تجمع آراء المراقبين السياسيين والمحللين على صعوبة موقف مبعوث الأممالمتحدة الأخضر الابراهيمي، إلا أن مساعي هذا الأخير مستمرة رغم فشل خططه السابقة. لندن: تحدث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بلغة سوداوية عن آفاق التوصل إلى اختراق دبلوماسي بشأن الأزمة السورية، قائلا للصحافيين إن جهود المنظمة الدولية للحد من أعمال العنف ووقف نزيف الدم لم تكن مجدية. ويأتي تقييم بان كي مون المتشائم، بالتزامن مع وجود مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي في نيويورك، لمطالبة مجلس الأمن بتشديد الضغط على الأطراف المتحاربة ودفعها إلى وقف القتال. ولكن ليس هناك ما يشير إلى تذليل الانقسامات بين القوى الكبرى داخل المجلس التي شلت يده طيلة العامين الماضيين. وقال بان إن الإبراهيمي يواصل جهوده الدبلوماسية، وإنه اجتمع به لبحث مستجدات الوضع. وأضاف "تقييمنا المشترك هو أننا ما زلنا بعيدين عن جمع السوريين"للجلوس إلى طاولة المفاوضات". وحذر من "أن الوضع سيء جدا، وصعب جداً، ولا نرى أُفقا يُذكر لإيجاد حل في هذا الوقت". وما قاله بان كي مون ليس بمستغرب، فالرئيس السوري بشار الأسد رفض عملياً في الخطاب الذي ألقاه في 6 كانون الثاني (يناير) خطة الإبراهيمي لإطلاق عملية انتقال سياسي. وفشلت الخطة البديلة، أو ما يُسمى الخطة باء التي كانت تتضمن القيام بتحرك دبلوماسي هدفه اتفاق الولاياتالمتحدةوروسيا على مشروع يحمل الأسد على التنحي. ونقلت مجلة فورين بولسي عن مصادر دبلوماسية في الأممالمتحدة أن هذه الاتصالات لم تحقق إلا الحد الأدنى من التقدم التدريجي، وأن بعض الدبلوماسيين الروس إذ يبدون منفتحين على التوصل إلى اتفاق فإن أسيادهم السياسيين في موسكو رفضوا أي صفقة تشمل رحيل الأسد. وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف أوضح في وقت سابق أن حكومته لن تقبل أي خطة لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا تتطلب تنحي الأسد. وقبل ايام أكد مندوب روسيا في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين هذا الموقف مجدداً خلال مأدبة غداء أقامها بان كي مون لأعضاء مجلس الأمن. ويرى مراقبون أن الموقف الروسي وجّه ضربة إلى مساعي الإبراهيمي لتشديد الضغط على الأسد من أجل القبول بحكومة انتقالية تُبقي على دور للأجهزة الأمنية السورية ولكنها تقتضي تنحِّيه. ويقول مسؤولون في الأممالمتحدة إن الإبراهيمي يدرك أن اتفاقا روسيا وأميركيا قد لا يكون كافياً لحمل النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة على وقف القتال فورا. ولكن مجلة فورين بولسي نقلت عن مسؤول في الأممالمتحدة ان هدف الاستراتيجية الدبلوماسية التي ينفذها الإبراهيمي هو "الشروع في تغيير ديناميكيات الوضع" بإطلاق عملية دبلوماسية، يمكن في نهاية المطاف أن تقنع الأطراف المتحاربة وحلفاءها بوجود بديل سلمي عن الحرب الأهلية. وبحسب هذا المسؤول، فإن الأممالمتحدة تأمل بأنه إذا اقتربت الولاياتالمتحدةوروسيا من اعتماد استراتيجية متفق عليها، فان مجلس الأمن سيلتف حولها، وبذلك فتح الباب لإمكانية صدور قرار ملزِم قانونياً هدفه حمل الأطراف المتحاربة على وقف القتال من خلال فرض حظر على السلاح وإجراءات قسرية اخرى. وقال المسؤول الأممي "إن الاتفاق الاميركي – الروسي، لن يكون طلقة سحرية ولكن من الجائز تماماً أن يؤدي إلى إمكانات ليست متاحة حاليا بسبب غياب الوحدة غيابا تاما في المجتمع الدولي". وفي هذه الأثناء قد تنشأ لدى المعارضة المسلحة "ثقة أكبر بالمعالجة السياسية" إذا كانت هذه المعالجة مدعومة بقرار من مجلس الأمن "يجعل رحيل بشار المحتوم يبدو حقيقيا أكثر"، على حد تعبير المسؤول الأممي. وكان مقاتلو المعارضة السورية المسلحة أوضحوا انهم لن يقبلوا انتقالا سياسيا يُبقي الأسد في موقعه. ولكن دبلوماسيين كبارا في مقر الأممالمتحدة، يخشون أن يكون الإبراهيمي استنفد ما لديه من خيارات عملية. وقال دبلوماسي غربي رفيع "كان من الخطأ ان يعتقد الإبراهيمي بأننا ما زلنا في فترة الحرب الباردة وأن الاميركيين والروس هم القادرون على الحسم. وحتى إذا اتفقوا فإني لا أرى كيف ولماذا سيقبل المقاتلون الذين يحاربون منذ 18 شهرا أو عامين إملاء الولاياتالمتحدةوروسيا". وقال ريتشارد غوان، الخبير بشؤون الأممالمتحدة في مركز التعاون الدولي التابع لجامعة نيويورك، "إن حسابات الإبراهيمي تذهب إلى أنه من المستبعد أن يغير اللاعبون الاقليميون )الذين يسلحون المعارضة( مواقفهم، إلا إذا لمسوا إشارة ما من الولاياتالمتحدةوروسيا. وما دامت روسياوالولاياتالمتحدة متباعدتين، لن يكون لدى أحد في المنطقة حافز لإعادة النظر في موقفه. وهذا هو المبرر الذي يسوغ المضي مع المسار الروسي". ولا يرى غوان سبباً يُعتد به، للاعتقاد بأن موسكو "ستفعل أي شيء يطلق عملية سقوط الأسد" قائلا إن روسيا "تضحك على الجميع مثلما ضحكت عليهم طيلة عام". ولكنه أعرب عن الاعتقاد بأن الإبراهيمي حريص على إبقاء المحادثات مستمرة تمهيداً لاقامة تعاون بين موسكو وواشنطن في حال سقوط الأسد. وقال الخبير غوان "إن هذا يرسي أساساً من نوع ما لاتفاق روسياوالولاياتالمتحدة على رد مشترك عندما يرحل الأسد".