لقد سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الضافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة, فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل, لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم لنشر أنوار العلم في بلادنا, معترفا بذلك بالجهل المحيط بها من أركانها الأربعة. وقد حملت هذه الرسالة ابنة شقيق الملك والوفد المرافق لها, وكان الجواب الحكيم الذي صدر من الخليفة الأندلسي هشام الثالث بالموافقة, بعد استشارة من يعنيهم الأمر من أرباب الشأن, عملا بقوله وشاورهم في الأمر, فإذا عزمت فتوكل علي الله.. وهذا إن دل علي شيء إنما يدل علي الإخلاص في العمل, والأخذ بالمشورة. وقال ملك الأندلس إنه سوف ينفق علي هذه البعثة المضيفة من بيت مال المسلمين, دلالة علي مودتنا لشخصكم الملكي, وتبادل ملك الأندلس مع ملك إنجلترا الهدايا في سبيل المحبة والسلام. هذا نموذج مشرف لرجال الدين الإسلامي في الماضي, نحن في أشد الاشتياق لتنفيذه في الحاضر المملوء بالمنازعات, حتي بين المسلمين أنفسهم, فنحن نعيش الآن في ظل افتقاد القدوة المنزوعة منا.. هكذا كنا فمتي نعود؟