الجمعة 01 فبراير 2013 12:28 صباحاً رويترز دعا القادة السياسيون المتنازعون في مصر يوم الخميس بعد اجتماع عقد في الأزهر إلى إنهاء العنف بعد أسبوع من احتجاجات كانت الأكثر دموية منذ انتخاب الرئيس محمد مرسي في يونيو حزيران. ولم يتضح على الفور ما إذا كان التزامهم بالدعوة لإنهاء المواجهات في الاجتماع الذي دعا له شيخ الأزهر أحمد الطيب سينهي أسبوعا من إراقة الدماء في الشوارع شهد مقتل نحو 60 شخصا. ولم تلغ أحزاب المعارضة مظاهرات حاشدة كانت قد دعت لتنظيمها يوم الجمعة. لكن المشاركين في الاجتماع وبينهم عضوان قياديان في جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي ومعارضون له وصفوا وثيقة أصدروها بعد الاجتماع بأنها خطوة كبيرة على طريق إنهاء الصراع الذي جعل أكبر الدول العربية سكانا مهددة بالفوضى بعد عامين من إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك. والأزهر إحدى المؤسسات القليلة في مصر التي لا تزال تعتبر محايدة في مجتمع تتزايد فيه حدة الاستقطاب. واتفق المجتمعون على الاعداد لحوار وطني تمثل فيه أطراف الاجتماع -من بينها الكنائس المصرية- لحل أزمة الدستور ذي النزعة الإسلامية الذي أسرع مرسي بدعوة الناخبين للاستفتاء عليه وما يقول معارضون إنها "أخونة" للدولة في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين. ورحبت الرئاسة المصرية باجتماع الأزهر وقالت في بيان إنها تابعته باهتمام ووصفت نتائجه بأنها "مبشرة" ومنها تشديد الوثيقة على نبذ العنف وما قال البيان الرئاسي إنه "تفعيل الحوار الوطني." وكانت جبهة الإنقاذ الوطني التي تقود المعارضة قد رفضت يوم الاثنين دعوة مرسي مجددا لها للمشاركة في حوار وطني. وأضاف البيان أن الرئاسة تعتبر الاجتماع "خطوة هامة على طريق تحقيق الاستقرار في الشارع المصري وإيذانا بإعطاء فرصة حقيقية لجهود التنمية والبناء... سعيا لتحقيق أهداف ثورتنا المجيدة" في إشارة إلى الثورة التي أسقطت مبارك. وقال الطيب خلال الاجتماع إن الحوار يجب أن تشارك فيه كل مكونات المجتمع المصري بدون إقصاء مشددا على أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل والخلافات. وأضاف "ينبغي ألا نتردد لحظة في إدانة العنف أو الترويج له أو استغلاله بأي صورة من الصور... مصير وطننا معلق باحترام القانون وسيادته وتلك مسؤولية الجميع." وحضر الاجتماع محمد البرادعي المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني الذي قال للصحفيين "نخرج من هذا الاجتماع بنوع من التفاؤل ولكن التحديات كثيرة أمامنا." وأضاف "مع ذلك كل واحد منا يعتقد أن مصير مصر على المحك وأن كلا منا سيبذل ما في طاقته بحسن نية من أجل بناء الثقة مرة أخرى بين فصائل الشعب المصري." وقال رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين محمد سعد الكتاتني الذي حضر الاجتماع "اليوم كان لقاء تاريخيا في رحاب الأزهر." وأضاف "الجميع أبدى الاستعداد... أن يعطي تنازلات من أجل نجاح الحوار." وتابع أن هناك لجنة ستعد للحوار. وقال مستشار لشيخ الأزهر تلا الوثيقة إن اللجنة ستتكون من خمسة ممثلين للأحزاب المنضمة لجبهة الإنقاذ وخمسة ممثلين للأحزاب التي شاركت في الحوار الذي رعاه مرسي واثنين من نشطاء الثورة. وسعى الأزهر إلى البقاء فوق الصراع السياسي. وجاء تدخله بعد أن حذر وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي من أن الصراع السياسي في البلاد يهدد بانهيار الدولة. وتتهم المعارضة مرسي بخيانة روح الثورة من خلال تركيز السلطة أكثر مما ينبغي في يديه وأيدي قادة جماعة الإخوان المسلمين. وتتهم الجماعة مخالفيها في الرأي بمحاولة الإطاحة بأول رئيس منتخب للبلاد. ومن بين من حضروا اجتماع يوم الخميس محمود عزت نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والكتاتني وأظهرتهما لقطات تلفزيونية يجلسان في مواجهة البرادعي والعضو القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني عمرو موسى والسياسي اليساري حمدين صباحي والثلاثة معارضون بارزون لمرسي. وجاء في الوثيقة التي وقعها المجتمعون أنهم اتفقوا على "إدانة التحريض على العنف أو تسويغه أو تبريره... أو استغلاله بأية صورة." وأضافت الوثيقة التي تألفت من عشرة بنود "اللجوء إلى العنف والتحريض عليه والسكوت عنه وكافة صور الاغتيال المعنوي للأفراد... كلها جرائم يجب أن ينأى الجميع بأنفسهم عن الوقوع فيها." وكان إسلاميون اتهموا جبهة الإنقاذ التي تضم أحزابا ليبرالية ويسارية ونشطاء بأنها تمثل غطاء لعنف الاحتجاجات لكن الجبهة أكدت في الدعوات المختلفة للتظاهر على سلمية التجمعات. واشتكى الإسلاميون أيضا من حملة انتقادات شديدة يتعرض لها مرسي وجماعة الإخوان في قنوات تلفزيون وصحف محلية تبدو مؤيدة لجبهة الإنقاذ الوطني. ويقول شبان يرشقون الشرطة بالحجارة إنهم يضغطون على حكومة مرسي لتحقق أهداف الانتفاضة التي لخصها الشعار "عيش (خبز).. حرية .. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية". وغلب الهدوء على الشوارع في الأيام القليلة الماضية وخفضت السلطات ساعات حظر التجول التي قررها مرسي يوم الأحد في مدن القناة الثلاث بورسعيد والسويس والإسماعيلية التي شهدت أسوأ أعمال العنف الدامية. ومع ذلك جدد ائتلاف من أحزاب معارضة بينها التيار الشعبي الذي يقوده صباحي وجماعات ثورية يوم الخميس -أثناء اجتماع القوى السياسية برعاية شيخ الأزهر- الدعوة إلى مظاهرات حاشدة يوم الجمعة. وقال في بيان "إن موجة الغضب الثوري التي انطلقت في محافظات مصر للتعبير (في الذكرى الثانية للثورة يوم الجمعة الماضي) عن رفض الشعب المصري لاستمرار نفس السياسات وإن تغيرت الوجوه ستستمر وتتواصل للتأكيد على مطالبها المشروعة في تحقيق أهداف الثورة." ويعتبر حضور الاجتماع عدولا جزئيا من المعارضة عن موقفها الرافض للدعوات السابقة التي وجهها مرسي للتفاوض وهو موقف يطالب الرئيس بالموافقة على قبول معارضين في حكومة وحدة وطنية. والمرجح على الرغم من ذلك أن يواصل الليبراليون الضغط للانضمام إلى حكومة وحدة وطنية وهو مسعى أيده حزب النور السلفي في تحالف لم يكن مرجحا تشكل من الطرفين النقيضين في الساحة السياسية ضد مرسي. وترفض جماعة الإخوان تشكيل حكومة وحدة وطنية قائلة إن ذلك محاولة من معارضي مرسي للوصول للسلطة التي عجزوا عن الوصول إليها عبر صناديق الاقتراع. وأرغمت الأزمة مرسي على اختصار زيارة قام بها لأوروبا يوم الأربعاء لجذب الاستثمارات. وأغفل مرسي وهو في برلين الدعوات لتشكيل حكومة وحدة وطنية قائلا إن الحكومة الجديدة ستشكل بعد انتخاب مجلس النواب في ابريل نيسان. وربما يكون انتخاب رئيس إسلامي لأكبر الدول العربية سكانا بعد عقود من حكم عسكري علماني أهم نتيجة لثورات الربيع العربي التي اندلعت واحدة بعد أخرى قبل عامين. لكن حكم مرسي فقد بريقه بسبب الاضطرابات التي قوضت جهوده لإنهاء الأزمة الاقتصادية التي تسببت في تآكل معظم رصيد البلاد من العملات الأجنبية في محاولة لمنع انهيار الجنيه. ووقعت أعمال العنف بعد أسابيع من المظاهرات في أواخر العام الماضي احتجاجا على الدستور الجديد والتي نظمت في وقت فشل فيه مرسي في توحيد المصريين على الرغم من أن جماعة الإخوان كسبت مختلف الانتخابات التي أجريت بعد مبارك. وقال إليجاه زروان الذي يحلل الحياة السياسبة المصرية للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن تدخل الأزهر اليوم مهم لكن ليس واضحا ما إذا كان سيؤدي لتهدئة الشوارع. وقال "إنها خطوة أولى طيبة. من المؤكد أنها ستساعد المعارضة الرسمية على أن تكون بوضوح شديد بمنأى عن اتهامها بالعنف." لكن اتفاقا بين القادة السياسيين لن يكون كافيا لإسكات غضب المصريين على فشل الثورة في تحسين حياتهم اليومية. وقال زروان "الناس الذين يشتبكون مع الشرطة ويشعلون النار في المباني ليسوا أعضاء في أي حزب. من الممكن أن يكونوا ممن لا يقترعون في الانتخابات." وأضاف قائلا "هناك أزمة سياسية وهناك أزمة اقتصادية واجتماعية. من المؤكد أن اتفاقا لحل الأزمة السياسية سيساعد لكنه يبقى مجرد خطوة أولى ضرورية في اتجاه حل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية." من توم بيري وبيتر جراف