مع بداية العام الجديد انطلق عرض فيلم "المستحيل" عالمياً، بطولة الممثلة البريطانية نعومي واتس والممثل الاسكتلندي إيوان ماكريجور ومن إخراج المخرج الإسباني خوان انطونيو بايونا، وكتب السيناريو سيرجيو جي سانشيز . الفيلم تدور قصته حول الأحداث المأساوية التي عاشتها أسرة إسبانية خلال قضائها إجازة الكريسماس في تايلاند في اليوم نفسه الذي ضرب فيه تسونامي سواحل المحيط الهندي عام 2004 . عرض فيلم "المستحيل" لأول مرة في مهرجان "تورونتو" السينمائي الدولي بكندا في سبتمبر ،2012 ثم في إسبانيا في أكتوبر ،2012 وحصد إيرادات ضخمة قدرت بنحو 13 مليون دولار . يعد الفيلم ثاني تعاون بين الممثلين نعومي واتس وإيوان ماكريجور، بعد ظهورهما سوياً في فيلم "stay" عام 2005 . وفيلم "المستحيل" إنتاج مشترك بين شركتين إسبانيتين هما "أباتشيز انترتاينمنت" و"تليسينكو سينما"، وبدأ تصويره في مدينة أليكانتي الإسبانية في أغسطس/ آب ،2010 ثم انتقل إلى تايلاند في أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه . قصة الفيلم حقيقية مأخوذة عن أسرة إسبانية، الأب رجل أعمال إسباني هو كويك ألفراز ولعب دوره إيوان ماكريجور، والأم ماريا ألفراز ولعبت دورها نعومي واتس، والابن الأكبر لوكاس قام بدوره الممثل الصغير توم هولاند، وتدور أحداثه عندما سافرت الأسرة لقضاء إجازة "الكريسماس" في تايلاند قبل ثماني سنوات، وخلال وجودها في أحد الفنادق الشاطئية هناك ضرب تسونامي ساحل المحيط الهندي، فأطاح بالفندق ومن فيه . يحكي الأبطال الحقيقيون قصة الفيلم، وكيف تم تحويلها إلى فيلم سينمائي، لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، وهنا نص ما قالوه . القصة تم سردها في الفيلم بذكر أغلب الأحداث الحقيقية التي وقعت فيه، فكانت الأم "ماريا" تدون كل ما تتذكره من أحداث، حتى الأحلام المفزعة والكوابيس التي كانت تطاردها في نومها وكانت تجعلها تستيقظ مفزوعة، كانت تدونها، وتعود وتتصل بالمخرج لتخبره بها . تقول ماريا: خلال وجودنا حول حمام السباحة، كنت أقلب في صفحات الكتاب الذي أحضرته معي، وأدعو ابني لوكاس لتناول مشروب بارد، وكان يقف بجانبي كويك، والذي وصلته رسالة عبر "البلاك بيري" بوجود مشاكل في جهة العمل، وكان يعمل وقتها في شركة "جيليت" في اليابان، وأنه ربما يخسر عمله قريباً، فأخبرته بألا يقلق لأنه إذا حدث ذلك سأعود لعملي كطبيبة، والذي توقفت عنه للتفرغ لتربية الأبناء، وذهب بعد ذلك كويك للعب مع أطفالنا في حوض السباحة، وفي هذه اللحظة ضربت موجة تسونامي الشاطئ، بينما كان ابني الأكبر يخرج من حوض السباحة للعب بالكرة البلاستيك على الشاطئ . سيطرت حالة من الفزع والرعب في المكان حيث قذفت الأمواج بالشاليهات، وارتطمت بالأرض، وغطت الأمواج الأطفال، وغمرت المياه الفندق . تصف مايرا حالتها وقت إحساسها بالغرق قائلة: ظللت تحت المياه لفترة طويلة، وأتذكر كيف دفعتني لأحد جدران الفندق التي لم تتحطم ما جعلني ارتطم بها بشدة، وهذا ما أودى بحياة الكثيرين الذين ماتوا من شدة الارتطام بالحائط، وكنت أعتقد وقتها أن لحظة موتي اقتربت، ولكنني كنت أرى أنواراً كثيرة تحت الماء، وأنفاقاً كثيرة بها أنوار، وهذه اللحظات المخيفة كنا نسمعها من أشخاص في لحظات الموت، وكنت أتمنى وقتها لو أستطع أن أحدد موعد وفاتي حتى أستريح من هذا الإحساس المفزع، وكنت أرى أن الحياة لا تستحق العيش من دون أبنائي الذين من المؤكد أنهم لقوا حتفهم جميعاً . تتابع ماريا: فجأة وجدت نفسي أصعد على سطح الماء ورأيت فرع شجرة تعلقت به، وسمعت صراخ ابني لوكاسا والمياه تقذفه أمامي، عندها شعرت أن الحياة جميلة وأنها تستحق أن أعيشها ولو مع ابن واحد فقط من أبنائي، وظللت أسبح وأنا متعلقة بالشجرة حتى وصلت إلى لوكاسا . هذا المشهد كما وصفه النقاد يدمي القلب، لأنه تم تمثيله بحرفية عالية، ولم يتمالك المشاهدون أنفسهم من كثرة البكاء خاصة عندما كانت البطلة نعومي واتس (الأم) تنادي على ابنها وهي تصرخ "لوكاسا" (هولاند)، والابن يناديها "ماما" حتى احتضنا بعضهما، وتمسكا بالأشجار، وبعد فترة عادت موجة كبيرة ففرقتهما عن بعضهما، ثم التقيا مرة أخرى بعد انحسار الأمواج، ووجدا أنفسهما غارقين في الطين، وأصيبت الأم في فخذها الأيمن وكانت تنزف، فاكتشف لوكاسا أن عليه العناية بوالدته، وكان وقتها يبلغ العاشرة من العمر . وبعد فترة من وجودهما وسط الطين سمعا صراخ طفل، فكرا أنه ربما يكون أحد الأبناء سيمون أو توماس، ولكنهما عثرا على طفل صغير سويدي يدعى دانيال، وكانت ماريا قد نزفت كثيراً بسبب الجرح الذي أصابها، حتى أنقذهم بعض القرويين، وتم نقلها إلى المستشفى الذي كان يمتلئ عن آخره بالجثث والجرحى والمفقودين والذين يبحثون عن أفراد عائلاتهم، وأخبر الطبيب الابن لوكاس بأن والدته تحتاج إلى إجراء جراحة سريعة لإسعافها، ولكن الحظ ظل يعاثرهما، فبعد انتهاء الجراحة دوّن الطبيب اسمها خطأ وتم نقلها إلى مكان آخر فلم يستطع الابن العثور عليها في سجلات المستشفى واعتقد أنها ماتت . على الجانب الآخر يروي الأب تفاصيل الأحداث التي عرضت كما هي في الفيلم قائلاً: كنت في حمام السباحة مع أطفالي، واستطعت الإمساك بتوماس وسيمون، وبدأنا نجري في اتجاه الفندق، إلا أن موجة ضخمة ضربتنا، جعلتني اصطدم بعمود في ساحة الفندق وأفقد الطفلين، ولكنني ظللت أقاوم وجودي تحت الماء التي جرفتني لمسافة طويلة ولم أستطع رؤية شيء أمامي غير المياه وقمم الأشجار من حولي، وجاءتني فكرة أن أتعلق بأحد الأشجار، عندها سمعت صوت توماس وكان معلقاً في قمة شجرة، أخذت أسبح في اتجاهه، وتسلقت الشجرة، ثم سمعت صوت سيمون البالغ من العمر خمس سنوات، وكان وقتها هو الآخر معلقاً في شجرة أخرى، وكان قد تعلم للتو السباحة . فيلم "المستحيل" يظهر كيف التقى الأب بطفليه، لكنه لا يوضح كيف استطاع إنقاذهما . يضيف الأب: عندما انحسرت المياه، أخذت طفليّ إلى مكان آمن في الفندق، وكان عليّ أن أقوم بالاختيار بين أمرين أحلاهما مر، إما أن أبقى معهما أو أتركهما للبحث عن ماريا ولوكاسا، ووجدت زوجاً آخر يبحث أيضاً عن أبنائه، فقررنا أن نواصل البحث سوياً . من جهة أخرى، أثنى النقاد بشكل كبير على أداء كل من واتس، وكريجور، والطفل هولاند، ويرون أنهم استطاعوا تأدية أدوارهم بمهارة عالية، كما أعطى البعض الفيلم أربع درجات من خمس، وقال البعض الآخر إنه "من أفضل الأعمال السينمائية لعام 2012" . تجاوز المحنة يرى أفراد الأسرة أن هذا العمل الفني سيساعدهم على تجاوز المحنة التي مروا بها والتي ظلت ترافقهم ل 8 سنوات، وسيقربهم من الأشخاص الذين تواصلوا معهم خلال هذه الرحلة، ومنهم الطفل دانيال والذي عثرت عليه الأم، وتتمنى أن تعرف ما الذي حدث له بعد كل هذه السنوات . داخل خزان مياه عن الصعاب التي واجهت الممثلين في هذا الفيلم تقول نعومي واتس: كان العمل شاقاً، فقد قضيت ستة أسابيع داخل خزان من المياه مغطى بالحطام، ولكنني لم أكن حافية القدمين، فقد كنت أرتدي حذاء مطاطياً شديد الشبه بالقدم .