شهدت أسواق العملات تقلبات عديدة خلال الأسبوع الماضي تبعاً للبيان الذي أصدرته مجموعة الدول السبع الكبرى، والذي أشارت فيه إلى وجوب عدم استخدام السياسات الاقتصادية المحلية بحيث تستهدف أسعار العملات، والتي يفترض أن تتحدد أسعارها من خلال السوق نفسه، كما أن المعطيات الاقتصادية الأخيرة والمخيبة للآمال لمنطقة اليورو والمملكة المتحدةواليابان قد تسببت بتقلبات كبيرة في السوق، حيث بلغ مؤشر الدولار الأمريكي مع بداية الأسبوع مستوى 20 .80 ثم تراجع إلى 84 .79 مع منتصف الأسبوع، ليتمكن بعدها من الارتفاع مجدداً مع نهاية الأسبوع قبيل اجتماع الدول الصناعية ال20 الكبرى، ليقفل الأسبوع عند 48 .80 بعد أن وصل إلى أعلى مستوى عند 62 .80 . من ناحية أخرى، افتتح اليورو الأسبوع عند 3370 .،1 ثم ارتفع مقابل الدولار الأمريكي ليصل إلى 3520 .1 تبعاً للتصريحات التي أدلى بها محافظ البنك المركزي الأوروبي التي أشار فيها إلى أن احتمال نشوء حرب عملات هو أمر مبالغ فيه، هذا وقد تراجع اليورو لاحقاً بشكل ملحوظ بعد صدور عدد من المعطيات الاقتصادية والتي أفادت بحصول تراجع في الاقتصاد الألماني والفرنسي، وبحيث بلغ اليورو أدنى مستوى له عند 3305 .،1 وليقفل الأسبوع عند 3362 .1 . أما الين الياباني فقد شهد فترة متقلبة مع منتصف الأسبوع نتيجة للشكاوى التي تقدمت بها الدول السبع الكبرى فيما يتعلق بسعر الين، وهو الأمر الذي تسبب بموجة كبيرة من الإرباك في السوق، فقد بلغ سعر الين الياباني 42 .94 بعد أن صرح وزير المالية الياباني آسو أن البيان الصادر عن مجموعة الدول الصناعية الكبرى قد أكد على أن السياسات التي تتبعها اليابان لمواجهة التضخم لا تعمل على استهداف أسواق تبادل العملات الأجنبية . إلا أن أحد المسؤولين الرسميين لدى المجموعة قد صرح لاحقاً بأن الغاية التي تكمن وراء البيان المذكور تتمثل بالإشارة إلى بعض المخاوف حيال التقلبات الكبيرة التي يشهدها الين الياباني . من ناحية أخرى، تراجع الناتج المحلي الإجمالي في اليابان بشكل غير متوقع خلال الربع الرابع، وهو الأمر الذي عزز من موقف رئيس الوزراء الياباني آبس لتقديم المزيد من الحوافز النقدية لخفض نسبة التضخم . هذا وقد تراجع زوج العملات الدولار الأمريكي/ الين الياباني بسبب تحول اهتمام المستثمرين قبيل اجتماع الدول الكبرى ال20 والذي ترافق مع بعض التوقعات في أن المحافظ الجديد للبنك المركزي الياباني لن يعتمد سياسات نقدية صارمة، وهو الأمر الذي تسبب بتراجع زوج العملات الدولار الأمريكي/الين الياباني إلى 21 .92 وليقفل الأسبوع عند 48 .93 . من ناحية ثانية، ارتفع سعر الجنيه الإسترليني مع بداية الأسبوع ليصل إلى 5802 .،1 ثم تراجع بقوة بسبب التأثير السلبي لمستويات التضخم المرتفعة على القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي فقد تراجع سعر الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي وذلك إلى أدنى مستوى له خلال فترة ال6 أشهر والنصف الأخيرة، وليقفل السوق عند5516 .1 . وارتفعت مبيعات التجزئة في الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال شهر يناير/كانون الثاني، وذلك للشهر الثالث على التوالي، وهو الأمر الذي يؤكد على الاستقرار الحاصل في نسبة الإنفاق بالرغم من ارتفاع الضرائب المفروضة على الأجور، فقد ارتفعت المبيعات بنسبة 1 .0% وطبقاً للنسبة المتوقعة أنها دون النسبة المتحققة خلال شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول التي بلغت 5 .0% . والجدير بالذكر أن ارتفاع حجم الطلب قد ظهر جلياً لدى المتاجر ومواقع التسوق الإلكترونية وذلك بسبب تحسن ظروف سوق العمل والارتفاع الذي يشهده سوق الإسكان، والذي قد عاد بالنفع على العديد من الشركات مثل شركة غاب المحدودة وشركة تارغيت كورب . وتراجع عدد الأمريكيين المتقدمين للحصول على تعويضات البطالة بشكل فاق التوقعات خلال الأسبوع الماضي، وبالتالي مجدداً بعض الآمال في أن تتحسن عملية التعافي الاقتصادي في سوق العمل، فقد تراجع عدد مطالبات تعويضات البطالة بمقدار 000 .27 مطالبة ليصل العدد الإجمالي إلى 000 .341 مطالبة، وبالتالي فقد تم تعديل توقعات الأسبوع الماضي لترتفع بمقدار 000 .2 مطالبة عن التوقعات السابقة . وشهد مؤشر ثقة المستهلك الأمريكي تحسناً جيداً خلال شهر فبراير/شباط وذلك نتيجة للعديد من الدلائل التي تشير إلى ارتفاع عدد التعيينات في البلاد، بالرغم من المخاوف المنتشرة حالياً حول احتمال أن تتراجع المداخيل خلال الفترة المقبلة، فقد ارتفع مؤشر رويترز/ جامعة ميتشيغان لثقة المستهلك من 8 .73 إلى 3 .،76 متجاوزاً حد 8 .74 المتوقع . وما تزال منطقة اليورو غارقة في الركود الاقتصادي وبشكل أكثر من السابق خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2012 وذلك تبعاً للانكماش الاقتصادي الذي شهدته الدول الاقتصادية الكبرى في منطقة اليورو مثل ألمانيا وفرنسا، وحيث يعتبر عام 2012 العام الأسوأ الذي تشهده المنطقة على الإطلاق، فقد سجل ذلك العام المرة الأولى التي تشهدها المنطقة لسنة كاملة لم تحمل نمواً اقتصادياً خلال أي ربع فيها، وذلك منذ عام ،1995 فقد تراجع النمو الاقتصادي بنسبة 5 .0% خلال هذه السنة، أما المعطيات الاقتصادية لمنطقة اليورو فقد تراجعت بنسبة 6 .0% خلال الربع الرابع وذلك بعد أن تراجعت بنسبة 1 .0% سابقاً . تجدر الإشارة إلى أن التراجع الحاصل من ربع سنة إلى الذي يليه هو الأكبر منذ عام 2009 وأسوأ بكثير من نسبة 4 .0% المتوقعة، كما أن الاقتصاد الألماني، وهو الاقتصاد الأكبر في أوروبا قد تراجع بنسبة 6 .0% ومسجلاً بذلك الأداء الأسوأ له منذ الأزمة العالمية ومنذ أصعب مراحلها عام ،2009 وذلك بسبب تراجع الصادرات بشكل حاد وبحيث فاقت الواردات . أما الاقتصاد الفرنسي فقد تراجع بنسبة 3 .0% خلال الربع الرابع وبشكل أسوأ بقليل من النسبة المتوقعة . وحقق الميزان التجاري الأوروبي ارتفاعاً في الفائض التجاري لشهر ديسمبر/كانون الأول ولكن دون التوقعات، وذلك بسبب التراجع الكبير في حجم الواردات والذي فاق التراجع الحاصل في الصادرات، وبالتالي فقد بلغ الفائض التجاري لمنطقة اليورو والتي تضم 17 دولة 7 .11 مليار يورو خلال شهر ديسمبر/كانون الأول . تجدر الإشارة إلى أن حجم الفائض التجاري قد فاق الحجم المتحقق خلال الفترة نفسها من العام الماضي والذي بلغ 8 مليارات يورو، إلا أنه ما يزال دون التوقعات في أن يبلغ حجم الفائض 1 .13 مليار يورو . ومن الملاحظ أن نسبة التضخم في المملكة المتحدة بقيت ثابتة خلال شهر يناير/كانون الثاني للشهر الرابع على التوالي خلافاً للتوقعات، وذلك عند أعلى مستوياتها منذ شهر مايو/أيار، فقد بلغت النسبة بحسب المكتب الوطني للإحصاءات 7 .2% التي لا تكاد تختلف عن توقعات رويترز والتي بلغت 8 .2% . تجدر الإشارة إلى أنها المرة الأولى التي بقيت فيها نسبة التضخم من دون تغيير لمدة 4 أشهر متتالية منذ عام ،1996 وهو العام الذي شهد بداية صدور هذه التقارير . وصرح محافظ بنك إنجلترا المركزي مارفن كينج في تقرير التضخم الصادر عن البنك أن التعافي الاقتصادي في البلاد سيتسغرق المزيد من الوقت، كما أن مستويات التضخم ستحتاج إلى فترة أطول من المتوقع لكي تبدأ في التراجع وذلك بسبب قدرة البنك المركزي المحدودة لتحسين الأوضاع في البلاد . وعلى وجه التحديد، فإن تفاقم مستويات التضخم من شأنه أن يؤدي إلى حصول تراجع في الأجور الحقيقية والتي تراجعت بالفعل إلى أدنى مستوياتها منذ عام ،2003 وأضاف المحافظ كينج خلال المؤتمر أن الركود الاقتصادي الحالي لم يكن عادياً على الإطلاق، وبالتالي فإن التعافي الاقتصادي لن يكون عادياً أيضاً، فالحوافز النقدية مهما كان نوعها تملك تأثيراً محدوداً فيما يتعلق بقدرتها على إحداث التغيير بمفردها، كما أشار كينج أن ارتفاع مستويات التضخم يعود إلى تراجع سعر الجنيه الإسترليني وإلى الارتفاع الحالي الحاصل في الأسعار والذي تم بناءً على طلب الحكومة، فضلاً عن السياسة النقدية الحالية بحيث ستحتاج كل البنوك المركزية إلى دراسة تأثيرات هذه العوامل المختلفة على الأسعار .