مواضيع ذات صلة علي محمد الفيروز بين حين وآخر تشن إسرائيل حملة كلامية إعلامية على برنامج إيران النووي، فكلما يقرع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طبول الحرب ويطالب الرئيس الأميركي باراك أوباما بوضع خط أحمر واضح لإيران ترد إيران بأعصاب باردة بالمثل، وتستبعد شن أي هجوم إسرائيلي «غبي» ضدها للقضاء على منشآتها النووية لأنهم بالطبع سيتحملون تلك العواقب الوخيمة لأي خطوة هجومية، لذلك لا تأخذ إيران هذه التهديدات على محمل الجد منذ فترة طويلة، وربما يرجع ذلك الى معرفة نوعية هذه التصريحات النارية والتي قد تكون ناجمة عن مشاكل داخلية في الحكومة الإسرائيلية التي تؤدي الى حدوث انقسامات عميقة بينهم وظهور مشكلات اجتماعية عدة، وبالتالي فإن احتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران أمر مستبعد جداً في الوقت الحالي فلا يزال هناك وقت كافٍ أمامها لمواصلة عملية المفاوضات السلمية حول برنامج عملها النووي، مع القوى الكبرى من خلال الطرق والديبلوماسية. ولكن على كل حال تبقى خطط الجانبين الهجومية قائمة في حال تجاوزها، واللافت للنظر هنا أن الجانبين يمتلكان قدرة كبيرة في تصنيع أسلحة نووية خطرة على المنطقة وهذا بالتأكيد سيؤدي الى دمارها يوماً ما، لذا من العقلانية ألا نجعل هذه الحرب الكلامية تطول بينهما لأن الحرب ان اشتعلت بين الطرفين ستكون كارثة على المنطقة كلها وستكون عواقبها وخيمة، فالمنطقة باتت غير جاهزة من أي وقت مضى لاندلاع مثل حرب كبرى قد تغير التاريخ وتغير معالم الدول المحيطة. ففي منتصف العام الحالي 2013 ستكون إيران قد قطعت شوطاً كبيراً من الطريق لامتلاكها يورانيوم مخصباً بدرجة كافية من القدرة لتصنيع القنبلة النووية ومثل هذه الانجازات ستجعل حكومة نتنياهو تحتمي بقوة حليفتها الولاياتالمتحدة عند مهاجمة المواقع النووية الايرانية وفي المقابل تهدد ايران الاطراف التي تسعى الى مهاجمتها اعلامياً، وتؤكد أن بلادها لن تقف مكتوفة الأيدي بل ستضرب بيد من حديد مضيق هرمز والقواعد الأميركية في الشرق الأوسط واسرائيل ان تطلب الأمر وتعرضت الى هجوم عسكري وشيك، وتؤكد ان التزاماتها السلمية ستتغير لدرجة خروجها من معاهدة الحد من الانتشار النووي! وعند الحاجة ستنال القواعد العسكرية الأميركية مثل تلك الموجودة في البحرين والكويت والإمارات والسعودية نصيبها القاسي في الهجوم الايراني لتكون هدفاً مشروعاً للصواريخ الإيرانية، وبالتالي ستكون منطقة الخليج العربي في أزمة حرب جديدة لا نعلم مداها في حين تعتقد اسرائيل أن محاولتها دفع الولاياتالمتحدة للمشاركة في عمل عسكري ضد المنشآت الإيرانية سيعزز موقفها أكثر من الناحية الهجومية والقدرة الدفاعية إلا أن قياديي إيران سبق لهم التحذير بشدة من أنه إذا ضربت الولاياتالمتحدة أهدافها المطلوبة فلن يتبقى شيء من أرض إسرائيل بالنظر الى حجمها. وهذا يدلنا على أن جميع المنشآت النووية الإيرانية تحت المجهر ومحصنة تماماً ضد أي عدوان عسكري محتمل. وفي هذا السياق، يحتشد في مياه الخليج بين فترة وأخرى أساطيل من السفن الحربية البريطانية والأميركية جراء الاعتقاد بأن إسرائيل لديها النية بتوجيه ضربة وقائية ضد منشآت إيران السرية للأسلحة النووية، كما تتقاطر على فترات متباعدة بعض البوارج وحاملات الطائرات والغواصات البحرية وكاسحات ألغام من عدة دول أجنبية على مضيق هرمز الاستراتيجي تحسباً لأي ردة فعل إيرانية، فالقادة الغربيون مقتنعون تماماً بأن إيران سترد على أي هجوم عسكري إسرائيلي أو أميركي، وهناك احتمال من محاولة إيرانية وشيكة لإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 18 مليون برميل من النفط يومياً، وبالتالي عند نشوب أي حرب محتملة ستمنع ايران ما يعادل 35 في المئة من إمدادات النفط للعالم وهذا ليس أمراً هيناً كما يتصوره البعض بل ستكون حتماً كارثة عسكرية واقتصادية على العالم!!! وتزامناً مع الأوضاع المتأزمة بينهما تواصل إيران مناوراتها البحرية التجريبية من خلال مروحيات محلية وروسية وصينية الصنع وذلك لفرض قوتها العسكرية، فعمليات نشر القوات والأسلحة الثقيلة والأجهزة العسكرية في منطقة مضيق هرمز وبحر عمان وشمال المحيط الهندي المراد منه استعراض قوتها وهيمنتها في هذه المناطق، لذا نلاحظ كلما هددت إسرائيل بشن ضربة عسكرية ضد برنامج ايران النووي استخفت ايران بتلك التهديدات ولا تأخذها بمحمل الجد على اعتبار أنها جزء من الحرب الكلامية الإعلامية التي لا تنتهي وفي نظرها أن هذا التصرف قد يساعدها على الفناء السريع. فإيران اليوم قادرة على استهداف أي نقطة وأي موقع في العالم وباللحظة والحجم الذي تشاؤه بينما يتحرك نتنياهو بكل طاقته السياسية ووسائله المتاحة لكي يمنع إيران من امتلاكها السلاح النووي ويؤكد أن أي حرب مع إيران ستكون كابوساً عالمياً ولم تقف خلالها دول الخليج على الحياد، في حين ترد طهران بقوة على تل أبيب لتحذرها بأن إذا كان بدء الحرب بأيديكم فإن خاتمتها ستكون بأيدي ايران، وبالتالي تستبعد طهران من أي هجوم اسرائيلي عليها وسط التطمينات الأميركية التي تتماشى مع خط البيت الأبيض الذي يعتبر انه مازال هناك متسع من الوقت للتوصل الى حل بالتفاوض مع مسؤولي إيران بشأن برنامجها النووي، حيث تعتقد الإدارة الأميركية من أن أي ضربة حربية موجهة الى ايران ستؤدي على الأرجح الى تأخير برنامج عملها النووي لا وقفه أو تدميره بالكامل، وأن الصراع سيستمر الى أشهر عدة تتخللها جبهات قتالية عدة تشمل توجيه ضربات صاروخية الى مدن اسرائيلية! وبالتالي عبرت الولاياتالمتحدة أمام المسؤولين الاسرائيليين المتحمسين لأمر الضربة العسكرية لإيران بكل صراحة عن مخاوفها من المخاطر الكبرى التي ستتعرض لها الدولة العبرية في حال نشوب الحرب، ويبقى السؤال هنا هل سيغير نتنياهو موقفه من توجيه ضربة إسرائيلية الى إيران بعد تراجع شعبيته وفشله في الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة؟! ولكل حادث حديث