تواجه إيران عقبة جديدة تمنعها من تحويل صادراتها الأكثر ربحًا إلى مال نقدي، في الوقت الذي تشدد فيه الولاياتالمتحدة العقوبات هذا الاسبوع التي تمنع المستوردين من شراء النفط بالدولار واليورو. تحت طائلة الطرد من النظام المصرفي الأميركي، سيتم تقييد عملاء النفط الخام الايراني مثل الصينواليابان والهند باستخدام عملاتها المحلية للمشتريات اعتبارًا من اليوم. وهذا يعني أن المستوردين سيضطرون إلى استخدام عملاتهم المحلية لشراء السلع والخدمات الايرانية، ما سيدفع ايران للجوء إلى ترتيبات المقايضة مقابل سلعها. وقال روبن ميلز، رئيس الاستشارات في منار لاستشارات الطاقة وإدارة المشاريع، إن ايران ستكون مضطرة لتقبل واقع جديد، "وهو تكدس الكثير من النقد في البنوك في البلدان المستوردة، وأنها سوف تضطر الآن إلى البحث عن طرق للحصول عليه، ما سيجعل التجارة أكثر صعوبة". انخفاض مبيعات النفط قالت وكالة الطاقة الدولية إن إيران صدرت 1.2 مليون برميل من الخام يوميًا في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، إلى الصينوكوريا الجنوبيةواليابان والهند، ما يمثل 84 بالمئة من صادراتها. وأظهرت الارقام أن المبيعات كانت أقل من نصف ما شحنته إيران خلال الاشهر العشرة الاولى من العام 2011. وسعت العقوبات السابقة إلى عزل البنوك الإيرانية وخنق تدفق النقد الأجنبي إلى الاقتصاد الايراني، ما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الاستهلاكية مثل اللحوم. وقد ضعف الريال الإيراني خلال العام الماضي، حيث بلغت قيمته 38900 مقابل الدولار في تعاملات يوم أمس، مقارنة مع 16900 في كانون الثاني(يناير) الماضي. أما العقوبات الجديدة، التي تمنع التحويلات المالية إضافة إلى القيود المالية التي فرضتها الولاياتالمتحدة على طهران العام الماضي، فستقلص قدرة إيران على الوصول إلى الدولارات واليورو والعملات الصعبة الأخرى. وقال محمود بهماني، محافظ البنك المركزي الإيراني، إن العقوبات أجبرت بلاده على إجراء ترتيبات مقايضة مع الصين. خذوا نفطًا وهاتوا قمحًا تدفع كوريا الجنوبية ثمن النفط الخام الإيراني بعملة وون المحلية، من خلال حسابين في البنك المركزي الإيراني تم تخصيصهما في العام 2010 في البنك الصناعي الكوري وبنك ووري. وذكرت وكالة فارس أن ايران وضعت خطة دقيقة لزيادة الواردات من السلع عن طريق المقايضة، بما في ذلك تشكيل لجنة خاصة للتعامل مع مثل هذه التجارة، وفقًا للنائب وزير التجارة حامد صافديل. وقالت تقارير وسائل الاعلام إن طهران سعت في السابق لمبادلة النفط بالقمح من روسيا وباكستان. قال صامويل سيزوك، وهو مستشار في اقتصاديات الطاقة في لندن: "الأمر يزداد تعقيدًا شهرًا بعد شهر"، مشيرًا في حديثه لموقع بلومبرغ الاقتصادي إلى أن الاجراءات الاميركية الجديدة ستعزز حقيقة أن إيران ستضطر إلى الاعتماد على مجموعة صغيرة جدًا من البلدان لتحقيق مبيعاتها. المبيعات الآسيوية الصين واحدة من كبار مشتري نفط إيران الخام، الذي تتجاوز صادراته قيمة فاتورة استيراده، إذ بلغت مشتريات الصين من إجمالي البضائع الإيرانية 11.6 مليار دولار العام الماضي، مقارنة مع الصادرات الصينية إلى إيران التي انخفضت 18 بالمئة إلى 24.9 مليار دولار. بدورها، تراجعت واردات اليابان من ايران 38 بالمئة، إلى 6.9 مليارات دولار في العام الماضي، وفقًا للبيانات الصادرة عن وزارة المالية. وأظهرت البيانات أن صادراتها التي تتألف من المواد الكيميائية أساسًا ومنتجات المطاط انخفضت 62 في المئة إلى 561 مليون دولار. "ستضطر ايران على الأرجح أن تواصل تصدير النفط إلى اليابان وغيرها من البلدان، بسبب غياب أي وسيلة أخرى"، كما قال أوسامو فوجيساوا، وهو خبير اقتصادي مستقل عمل سابقًا في شركة النفط السعودية ورويال داتش شل (RDSA)، مشيرًا إلى أن هذا "ليس خبرًا سعيدًا بالنسبة لإيران". لا أزمة اقتصادية صعبة وتسارع التضخم في البلاد إلى نحو 29 بالمئة في الشهر الماضي، ارتفاعًا من 22 بالمئة في شهر أيار(مايو)، وفقًا للبنك المركزي. وتوقع صندوق النقد الدولي أن يتوسع اقتصاد ايران بمعدل 0.8 بالمئة هذا العام، مقارنة مع انكماش بنسبة 0.9 بالمئة في العام 2012. وقال أوليفييه جايكوب، العضو المنتدب لشركة الاستشاريين بتروماتريكس في سويسرا، أن الايرادات التي تحصل عليها إيران في الوقت الحالي كافية على الارجح للحفاظ على اقتصادها. واضاف: "طهران لن تواجه أزمة اقتصادية صعبة طالما أنها ما زالت قادرة على بيع نفطها، فطالما أن تدفق النفط لم يتوقف، سيكون لدى إيران ما يكفي من الوقت للعمل على طريقة مالية تخولها الالتفاف حول العقوبات الجديدة".