براقش نت - رويترز: نشرت الصحيفة تقريرا لوكالة رويترز الإخبارية، وصفت فيه مصر بعد عامين من ثورتها المطالبة بالديمقراطية بالحافلة المتهاكلة المتجه نحو الهاوية، لكن ركابها مشغولون للغاية بإلقاء اللوم بدلا من توجيه عجلة القيادة إلى بر الأمان. وتقول الوكالة فى تقرير لها عن الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة فى مصر، إن الأوضاع الاقتصادية سيئة فاحتياطى النقد الأجنبى يتراجع، والسياحة تحتضر، والاستثمار فى حالة جمود، وفقد الجنيه المصرى 14% من قيمته منذ الثورة، وهناك نقص فى المعروض من الدولار، وقرض صندوق النقد الدولى معلق، والبطالة فى ارتفاع، والأمن العام يتدهور، وتهريب الأسلحة منتشر. لكن السياسيين، ومع عدم الاهتمام كثيرا بالهاوية الاقتصادية التى تلوح فى الأفق، يتبادلون الضربات مرة بالدستور ذى الميول الإسلامية أو بالعنف السياسى وإحكام الإخوان المسلمين قبضتهم على السلطة. وبالنسبة للرئيس مرسى وأنصاره فى الحرية والعدالة والإخوان المسلمين، فإن هذا مجرد امتداد صعب لتحول مصر المتأخر نحو الديمقراطية. ويتوقع الإخوان بثقة، بفضل أقوى آلتهم الوطنية فى الحشد، أن يفوزوا فى الانتخابات البرلمانية فى إبريل أو مايو، ويكملوا غزوهم للمؤسسات الديمقراطية، ثم يقومون بالإصلاح البلاد على الأسس الإسلامية المحافظة. ويقول عصام الحداد، مستشار الرئيس للأمن القومى: "إننا نمر بعنق الزجاجة، ونريد أن نمر منها بأقصى سرعة ممكنة وبدون كسر الزجاجة". وترى رويترز أن التدفقات النقدية من قطر، التى هى الداعم الخارجى الرئيسى للإخوان المسلمين، تبقى رأس البلاد فوق المياه دون الغرق، ويقول الحداد إن الكثير من الاقتصاد غير الرسمى سيساعد مصر على الاستمرار. لكن هناك البعض ممن يتشككون فى هذا مثل السفيرة الأمريكية فى القاهرة آن باترسون التى حذرت هذا الشهر من أن تراجع النقد الأجنبى يمكن أن يسبب نقصا فى الغذاء والوقود ويهدد الاستقرار الاجتماعى فى بلد يعيش فيه 40% تحت خط الفقر. ورغم استمرار الاتصال بصندوق النقد الدولى عبر الهاتف والبريد الإلكترونى، إلا أنه لا يوجد مؤشر على أن بعثة الصندوق تعود إلى مصر لإتمام اتفاق القرض المقدرة قيمته ب 4.8 مليار دولار وهو حيوى لإرساء الاستقرار للاقتصاد. ويتابع تقرير رويترز قائلا إن بعض قيادات المعارضة الليبرالية الذين فشلوا فى الضغط على مرسى لتعديل المواد المختلف عليها فى الدستور أو تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة بدلا من حكومة هشام قنديل الضعيفة، يعرضون الآن اتفاقا على برنامج للأولويات الاقتصادية. غير أن حسن مالك، وهو من كبار رجال أعمال جماعة الإخوان المسلمين، قلل من أهمية الفكرة وقال إن السياسيين المعترضين مثل محمد البرادعى وعمرو موسى يتحدثون عن أنفسهم فقط. أما حمدين صباحى، قائد التيار الشعبى الاشتراكى والسلفيين، فينأون بأنفسهم عن برنامج صندوق النقد. وقال مالك فى مقابلة إن الاقتصاد يمر بمرحلة التصحيح لأن التحول الديمقراطى لم يكتمل بعد، والمؤسسات لم تعمل بكامل طاقتها، مؤكدا على أن الاقتصاد المصرى لن ينهار. وتلفت رويترز إلى أن مالك يحاول جذب المليارديرات المصريين والإصلاحيين الاقتصاديين فى عهد مبارك إلى بلدهم، وبعضا من هؤلاء تم تجميد أمواله أو أدين غيابيا بعد الثورة. وتحدث تقرير رويترز أيضا عن "أخونة الدولة" وقال إن أحد الأمثلة على ذلك هو الصحفى المخضرم بالأهرام هانى شكر الله الذى اتهم الإخوان بالضغط على المؤسسة المملوكة للحكومة لتقاعده قسريا، بينما أنكرت الإدارة الجديدة للصحيفة أى دوافع سياسية. غير أنه لا يوجد بوادر تشير لأى نوع من احتكار سلطة الدولة أو المجتمع المدنى حتى الآن. بل إن الأمر أشبه بنوع من دوران النخب كالذى حدث فى تركيا بعدما فاز حزب العدالة والتنمية فى الانتخابات. ولا تزال القوات المسلحة، وإلى حد ما وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية، مراكز قوى مستقلة يبدو أنها توصلت إلى تسوية مؤقتة مع مرسى على أساس عدم التدخل المشترك بدلا من أن تكون خاضعة له. بينما أجبر الإعلام المستقل نجل الرئيس على التخلى عن وظيفة فى وزارة الطيران بعد اتهامات بالمحسوبية، بعد النقد الشديد الذى حملته برامج التوك شو. أما القضاء فلا يزال ملىء بالباقين من عهد مبارك الذين لا يظهرون ميلا للإخوان المسلمين، فى حين أنه لا الحكومة ولا المعارضة تسيطران على الشباب فى الشارع. ويعتبر الحداد أن أى حديث عن أخونة الدولة دعاية سوداء تحاول أن تستبعد قطاع كامل من المجتمع، ويقول إن أعضاء الإخوان المسلمين تم استبعادهم من كثير من مؤسسات الدولة والقوات المسلحة فى ظل عهد مبارك. بينما يرى زياد بهاء الدين نائب رئيس الحزب الديمقراطى الاجتماعى أن الإخوان مثل حكام مصر السابقين يحاولون تأمين سيطرتهم على السلطة قبل معالجة مشكلات البلاد، مشيرا على أن هذا قد حدث منذ محمد على الذى قضى على المماليك أولا فى مذبحة القلعة، وجمال عبد الناصر الذى سجن الإخوان والشيوعيين فى عام 1954، بينما أطاح السادات بمعارضيه عام 1971. ويوضح بهاء الدين أن الفارق الآن هو أن قبول الشعب لذلك لم يعد موجودا، فلا يمكن التحكم فى الرأى العام، كما أن نوع المشكلات الاقتصادية التى نواجهها لا يمكن تأجيله لعامين. من جانبه، يقول دان كورزر، السفير الأمريكى الأسبق فى مصر والمحاضر الآن بجامعة برنكيتون، إن مصر فى الجولة الثالثة فقط من مسابقة للوزن الثقيل من 15 جولة. ويضيف أنه من بين اللاعبين فى الحلبة الإخوان والجيش وقوات الأمن والشارع الثورى والموالين للنظام السابق الذين ربما يكونوا خارج التوازن إما فى السجن أو المنفى لكنهم سينشطون لو انهار الاقتصاد.