الفنون التشكيلية جزء لا يتجزأ من ملامح مجتمع الإمارات القديم، يعبّر عن التواصل مع عناصر الطبيعة المتاحة بصورة تكاملية، كلاهما يكمل الآخر، ففي الماضي أمد الأجداد نخيلهم بالرعاية والاهتمام، فأعطاهم النخيل ثماراً وسعفاً وظلالاً . في ممشى البروميناد تتسابق الأكشاك في التعبير عن الحرف اليدوية التي تعتبر إحدى صور التعبير الفني التشكيلي، الذي تشارك فيه كذلك النساء جنباً إلى جنب مع الرجال، يقدمون صوراً واقعية عن منتجاتهم التي تحمل عنوان الذوق والجمال والإتقان . في أحد هذه الأكشاك جلست سيدات ثلاث تعمل كل منهن في عمل مختلف، ولكنه يجتمع في النهاية عندما يكتمل، فالأولى تعمل على تطريز ثوب نسائي، بينما تجمع الثانية خيوط مواد التطريز، وتقوم الثالثة بحياكة البرقع الذي يكتمل به المشهد التراثي . أجمعت السيدات على أن العمل اليدوي يضفي على القطعة جمالاً وقيمة إضافية، وأكدن أن مراحل العمل تبدأ بإعداد المواد الأساسية لتطريز الجزء العلوي من الثوب باستخدام خيوط بلاستيكية ملونة، يسمى "التيلي" وتتوافر بسماكات متنوعة تختلف باختلاف نوع الثوب المطلوب تطريزه، ويستغرق العمل في ثوب واحد قرابة 3 شهور، وتتميز هذه المنتجات اليدوية بثبات الألوان حتى بعد تعدد مرات الغسيل، كما تتميز بالدقة والتناسق والذوق الرفيع، ويعيش الثوب فترات طويلة . وفي كشك آخر يعمل ناصر خلفان على إتمام نموذج مصغر لقارب تقليدي كان يستخدم قديماً في صيد الأسماك، كما يقوم بصياغة أعمال فنية رائعة باستخدام سعف النخيل، يقول خلفان إن مهارة استخدام اليد في هذا العمل لا تكتسب بين ليلة وضحاها، يحتاج الأمر إلى أيام طويلة من التدريب والخبرة، ويشير إلى أنه اكتسب صفة الصبر، حيث يحتاج هذا النوع من العمل اليدوي أيضاً إلى وقت طويل لإنجازه، كما يستخدم عناصر كلها من الطبيعة، وأهمها سعف النخيل، ويقول إن مرونة هذه الخامة تساعد على إنجاز العمل بنجاح، بينما لا يمكن استخدام الأعواد الصلبة لأنها تنكسر بسهولة . يضيف خلفان أن هذه الأعمال بدأت في الاندثار بعد ظهور البدائل الأرخص ثمناً والأسرع في الإنتاج، إلا أنه على يقين من أن الصناعة اليدوية حتى ولو تراجع الطلب عليها لفترة، ستعود إلى سابق عهدها كما احتلت القمة في الماضي .