القوات الحكومية تُحبط خطة حوثية إجرامية في حجة    - الصحفي السقلدي يكشف عن قرارات التعيين والغائها لمناصب في عدن حسب المزاج واستغرب ان القرارات تصدر من جهة وتلغى من جهة اخرى    إب تحت رحمة الحوثيين: جبايات متزايدة ومعاناة مستمرة!    بحضور نائب الوزير افتتاح الدورة التدريبية لتدريب المدربين حول المخاطر والمشاركة المجتمعية ومرض الكوليرا    شرح كيف يتم افشال المخطط    "الغرف المخفية" تُفضح فساد الحوثيين وتُجبرهم على بيع "ذهبهم" بأبخس الأثمان!    ناغلسمان يعلن مشاركة نوير في ودية اوكرانيا    بدء دورة تدريبية في مجال التربية الحيوانية بمنطقة بور    منظمة التعاون الإسلامي تدين محاولات الاحتلال الاسرائيلي تصنيف وكالة "اونروا" منظمة إرهابية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    ضربات هي الإعنف على الإطلاق.. صحيفة تكشف عن تغير أسلوب ''التحالف'' في التعامل مع الحوثيين    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    بالصور.. باتشوكا يحصد لقب دوري أبطال الكونكاكاف    جدول مباريات وترتيب مجموعة منتخب الإمارات في تصفيات كأس العالم 2026    يقتل شقيقه بدم بارد.. جريمة مروعة تهز مارب    القبض على أكثر من 300 أجنبي في مديرية واحدة دخلوا اليمن بطريقة غير شرعية    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    الانتقالي الجنوبي ثمرة نضالات طويلة وعنوان قضية شعب    فخامة الرئيس بن مبارك صاحب القدرة العنكبوتية على تحديد الضحية والالتفاف    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    ازمة الانتقالي الشراكة مع الأعداء التاريخيين للجنوب العربي الأرض والإنسان    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    ما خطورة قرارات مركزي عدن بإلغاء العملة القديمة على مناطق سيطرة الحوثيين؟.. باحث اقتصادي يجيب    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    تجدد مواجهة مصيرية بين سكان صنعاء و الحوثيين    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    خراب    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن: الانفلات الأمني وانقسام الجيش يعرقلان مؤتمر الحوار
نشر في الجنوب ميديا يوم 06 - 11 - 2012

يقترب موعد انطلاق المؤتمر الوطني للحوار اليمني الشامل منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، وبالتوازي تتكشف حقائق كثيرة ترجح أن تأجيل موعد المؤتمر بات الخيار الوحيد أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي، خصوصاً أن العديد من التحديات والمعوقات لا يزال يحول دون توجه فرقاء العمل السياسي والاجتماعي بخطى حثيثة نحو الحوار.
التأجيل المتوقع لمؤتمر الحوار الوطني يهدف إلى منح القوى السياسية اليمنية واللجنة الفنية التي تحضِّر لهذا المؤتمر، المزيدَ من الوقت للعمل على تجاوز التحديات وإزالة ما تبقى من عقبات في طريق الحوار، وفي الوقت ذاته تهيئة الجو العام للتحاور حول مختلف الملفات الشائكة والخطيرة .
وتؤكد مصادر مطلعة في اللجنة الفنية للحوار، أن بعض الجوانب التحضيرية المهمة لم تحسم بعد، وفي مقدمها مكان انعقاد مؤتمر الحوار، الذي من المتوقع أن يستمر لمدة تصل إلى نحو ستة أشهر. ورفضت المصادر التي تحدثت ل «الحياة»، التعليقَ على ما يطرحه بعض فصائل «الحراك الجنوبي» الانفصالي بانعقاد الحوار خارج اليمن، واكتفت بالقول إن «مؤتمر الحوار سيعقد في اليمن، ولا مجال لنقله إلى أي دولة أخرى».
وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم كشف هويتها، أن النقاش مستمر حتى يتم الاتفاق على المدينة والمحافظة اليمنية التي سيعقد فيها المؤتمر، وقالت إن العديد من العوامل سيؤخذ في الاعتبار عند اختيار المنطقة التي ستحتضن الحوار. وأكدت المصادر ذاتها أن الجانب الأمني يُعَدّ المعيارَ الأهم في تحديد المكان، لأنه من الصعب جداً انعقاد المؤتمر في ظل حالة الانفلات الأمني التي يشهدها أغلب مناطق البلاد.
وتشير مصادر اللجنة إلى أهمية تأمين المحافظة والمدينة التي ستنعقد فيها جلسات الحوار بشكل جيد، بما يوفر السكينة والطمأنينة، وقبل ذلك تأمين حياة المتحاورين الذين سيمثلون مختلف القوى السياسية وأطياف المجتمع اليمني وحركتهم، لأنه من المستحيل أن يلتقي المتحاورون، المقدر عددهم بنحو (500) شخص، أو يتوصلوا إلى نتائج إيجابية في أجواء يسودها القلق والتوتر.
وتتفق مصادر سياسية يمنية مع الطرح السالف الذكر، وتقول إن حكومة «الوفاق الوطني» المشكَّلة مناصفة بين «حزب المؤتمر الشعبي العام» (يقوده الرئيس السابق علي عبدالله صالح) وبين تكتل أحزاب «اللقاء المشترك» الذي قاد الثورة ضد نظام صالح، لا تزال عاجزة عن السيطرة على الأوضاع في البلاد، وعاجزة أكثر عن إخضاع الكثير من المناطق اليمنية لسلطة الدولة، حيث يسيطر الحوثيون على محافظة صعدة (شمال اليمن) وأجزاء واسعة من محافظات حجة وعمران والجوف المجاورة لصعدة، كما تخضع مناطق واسعة من المحافظات الجنوبية، لسيطرة قوى «الحراك الجنوبي» وتنظيم «القاعدة».
وتؤكد المصادر السياسية التي تحدثت ل «الحياة»، على إن هذا الأمر لا يقتصر على مناطق الأطراف فقط، وأن السلطات اليمنية لم تتمكن بعد من إخضاع بعض الأحياء في العاصمة اليمنية صنعاء لسلطة النظام والقانون، وفي طليعة هذه الأحياء حي «الحصبة»، الذي يفرض عليه أبناء الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر نظامهم الخاص منذ المواجهات المسلحة التي خاضها أتباعهم -من المسلحين القبليين- مع قوات الأمن وبعض الوحدات العسكرية الموالية للرئيس السابق خلال العام 2011.
وتقول المصادر السياسية إن ضبط الأمن واستعادة الدولة هيبتها المفقودة، لا يمكن أن يتأتيا ما لم يتم إخضاع القوى القبلية والطائفية والانفصالية لسلطة الدولة، وانتزاع أسباب القوة التي تعتمد عليها في التمرد على شرعية النظام الحاكم، كون هذه القوى تمتلك كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة تمكِّنها من الوقوف في وجه سلطات الحكم وعدم الخضوع والانصياع للأنظمة والقوانين، وهو بالتالي ما يُفشل أيَّ جهود تبذل من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق للسيطرة على مجريات الأمور في البلاد.
ولفتت المصادر إلى أن الرئيس هادي لم يتمكن بعد من الانتقال إلى دار الرئاسة، لضعف إجراءات الحماية الأمنية، وأنه يحتاج دائماً إلى الدعم والضغط الإقليمي والدولي لإنفاذ ما يتخذه من قرارات، بفعل ما يحدث من معارضةٍ للكثير من القرارات الرئاسية من شركاء التسوية السياسية لنقل السلطة سلمياً في اليمن، وعلى وجه الخصوص الرئيس السابق علي صالح، وبالذات ما يتعلق بالتغييرات التي يجريها هادي في المؤسستين الأمنية والعسكرية، وتطاول قيادات تربطها صلة قرابة بصالح أو موالية له.
المراقبون للشأن اليمني، يعتقدون أن هذه الأوضاع، لا تساعد على انطلاق مؤتمر الحوار الوطني، ولا توفر له عوامل النجاح وأسبابه، وبالذات مع استمرار انقسام الجيش اليمني وأجهزة الأمن، منذ إعلان قائد المنطقة الشمالية الغربية والفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن الأحمر، الانشقاقَ عن نظام الرئيس السابق علي صالح وتأييد الثورة الشبابية ضده في شهر آذار (مارس 2011).
ويتبع الفرقة الأولى مدرع نحو 23 لواء عسكرياً، غير أن غالبيتها لم تحصل على أي أسلحة حديثة منذ قرابة عقدين من الزمن.
وفي المقابل يقود نجل الرئيس السابق، العميد أحمد علي عبدالله صالح، قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، وتتشكل قوات الحرس من 31 لواء والقوات الخاصة من 11 لواء، وتعد هذه القوات الأكفأ تدريباً في الجيش اليمني، بفعل العناية التي أولاها إياها الرئيس السابق والأموال الكبيرة التي خصصت لها، وهو ما ساعد على منح منتسبيها امتيازات لا تتوافر لأمثالهم في وحدات الجيش الأخرى، إضافة إلى أنها تعد الأكثر والأحدث تسليحاً في الجيش، إلى جانب قوات الأمن المركزي ووحدات مكافحة الإرهاب التي يقودها العميد يحيى صالح نجل شقيق الرئيس السابق.
ويرى المراقبون أن إعادة هيكلة الجيش والأمن على أسس وطنية، وإنهاء الانقسام الموجود فيهما، من شأنه أن يهيئ الأرضية المناسبة لنجاح الحوار، كونهما الحامي الحقيقي للحوار الوطني، والضامن الأهم والأول لإنجاحه وتنفيذ ما سيسفر عنه من مخرجات واتفاقات، ويشيرون إلى أن انعقاد المؤتمر بحد ذاته غير كاف، وحتى نجاحه في التوصل لمخارج مناسبة تعالج مختلف المشاكل اليمنية، ما لم يكن هناك قوة حقيقية في يد الرئيس تعمل على إنفاذ المخرجات، وتحول دون تنصل أي طرف منها.
ولأن إعادة هيكلة الجيش والأمن تحتاج لوقت طويل وجهد كبير، يعتقد المراقبون أن إزاحة اللواء الأحمر ونجل صالح من قيادة الفرقة الأولى مدرع والحرس الجمهوري، وتغيير القيادات الموالية لصالح في ألوية الحرس الجمهوري، وتعيين قيادات جديدة من خارج دائرة الصراع الراهن، من شأنه أن ينهي الانقسام ويُخضع مؤسستي الجيش والأمن، لسلطة الرئيس هادي، وينزع من يد الأطراف المتصارعة أسباب القوة التي تتمترس خلفها.
شباب الثورة المرابطون منذ مطلع العام الماضي، في ميادين وساحات التغيير والحرية، في العاصمة صنعاء وعدد من المدن اليمنية الأخرى، يواصلون موقفهم الرافض للحوار قبل إقالة نجل صالح والقادة العسكريين الموالين له من مناصبهم، وفي أول جمعة في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، والتي أسموها جمعة (لا حوار قبل الإقالة)، قال خطيب الجمعة في شارع الستين بالعاصمة صنعاء الشيخ عبدالله صعتر، بأنه لا حوار مع الجماعات المسلحة، ولا حوار وبقايا العائلة في قيادة المؤسستين العسكرية والأمنية.
وأكد صعتر أن الثورة مستمرة حتى تحقيق دولة المؤسسات، وأنه لا يوجد أي خيار ثالث لدى الثوار، فإما إكمال الثورة أو الموت أحراراً، مشيراً إلى أن الاغتيالات والتهديدات لن تؤثر على مسيرة التغيير، داعياً في الوقت نفسه إلى ثورة المؤسسات، والعمل على كف أيدي القادة العسكريين والمسؤولين عن ممارسة الظلم بالطرق السلمية، وقال إنه لا يمكن أن يتم الحوار وطرف يحمل السلاح، ولا تمكن مناقشة طرف وسلاحُه موجه إلى الطرف الأخر، كما أنه لن يكون هناك حوار حقيقي إلا بنزع السلاح من كل الأطراف.
من جهة أخرى، قال خطيب ساحة الحرية بعدن المهندس مروان العزعزي، إن شباب الثورة متمسكون بأهداف ثورتهم، وأهمها الآن إقالة بقايا العائلة قبل بدء الحوار الوطني، وإقالة الفاسدين الذين لا يزالون يعملون لصالح النظام العائلي السابق في جميع مرافق الدولة. وطالب العزعزي أيضاً بإقالة المتورطين في قتل شباب الثورة أو محاكمتهم أو حبسهم أو إخفائهم قسرياً. وتساءل خطيب شباب الثورة في عدن قائلاً: «كيف لحوار أن ينجح وبقايا العائلة مستمرون في عرقلة خطواته».
في المقابل، ترى مصادر سياسية يمنية محايدة، أن شركاء التسوية السياسية في حزب المؤتمر الشعبي وتكتل «اللقاء المشترك»، الموقعين على اتفاق المبادرة الخليجية، لم يصلوا بعد إلى قناعة كاملة بهذا الاتفاق، وبأهمية المضي قدماً في تنفيذ كل بنوده، رغم مضي نحو عام كامل على توقيعه، وبالتالي يواصلون مناوراتهم السياسية التي قد تُفشل التسوية السياسية برمتها وتعيد البلاد إلى مربع المواجهة والعنف والفوضى، الذي سيقود اليمن إلى منحدرات خطيرة، ولن يخرج منه أي طرف سالماً مهما كانت قدراته.
وتقول المصادر التي تحدثت الى «الحياة»، إن إصرار الرئيس السابق على الاستمرار في ممارسة العمل السياسي، وتدخلاته الدائمة في مهام ممثلي حزب المؤتمر في حكومة الوفاق، تحول دون انسجام الحكومة والعمل كفريق واحد، وتعرقل تنفيذ العديد من بنود المبادرة الخليجية، وكذلك الأمر بالنسبة لشباب الثورة الذين يواصلون اعتصاماتهم في الميادين والساحات، وهذا الأمر يرى فيه شباب الثورة الضمانَ الوحيد لإنجاز التغيير والحيلولة دون الالتفاف عليه، بينما تعتبره المصادر مخالفاً لاتفاق التسوية السياسية.
وتؤكد المصادر ذاتها أن القبول بالتسوية السياسية لنقل السلطة سلمياً، يقتضي توقف جميع الأطراف عن ممارسة الأنشطة التي تناقضها وتعوق استكمال جميع بنودها، ومن ذلك النشاط الثوري المستمر، والذي يحول أيضاً دون ممارسة سكان الأحياء التي تحتضن ساحات الاعتصام حياتَهم الطبيعية، ويضاعف معاناتهم المستمرة منذ مطلع العام 2011، إضافة إلى الحملات الإعلامية المتبادلة بين شركاء التسوية السياسية، والتي تعمل بما تحمله من مضامين على تأجيج الصراع، وزيادة توتر الجو السياسي العام.
ولفتت المصادر إلى أن المشهد السياسي الراهن في اليمن، لا يوحي بوجود توافق بين الأطراف السياسية، ولا يساعد على الانخراط في الحوار الوطني الشامل، ودعت المصادر الرئيس اليمني إلى تحمل مسؤوليته التاريخية والوطنية، في ضبط الأوضاع في البلاد، والتسريع بالإجراءات والقرارات التي من شأنها إخضاع جميع الأطراف لسلطة الدولة، والتوقف عن ممارسة كل ما يتعارض وبنود المبادرة الخليجية، وفي الوقت ذاته تهيئة المناخ الملائم للحوار المرتقب.
يقترب موعد انطلاق المؤتمر الوطني للحوار اليمني الشامل منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، وبالتوازي تتكشف حقائق كثيرة ترجح أن تأجيل موعد المؤتمر بات الخيار الوحيد أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي، خصوصاً أن العديد من التحديات والمعوقات لا يزال يحول دون توجه فرقاء العمل السياسي والاجتماعي بخطى حثيثة نحو الحوار.
التأجيل المتوقع لمؤتمر الحوار الوطني يهدف إلى منح القوى السياسية اليمنية واللجنة الفنية التي تحضِّر لهذا المؤتمر، المزيدَ من الوقت للعمل على تجاوز التحديات وإزالة ما تبقى من عقبات في طريق الحوار، وفي الوقت ذاته تهيئة الجو العام للتحاور حول مختلف الملفات الشائكة والخطيرة .
وتؤكد مصادر مطلعة في اللجنة الفنية للحوار، أن بعض الجوانب التحضيرية المهمة لم تحسم بعد، وفي مقدمها مكان انعقاد مؤتمر الحوار، الذي من المتوقع أن يستمر لمدة تصل إلى نحو ستة أشهر. ورفضت المصادر التي تحدثت ل «الحياة»، التعليقَ على ما يطرحه بعض فصائل «الحراك الجنوبي» الانفصالي بانعقاد الحوار خارج اليمن، واكتفت بالقول إن «مؤتمر الحوار سيعقد في اليمن، ولا مجال لنقله إلى أي دولة أخرى».
وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم كشف هويتها، أن النقاش مستمر حتى يتم الاتفاق على المدينة والمحافظة اليمنية التي سيعقد فيها المؤتمر، وقالت إن العديد من العوامل سيؤخذ في الاعتبار عند اختيار المنطقة التي ستحتضن الحوار.
وأكدت المصادر ذاتها أن الجانب الأمني يُعَدّ المعيارَ الأهم في تحديد المكان، لأنه من الصعب جداً انعقاد المؤتمر في ظل حالة الانفلات الأمني التي يشهدها أغلب مناطق البلاد.
وتشير مصادر اللجنة إلى أهمية تأمين المحافظة والمدينة التي ستنعقد فيها جلسات الحوار بشكل جيد، بما يوفر السكينة والطمأنينة، وقبل ذلك تأمين حياة المتحاورين الذين سيمثلون مختلف القوى السياسية وأطياف المجتمع اليمني وحركتهم، لأنه من المستحيل أن يلتقي المتحاورون، المقدر عددهم بنحو (500) شخص، أو يتوصلوا إلى نتائج إيجابية في أجواء يسودها القلق والتوتر.
وتتفق مصادر سياسية يمنية مع الطرح السالف الذكر، وتقول إن حكومة «الوفاق الوطني» المشكَّلة مناصفة بين «حزب المؤتمر الشعبي العام» (يقوده الرئيس السابق علي عبدالله صالح) وبين تكتل أحزاب «اللقاء المشترك» الذي قاد الثورة ضد نظام صالح، لا تزال عاجزة عن السيطرة على الأوضاع في البلاد، وعاجزة أكثر عن إخضاع الكثير من المناطق اليمنية لسلطة الدولة، حيث يسيطر الحوثيون على محافظة صعدة (شمال اليمن) وأجزاء واسعة من محافظات حجة وعمران والجوف المجاورة لصعدة، كما تخضع مناطق واسعة من المحافظات الجنوبية، لسيطرة قوى «الحراك الجنوبي» وتنظيم «القاعدة».
وتؤكد المصادر السياسية التي تحدثت ل «الحياة»، على إن هذا الأمر لا يقتصر على مناطق الأطراف فقط، وأن السلطات اليمنية لم تتمكن بعد من إخضاع بعض الأحياء في العاصمة اليمنية صنعاء لسلطة النظام والقانون، وفي طليعة هذه الأحياء حي «الحصبة»، الذي يفرض عليه أبناء الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر نظامهم الخاص منذ المواجهات المسلحة التي خاضها أتباعهم -من المسلحين القبليين- مع قوات الأمن وبعض الوحدات العسكرية الموالية للرئيس السابق خلال العام 2011.
وتقول المصادر السياسية إن ضبط الأمن واستعادة الدولة هيبتها المفقودة، لا يمكن أن يتأتيا ما لم يتم إخضاع القوى القبلية والطائفية والانفصالية لسلطة الدولة، وانتزاع أسباب القوة التي تعتمد عليها في التمرد على شرعية النظام الحاكم، كون هذه القوى تمتلك كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة تمكِّنها من الوقوف في وجه سلطات الحكم وعدم الخضوع والانصياع للأنظمة والقوانين، وهو بالتالي ما يُفشل أيَّ جهود تبذل من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق للسيطرة على مجريات الأمور في البلاد.
ولفتت المصادر إلى أن الرئيس هادي لم يتمكن بعد من الانتقال إلى دار الرئاسة، لضعف إجراءات الحماية الأمنية، وأنه يحتاج دائماً إلى الدعم والضغط الإقليمي والدولي لإنفاذ ما يتخذه من قرارات، بفعل ما يحدث من معارضةٍ للكثير من القرارات الرئاسية من شركاء التسوية السياسية لنقل السلطة سلمياً في اليمن، وعلى وجه الخصوص الرئيس السابق علي صالح، وبالذات ما يتعلق بالتغييرات التي يجريها هادي في المؤسستين الأمنية والعسكرية، وتطاول قيادات تربطها صلة قرابة بصالح أو موالية له.
المراقبون للشأن اليمني، يعتقدون أن هذه الأوضاع، لا تساعد على انطلاق مؤتمر الحوار الوطني، ولا توفر له عوامل النجاح وأسبابه، وبالذات مع استمرار انقسام الجيش اليمني وأجهزة الأمن، منذ إعلان قائد المنطقة الشمالية الغربية والفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن الأحمر، الانشقاقَ عن نظام الرئيس السابق علي صالح وتأييد الثورة الشبابية ضده في شهر آذار (مارس 2011).
ويتبع الفرقة الأولى مدرع نحو 23 لواء عسكرياً، غير أن غالبيتها لم تحصل على أي أسلحة حديثة منذ قرابة عقدين من الزمن.
وفي المقابل يقود نجل الرئيس السابق، العميد أحمد علي عبدالله صالح، قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، وتتشكل قوات الحرس من 31 لواء والقوات الخاصة من 11 لواء، وتعد هذه القوات الأكفأ تدريباً في الجيش اليمني، بفعل العناية التي أولاها إياها الرئيس السابق والأموال الكبيرة التي خصصت لها، وهو ما ساعد على منح منتسبيها امتيازات لا تتوافر لأمثالهم في وحدات الجيش الأخرى، إضافة إلى أنها تعد الأكثر والأحدث تسليحاً في الجيش، إلى جانب قوات الأمن المركزي ووحدات مكافحة الإرهاب التي يقودها العميد يحيى صالح نجل شقيق الرئيس السابق.
ويرى المراقبون أن إعادة هيكلة الجيش والأمن على أسس وطنية، وإنهاء الانقسام الموجود فيهما، من شأنه أن يهيئ الأرضية المناسبة لنجاح الحوار، كونهما الحامي الحقيقي للحوار الوطني، والضامن الأهم والأول لإنجاحه وتنفيذ ما سيسفر عنه من مخرجات واتفاقات، ويشيرون إلى أن انعقاد المؤتمر بحد ذاته غير كاف، وحتى نجاحه في التوصل لمخارج مناسبة تعالج مختلف المشاكل اليمنية، ما لم يكن هناك قوة حقيقية في يد الرئيس تعمل على إنفاذ المخرجات، وتحول دون تنصل أي طرف منها.
ولأن إعادة هيكلة الجيش والأمن تحتاج لوقت طويل وجهد كبير، يعتقد المراقبون أن إزاحة اللواء الأحمر ونجل صالح من قيادة الفرقة الأولى مدرع والحرس الجمهوري، وتغيير القيادات الموالية لصالح في ألوية الحرس الجمهوري، وتعيين قيادات جديدة من خارج دائرة الصراع الراهن، من شأنه أن ينهي الانقسام ويُخضع مؤسستي الجيش والأمن، لسلطة الرئيس هادي، وينزع من يد الأطراف المتصارعة أسباب القوة التي تتمترس خلفها.
شباب الثورة المرابطون منذ مطلع العام الماضي، في ميادين وساحات التغيير والحرية، في العاصمة صنعاء وعدد من المدن اليمنية الأخرى، يواصلون موقفهم الرافض للحوار قبل إقالة نجل صالح والقادة العسكريين الموالين له من مناصبهم، وفي أول جمعة في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، والتي أسموها جمعة (لا حوار قبل الإقالة)، قال خطيب الجمعة في شارع الستين بالعاصمة صنعاء الشيخ عبدالله صعتر، بأنه لا حوار مع الجماعات المسلحة، ولا حوار وبقايا العائلة في قيادة المؤسستين العسكرية والأمنية.
وأكد صعتر أن الثورة مستمرة حتى تحقيق دولة المؤسسات، وأنه لا يوجد أي خيار ثالث لدى الثوار، فإما إكمال الثورة أو الموت أحراراً، مشيراً إلى أن الاغتيالات والتهديدات لن تؤثر على مسيرة التغيير، داعياً في الوقت نفسه إلى ثورة المؤسسات، والعمل على كف أيدي القادة العسكريين والمسؤولين عن ممارسة الظلم بالطرق السلمية، وقال إنه لا يمكن أن يتم الحوار وطرف يحمل السلاح، ولا تمكن مناقشة طرف وسلاحُه موجه إلى الطرف الأخر، كما أنه لن يكون هناك حوار حقيقي إلا بنزع السلاح من كل الأطراف.
من جهة أخرى، قال خطيب ساحة الحرية بعدن المهندس مروان العزعزي، إن شباب الثورة متمسكون بأهداف ثورتهم، وأهمها الآن إقالة بقايا العائلة قبل بدء الحوار الوطني، وإقالة الفاسدين الذين لا يزالون يعملون لصالح النظام العائلي السابق في جميع مرافق الدولة. وطالب العزعزي أيضاً بإقالة المتورطين في قتل شباب الثورة أو محاكمتهم أو حبسهم أو إخفائهم قسرياً. وتساءل خطيب شباب الثورة في عدن قائلاً: «كيف لحوار أن ينجح وبقايا العائلة مستمرون في عرقلة خطواته».
في المقابل، ترى مصادر سياسية يمنية محايدة، أن شركاء التسوية السياسية في حزب المؤتمر الشعبي وتكتل «اللقاء المشترك»، الموقعين على اتفاق المبادرة الخليجية، لم يصلوا بعد إلى قناعة كاملة بهذا الاتفاق، وبأهمية المضي قدماً في تنفيذ كل بنوده، رغم مضي نحو عام كامل على توقيعه، وبالتالي يواصلون مناوراتهم السياسية التي قد تُفشل التسوية السياسية برمتها وتعيد البلاد إلى مربع المواجهة والعنف والفوضى، الذي سيقود اليمن إلى منحدرات خطيرة، ولن يخرج منه أي طرف سالماً مهما كانت قدراته.
وتقول المصادر التي تحدثت الى «الحياة»، إن إصرار الرئيس السابق على الاستمرار في ممارسة العمل السياسي، وتدخلاته الدائمة في مهام ممثلي حزب المؤتمر في حكومة الوفاق، تحول دون انسجام الحكومة والعمل كفريق واحد، وتعرقل تنفيذ العديد من بنود المبادرة الخليجية، وكذلك الأمر بالنسبة لشباب الثورة الذين يواصلون اعتصاماتهم في الميادين والساحات، وهذا الأمر يرى فيه شباب الثورة الضمانَ الوحيد لإنجاز التغيير والحيلولة دون الالتفاف عليه، بينما تعتبره المصادر مخالفاً لاتفاق التسوية السياسية.
وتؤكد المصادر ذاتها أن القبول بالتسوية السياسية لنقل السلطة سلمياً، يقتضي توقف جميع الأطراف عن ممارسة الأنشطة التي تناقضها وتعوق استكمال جميع بنودها، ومن ذلك النشاط الثوري المستمر، والذي يحول أيضاً دون ممارسة سكان الأحياء التي تحتضن ساحات الاعتصام حياتَهم الطبيعية، ويضاعف معاناتهم المستمرة منذ مطلع العام 2011، إضافة إلى الحملات الإعلامية المتبادلة بين شركاء التسوية السياسية، والتي تعمل بما تحمله من مضامين على تأجيج الصراع، وزيادة توتر الجو السياسي العام.
ولفتت المصادر إلى أن المشهد السياسي الراهن في اليمن، لا يوحي بوجود توافق بين الأطراف السياسية، ولا يساعد على الانخراط في الحوار الوطني الشامل، ودعت المصادر الرئيس اليمني إلى تحمل مسؤوليته التاريخية والوطنية، في ضبط الأوضاع في البلاد، والتسريع بالإجراءات والقرارات التي من شأنها إخضاع جميع الأطراف لسلطة الدولة، والتوقف عن ممارسة كل ما يتعارض وبنود المبادرة الخليجية، وفي الوقت ذاته تهيئة المناخ الملائم للحوار المرتقب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.