عبدالحكيم علم الدين لم تكن قصة عميل الموساد، الذي انتحر داخل سجنه السري قبل يومين، والذي عُرف في وسائل الإعلام بالسجين "إكس"، الأولى من نوعها، ولا أحد يعلم يقينًا بأن هذا العميل هو آخر السجناء السريين داخل زنازين وسجون إسرائيل. وقال تقرير نشرته وكالة أنباء "معا" : "رسميًا يوجد في إسرائيل ما يعرف باسم "مصلحة السجون العامة" وهي الجهة الرسمية الوحيدة المسؤولة عن إدارة السجون، لكن واقع الحال يتحدث غير ذلك وسبق للجيش الإسرائيلي أن أقام خلال الانتفاضة الأولى بالعديد من المعتقلات العسكرية الخاضعة لسيطرة الشرطة العسكرية، وزج بآلاف الفلسطينيين إلى هذه المعتقلات، تحت عنوان الاعتقال الإداري وغيرها من العناوين، ومع نهاية الانتفاضة تم إغلاق معظمها مثل معتقل "باتونيا" قرب رام الله والظاهرية جنوب الخليل وسجن النقب الصحراوي الشهير، الذي كان عند افتتاحه تحت سيطرة الشرطة العسكرية وليس مصلحة السجون". وأضاف التقرير : "لم تكن الشرطة الإسرائيلية استثناء في هذا المجال؛ حيث تدير الشرطة العشرات من مراكز التوقيف غير الخاضعة لرقابة مصلحة السجون أو إداراتها وأثارت شروط الاحتجاز فيها الكثير من الانتقادات داخل إسرائيل نفسها، واعتبر معتقل 1391 الواقع داخل إحدى القواعد العسكرية شمال إسرائيل أشهر سجونها السرية، الذي جرى كشفها والحديث عنها حيث يخضع هذا السجن غير المسجل رسميا على قوائم مصلحة السجون، أو أية جهة مدنية أو رسمية أخرى لسيطرة الجيش الإسرائيلي الكاملة، ويستخدمه جهاز "الشاباك" لاعتقال الأشخاص الذين يصنفهم كخطرين جدًا أو من يتم اختطافهم من الخارج، بهدف المساومة عليهم مثل ما حدث مع الشيخ مصطفى الديراني". وتابع تقرير وكالة أنباء "معا" :"يمارس الشاباك الإسرائيلي خلف جدران هذا المعتقل الرهيب أقصى أساليب التعذيب والتحقيق، وصولا إلى الاغتصاب كما تبين من قضية المحقق "جورج"، الذي اشتهر بممارساته غير الأخلاقية ضد الشيخ مصطفى الديراني وغيره من المعتقلين، وبقى هذا المعتقل طي الكتمان والسرية سنوات طويلة وما عرف عنه لا حقا بأنه قائم داخل قاعدة عسكرية تابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قرب كيبوتس "بركاي" شمال إسرائيل، وتتبع هذه القاعدة لما يسمى بوحدة الاستخبارات البشرية 504، أو كما تعرف حاليًا "شعبة الاستخبارات البشرية، وأشهر المعتقلين السريين، الذين دخلوا جحيم هذا المعتقل مصطفى الديراني وعبد الكريم عبيد وهما من قادة المقاومة اللبنانية وتم اختطافهما من قبل وحدة كوماندوز إسرائيلية بحجة الحصول على معلومات تتعلق بالطيار الإسرائيلي رون أراد، لكن الهدف الأول من الاختطاف كان مساومة حزب الله وإجباره على كشف مصير اراد ". وأضافت وكالة أنباء "معا":" أقيم المعتقل خلال فترة الانتداب البريطاني ومكون من زنزانتين كبيرتين 2:5/4 متر ويحتجز في كل واحدة منها 3 معتقلين على الأكثر كما، ويضم المعتقل عدة زنازين بالحجم العادي 2/2 متر، وهناك بعض الزنازين الانفرادية بمساحة 1:25 متر، وهي زنازين معتمة جدا وجدرانها مطلية بالأسود أو الأحمر، ووفقًا لشهادات نقلتها وسائل الإعلام لمختلفة عن أشخاص احتجزوا داخل المعتقل 1391، يمنع على السجناء النظر بشكل مطلق إلى وجوه السجانين وهم في الواقع من رجال الشرطة العسكرية ويجبر السجناء على تغطية رؤوسهم بكيس أسود والاستدارة نحو الجدار، رافعين أيديهم للأعلى في كل مرة يدخل أحد السجانين إلى زنزانتهم فيما يتمتع السجناء، الذين انتهى التحقيق معهم ينزهة يومية مدة ساعة واحدة فقط يقضونها في ساحة داخلية ". وقال التقرير :" أخيرًا فضح أمر المعتقل السري عام 2003 على يد نشطاء منظمة حقوق الفرد بعد أن توجهت المنظمة المذكورة للمحكمة العليا بالتماس يمثل عائلات ثلاثة معتقلين فلسطينيين، تطالب بالحصول على معلومات تتعلق بمصير أبنائهم، الذين انقطعت أخبارهم لفترة طويلة وفشلت المنظمة الحقوقية في تعقب مكان اعتقالهم خاصة بعد ان تلقت ردًا من مركز السيطرة التابع للشرطة العسكرية يقول فيها بأن مكان اعتقال الأسرى الثلاثة غير معروف ليتضح وبعد التوجه للمحكمة ومن رد الحكومة المقدم للمحكمة أن مكان احتجاز الثلاثة موجود داخل قاعدة عسكرية وضعت تحت تصرف جهاز الشاباك لينكشف بذلك سر المعتقل 1391 سيئ السيط ، وأكد المؤرخ الإسرائيلي "غاد كرويزر" في مقال نشره عام 2004 وجود المعتقل السري وحدد لأول مرة مكانه بالضبط، مستندًا على خرائط بريطانية عكف على دراستها وتبين أن إحدى القلاع البريطانية لا ترد مطلقا على أية خارطة إسرائيلية رسمية، ليتضح فيما بعد أن الأمر يعلق بالمعتقل 1391، وإضافة لهذا المعتقل السري الذي ساعدت الصدفة على اكتشافه لا يخلوا سجن من السجون التابعة لمصلحة السجون العامة من قسم عزل أو انفرادي يمكن اعتقال عشرات الأشخاص داخله، دون أن يلاحظ أحد وجودهم ما لم تقرر إسرائيل نفسها الكشف عن وجودهم كما حدث مع شابين لبنانيين أنكرت إسرائيل وجودهما لسنوات طويلة، حتى أجبرت في صفقة التبادل الأخيرة مع حزب الله على تسليم الحزب معلومات؛ تتعلق بهما أكدت تلك المعلومات بان الشابين في عداد الشهداء دون أن يعرف تاريخ وفاتهما ". واوضح تقرير وكالة أنباء "معا" :" يشير تاريخ إسرائيل الطويل في مجال الاختطاف والاعتقال السري إلى إمكانية وجود معتقلات سرية أخرى لم يجر الكشف عنها، ومن أهم عمليات الاختطاف والاحتجاز ما وقع للنازي "ايخمن"، الذي اختطفة الموساد الإسرائيلي عام 1960 من الأرجنتيين أحضره سرًا إلى معتقل الرملة وبقي امر اعتقاله طي الكتمان حتى مثل امام محكمة علنية دعائية قضت باعدامه شنقا حتى الموت ، وحدث الأمر نفسه مع الخبير النووي الإسرائيلي مردخاي فعنونو ،الذي اختطفه الموساد عام 1986 من لندن وأحضره سرًا قيل داخل حقيبة دبلوماسية واودعه سجنًا غير معروف إلى أن خضع للمحكمة عام 1988، وعوقب بالسجن الفعلي مدة 18 عامًا، قضى 11 عامًا منها داخل زنزانة انفرادية شبه سرية لا يتصل بأحد ولا يكلم إنسانًا ولا يعرف ما يدور حوله، ورددت وسائل الإعلام الإسرائيلية الكثير من الأقاويل حول هدف عملية اغتيال محمود المبحوح، التي وقعت في دبي يوم 19 يناير 2010، وقيل بأن عملاء الموساد كانوا يخططون لاختطافه وإحضاره إلى السجون الإسرائيلية سرًا، لكن أمرًا ما تشوش فسارعوا إلى قتله، بعد احتجازه داخل غرفته الفندقية فترة طويلة، وأخضعوه لتحقيق غاية بالقسوة، وأخيرًا تناول الأسرى الفلسطينيين على مدى سنوات الاعتقال الطويلة العديد من قصص السجناء السريين، خاصة من بين ما كانوا يعرفون بأسرى الدوريات؛ وهم أفراد المجموعات المسلحة، التي دخلت فلسطين عبر حدودها المختلفة؛ لتنفيذ عمليات عسكرية ضد الاحتلال" .