نشرت صحيفة الأمناء الغراء على صدر صفحتها الأولى في عددها الصادر يوم 23/1/2013م موضوعاً تحت عنوان (قصة مأساة.. نبيل مطالب شرعاً بفك الارتباط بزوجته). ومضمون الموضوع إن جدة نبيل الثانية ، ويفهم من عبارة (الثانية) أنها جدة (نبيل.ف) من جهة الأم ، أباحت مؤخراً بأنها أرضعت أخوات عم نبيل الذي هو والد زوجته أم عياله الثمانية. وهذا دفع بنبيل وهو من ردفان لاستشارة عدد من المفتيين الذين أفتوا ببطلان عقد زواجه من أم أولاده على اعتبار أن عم نبيل أصبح أخاً له من الرضاعة بفعل رضاعة أخوات العم من جدة نبيل. فأنا اعتقد والله أعلم أن من أصبحوا إخوة من الرضاعة ليس نبيل وعمه وأخوات عمه ، بل (والدة نبيل وأخوات عمه) أصبحن أخوات من الرضاعة ، أما نبيل وعمه فلم يرضعوا من الجدة بحسب وصف المأساة ، بل وأصبحن أخوات عم نبيل بمثابة خالاته من الرضاعة لكونهن رضعن مع والدته وليس معه ، ولهذا يجوز شرعاً لنبيل أن يتزوج بإحدى بنات خالاته من الرضاعة ، ناهيك عن زواجه من ابنة أخوهن الذي ليس له صلة بالجدة لا من الرضاعة ولا حتى كما يبدُ من النسب ولا وجود لأي دليل يجعل نبيل وعمه أخوة من الرضاعة ، وكل ما يربط والدة نبيل بعمه هو ما يقال باللهجة العّامية (أخ الأخوّة) مع تشديد الواو ، من خلال طرف ثالث الذي يعتبر أخ للطرفين غير الإخوة وهذا الطرف الثالث هن أخوات العم لكونهن أخواته من أحد الأبوين أو شقيقاته من الأبوين معاً وفي نفس الوقت أخوات من الرضاعة لأم نبيل التي يعتبر بالنسبة لها عم نبيل أجنبي وليس محرماً لهل وليس أخاً لها من الرضاعة. وبهذا لا أعتقد أن هناك ما يبطل على نبيل عقد زواجه فمن أصبحت أم أولاده الثمانية وحتى لو افترضنا بان عم نبيل كان قد رضع من الجدة أو حتى لو كان ابنها الفعلي فسيكون بذلك خال نبيل وليس أخيه من الرضاعة وسيكون من حق نبيل شرعاً الزواج بابنة خاله الافتراضي هذا. وعموماً تعتبر هذه المسألة حساسة وذات طابع ديني وإنساني وبقدر ما يتم الاستعجال في حسمها ستترتب على ذلك نتائج اجتماعية مدمرة للأسرتين بصورة عامة (أسرة نبيل وأسرة أم أولاده) وللأولاد الثمانية بصورة خاصة. ولذلك أتوجه بملاحظاتي هذه لعلماء الفقه الأجلاء بما فيهم الشيخ القدير علي بارويس بتحري الدقة في هذا المسألة وإثرائها بالنقاشات والحجج الشرعية وعلى أن تتوجه إلى الجدة بعض الأسئلة لتصويب ما أباحت به ، لعل من هذه الأسئلة مثلاً :- - كم عدد الرضعات لكل من أخوات العم وكم عدد الأخوات اللواتي أرضعتهن ولماذا أرضعتهن؟ - هل أرضعت أخوهن الذي هو عم نبيل؟ وهل نبيل نفسه رضع منها؟ ولماذا؟ - لماذا صمتت عن ذلك أكثر من 22 عام وأباحت به الآن وهل هناك دافع لذلك أو بروز نزاعات أسرية مؤخراً بين الجدة وبعض اطراف المشكلة؟ - هل الجدة عندما أباحت بذلك هي لازالت بكامل قواها العقلية؟ وأسئلة أخرى يمكن أن تتوجه لنبيل وعمه ووالدته وأخوات العم وذلك للتثبت من صحة البيانات وتبيان مبررات بطلان عقد الزواج من عدمه. هذه مسألة حساسة جداً وتستحق الجد الكبير والتحري ، وملاحظاتي المبينة في صياغ هذا التناول البسيط للمسألة ليست فتاوى بقدر ما هي مساهمة متواضعة لاثراء الموضوع وتصويب الرأي من خلال مزيد من التحري والتمحيص ، والله نسأل أن يوفق الجميع لما فيه الخير والسداد. * قاضي سابق في محكمة القوات المسلحة وعضو سابق في لجنة تقنين احكام الشريعة الإسلامية في مجلس النواب