي نقوم بزيارتها واطلاعهم على ما يحدث في اليمن والتخفيف وطمأنة الناس من مايحدث في اليمن وإن اليمن سيستعيد عافيته في القريب العاجل, ونشرح للسواح أننا سنحافظ على حياتهم وسيتم تأمينهم وأنه لا يمكن إرسالهم إلى مناطق غير آمنة مهما كان, كما أننا نقوم باستقبال أبناء الجاليات اليمنية والمغتربين الذين يحضرون مع عائلاتهم ويتفاعلون مع الأنشطة المصاحبة للجناح اليمني وهي كثيرة، حيث لدينا فرق إنشادية وفرق فنيه تقدم الفن اليمني المتميز, كما أن في المعرض من يقدم خدمات النقش والحناء التي تعجب السواح وحتى عائلات المغتربين اليمنيين, كما أننا نحرص على إبراز المنتجات التراثية اليمنية كالأزياء وحتى بعض الخصوصيات التي تنفرد بها اليمن مثل الجنبية وحتى القمرية وغيرها، كل ذلك نحرص أن يكون موجوداً في الجناح اليمني المشارك في أي معرض سياحي دولي. صعوبات مرافقة وعن المشكلات والصعوبات التي ترافق القائمين على الأجنحة اليمنية المشاركة في المعارض السياحية العالمية، تقول الحريبي: نحن نحاول أن نتغلب على أية مشكلة ولا نستسلم والحمد لله إلى حد الآن جميع المعارض شاركنا فيها إلا معرض لندن بسبب عدم وصول التأشيرة للموظفين والمشاركين في المعارض, لذا اعتذرنا عن المشاركة لأول مرة, وكوننا كل سنة نشارك في ذلك المعرض, وعندما سألنا لماذا لم يتم منح تأشيرة لبعض من يشاركونا في وفد اليمن إلى معرض لندن قيل لنا قد يكون الموضوع بسبب عدم وجود وضع مستقر في البلاد أيضاً يتخوف البريطانيون من أن بعض اليمنيين يسافرون ولا يعودون إلى بلدهم. معايير وحول المعايير التي يجب أن تتوفر في المعرض الدولي السياحي الذي تشارك فيه اليمن, تقول مدير الترويج السياحي: نحن نختار المعارض السياحية الدولية التي نشارك فيها من خلال الجنسيات التي تأتي إلى اليمن لانذهب إلى دول لا تعرف اليمن ولم تأتِ إلى اليمن من قبل, كما أننا نختار المعارض الدولية التي يكون عدد الزوار فيها كبير وعدد المشاركين من مختلف مناطق العالم, فمثلاً معرض سنغافورا تشارك فيه نحو 72 دولة من آسيا والعالم, كما أن ذات المعرض يضم 650عارضاً من قطاعات السياحة الحكومية وغير الحكومية في دول آسيا والعالم. اختيار الوفود المشاركة وعن كيفية اختيار الوفود المشاركة من داخل اليمن إلى المعارض السياحية الدولية, تقول الحريبي: يشارك في المعارض السياحية الدولية إلى جانب وزارة السياحة ومجلس الترويج السياحي عدد من الوكالات السياحية الوطنية المعنية بتنظيم الرحلات في اليمن وتهدف إلى تسليط الضوء على تفاصيل ومفردات المنتج السياحي اليمني وتنوعاته وسماته كمفردات تعزز جمال اليمن أرضاً وإنساناً, ومن أبرز الشركات الوطنية المشاركة إلى جانب مجلس الترويج السياحي وكالات (بازرعة، الآفاق، نومادك، ويمن دريمز)، ففي كل معرض سياحي دولي تشارك من 5 إلى 6 وكالات سياحية وطنية وهي تستفيد من العقود التي توقعها مع السواح ووكالات السفر والسياحة الأجنبية وكل هذه الجهود تِنصب في مصلحة اليمن، لذا نؤكد أن المعارض السياحية الدولية تعتبر فرصة ممتازة لإظهار اليمن عند العالم. [email protected]
