في ظل التطلع المتزايد لكبار رجال الأعمال في عالمنا إلى التوسع في صناعات جديدة لضمان مزيد من النمو، تطرح بوز أند كومباني رؤيتها وتقييمها بشأن ضرورة أن تتفوق الشركات في مجالات صناعاتها، بدلاً من الخوض في غمار صناعات جديدة . ثمة اعتقاد سائد اليوم بين الرؤساء التنفيذيين وكبار المسؤولين التنفيذيين أن الدخول إلى صناعات جديدة مزدهرة هو حجر الزاوية لتحقيق أقصى قدر من النمو . ويعزو كبار رجال الأعمال ركود عائدات استثماراتهم إلى عوامل مرتبطة بمجالات صناعاتهم، ويعتقدون اعتقاداً راسخاً أن إيجاد صناعات أفضل وجعل شركاتهم في وضع تنافسي يُمكنهم من جني مكاسب أكبر . ومع ذلك، وبعد إجراء تحليل عميق لعائدات المساهمين شمل 6138 شركة عاملة في 65 صناعة في جميع أرجاء العالم ما بين أعوام 2001 إلى ،2011 كشفت شركة الاستشارات الإدارية بوز أند كومباني أن هذا الاعتقاد ليس له أساس من الصحة . ففي الواقع، وفي كل حالة تقريباً، تكمن الفرصة الأكبر في تطوير أداء الشركة في مجال صناعتها عن طريق تحديث استراتيجيتها وتعزيز قدراتها لتحقيق قيمة أكبر للعملاء ومن ثم تميزها عن منافسيها . نشأت فكرة تفوق بعض الصناعات على غيرها بسبب سوق الأوراق المالية، ووسائل الإعلام، ونزعة المديرين الخاصة للبحث عن أعمال "أسهل" . ويُعقب إيفان هيرش، وهو شريك في بوز أند كومباني، في هذا الصدد قائلاً: في الواقع، لا تدعم بيانات السوق هذا الاعتقاد . ففي حين تتفوق بعض الصناعات قطعاً على غيرها، فإن الفروق أقل بكثير مما يعتقده البعض، وسرعان ما تعود معظم الشركات المتفوقة في السوق إلى تحقيق معدل نمو متوسط . علاوةً على ذلك، فإن الفرق في العائدات بين الشركات العاملة في الصناعة نفسها يتخطى بعدة أضعاف الفرق بينها وبين مثيلاتها في الصناعات الأخرى . وبالتالي، ينبغي على الرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارات عدم إهدار الوقت ورؤوس أموال المساهمين في محاولة لتحقيق النجاح في صناعة جديدة" . وتُظهر الدراسة التي أجرتها بوز أند كومباني لعائدات المساهمين على مدار عشرة أعوام أن الشركات المُصنفة ضمن الربع الإحصائي الأعلى تحقق إجمالي عائدات سنوية للمساهمين بنسبة 17% أو أكثر، والمثير للاهتمام أن كل صناعة رئيسية تضم شركة واحدة على الأقل تحقق إجمالي عائدات مرتفعاً للمساهمين، بينما تتفوق أفضل الشركات في تلك الصناعة تفوقاً مبهراً . وبالتالي، لم يكن ضرورياً أن يبحث الرؤساء التنفيذيون عن التعافي في صناعة أخرى . ويعلق كاستوري رنغان، وهو مدير أول في بوز أند كومباني، على ذلك قائلاً: "ومع ذلك، فمن الصعب اليوم العثور على رجل أعمال لم تراوده مطلقاً فكرة أن شركته تعمل في صناعة أو سوق تجارية راكدة وأن ثمة فرصة أفضل تقبع في مكان قريب . وهذا ما يُفسر سبب استغلال خطوط الإنتاج أو الخدمات التي لا تزال قادرة على النمو لتمويل شركات أخرى بدلاً من إعادة الاستثمار فيها . كما يبرز فقدان التركيز الذي ينبع من انخراط الشركات في صناعات متعددة على أمل أن تحقق إحداها نجاحاً منقطع النظير . وأخيراً، فإنه يُسلط الضوء على السعي المتهور نحو عمليات الدمج التي وُصفت بأنها "تطويرية" ولكنها غالباً ما تنطوي على تكبد مبالغ زائدة، وضعف في مستوى الأداء، وانخفاض كبير في العائدات، والاستغناء عن الرئيس التنفيذي" . للأسف، غالباً ما يُخطئ المساهمون ويظنون أن الشركة الناجحة في إحدى الصناعات يمكن أن تُطور من نفسها سريعاً وتكون قادرة على النجاح في صناعة أخرى . وفي واقع الأمر، فإن القدرات الفارقة تتشكل على مدى عقود من الزمن، وربما تنطوي على استثمار الملايين أو المليارات من الدولارات في الموارد البشرية والمالية، وأن غالبية الشركات التي دخلت صناعات جديدة وهيمنت عليها قد استفادت بالفعل من مواطن القوة الفريدة التي تميزها في هذه الصناعات . وتكمن المشكلة الثانية في الاعتقاد بأن الصناعة التي تبدو متفوقة اليوم سوف تظل كذلك في العقود المقبلة . وهنا يضيف إيفان هيرش قائلاً: "نصف الصناعات التي خضعت للدراسة كانت في الربع الإحصائي الأعلى في الأعوام ما بين 1991 حتى ،2001 وانتهى بها المطاف لتكون في الربع الأدنى خلال العقد التالي . وهو تغير يجري في كل نوع من الدورات الاقتصادية، وهذا بوجه عام ما يُفسر المخاطرة الكبيرة للدخول إلى صناعة تشهد ذروة نموها .