امريكا تنسحب من العالممنذ أسابيع عديدة يسود توتر شديد بين كوريا الشماليةوالجنوبية. تهديدات بالحرب، تجربة نووية. الصين تدير حملة توسع في جنوب شرقي آسيا وتهدد اليابان والفلبين. في سوريا جدول متدفق من الدم. ولكن من ناحية الاممالمتحدة لا توجد دولة مستقرة مكانتها الدولية مضمونة أكثر من سوريا. الامين العام للامم المتحدة، الذي هو نفسه من كوريا الجنوبية، غير قادر على أن ينفض نفسه ويعمل بنجاعة حتى في الساحة القريبة لبيته. فقط في ساحة واحدة نجده نشيطا جدا، قلقا جدا. في جبهة الدولة الفلسطينية والاحتلال. في حالة أن يكون أحد ما فوت شيئا، فان بان قلق جدا من وضع السجناء المضربين عن الطعام في السجون في اسرائيل. ويتابع بان تطبيق قرار الاممالمتحدة الذي اعترف بالدولة الفلسطينية كعضو مراقب. من هذه الناحية، فلسطين هي سابقة تاريخية. فهي دولة الاممالمتحدة الاولى. هي الهيئة السياسية الاولى التي تنكب الاممالمتحدة على وجودها السيادي. لعل هذا هو الحل في نهاية المطاف. ذات المشروع من العام 1947، والذي كان يستهدف تدويل القدس، سيطبق على مناطق يهودا والسامرة. الاممالمتحدة المشلولة في موضوع النووي الايراني تتلقى معنى وجودها من الفلسطينيين. كمية مؤسسات الاممالمتحدة التي ترتزق من تخليد المشكلة الفلسطينية لا حصر لها. والان يوجد مدماك آخر لنشاط الاممالمتحدة: الرقابة على اقامة الدولة الفلسطينية. اذا كانت معالجة الاممالمتحدة للاجئين الفلسطينيين تدل على المستقبل، فان الرقابة على اقامة الدولة الفلسطينية برعاية الاممالمتحدة سيستغرق 65 سنة اخرى على الاقل. كي نفهم الفرق بين السيادة الحقيقية ولكن غير المعترف بها وبين السيادة السياسية الوهمية، يجب النظر الى حماستان في غزة مقابل عباستان في السلطة الفلسطينية. وبقدر ما يغضب هذا اليمين، فان نتائج 'عمود السحاب' حيال غزة حتى الان وكل الموقف المصري على حدود سيناء، هي ايجابية للغاية. نتنياهو وباراك، غانتس وتل روسو نجحوا في احلال ثورة مذهلة في وضع الحدود الجنوبية ولا سيما في منطقة القطاع. لا اتفاق سلام مع حماس. لا اعتراف متبادل. لا تدخل من الاممالمتحدة؛ وعلى الرغم من ذلك، نشأ هدوء من الردع، الجيش المصري يقوم اليوم بتعاونه التكتيكي وبوقف تيار الوسائل القتالية الى غزة أكثر مما كان يفعله في اي وقت مضى في عهد مبارك. وهؤلاء هم رجال الاسلام المتطرف. ومقابل حماستان، توجد الهيئة المجازية وعديمة الهوية التي تسمى السلطة الفلسطينية برئاسة ابو مازن. هذا كيان سياسي سبق أن اعترف به زعما كدولة، ولكن كل جوهره خلق دعاية مناهضة لاسرائيل وتحريك الاممالمتحدة ومؤسساتها ضد اسرائيل. والاحساس هو ان الخطوات التي لا تتوقف من جانب الاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي ضد اسرائيل تحت غطاء تحريك 'المسيرة السياسية' هي وليد الجناح الامريكي المنفلت. الرئيس اوباما لا يعمل ضد اسرائيل، بل وحتى لا يصل للزيارة. ولكنه يعطي بان ان يفهم بان الاممالمتحدة يمكنها ان تفعل ما يريده هو بالنسبة لاسرائيل. والانسحاب شبه المطلق للولايات المتحدة في صيغة 'اوقفوا العالم، اريد أن أنزل' تدخل الاوروبيين في خوف من الهجران اضافة الى انهيارهم الاقتصادي. في هذا الوضع، من المتوقع خطوات مصالحة اخرى تجاه العرب على حساب اسرائيل وذلك لان جبهة الاسلام الراديكالي آخذة في الاغلاق على اوروبا. في هذه الاثناء فان العرب، المنشغلين بقتل الواحد الاخر واسرائيل المستقرة والقوية في السنوات الاربعة الاخيرة قررت فجأة الانقسام ضد نفسها: فها هي تسير كغريبة الاطوار على الحبل المشدود حتى النهاية والذي يمسك به مهرجا السيرك الجديدين. أمنون لورد معاريف - 21/2/2013